صندوق "ألتيرا" المناخي الإماراتي يعزز عائدات مستثمري المبادرات الخضراء

تحديد الإمارات لسقف أرباحها من الصندوق يمنح المستثمرين الخارجيين عوائد إضافية بـ5 نقاط مئوية

مبانٍ شاهقة في أفق مدينة دبي، الإمارات، خلال وقت الفجر بتاريخ 29 نوفمبر 2023
مبانٍ شاهقة في أفق مدينة دبي، الإمارات، خلال وقت الفجر بتاريخ 29 نوفمبر 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وافقت الإمارات على الاحتفاظ بجزء أقل من الأرباح التي يدرّها الصندوق البالغة قيمته 30 مليار دولار والذي يضم شركات "بلاك روك" و"تي بي جي" (.TPG Inc) و"بروكفيلد أسيت مانجمنت"، سعياً لاستقطاب المزيد من الأموال الخاصة إلى صفقات تمويل المناخ.

يُعد هذا الترتيب جزءاً من بند إزالة المخاطر المرتبط باستراتيجية بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق "ألتيرا" (Alterra) الاستثماري الذي أُطلق خلال قمة "كوب 28" في دبي. من الناحية العملية، يعني قرار الإمارات بفرض حد أقصى على أرباحها، أن المستثمرين الخارجيين سيحصلون على عوائد إضافية بما يصل إلى 5 نقاط مئوية، وفقاً لشخص مطلع على شروط الصفقة طلب عدم الكشف عن هويته لأن هذه المعلومات غير مُعلنة.

قال جيم كولتر، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "تي بي جي"، إن هيكل التمويل في الإمارات "ثوري للغاية". وامتنع عن تقديم أرقام بشأن الشروط المتعلقة بأموال "تي بي جي"، لكنه قال في مقابلة إن الاتفاق يخلق ما يكفي من "تعزيز العائدات" لجذب المستثمرين "الذين ربما لم يكونوا ليأتوا بطريقة أخرى".

الإمارات تطلق صندوقاً بـ30 مليار دولار للحلول المناخية عالمياً

تقليص عوائد بعض الصناديق

الحد الأقصى للإمارات يقلص عوائدها إلى نحو 5% من أحد الشقين اللذين يتألف منهما الصندوق، وفقاً لشخص مطلع على تفاصيل الترتيب. قال متحدث باسم "ألتيرا" إن حدود العائدات وهياكل التمويل ستتباين من حالة إلى أخرى.

أضاف المتحدث أن أحد التحديات التي تواجه تمويل المناخ هو نقص الاستثمارات في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، وهو الأمر الذي يتحكم فيه جزئياً ملف المخاطر والعائدات. قال المتحدث إن الهدف من هذه الآلية البالغة قيمتها 5 مليارات دولار، والتي يُطلق عليها اسم "ألتيرا ترانسفورميشن" (Alterra Transformation)، هو حشد رأس المال الاستثماري في الاستثمارات المناخية في الجزء الجنوبي من العالم.

يبرز هيكل "ألتيرا" كـ"نموذج رائع" لزيادة تمويل المناخ، وفقاً لملياردير صناديق التحوط راي داليو. كان داليو من بين الشخصيات المؤثرة في عالم المال الذين حضروا مؤتمر قمة الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28"، والذين أكدوا على الحاجة إلى مشاريع المناخ لتوليد عوائد جذابة تجارياً إن كان لا بد من انخراط مستثمري القطاع الخاص في هذه المبادرات.

قال المتحدث باسم "ألتيرا" إن هيكل التمويل مصمم "لتحقيق حشد رأس المال على نطاق واسع وبطريقة قابلة للتكرار. يتطلب ذلك نموذج سوق للقطاع الخاص يستهدف تأثير المناخ، بالإضافة إلى العوائد الإيجابية، ويمكنه الاستفادة من مجموعة واسعة من قنوات تخصيص الموارد المالية".

"كوب 28".. الوفود التفاوضية تبدأ مهمة شاقة لصياغة نص توافقي

هياكل معقدة لتمويل المناخ

يشكّل اتفاق الإمارات أحدث علامة على أن الأسواق الخاصة تعمل على تطوير هياكل متزايدة التعقيد لتمويل المناخ. فخلال قمة "كوب 28" في دبي، كان كل من "غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" من بين مؤسسات "وول ستريت" التي قالت إنها تستكشف ترتيبات تمويل جديدة في محاولة لتحقيق أرباح أكبر من خلال المبادرات الخضراء.

يتزايد الاهتمام بالجانب الجنوبي من العالم الذي يضم بلداناً مثل البرازيل والهند وإندونيسيا، باعتباره همزة الوصل لتمويل المناخ، حيث أبدى صناع السياسات والممولون الحاضرون في القمة في دبي حرصهم على مناقشة الهياكل المبتكرة التي يقولون إنها ستؤدي إلى تدفق الأموال. تشمل الأفكار المطروحة إصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف، وتوريق صفقات المناخ، وتوسيع نطاق أسواق الكربون الطوعية.

صرحت رئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي، التي طالما دعت إلى زيادة الالتزامات من الدول الغنية لمواجهة تداعيات تغير المناخ، بأنها ترحب بإنشاء "ألتيرا" وأهدافه المالية. وقالت خلال عرض تقديمي في "كوب 28": "أريد حقاً أن أشيد بدولة الإمارات على إنشاء صندوق ألتيرا بقيمة 30 مليار دولار، مع رؤية تستهدف توسيع نطاقه".

فيما يتعلق بإطلاق الصندوق، قالت الإمارات إن إنشاءه يستهدف توسعه لجمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030. سيركز الصندوق الاستثماري على الأسواق الخاصة، مثل البنية التحتية والأسهم الخاصة والديون الخاصة ورأس المال الجريء.

باكورة نجاحات "كوب 28" توفير 260 مليون دولار لأضرار المناخ

الأسواق الخاصة

قال كولتر من شركة "تي بي جي" إن أسواق الأسهم العامة "تبالغ في التقييم بشكل كبير" للأصول الخضراء مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية، لكن هذا "ليس المجال المناسب لتمويل مبادرات التغيرات المناخية. فالكثير من الابتكارات المناخية تُتداول أسهمها في الأسواق الخاصة".

يُعد صندوق "ألتيرا" شكلاً من أشكال ما يُسمى التمويل المختلط، والذي من المفترض أن يجمع ما بين التمويل العام والخاص لمشاريع المناخ في الأسواق الناشئة. ولجذب رأس المال الخاص، يتعين على أسواق الأسهم العامة أن تقدم شكلاً من أشكال آلية إزالة المخاطر، مثل تحمّل الخسائر الأولية أو تقديم ضمانات.

استهدف تصميم الصندوق أن يكون بشقين. يتمثل الشق الأول في "ألتيرا أكسيلريشن" (Alterra Acceleration)– الذي يتيح تخصيص استثمارات بـ25 مليار دولار، وهو بمثابة مستثمر رئيسي أو مشارك في استراتيجيات المناخ. وخصص هذا الشق بالفعل مبلغ 4.75 مليار دولار لدعم الصناديق في مراحل تأسيسها الأولى والتي تديرها شركات "بلاك روك" و"بروكفيلد" و"تي بي جي".

قال ديفيد جيوردانو، الرئيس العالمي للبنية التحتية المناخية وكبير مسؤولي الاستثمار لرأس المال الانتقالي في "بلاك روك"، خلال مقابلة: "الجانب التحفيزي هنا هو الحصول على مثل هذا الالتزام العام الضخم. في ظل وجود صندوق "ألتيرا" كصندوق استثمار في الأسهم، فإنه سيسهل أيضاً إصدار الديون، ويمنح الثقة للاعبين الصناعيين في الاقتصادات الناشئة بأن هناك رأسمال متاحاً لتمويل عملية التحول".

البنك الدولي يسعى لجذب المليارات إلى مشروعات المناخ العالمية

بنية تمويل العالم النامي

حضر الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك"، لاري فينك، الذي اعتبر التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون واحداً من خمسة "عوامل مؤثرة كبرى تعمّ الأسواق والاقتصادات"، حفل إطلاق "ألتيرا" في دبي، مع كولتر من "تي بي جي". قال فينك خلال قمة "كوب 28" إن هناك حاجة إلى إعادة تفكير جوهرية في "بنية تمويل العالم النامي"، ووصفها بأنها "أمر حتمي، وليست مجرد خيار".

لن يخضع الشق البالغة قيمته 25 مليار دولار من صندوق "ألتيرا" لأي حد أقصى للعائدات، لكن كولتر قال إن الحجم الهائل للتخصيص سيساعد في خفض تكاليف مشاريع التكنولوجيا النظيفة، مما يجعله أكثر جاذبية للمستثمرين الخارجيين.

قال فينك: "رأس المال هذا سوف يزيل الكربون من جميع أنحاء العالم، وسيدفع التقنيات الخضراء إلى أدنى مستوى لمنحنى التكلفة حتى يمكن نشرها بفعالية" بتكلفة أقل في الأسواق الناشئة".

أما الشق الثاني من الصندوق الجديد الذي أطلقته الإمارات فهو "ألتيرا ترانسفورميشن" (Alterra Transformation)، ويمثل المبلغ المتبقي البالغ 5 مليارات دولار، والذي وافقت الإمارات على تحديد سقف لعوائده وإعادة توزيعه. ستساعد هذه الأموال، التي خُصص 1.75 مليار دولار منها لشركات "بلاك روك" و"تي بي جي" و"بروكفيلد"، في توجيه التمويلات إلى الأسواق النامية التي تعاني وطأة تغير المناخ.

قال متحدث باسم "بروكفيلد"، التي ستتلقى إجمالي 3 مليارات دولار من صندوق "ألتيرا"، بما في ذلك مليار دولار لـ"صندوق التحول التحفيزي الجديد" (Catalytic Transition Fund)، إن قرار الإمارات بتحديد سقف لعوائدها سيساعد على "حشد" استثمارات القطاع الخاص التي لم تكن متاحة لولا التمويل الانتقالي في الأسواق الناشئة.