الثقة في مرونة الاقتصاد العالمي تهيمن على النخبة في "دافوس" وسط تطورات مؤرقة

مسؤولون ومصرفيون في "دافوس" متفائلون حيال قوة الاقتصاد وقدرته على الصمود

شعار المنتدى الاقتصادي العالمي داخل قاعة "كونغرس سنتر" قبيل انطلاق الفعاليات في دافوس، سويسرا
شعار المنتدى الاقتصادي العالمي داخل قاعة "كونغرس سنتر" قبيل انطلاق الفعاليات في دافوس، سويسرا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعربت نخبة من المسؤولين الذين يحضرون اجتماعات "دافوس" عن ثقتهم في مرونة الاقتصاد العالمي وقدرته على الصمود، وذلك في مواجهة الحرب والاضطرابات السياسية المحتملة في العام المقبل.

بعد ساعات من فوز دونالد ترمب في المؤتمر الانتخابي بولاية أيوا الأميركية، والذي أثار احتمال فوزه برئاسة أميركا مجدداً -وربما إحداث تغيير في النظام العالمي أيضاً- أمضى الحاضرون في منتجع "دافوس" السويسري اليوم الثلاثاء وهم يتظاهرون بعلامات الرضا عن الاقتصاد.

أبدت نخبة من الشخصيات الآن مظاهر التفاؤل حيال الوضع، ومنهم مسؤولو صندوق النقد الدولي ومحافظو بنوك مركزية، والذين يؤكدون على احتمالية الهبوط السلس، إلى مسؤولين في مؤسسات تمويلية وقادة أعمال والذين يراقبون صمود الأوضاع، رغم أنهم كانوا قد بدت عليهم حالة من الكآبة حيال توقعات 2024.

قال جيمس فون مولتك، المدير المالي لـ"دويتشه بنك"، في تصريحاته لفرانسين لاكوا من تليفزيون "بلومبرغ": "مررنا بلحظة (أحقاً ما يحدث!). تحلّت الاقتصادات، بل وأيضاً الأسواق المالية بالمرونة، في مواجهة الأزمات الجيوسياسية الجارية، وارتفاع أسعار الفائدة ومكافحة التضخم، وهي مرونة كانت قوية بشكل ملحوظ".

اقرأ أيضاً: "دافوس" يواجه تحديات اقتصادية "حرجة" وسط اضطرابات جيوسياسية

تطورات مؤرّقة

ردّد عدد من المسؤولين الآخرين هذه الرسالة في المنتدى الاقتصادي العالمي رغم قائمة التطورات الصعب التكهن بها التي تواجه العالم، والتي تضاعفت منذ اجتماعات العام الماضي.

حتى من دون احتمال رئاسة ترمب الغامض، فإن آفاق إجراء انتخابات لخُمسي سكان العالم، إلى جانب التضخم، والحروب المستعرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، والآن يتسع نطاق التوترات إلى البحر الأحمر، كانت كل هذه التطورات كافية لأن تؤرق النخبة في "دافوس".

في الأسبوع الماضي، وفي غضون ساعات من منشور مزيف عبر حساب لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، والذي أدى إلى ارتفاع لفترة وجيزة في قيمة عملة "بتكوين"، أصدر المنتدى استطلاعاً بين خبراء المخاطر كشف أنهم يعتبرون "المعلومات المزيفة والبيانات المضللة" أكبر خطر على المدى القصير يواجه العالم. فيما تركزت مخاوفهم على المدى الطويل على سلامة الكوكب.

مع ذلك فإن احتمال أن يجتاز الاقتصاد العالمي فترة التشديد النقدي غير المسبوقة دون أن يصيبه الضرر نسبياً يمنح المشاركين في "دافوس" الأمل في إمكانية التغلب على بعض الصدمات الإضافية المحتملة للنظام في الوقت المناسب.

قالت غيتا غوبيناث، المسؤولة في صندوق النقد الدولي، في الاستطلاع: "نشعر وكأننا نشهد سيناريو هبوط سلس. زادت الاحتمالات قليلاً لأن التضخم تراجع دون تكبّد خسارة كبيرة من حيث النشاط الاقتصادي".

كان هذا هو الرأي نفسه الذي أعرب عنه محافظ بنك فرنسا فرانسوا فيليروي دي غالهاو.

فقد صرح لتلفزيون "بلومبرغ"، بالقول: "قبل عام واحد، تصدر التضخم والركود المخاوف هنا في دافوس. ربما سوف نفلت من كليهما".

طالع أيضاً: غورغييفا تراهن على قوة الاقتصاد العالمي في 2024

تساقط الثلوج خارج مركز المؤتمرات في دافوس
تساقط الثلوج خارج مركز المؤتمرات في دافوس المصدر: بلومبرغ

الآفاق الاقتصادية

عشية أول يوم كامل من الاجتماعات في جبال الألب، كان ترمب يشدد قبضته على ترشيح الحزب الجمهوري. وفي درجات حرارة دون الصفر، أعطى الناخبون في ولاية أيوا للرئيس السابق 51% من الأصوات، أي أكثر من ضعف هامش الفوز الأوسع في تاريخ المؤتمرات الحزبية.

من داخل مركز المؤتمرات في "دافوس"، أعربت مجموعة من مسؤولي التمويل عن قلقهم بشأن احتمالات فوز ترمب بولاية أخرى. ومع ذلك، ما زالوا يجدون إيجابيات في الخلفية الاقتصادية العالمية أيضاً.

قال رون أوهانلي، الرئيس التنفيذي لشركة "ستيت ستريت كورب" (.State Street Corp): “أعتقد أن البنوك المركزية، فيما يتعلق باستجابتها للتضخم، أبلت بالفعل بلاءً حسناً في ظل قدر كبير من عدم اليقين. لقد كان هذا وضعاً مجهولاً فيما يتعلق بما كان يتعين عليهم القيام به".

رغم ذكريات الاضطراب التي شهدتها بيئة التجارة العالمية في عهد رئاسة ترمب الأخيرة، كان هناك أيضاً تفاؤل بشأن كيفية استمرار التجارة.

قال سلطان أحمد بن سليم، الرئيس التنفيذي لـ"موانئ دبي العالمية"، لتلفزيون "بلومبرغ": "التجارة تتحلى بالمرونة..وسوف تواصل مسيرتها مهما حدث".

أخذ أحد المشاركين منذ فترة طويلة في "دافوس"، وهو البروفيسور كينيث روغوف من جامعة "هارفرد"، على عاتقه أن يتخذ مساراً معاكساً لحالة التفاؤل. فقد وصف كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي الإجماع الذي يسود المنتدى والولايات المتحدة على أن عام 2024 قد لا يكون جيداً مثل 2023، لكنه لن يكون سيئاً، ووصف الاعتقاد بـ"انخفاض التضخم، وحدوث الهبوط السلس"، بأنه إجماع خاطئ.

ردّ روغوف قائلاً: "الوضع الجيوسياسي لا نظيره له في أي حدث رأيته في حياتي المهنية. أقصد أننا يمكن أن نشهد عاماً جيداً، لكن هذا الأمر يؤرّقنا حقاً".