نصف سفن الحاويات المارة عبر البحر الأحمر تغير مسارها بعد الهجمات

"فليكسبورت": 299 سفينة حاويات تمثل 18% من سعة التحميل العالمية تغير مسارها تجنباً للبحر الأحمر

سفينة حاويات تابعة لشركة "إم إس سي" تبحر جنوباً عبر البحيرة المُرة الكبرى في الإسماعيلية، مصر
سفينة حاويات تابعة لشركة "إم إس سي" تبحر جنوباً عبر البحيرة المُرة الكبرى في الإسماعيلية، مصر المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتجنب نصف أسطول سفن الحاويات الذي يمر بانتظام عبر البحر الأحمر وقناة السويس ذلك المسار في الفترة الحالية تفادياً لخطر الهجمات، بحسب بيانات جديدة صادرة عن القطاع.

أظهرت البيانات التي جمعتها شركة "فليكسبورت" (Flexport) أن 299 سفينة، بطاقة إجمالية مجمعة لنقل 4.3 مليون حاوية، إما غيرت مسار رحلاتها أو تعتزم ذلك. وهو ما يقارب ضعف عدد السفن التي اتخذت القرار نفسه قبل أسبوع، ويعادل نحو 18% من سعة التحميل العالمية.

الرحلات التي غيرت مسارها للدوران حول أفريقيا قد تطول 25% عن مدة الرحلة عبر قناة السويس، الطريق المختصر بين آسيا وأوروبا، بحسب "فليكسبورت". وهو ما يرفع تكلفة تلك الرحلات ويصعد بأسعار كل السلع والبضائع، من الأحذية الرياضية والأغذية إلى النفط، على المستهلكين في حال استمرار التحول إلى الرحلات الأطول.

يشن الحوثيون، المتمركزون في اليمن، الهجمات في البحر الأحمر، وقالوا إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل دعماً للفلسطينيين، غير أن سفناً بدون روابط مباشرة مع إسرائيل هوجمت أيضاً. وفي ظل التهديدات التي تحيط بالتجارة العالمية حال تصعيد الحرب، تسعى القوة البحرية التي تقودها الولايات المتحدة إلى تعزيز الأمن في الطريق الملاحي الرئيسي.

"هاباغ لويد": طريق البحر الأحمر لا يزال خطيراً للغاية

تحاول بعض السفن إظهار حيادها، فيما تواصل المرور عبر مسار البحر الأحمر، فهناك 3 سفن، وهم عبارة عن سفينتي حاويات وناقلة نفط، تجتاز حالياًَ الممر الملاحي، وتشير إلى عدم ارتباطها بأي شكل بإسرائيل، بحسب شركة "تانكر تراكرز دوت كوم" (TankerTrackers.com) وبيانات تتبع السفن التي تجمعها "بلومبرغ". وتوقفت السفن الثلاث في روسيا قبلاً.

تزايد معدلات تحويل مسارات السفن من طريق البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح
تزايد معدلات تحويل مسارات السفن من طريق البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح المصدر: بلومبرغ

ارتفاع معدل تحويل مسارات السفن

اتجاه الأعداد الواردة ببيانات "فليكسبورت" يتماشي مع إحصاء مستقل أجرته وكيلة الشحن السويسرية "كوينه + ناغل إنترناشيونال" (Kuehne + Nagel International)، الذي أظهر، يوم الأربعاء، تحويل مسار 364 سفينة بحمولة 5 ملايين حاوية 20 قدماً إلى الدوران حول أفريقيا، مقارنة بـ314 سفينة يوم 22 ديسمبر.

توضح الأرقام حجم الاضطراب المتزايد في الشحن البحري، بعدما شن الحوثيون أكثر من 100 هجمة على سفن تجارية في الشهر الماضي. فهوجمت سفينة الحاويات "إم إس سي يونايتد 8" يوم الثلاثاء، خلال رحلتها من السعودية إلى باكستان.

كما أظهر تحليل "فليسكبورت" للبيانات الصادرة عن شركة "ألفالاينر" (Alphaliner)، يوم الأربعاء، أن 15 سفينة حاويات، منها 10 سفن تشغلها شركة "إيه بي مولر ميرسك" (A.P. Moller-Maersk A/S)، إما واصلت مسارها، أو تراجعت في الآونة الأخيرة عن خطط تحويلها، لتعبر البحر الأحمر متجهة إلى قناة السويس.

شركتا شحن تخطران قناة السويس بالعودة إلى الممر الملاحي

وقالت "ميرسك"، ثاني أكبر شركة نقل حاويات في العالم، إنها تستعد لاستئناف رحلاتها عبر البحر الأحمر في أقرب وقت ممكن من الناحية التشغيلية. فيما قالت شركة "هاباغ لويد" (Hapag-Lloyd) إنها ستواصل إبعاد سفنها عن المنطقة، حتى بعد تدشين القوة البحرية التي تقودها الولايات المتحدة لحماية الطريق التجاري الرئيسي من الهجمات.

أفادت البيانات الصادرة اليوم الخميس عن شركة "كلاركسونز ريسيرش" (Clarksons Research) للبحوث بانخفاض عدد السفن التي تصل إلى خليج عدن 40% ما بين 22 ديسمبر و26 ديسمبر، مقارنة بمتوسط عددها خلال النصف الأول من الشهر الجاري. كما انخفض عدد سفن الحاويات التي تصل المنطقة 87%، وناقلات الغاز بنحو 30%، وناقلات السيارات بما يقارب 25%.

والوضع مشابه للسفن المارة عبر قناة السويس، فتراجع عدد السفن المتجهة جنوباً بنحو 45% ما بين 22 ديسمبر و26 ديسمبر، بحسب "كلاركسونز".

استراتيجية حارس الازدهار مكلفة

تغيير المسار للدوران حول الحافة الجنوبية لقارة أفريقيا يجهد سعة الشحن المتاحة ويرفع أسعار الشحن. وما بين تحويل المسار عن قناة السويس، والجفاف الذي يقيد الحركة الملاحية عبر قناة بنما، فأسوأ التوقعات تشير إلى تراجع سعة التحميل العالمية 20%، بحسب "فليكسبورت".

قالت "بلومبرغ إيكونوميكس" إنه رغم نجاح الولايات المتحدة وشركائها في اعتراض عدد كبير من تلك الهجمات، إلا أن هذه الاستراتيجية الدفاعية مُكلفة، ولا تزال المخاطر تسبب ارتفاع تكاليف التأمين على سفن الشحن.

هجمات الحوثيين والضربات الأميركية تفاقم مخاطر اتساع الحرب

كما قال جيرارد دي بيبو، كبير محللي الاقتصاد الجغرافي لدى "بلومبرغ إيكونوميكس": "رغم أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أظهر نجاحاً عسكرياً، إلا أنه قد لا يعد سبباً كافياً يشجع كبرى شركات الشحن على استئناف رحلاتها عبر البحر الأحمر. كلما استمرت هجمات الحوثيين، سيزيد الضغط على الولايات المتحدة للتحول إلى الهجوم، ما يجازف بحدوث تصعيد إقليمي".

على صعيد آخر، تبذل شركات الشحن التي قررت تحويل مسار سفنها للدوران حول أفريقيا جهوداً لتحديد مواعيد الوصول الجديدة المتوقعة.

قال ريان بيترسن، مؤسس "فليكسبورت" ورئيسها التنفيذي، في مقابلة مع "تليفزيون بلومبرغ" الأسبوع الماضي: "هذا يحدث بشكل عام لكل سفينة غيرت مسارها. تعمل الفرق أوقاتاً إضافية في الفترة الحالية سعياً لمواكبة الوضع".