"كيو ستار".. نموذج ذكاء اصطناعي يشكل خطراً لسبب مختلف

حين تبدأ برامج الذكاء الاصطناعي بحل المشكلات، لا بد من الحذر من تكليفها بمزيد من المسؤوليات

سام ألتمان
سام ألتمان المصدر: غيتي إيمجز
Parmy Olson
Parmy Olson

Parmy Olson is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. She previously reported for the Wall Street Journal and Forbes and is the author of "We Are Anonymous."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حين انتشرت تقارير إخبارية في الأسبوع الماضي حول عمل شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) على تطوير نموذج ذكاء اصطناعي جديد يحمل اسم "كيو ستار" (*Q)، رجّح البعض أن يشكّل خطوة كبرى نحو تطوير برامج ذكاء اصطناعي قوية شبيهة بالبشر، قد تنحرف يوماً عن المسار المبتغى لها.

ولكن الأكيد في الموضوع أن الضجة التي أثارها "كيو ستار" زادت الحماسة تجاه القدرات الهندسية للشركة، في وقت تتعافى فيه من الانقلاب الفاشل في مجلس إدارتها.

ألتمان يعود إلى "OpenAI" بعد أيام من عزله

غير أن ذروة الإثارة حول الإنجازات في مجال الذكاء الاصطناعي سبق أن خدعت الجمهور في مرات عديدة. بالتالي، الخطر الحقيقي الذي لا بدّ من التيقظ له في حالة "كيو ستار" يكمن في الاتجاه الذي ستسير فيه هذه البرامج. فمع تحسّن قدرة الذكاء الاصطناعي على التفكير المنطقي، قد يتشجع المستخدمون لتكليف هذه الأدوات بمزيد من المسؤوليات، وهذا أمر لا بدّ من التوقف عنده أكثر من أي مخاوف حيال قدرة الذكاء الاصطناعي على القضاء على البشر.

طريقة تفكير أقرب إلى البشر

لم تؤكد "أوبن إيه آي" حتى الآن ماهية "كيو ستار"، في حين اكتفى رئيسها التنفيذي سام ألتمان العائد إلى منصبه بوصف ما جرى بـ"تسريب مؤسف للمعلومات". ولكن بحسب التقارير التي انتشرت في وسائل الإعلام، تبدو هذه الأداة مشابهة لبرنامج آخر تعمل عليه شركة "غوغل" التابعة لـ"ألفابيت". فبرنامج "جيميناي" (Gemini) الذي يعدّ المنافس الضخم القادم لـ"تشات جي بي تي" لا تقتصر قدراته على توليد النصوص والصور، بل يتعدّى ذلك للتميّز أيضاً في مجالات التخطيط وإعداد الاستراتيجيات، بحسب ديميس هاسابيس، الرئيس التنفيذي لـ"غوغل ديب مايند" (Google DeepMind) التي سبق أن صنعت نموذج ذكاء اصطناعي يُعرف عنه أنه هزم أبطالاً في لعبة "غو". وسيستخدم نظام "جيميناي" بعض تلك التقنيات لحل المشكلات.

يبدو أن "أوبن إيه آي" تدفع بـ"تشات جي بي تي" في اتجاه مشابه من خلال برنامج "كيو ستار" القادر بحسب التقارير الإعلامية على إجراء عمليات حسابية بمستوى الصفوف الابتدائية. وفي حين لا يبدو هذا الأمر مثيراً، ولكن الدمج ما بين القدرات الحسابية وبرنامج قادر على كتابة النصوص وابتكار الصور أمر فريد من نوعه، في وقت لا يزال برنامج "تشات جي بي تي" يواجه صعوبات في حل العمليات الحسابية بشكل صحيح. وحين يتمكّن من ذلك، فسيعني تحسناً في القدرة على حلّ المشكلات. إذ تتطلب العمليات الرياضية فهم المسألة وتبيان الخطوات اللازمة لحلّها قبل البدء بالقيام بالحسابات الصحيحة، وهذه عملية أقرب إلى طريقة البشر في التفكير وحل المشكلات.

AI Journey 2023.. الذكاء الاصطناعي مفتاح المستقبل

يمكن للنسخ الأولية من "جيميناي" أن تقوم بالفعل ببعض المهام التي تتطلّب التخطيط، بحسب أحد الأشخاص المطّلعين على الأداة المقبلة من "غوغل" طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب التزاماته تجاه الخصوصية.

وفي حين من الصعب معرفة المهام التي تستطيع "جيميناي" أداءها، فإن أحد الأشخاص الذين استعملوا النموذج قالوا إنه يمكن للمستخدم مثلاً أن يطلب منه إجراء بحث للسوق لصالح منتج جديد، ويمكن للنموذج أن يجري بعدها بحثاً على الإنترنت ويعود بتحليلات وأفكار جديدة. وقال "مع (تشات جي بي تي) أنت مضطر لمساعدة النموذج أكثر قليلاً".

تهديد الوظائف

فيما تكتسب برامج الذكاء الاصطناعي المزيد من القدرة على العمل بشكل مستقل، كإجراء البحوث مثلاً، يُرجّح أن ينتقل مشغلوها البشر من تكليفها بمهام أحادية إلى تكليفها بمسؤوليات أوسع تتضمن القيام بعدّة وظائف، مثل التنسيق بين الزملاء عبر البريد الإلكتروني أو إدارة التحاليل. قد يجذب الأمر الشركات التي تسعى لتصبح أكثر فعالية، إلا أن مثل هذه الأدوات تهدد بإلغاء كثير من الوظائف، بالأخص وظائف المبتدئين التي تمهّد للشباب الانخراط في مجالات جديدة.

أمر تنفيذي أميركي يفرض إجراءات أمنية على الذكاء الاصطناعي

إلى ذلك، فإن الشركات التي تفوّض المزيد من مهامها إلى الذكاء الاصطناعي تخاطر أيضاً بتضمين بيئة العمل أفكاراً نمطية جندرية وعرقية. إذ تختار معظم الشركات البرامج التي تستخدمها من بين مجموعة من النماذج التي تُعرف بـ"الأساسية" من "أوبن إيه آي" أو "غوغل" أو "أمازون" لترقية بنيتها التحتية، وقد تعرضت هذه النماذج إلى انتقادات لتحيزها ضد الأشخاص من ذوي الإعاقة والأقليات العرقية، وأيضاً بسبب صعوبة فهمها. كما رفضت "أوبن إيه آي" وبالتالي "مايكروسوفت" الكشف عن التفاصيل التي يتعيّن على الباحثين المستقلين أن يكونوا على دراية بها لتحديد مدى تحيز النماذج اللغوية.

توقعت شركة "فوريستر ريسرتش" (Forrester Research) أن يستخدم حوالي 7 ملايين أميركي نموذج "مايكروسوفت 365 كوبايلوت" بحلول 2024. في غضون ذلك، تستعد "غوغل" لطرح برنامجها المنافس "ديوت إيه آي" (Duet AI) لأكثر من 3 مليارات مستخدم لمنصتها "وورك سبيس" (Workspace) المخصصة للمؤسسات.

ومع رفد هذه الأدوات بالمزيد من المهارات التخطيطية والاستراتيجية، سنبدأ في الحديث أكثر عن تكليفها بـ"مسؤوليات" بدل "مهام". ولكن ينبغي أن نقوم بذلك ببطء وحذر، فالتغيير الذي يعد به الذكاء الاصطناعي قد يرتد علينا.