المصدر: Sierra Escape

المخيمات السياحية تتحول سريعًا لأفضل المنتجعات بالعالم

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

منذ منتصف عام 2010، ارتبطت فكرة "التخييم" بدلالة سيئة، بعد أن شهد الازدهار المفاجئ لأماكن التخييم الراقية انتكاسة سريعة للغاية، متأثرًا بزوال بريقها وابتعادها الشديد عن المفهوم الذي تقدمه؛ لكنها عادت للواجهة ببريق جديد ساهم فيه سقف الخيام المصنوع من القماش.

ومن هنا، تخلى مالكو الفنادق في عدة أماكن من لوانغ برابانغ حتى نيو ساوث ويلز، ومن تولوم إلى كوستاريكا وحتى في قلب مدينة نيويورك عن الجدران والأسقف التقليدية المصنوعة من الطوب واتجهوا نحو خيام رحلات السفاري، التي يحتوي العديد منها على أحواض استحمام قائمة بذاتها ومواقد وأرضيات خشبية، مع إمكانية الاستمتاع بالاستحمام في الهواء الطلق. وبات هذا المفهوم يحمل دلالة راقية ولم يعد مصطلح "التخييم" يوفيه حقه.

وتقدم هذه التجربة للمسافرين صورة عن الحداثة مع ميزة الانقطاع عن العالم الرقمي وفرصة خوض مغامرة فريدة جديرة بالتوثيق على موقع "إنستغرام" (Instagram)، عندما تعاود الاتصال بالإنترنت مرة أخرى.

ومن الأمثلة على ذلك، تجربة التفاعل مع الفِيّلة في شمال تايلاند، وتحديدًا في مخيم "فور سيزنز غولدن تريانغل" أو التحليق بمنطاد الهواء فوق جبال روكي في "منتجع باوز أب" (Paws Up) في مونتانا.

ويقول "جاك إيزون" (Jack Ezon) رئيس وكالة "أوفيشن للإجازات" (Ovation Vacations): "يعشق الأطفال هذا النوع من الرحلات التي تناسب جميع الأجيال، وتقدم تجربة فريدة من نوعها"، مضيفًا أن الزبائن يأتون إليه طالبين هذا النوع من التخييم أو باحثين عن شيء مختلف يعيشون معه حس المغامرة، إلا أن هذه الرحلات بالطبع ليست زهيدة الثمن.

ويعلق على هذا "لوكا فرانكو" (Luca Franco) المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "لاكجري فرونتيرز" (Luxury Frontiers) الاستشارية المتخصصة في تنظيم هذا النوع من التخييم من الألف إلى الياء، قائلًا: "شهدنا سعر بعض خيامنا يصل إلى 5 آلاف دولار لليلة واحدة"، كما في مخيميّ "أبو كامب" (Abu Camp) و "إيغل آيلاند لودج" (Eagle Island Lodge) اللذين يتميزان بخصائص مميزة في بوتسوانا.

وأكد "فرانكو" أن من بين مشروعاته القادمة إقامة منتجع يحمل اسم "ون أند أونلي" (One&Only) في ريفيرا ناياريت بالمكسيك، وجزيرة خاصة في جزر المالديف وقرية للتخييم في يوتا يدفع الزوار فيها جميعًا تكلفة إضافية للتخييم تحت النجوم، فضلًا عن خدمة الغرف بالتأكيد.

كيف تجذب الخيام الأثرياء

عندما دخل "فرانكو" مجال تصميم المخيمات الراقية، كانت السوق تتركز بأكملها في المحميات الحيوانية الإفريقية؛ حيث يقول عن ذلك: "كل ما كنت أعرفه هو أن من 50 إلى 70 بالمئة من زوار البيوت الخشبية المخصصة للسفاري في إفريقيا يأتون من الولايات المتحدة الأمريكية"، الأمر الذي أوحى إليه بأنه قد يكون لرحلات السفاري مستقبل زاهر في الأماكن الطبيعية الأخرى.

ويضيف "فرانكو": "لقد شهدت الكثير من الطلب والقليل من العرض"، ومع ارتفاع عدد الرحلات إلى المواقع الطبيعية ذات الخصائص المميزة والبعيدة عن البنى التحتية العمرانية، انتفعت هذه المخيمات أكثر فأكثر.

دفع هذا الأمر "فرانكو" والشركات المماثلة لشركته إلى تحويل هذا الطلب بالتفكير في هذه المشاريع لا كخيام فاخرة فحسب، بل كطريقة لخوض تجارب فريدة من نوعها. وفي هذا الشأن، يقول "فرانكو": "لقد قلبنا مفهوم تصميم المخيمات والتفكير بأنشطتها رأسًا على عقب وصرنا نصمم الأنشطة أولًا ومن ثم نصمم المخيم".

سيتمكن الزوار القادمون إلى مخيم "شينتا ماني وايلد" (Shinta Mani Wild) على حدود "منتزه كاردموم الوطني" (Cardamom National Park) في كمبوديا، الذي افتتح في خريف 2018 من تناول الطعام في مطعم مقام تحت شلال مائي وتجربة مغامرة الانزلاق الحُر باستخدام الحبال، قبل أن يخلدوا للنوم بعد مغامراتهم في خيام مستوحاة تصاميمها من "جاكلين كينيدي" (Jackie O).

أما في مخيم "ون أند أونلي"، الذي سيُفتتح في ريفيرا ناياريت عام 2020، فسيتمكن الزوار من حزم أسرتهم وحملها على ظهر الأحصنة للتمتع بجولة ومشاهدة غروب الشمس على الشاطئ الرملي الأبيض، في حين يتيح مخيم "نيارا" (Nayara) في كوستاريكا لأصدقاء البيئة فرصة النظر عن كثب إلى حيوان الكسلان المهدد بالانقراض.

ويستذكر "ليو غيتيس" (Leo Ghitis)، مالك مخيم "نيارا" طفولته، فيقول: "منذ الصغر وأنا أذهب في رحلات التخييم، والآن في هذه المرحلة من عمري أحن للذهاب في مثل هذه الرحلات مرة أخرى بشرط أن تتوفر فيها جميع سبل الراحة والترفيه".

ومن هنا، احتوى المخيم الذي يملكه على برك تغذيها الينابيع الساخنة في كل غرفة وتصميمات داخلية تدمج الطرازات المعمارية، والتي تعود لفترات الاستعمارين الإنجليزي والإسباني، وتوفر خزانات ملابس كبيرة جدًا.

وعن ذلك، يقول "غيتيس": "عادةً ما تتخذ العائلات المالكة والثرية في الشرق الأوسط منازل في خيام فاخرة للغاية، وستجد في مخيمنا شيئًا من هذا القبيل".

لماذا تُعد هذه الخيم استثمارًا عظيمًا؟

ووفقًا لـ"فرانكو"، يتوقع أن يحقق المستثمرون في مشاريع التخييم عوائد تتراوح بين 20 إلى 40 بالمئة أكثر من مالكي الفنادق التقليدية ذات تصنيف 6 نجوم، كما أن تكاليف بناء الخيّم أقل بنسبة 50 بالمئة من تكاليف بناء الفنادق، خصوصًا في الحالات التي تكون فيها الخيام جزء من منتجع تتوفر فيه البنية التحتية اللازمة؛ ولكن، هذا بالتأكيد لا يجعل هذه المخيمات ميسورة التكلفة أو سهلة البناء.

وأكمل "فرانكو" حديثه، قائلًا: "نحن في عصر الرقي والفخامة وأكثر ، وعليه، لا بد وأن يكون كل شيءٍ استثنائيًا بامتياز".

عندما طلبت إحدى وكالات الضيافة الرائدة من "فرانكو" تصميم خيمة تستخدم في كل من تركيا وجزر الباهاما ومراكش والمكسيك، رفض مبررًا ذلك بأن "لكل من هذه الأماكن مناخها الخاص، فبينما تخلو تركيا تقريبًا من حركة الرياح، تكون هذه الرياح عاصفة في جزيرة هول بوكس في المكسيك، في حين لا بد في جزر الباهاما من صنع خيمة قابلة للفك بشكل كامل نظرًا للبراكين، وفي تولوم يجب بناء خيمة تناسب حياة الأدغال، وفي المغرب يجب مراعاة درجة الحرارة المرتفعة جدًا في تصميم الخيام.

قد يترتب على تلبية متطلبات بناء الخيام وفقًا لهذه الأجواء المختلفة، إضافة إلى طلبات العملاء الخاصة بالأسرة، تكاليف إضافية، فبعض هذه الخيام قد يكون متحركًا وبعضها لا، كما قد يأتي بعضها دون الآخر بأرضية دائمة مع تمديدات أرضية. ونتيجة لكل ذلك، تتراوح تكلفة الخيام التي تصممها شركة "فرانكو" بين 50 ألف دولار إلى مليون دولار للواحدة، فضلا عما يعنيه التعرض للعوامل الطبيعية من حاجة هذه الخيام إلى الصيانة والاستبدال كل بضع سنوات.

أما إن كنت ترغب بإنفاق نقود أقل (وتحصيل رسوم أقل)، فما عليك سوى التوجه إلى شركة "كوليكتف ريتريتس" (Collective Retreats) التي تعتمد على مبادئ تخييم أبسط في مواقعها في متنزه يلوستون الوطني وجزيرة غافرنر مع إطلالات على الحي المالي في مانهاتن، حيث تبدأ تكلفة الخيمة فيها من 150 دولارًا لليلة الواحدة.

وفي أستراليا، تمثل مخيمات "سييرا إيسكيب" (Sierra Escape) و"ناشديل لاين" (Nashdale Lane) و"بابل تنت" (Bubbletent) جميعها مفاهيم جديدة للفنادق التي تقدم خدمات أقل وإقامات غير تقليدية بأقل من 300 دولار.

أما "كاميرون دي آرسي" (Cameron D’Arcy) الشريك المؤسس لمخيم "سييرا إيسكيب" (Sierra Escape) الذي يتألف من ثلاث خيم في نيو ساوث ويلز بأستراليا، فيقول: "أردنا ابتكار شيء على نحو مختلف تمامًا ساعين إلى دمج الزوار بالبيئة مع توفير أسس الرفاهية". وبصفته خبيرًا مختصًا في مجال التسويق، يقول "دارسي" إن المفهوم الأساسي الذي بنيت عليه هذه الخيم هو البساطة وبفضل موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، يسوق المنتج نفسه بنفسه.

أفضل المنتجعات الجديدة في العالم

برغم أن منتجعات التخييم متوسطة الأسعار مزدهرة إلا أن المخيمات المتطورة الراقية هي التي تحقّق سمعة بين أوساط العملاء.

يقول "سوني فريباك" (Sonny Vrebac)، الشريك في مخيم "ببل تِنت" الذي يطل على"كابيرتي" ثاني أكبر وادي في العالم ويقع في نيو ساوث ويلز، إنه توصل إلى تلك النتيجة عن تجربة مؤلمة بعدما صمم ثلاثة أنواع مختلفة من الخيّم الفخمة فقط ليرضي هوسه، ليفاجئه الطلب المخيب للآمال الذي لقيته أفخم خيامه المزود بجهاز تحكم بدرجة الحرارة وحوض استحمام يتم تسخين المياه فيه بالحطب ويوجد في الهواء الطلق.

وبالعودة إلى كوستاريكا، لم يعاني "غيتيس" مالك مخيم "نيارا" من تلك المشكلة، إذ يقول على سبيل المزاح: "لقد تجاوزت ميزانيتي مسبقًا بـ 10 أضعاف"، إذ كان يتطلع بحسب قوله إلى بناء أفخم المخيمات في العالم، إلا أن المشروع كان صعبًا مع ذلك نظرًا لمتطلبات البنية التحتية اللازمة لبنائه على سفح الجبل إلى جانب تمديد أنابيب مياه تناسب ينابيع المياه الساخنة ذات الضغط العالي.

وأضاف: "إن كان هدفك زيادة الأرباح، فلا تُفكّر في بناء مُخيم"، حيث أن استخدام المواد التقليدية أقل كلفة من المواد العازلة المانعة للتسرب المستخدمة في بناء الخيم وصيانتها، "فالهدف من بناء المخيمات ترك إرث للأجيال القادمة".