بطل خفي يعزز التجارة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة

قطاع السيارات يبرز كمحرك جديد للتعاون بين البلدين ويرفع الطلب على الصادرات الكورية 5.4%

أذرع آلية تابعة لشركة "هيونداي ويا كورب" (Hyundai Wia Corp) على خط الإنتاج في مصنع شركة "كيا كورب" (Kia Corp) في غوانجغميونغ، كوريا الجنوبية
أذرع آلية تابعة لشركة "هيونداي ويا كورب" (Hyundai Wia Corp) على خط الإنتاج في مصنع شركة "كيا كورب" (Kia Corp) في غوانجغميونغ، كوريا الجنوبية المصدر: بلومبرغ
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعرضت صادرات كوريا الجنوبية لضربة قوية في عام 2023، إذ انخفضت للمرة الثالثة خلال خمس سنوات مع تباطؤ الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، خفف قطاع السيارات المنسي في البلاد من حدة هذه الضربة، ودفع تجارة كوريا الجنوبية المتجهة إلى الولايات المتحدة حتى أوشكت على تجاوز تجارتها مع الصين. ومع استمرار نمو الطلب على السيارات الكهربائية، نتوقع أن تتعمق هذه العلاقة بين الحليفتين القديمتين.

منذ زمن طويل وأشباه الموصلات هي الدعامة الأساسية لاقتصاد كوريا الجنوبية، غير أن جزءاً كبيراً من هذه المنتجات يتجه إلى الصين وجنوب شرق آسيا، حيث يجري تجميعها في أجهزة إلكترونية من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر، ثم تصدر مرة أخرى إلى الخارج، إلى العميل النهائي في مختلف أنحاء العالم.

انخفض تدفق هذه المنتجات في العام الماضي، فتراجعت مبيعات الرقائق في الخارج بنسبة 24%. وتساعد السيارات والآلات في ملء الفراغ الناتج عن هذا التراجع.

كما أن انخفاض إجمالي الصادرات إلى الصين بنسبة 20%، وهي أكبر وجهة لصادرات كوريا الجنوبية، جرى تعويضه من خلال زيادة مبيعات السيارات في الأسواق الخارجية بنسبة 31%. وكان الطلب على السيارات الكهربائية وسيارات الدفع الرباعي عالية الأداء هو المحرك الرئيسي لزيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 5.4%. (تشتري الصين عدداً قليلاً جداً من السيارات من الدولة المجاورة لها).

اقرأ المزيد: الولايات المتحدة تتجاوز الصين كأكبر سوق لصادرات كوريا الجنوبية

وإجمالاً، تلحق الولايات المتحدة بسرعة بالصين كوجهة للسلع القادمة من كوريا الجنوبية، إذ تأخرت عنها بمقدار 1.4 نقطة مئوية فقط في العام الماضي.

انتعاش متوقع في الصادرات الكورية

مع ذلك، هناك الكثير مما يجري بعيداً عن هذه الأرقام. فالانتعاش المحتمل للاقتصاد العالمي هذا العام، بما في ذلك نمو قطاع رقائق الذاكرة، يشير إلى أن صادرات كوريا الجنوبية إلى الصين ستستأنف مسارها التصاعدي، في حين أن تراجع قطاع السيارات الكهربائية قد يضر بالتجارة مع الولايات المتحدة. ولكن هذا سيحدث على المدى القصير فقط.

اقرأ المزيد: نمو مبيعات الرقائق العالمية يؤشر إلى تحسن الطلب

أما في المدى الطويل، فيشكل الطلب في الولايات المتحدة على السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة اتجاهاً لا يمكن إيقافه، وإن أمكن إبطاؤه فقط بسبب رياح معاكسة مؤقتة مثل ارتفاع أسعار الفائدة وتعديل برامج الدعم الحكومية.

الآلات ستكون العامل الداعم في انتعاش صادرات الدولة الآسيوية. فقد ارتفعت مبيعات كوريا الجنوبية إلى أميركا من المعدات المستخدمة في التصنيع بنسبة 25% العام الماضي. ويرجح أن يستمر هذا النمو مع إعلان واشنطن عدة سياسات منها رفع الرسوم الجمركية وزيادة حزم التحفيز، من أجل زيادة إنتاج سلع مثل الصلب، ومحطات الطاقة المتجددة، والسيارات داخل الولايات المتحدة.

من يملأ الفراغ؟

لن تستطيع شركات صناعة السيارات الأميركية الاستحواذ على كامل سوق السيارات الكهربائية التي تواصل نموها. وبالمثل، فإن التوترات الجيوسياسية تعني أن شركات صناعة السيارات الصينية، مثل "بي واي دي" (BYD) لن تحصل على الأرجح على موطئ قدم كبير في الولايات المتحدة إذا حاولت دخول السوق، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تواجه فعلاً رسوماً جمركية على الواردات تبلغ حوالي 25%. كذلك، فإن القواعد الجديدة الخاصة بالإعفاءات الضريبية للمركبات الكهربائية تضعف القدرة التنافسية للطرازات التي يتم استيرادها كلياً أو جزئياً من الصين.

اقرأ المزيد: أميركا تدرس رفع الرسوم على السيارات الكهربائية ومنتجات الطاقة الشمسية الصينية

يسمح ذلك للأوروبيين واليابانيين والكوريين الجنوبيين بملء هذا الفراغ. وفي سوق السيارات التقليدية، تستحوذ اليابان على الريادة في هذا المجال، إذ تستمر هيمنة شركتي "تويوتا موتور" و"هوندا موتور" إلى جانب شركتي "فورد موتور" و"جنرال موتورز" المحليتين، غير أنها لا تحتل مكانة قوية في مجال السيارات الكهربائية –فجميعها تحاول اللحاق بشركة "تسلا".

تغتنم شركتا "هيونداي موتور" و"كيا كورب" هذه الفرصة. فقد قفزت صادرات السيارات الكهربائية من كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة بنسبة 60% العام الماضي، وفقاً لبيانات وزارة التجارة والصناعة والطاقة، متجاوزة خمسة أضعاف الرقم الذي حققته في عام 2021.

وستعتمد الولايات المتحدة على كوريا الجنوبية أيضاً في شراء البطاريات والآلات وقطع غيار السيارات، حيث تدفع واشنطن بسياسات جديدة تهدف إلى ضمان تصنيع حصة أكبر من سيارات الطاقة الجديدة على أراضيها.

ختاماً، يمكن القول إنه لأكثر من 70 عاماً كانت سيؤول وواشنطن حليفتين عسكريتين وسياسيتين. وفي العقد المقبل، سيبدأ تحول التجارة إلى جانب لا يقل أهمية في هذه العلاقة.