واردات الصين من السلع الأولية تنتعش رغم استمرار التحديات

الطلب على المواد الخام لم يرتفع إلى مستوى التوقعات القوية التي وضعت في بداية عام 2023

مستودع للفحم بالقرب من محطة كهرباء في جياشينغ، مقاطعة تشجيانغ، الصين
مستودع للفحم بالقرب من محطة كهرباء في جياشينغ، مقاطعة تشجيانغ، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انتعشت واردات الصين من السلع الأولية في عام 2023، التي شملت كميات قياسية من خامات النفط والفحم والنحاس والحديد، بعد أن عصف الوباء بالطلب في عام 2022. جاءت واردات النفط والغاز الطبيعي ضمن السلع التي شهدت أعلى زيادة في المشتريات، مسجلة نمواً بنسبة 10% أو يزيد، فيما ارتفعت واردات الفحم بنسبة تجاوزت 60%، وفق بيانات إدارة الجمارك يوم الجمعة، متحدية تعثر أداء الاقتصاد عموماً الذي تمحور حول انهيار سوق العقارات في الصين.

ومع ذلك، فإن الطلب على المواد الخام لم يرتفع إلى مستوى التوقعات القوية التي وضعت في بداية عام 2023، عندما انطلقت موجة من التوقعات بأن الاقتصاد الصيني سوف ينتعش بعد ثلاث سنوات من قيود "كوفيد" التي تسببت في شلله. بدلاً من ذلك، اعتمدت الأسواق على تدابير التحفيز التي اتخذتها الحكومة للحفاظ على النمو.

انخفضت صادرات الصين العام الماضي للمرة الأولى منذ عام 2016 مع ضعف الطلب العالمي، مما يقوض محركاً قوياً للنمو الاقتصادي.

وما تزال آفاق الأداء الاقتصادي محلياً مليئة بالمخاطر. فأزمة سوق العقارات، وتراجع المستوى العام للأسعار (الانكماش)، وديون الحكومات المحلية الباهظة، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، جميعها تشكل رياحاً معاكسة أمام الاستهلاك في العام الجديد بالنسبة لأكبر دولة مستوردة للسلع الأساسية في العالم.

اقرأ أيضا: رئيس بنك الشعب الصيني: النمو يتحسن.. ومخاطر الديون المحلية معقولة

منتجات الطاقة

كانت واردات النفط هي النقطة المضيئة بالنسبة للطلب في عام 2023. فقد استأنف المواطنون الصينيون حركة السفر الداخلية بقوة بعد تحررهم من سياسة صفر كوفيد. غير أن الطلب على الواردات بلغ ذروته خلال الصيف، ويرجح أن يشهد نموها مزيداً من التراجع هذا العام مع انحسار الطلب المكبوت وضغوط الركود الاقتصادي على معدلات الاستهلاك.

ارتفعت واردات الفحم بشكل هائل في العام الماضي مع استيراد بكين كمية كبيرة منه إضافة إلى إنتاجها المحلي القياسي لضمان تغطية فترات ذروة الطلب الموسمية وتجنب انقطاع التيار الكهربائي. وسجلت واردات ديسمبر التي بلغت 47 مليون طن أعلى مستوى لها على الإطلاق خلال شهر واحد. ومع ذلك، قد تبدأ المشتريات في التراجع من الآن فصاعداً نظراً لوفرة العرض والتوسع في استخدام الطاقة النظيفة. كما أن عودة ضرائب الاستيراد قد تؤدي إلى ضعف الإقبال على الشراء من الخارج.

انتعشت واردات الغاز الطبيعي في عام 2023 مع تدفق المزيد من الغاز براً من روسيا، واستعادة الصين مركزها كأكبر دولة مستوردة للوقود المنقول بحراً في العالم. ومثل الفحم، كانت الكمية المشتراة في ديسمبر والتي بلغت نحو 13 مليون طن، قياسية على أساس شهري. ومن المتوقع أن يتوسع الاستهلاك على مدى الأعوام القادمة في ضوء حصة الغاز الصغيرة نسبياً في مزيج الطاقة لدى الصين وزيادة الإقبال على الوقود النظيف.

اقرأ أيضا: انتعاش التمويل المخصص لتعدين الفحم.. والصين في المقدمة

أسواق المعادن

انخفضت واردات النحاس، وأدى نمو أعمال الصهر في الصين إلى استهلاك كميات قياسية من الخام، كما زادت كمية النحاس المعالجة محلياً. وعلى الرغم من مساهمة ازدهار الطلب الجديد في تعويض جانب من تأثير أزمة العقارات وتباطؤ الاقتصاد، فإن هذه القاطرة الجديدة تواجه تحديات. فالنمو السريع في مجال الطاقة المتجددة لدى الصين يصطدم أيضاً بمحدودية الشبكة، بالإضافة إلى تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية. وفي الوقت نفسه، يتراجع المعروض من خام النحاس في السوق العالمية.

ارتفعت مشتريات خام الحديد مع اكتشاف صناعة الصلب في الصين مجالات أخرى للطلب لمواجهة تدهور سوق العقارات، من بينها صناعة السفن والآلات ومشروعات البنية التحتية الجديدة في الداخل، فضلاً عن الصادرات التي ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ سبع سنوات. بالنسبة للعام الجديد، يعتمد الكثير على مقدار التحفيز المالي الذي تخصصه الحكومة لدعم الاقتصاد، وما إذا كانت بكين ستعيد فرض قيود الإنتاج على الصلب لتقليل الانبعاثات.

السلع الزراعية

تجاوزت واردات فول الصويا بسهولة أرقام العام السابق لكنها كانت أقل من الرقم القياسي في عام 2020، عندما زادت الشحنات فوق 100 مليون طن. قد يمثل هذا المستوى ذروة النمو في تلك التجارة، إذ تسعى بكين إلى خفض اعتمادها على الموردين الأجانب من خلال تقليل نسبة فول الصويا في أعلاف الماشية.

انتعشت شحنات زيت الطعام بقوة في العام الماضي بعد أن أدت عمليات الإغلاق إلى انهيار الاستهلاك في عام 2022. لكن واردات اللحوم سجلت تراجعاً طفيفاً بسبب ضعف السوق المحلية للحم الخنزير -وهي علامة هامة على الانكماش- مما أدى إلى تراجع الاستيراد من الخارج.

معادن أساسية