السندات الأميركية تستأنف الصعود مع تباطؤ سوق العمل

عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات تهبط إلى أدنى مستوى منذ سبتمبر

مشاة يمرون أمام مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة
مشاة يمرون أمام مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

استأنفت سندات الخزانة ارتفاعها، يوم الثلاثاء، إذ عزز استمرار تباطؤ سوق العمل التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من خفض أسعار الفائدة العام المقبل لمنع الركود.

وانخفضت عائدات سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات -التي تجاوزت مستوى 5% لفترة وجيزة في أكتوبر- إلى ما دون 4.2%، يوم الثلاثاء، بعدما سجلت الوظائف الشاغرة أدنى مستوياتها منذ مارس 2021. ظهرت مؤخراً مخاوف بشأن سرعة توقع الأسواق توجه الاحتياطي الفيدرالي لتيسير سياسته النقدية، مما يبرز المخاطر التي يواجهها المتداولون المراهنون على تحول السياسة النقدية للبنك المركزي الأميركي. وهو رهان من شأنه أن يؤتي ثماره إذا تحقق خفض أسعار الفائدة، أو ربما يأتي بنتائج عكسية إذا اختار صناع السياسات النقدية إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول.

في أسبوع تهيمن عليه بيانات سوق العمل، جاءت أرقام مسح فرص العمل ودوران العمالة منخفضةً عن جميع التقديرات في استطلاع بلومبرغ للاقتصاديين. وتأتي البيانات قبل أيام قليلة من صدور تقرير الوظائف الرئيسي، والذي من المتوقع أن يُظهر أن أصحاب العمل أضافوا 187,000 وظيفة في نوفمبر.

الوظائف الشاغرة في أميركا تهبط لأدنى مستوياتها منذ 2021

وقال إيان لينجن من "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets): "بشكل عام، تقود بيانات الوظائف السوق حالياً.. واصلت أسعار السندات الصعود.. وعلى الصعيد الكلي، ستترقب السوق تقرير التوظيف المنتظر غداً".

زخم السندات

انخفضت عائدات السندات الأميركية لأجل عشر سنوات ثماني نقاط أساس إلى 4.17%، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر.

ويواكب صعود سندات الخزانة أيضاً ارتفاع السندات العالمية بعد أن قال أحد المسؤولين الأكثر ميلاً لتشديد السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي إن التضخم يظهر تباطؤاً "ملحوظاً". لم يشهد أداء مؤشر "إس آند بي 500" تغيراً. وهبطت أسعار أسهم البنوك بعد أن توقعت "كي كورب" (KeyCorp) صافي دخل من غير الفوائد أقل من المأمول. تفوقت أسهم الشركات الكبرى، إذ صعدت أسعار أسهم "أبل" و"إنفيديا" بأكثر من 2.1%، تجاوزت "بتكوين" عتبة 43,000 دولار.

وقال جينادي غولدبرغ، من شركة "تي دي سيكيوريتيز"، لـ "بلومبرغ سيرفيلانس" يوم الجمعة، إن ارتفاع سندات الخزانة يقترب من مستويات مثيرة للقلق، خاصة للأوراق ذات الآجال الطويلة. انخفضت عوائد السندات لأجل عشر سنوات بمقدار ثماني نقاط أساس إلى 4.18% يوم الثلاثاء.

محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يؤكد الاتفاق على "المضي بحذر"

وأوضح غولدبرغ: "لقد ابتعدنا كثيراً عن منطقة 4.70%.. أنا بالتأكيد لا أشتكي، لكني أعتقد أننا نرى الآن بعض المبالغة.. إذا اقتربنا من 4%، فأعتقد أنني سأبتعد. أعتقد أنه علينا التحرك بذكاء استراتيجي في السوق".

من جهته، قال بيتر فان دويجويرت من "مان جروب" إن خفض الاحتياطي الفيدرالي للفائدة سيكون على الأرجح رد فعل على شيء سيئ من منظور اقتصادي. وأضاف: "إذا خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة العام المقبل، فمن المحتمل أن يكون ذلك نتيجة لشيء لا يسير على ما يرام في الاقتصاد".

رهانات خفض أسعار الفائدة

زادت عقود مقايضة أسعار الفائدة -التي تتوقع نتائج اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي- بشكل طفيف من درجة التيسير المتوقعة بحلول نهاية 2024، مع توقع انخفاض سعر الفائدة الفعلي إلى حوالي 4.05% من 5.33% حالياً. وتشير العقود أيضاً إلى احتمال بنسبة 60% لخفض أسعار الفائدة في مارس.

ويرى كريشنا جوها من "إيفركور" أن بيانات الوظائف الشاغرة تؤكد أن الاحتياطي الفيدرالي حقق تقدماً كبيراً في عودة سوق العمل لطبيعتها، ولكن سينظر إليها صُناع السياسات النقدية على أنها أكثر اتساقاً مع "إعادة التوازن المرغوبة" وليس على أنه "مخاطر هبوط متزايدة".

لاري سامرز: بيانات الوظائف الأميركية خطوة على طريق الهبوط السلس

وأشار جوها إلى أنه "في هذا السياق، نحن قلقون بشأن تراكم الرهانات على خفض أسعار الفائدة في السوق أكثر من اللازم.. نجد أنه من الصعب تصوّر خفض الفائدة قبل يونيو دون حدوث ركود، وما زلنا نتوقع خفض الفائدة 3 مرات في السيناريو الأساسي للهبوط السلس".

تزايد مخاوف الركود

من جانب آخر، قالت لورين غودوين من "نيويورك لايف انفستمنتس" (New York Life Investments) إنه من المحتمل الآن أن يكون الاحتياطي الفيدرالي في نهاية دورته العنيفة لتشديد السياسة النقدية، ولكن وتيرة زيادة الفائدة السريعة لا تعني بالضرورة أن التأثيرات ستتغلغل بالاقتصاد بسرعة.

وأشارت غودوين إلى أنه "تاريخياً، استغرق رفع أسعار الفائدة ما يقرب من 12 شهراً إلى 18 شهراً للتأثير على الاقتصاد، ومن 18 شهراً إلى 24 شهراً للتأثير على سوق العمل.. لا تبدأ السوق في توقع مخاطر الركود حتى ترتفع طلبات إعانة البطالة وتتدهور الأرباح. ونتيجة لذلك، سنراقب بيانات سوق العمل هذا الأسبوع عن كثب".

بيل دودلي: هل تيقن "الفيدرالي" من الهبوط السلس للاقتصاد الأميركي؟

"بلاك روك" قالت إن تفاؤل السوق بشأن نطاق تخفيضات أسعار الفائدة في العام المقبل قد يكون مبالغاً فيه، وأوصت بالتراجع عن السندات ذات الآجال الطويلة. وكتب استراتيجيون من بينهم وي لي وأليكس برازيير: "إننا نرى خطر عدم تحقق هذه الآمال.. فالمعدلات الأعلى والتقلبات الأكبر هي سمات الوضع الجديد".

في هذه الأثناء، تتصاعد تكلفة شراء الحماية ضد تقلبات العملات، إذ يستعد المتداولون لعدد كبير من البيانات واجتماعات البنوك المركزية التي يمكن أن تلقي الضوء على توقيت التحول المحتمل لخفض أسعار الفائدة العام المقبل.

وقال إريك نيلسون، خبير الاقتصاد الكلي لدى "ويلز فارغو سيكيوريتيز" (Wells Fargo Securities): "التحول في دورات أسعار الفائدة للبنك المركزي من الرفع إلى الخفض يُبقي تقلبات العوائد مرتفعة، ويضيف في النهاية بعض الرهانات على تقلبات العملة".

أداء أبرز المؤشرات:

  • استقر مؤشر "إس آند بي 500" عند نفس مستوى الإغلاق السابق حتى الساعة الرابعة مساءً في نيويورك.
  • ارتفع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.2%.
  • انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ثماني نقاط أساس إلى 4.18%.
  • صعدت "بتكوين" 4.1% إلى 43,768.51 دولار.
  • ارتفعت "إيثر" 1.3% إلى 2,264.85 دولار.
  • انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.5% إلى 2,019.49 دولار للأوقية.

عوائد سندات الخزينة