الهند تفتتح أكبر مجمع ألماس بالعالم للسيطرة على تجارة المعدن النفيس

مدينة سورات تعمل على تعزيز مكانتها لتصبح عاصمة صناعة الأحجار الكريمة في العالم

أحد محلات بيع المجوهرات في منطقة الألماس في مانهاتن، حيث قال التجار إن الأعمال تباطأت خلال الأشهر القليلة الماضية
أحد محلات بيع المجوهرات في منطقة الألماس في مانهاتن، حيث قال التجار إن الأعمال تباطأت خلال الأشهر القليلة الماضية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تفتح الهند اليوم الأحد مجمع مكاتب جديد للألماس يفوق حجم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" في مدينة سورات، مما يعزز طموحات المدينة الواقعة غرب الدولة الواقعة في جنوب آسيا لتصبح عاصمة الحجر الكريم في العالم.

أصبحت بورصة سورات للألماس في ولاية غوجارات، والتي تغطي مساحة مبنية تبلغ 6.7 مليون قدم مربع (620 ألف متر مربع)، أكبر مجمع مكاتب في العالم عندما تم الانتهاء منها في يوليو بتكلفة قدرها 32 مليار روبية (384 مليون دولار). أما مساحة ذلك المعلم الأميركي، الذي افتُتح عام 1943، فتبلغ 6.5 مليون قدم مربع.

مكسب رمزي لمودي

سيفتتح ناريندرا مودي المجمع الواقع في سورات، مما يمثل مكسباً سياسياً رمزياً آخر لرئيس الوزراء في ولايته بينما يسعى للحصول على الدعم لولاية ثالثة في الانتخابات العام المقبل.

سيعتمد افتتاح البورصة على الجهود الأخرى التي تبذلها إدارة مودي لتعزيز ولاية غوجارات اقتصادياً، ومنها على سبيل المثال تقليل الروتين لجعلها أكثر ملاءمة للأعمال.

في حين أن مومباي كانت منذ فترة طويلة مركز صادرات الألماس في الهند، فإن سورات، المعروفة أيضاً باسم "مدينة الألماس"، تهيمن على معالجة تلك الأحجار الكريمة، حيث يُقطع ويُصقل نحو 90% من الألماس الخام في العالم هناك قبل بيعه إلى المشترين في أماكن مثل الولايات المتحدة والصين. وتهدف البورصة الجديدة إلى وضع كل الأمور المتعلقة بالصناعة تحت سقف واحد.

تباطؤ صادرات الهند من الألماس لضعف الطلب الأميركي والصيني

قال إيلي إزاكوف، الرئيس الفخري للاتحاد العالمي لبورصات الألماس: "سورات هي مركز تقطيع رئيسي، وقد طال انتظار بورصة الألماس الجديدة، ويمكن للتجار من جميع أنحاء العالم القيام بأعمالهم من مكان آمن ومركزي بثقة".

يقع المجمع الجديد داخل "داياموند ريسيرش آند ميركانتايل سيتي" (Diamond Research and Mercantile City)، وهي منطقة تجارية صُممت على غرار مدينة "غوجارات إنترناشيونال فاينانس تيك سيتي" (Gujarat International Finance Tec-City)، أو "غيفت سيتي"، وهي أحد مشروعات مودي الرائدة الأخرى.

يضم المجمع 9 أبراج، يتكون كل منها من 15 طابقاً، ونحو 4700 مكتباً. وبدأ بالفعل العمل في زهاء 130 مكتباً، وفقاً لما ذكره ناجيبهاي ساكاريا، رئيس بورصة سورات للألماس.

انتعاش صناعة الألماس بالهند

رغم أن بورصة سورات للألماس تتضاءل حجماً أمام نظيرتها الإسرائيلية، التي تغطي مساحة 80 ألف متر مربع، فإن مجمع تل أبيب لا يضم أكثر من 1000 مكتب فحسب، لكنه يحتوي أيضاً على خدمات مثل شركات التأمين والبنوك ومكتب بريد وآخر للجمارك، فضلاً عن المرافق الترفيهية والدينية والمطاعم.

تاريخياً، كانت سورات من أهم الروابط التجارية بين الهند ودول مثل بريطانيا وهولندا والبرتغال بسبب قربها من ساحل بحر العرب. وقد حل محلها صعود بومباي كميناء في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

"دي بيرز" ترفع أسعار الألماس الصغير وسط ندرته بسبب العقوبات

بدأت صناعة الألماس في الهند عملياتها قبل 6 عقود من الزمن، وازدادت وتيرتها بعد اكتشاف مكامن كبيرة في أستراليا وبفضل الإصلاحات الاقتصادية بالهند في التسعينيات. وظلت مومباي، التي تبعد نحو 280 كيلومتراً (174 ميلاً) جنوباً، المركز التجاري بسبب اتصالها الأفضل بالعالم.

واصلت سورات النمو كمركز لتصنيع الألماس، مع استمرار تدفق المهاجرين إلى المدينة من جميع أنحاء الهند بحثاً عن العمل في صقل الألماس. تعرضت الصناعة لانتكاسة كبيرة في عام 1994 بعد تفشي الطاعون في المدينة، مع فرار العمال من سورات. وبمجرد السيطرة على تفشي المرض، خضعت سورات لإصلاح شامل في الإدارة والبنية التحتية، وتعتبر اليوم واحدة من أنظف مدن الهند.

موظفون يقومون بفحص وتلميع الألماس خلال ورشة عمل في سورات، غوجارات، الهند
موظفون يقومون بفحص وتلميع الألماس خلال ورشة عمل في سورات، غوجارات، الهند المصدر: بلومبرغ

تحديات تواجه بورصة سورات

في ماهيداربورا، أكبر سوق في سورات، تضم المباني صفوفاً من المكاتب حيث يتاجر المتعاملون بالألماس تحت مصابيح ساطعة، وينتشر بعضهم في الشوارع حيث يفحصونه على أفرشة من القطن. وغالباً ما يتجول التجار في أنحاء المدينة بقطع الألماس ملفوفة بإحكام بأوراق بيضاء أو أكياس صغيرة مخيطة في الجزء الداخلي من قمصانهم.

تواجه بورصة سورات للألماس تحديات في جمع كل الشركات تحت سقف واحد. ففي سورات، قد يتردد التجار الذين يعملون حالياً في السوق بتكاليف عامة منخفضة في الانتقال إلى مكتب جديد لامع. وواجهت بورصة بهارات للألماس في مومباي مثل هذه المصاعب المتزايدة في سنواتها الأولى، إلى أن أدت التفجيرات الإرهابية عام 2011 بالقرب من منطقة الألماس في المدينة وإغلاق مبنى الخدمات الجمركية إلى تسريع انتقال الشركات إلى مقار جديدة في مجمع باندرا كورلا في الضواحي.

غزو الألماس الاصطناعي للسوق يهوي بأسعار الطبيعي

قد تمانع بعض شركات الألماس في مومباي أيضاً في الانتقال إلى سورات. ففي حين أن تكلفة المعيشة أقل هناك وسيؤدي تركيز الشركات في البورصة الجديدة إلى تقليل الحاجة إلى التنقل، فإن البورصة تقع على مشارف سورات، حيث لا توجد وسائل راحة أو ترفيه قريبة تذكر. كما أن اتصال سورات بالعالم ضعيف، إذ لا يسير مطارها سوى رحلة دولية واحدة إلى الشارقة في الإمارات.

تحديات سياسية

تضيف الجغرافيا السياسية تحدياً آخر. فالكثير من الألماس الذي يعالج في سورات يأتي من سيبيريا، وقد عانت الصناعة بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة روسية لتعدين الألماس في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا. كما سيدخل الحظر الذي فرضته مجموعة الدول السبع على واردات الألماس الروسي حيز التنفيذ في الأول من يناير، بعد أن عرقلته الدول المستوردة له فضلا عن ضغوط الصناعة.

قال ساكاريا إن انتعاش الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة والصين سيكون أساسياً لإنعاش مبيعات الألماس، لكنه أضاف أن التباطؤ الحالي هو مجرد جزء من الدورة العادية للصناعة. أضاف: "لقد اعتادت الصناعة على ذلك".