أصداء أزمة البحر الأحمر تتردد قريباً في نتائج أعمال الشركات

حوالي 2300 سفينة محملة بالحاويات غيّرت مسارها وسط تصاعد التوترات تجنباً لهجمات الحوثيين

رافعة تنقل حاويات بميناء مونتريال في مونتريال، كيبيك، كندا
رافعة تنقل حاويات بميناء مونتريال في مونتريال، كيبيك، كندا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في ظل أزمة البحر الأحمر التي تؤثر في كل أنواع الشحنات، من السيارات إلى الطاقة، يبدو أن ظهور تداعيات التكاليف المرتفعة وضغوط سلاسل التوريد في تقارير أرباح الشركات، ليس سوى مسألة وقت.

شركات عديدة تحذر بالفعل من تأثير هذه الأزمة. فشركة "تسلا" الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية على سبيل المثال، تخطط لوقف الإنتاج لمدة أسبوعين في مصنعها في ألمانيا بسبب تأخير الشحنات، في حين أعلنت شركة "فولفوكار" (Volvocar) السويدية عن توقف الإنتاج لمدة ثلاثة أيام في مصنعها في بلجيكا. وقد أشارت كل من شركات البيع بالتجزئة البريطانية "تيسكو" (Tesco) و "ماركس آند سبنسر غروب" و"نكست" (Next)، إلى خطر أن ينعكس ذلك ارتفاعاً في أسعار السلع على المستهلكين.

تزايد هجمات الحوثيين على السفن.. و"شل" تجنّب ناقلات النفط البحر الأحمر

يعود كل ذلك إلى تحويل مسار ما لا يقل عن 2300 سفينة، لتبحر لمسافات أطول تجنباً لهجمات المسلحين الحوثيين في البحر الأحمر -الممر المائي الرئيسي الذي يمر عبره في العادة أكثر من 12% من التجارة البحرية العالمية. وفي الوقت ذاته، يحذر محافظو البنوك المركزية من ارتفاع معدلات التضخم، ما قد يعرقل خفض أسعار الفائدة. وبالنسبة إلى العديد من الشركات، لا سيما في أوروبا، فإن تغيير مسار السفن يؤخر في أوقات العبور، ويكبدها فواتير شحن وتأمين أعلى، ما يجبر المحللين بالتالي على إعادة التفكير في تقديرات أرباح الشركات للعام الجديد.

في الأشهر الثلاثة الماضية، انخفضت توقعات الإجماع لأرباح شركات صناعة السيارات بنسبة 5%، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ. لكن في المقابل، تبدو شركات الشحن أنها من المستفيدين من هذه الأزمة، مع ارتفاع أسعار شحن الحاويات بنسبة 300% على بعض الطرق. وقد ارتفعت تقديرات الأرباح لمؤشر "إم إس سي آي يوروب" (MSCI Europe) لقطاع النقل بنسبة 7% في أسبوعين فقط.

مصر تعاني من تراجع إيرادات قناة السويس وسط التوترات السياسية

قلل توماس برينير، رئيس قسم الأسهم في "لازارد فريري غستيون" (Lazard Freres Gestion) في باريس، من التعرض لقطاع السيارات، معتبراً أنه "أبرز القطاعات التي تعاني بسبب سلاسل التوريد المعقدة والمتوترة". كما أنه يتجنب التعرض لشركات البيع بالتجزئة، لأنها "قد تعاني من نقص المنتجات للبيع".

قال برينير: "إذا استمر الأمر شهراً أو شهرين آخرين، فمن المؤكد أنك سترى بعض تحذيرات الأرباح المرتبطة بذلك".

في ما يلي نظرة على كيفية تشكيل الأرباح لمختلف القطاعات:

شركات الشحن والتأمين

يمكن أن تضيف تكاليف شحن الحاويات الحالية، إذا استمر الوضع الراهن، إلى معدلات التضخم الرئيسي في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو من أواخر عام 2024 وأوائل عام 2025، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إنتليجنس".

لكن الأحداث الراهنة تعزز مكاسب شركات الشحن العالمية، مثل "إيه بي مولر ميرسك" (AP Moller-Maersk) و"هاباغ-لويد" (Hapag-Lloyd AG) في أوروبا، و"زيم إنتغريتد شيبينغ سيرفيسز" (ZIM Integrated Shipping) المدرجة في الولايات المتحدة، و"ميتسوي أو إس كيه لاينز" (Mitsui OSK Lines)، بين شركات الشحن الأخرى، حيث تمتعت "ميرسك" بعدد كبير من التوصيات الصعودية. فقد ضاعف "بنك أوف أميركا" مؤخراً تقديرات أرباح الشركة الدنماركية لعام 2024، بينما يعتقد "غولدمان ساكس غروب" أن الزيادة الهائلة في التدفق النقدي الحر قد تسمح للشركات بإعادة رأس المال إلى المساهمين.

ميرسك تحول سفنها بالكامل لرأس الرجاء الصالح تجنباً للبحر الأحمر

يتوقع ديفيد فيرنون، المحلل في "سانفورد سي بيرنشتين آند كو" (Sanford C Bernstein and Co) زيادة في أرباح شركات الخدمات اللوجستية أيضاً، بما في ذلك وكلاء الشحن، إذا لجأت الشركات التي نفدت خيارات الشحن لديها، إلى الشحن الجوي.

وقال فيرنون: "الشحن الجوي هو الفائز بالتأكيد"، مشيراً إلى شركة "فيديكس" وشركة "يونايتد بارسل سيرفيس" (United Parcel Service) ومجموعة "دي إتش إل" (DHL) كمستفيدين محتملين.

شركات التجزئة

كانت شركة "نكست" التي تستورد معظم منتجاتها في مختلف المجالات، بدءاً من الأزياء ووصولاً إلى المنتجات المنزلية من آسيا، من بين أوائل شركات التجزئة التي أعربت عن مخاوفها من حدوث أي ضربة.

تعتبر كل من شركة "بريمارك" (Primark) المملوكة لشركة "أسوشيتد بريتيش فودز" (Associated British Foods)، و"هينيس آند موريتز" (Hennes & Mauritz)، معرضة بشدة لأحجام الشحن البحري، وفقاً لريتشارد تشامبرلين، المحلل في "آر بي سي كابيتال ماركت" (RBC Capital Markets)، بينما تأتي مصادر "إنديتكس" (Inditex)، المالكة لسلسلة "زارا" في الغالب من البلدان المجاورة. وبالمثل، تسلط شركة "بريان غارنيه" (Bryan Garnier) الضوء على شركة المفروشات "ميزون دو موند" (Maisons du Monde) الفرنسية باعتبارها معرضة للغاية للمخاطر، حيث تشتري 75% من بضائعها من آسيا وتشحن 90% من منتجاتها بحراً.

اضطرابات البحر الأحمر تفاقم مشكلات إمدادات الغذاء العالمية

أشارت "بيرنشتين" إلى أن الاضطراب المطول سيلحق الضرر بالعلامات التجارية العالمية مثل "نايكي" أو "أديداس" أو "كابري هولدينغز" (Capri Holdings).

تواجه شركات البيع بالتجزئة مشكلة تتمثل في أن الخلفية الاقتصادية التي شهدتها تصعب رفع الأسعار على المستهلكين. "قد تضطر الشركات إلى استيعابها، ما قد يقلص هوامش الربح"، وفقاً لما قاله فريديريك كاريير في "آر بي سي ويلث منجمنت" (RBC Wealth Management).

شركات السيارات

حتى الآن، أعلنت كل من "تسلا" و"فولفو" وقف الإنتاج من بين الشركات الأخرى المصنعة للسيارات. لكن هذه التأخيرات تشكل مخاطر جديدة على إنتاج السيارات الضعيف هذا العام"، وفقاً لـ"مورغان ستانلي".

ومع ذلك، يعتقد معظم المحللين بأن الصناعة لن تشهد تكراراً للمشكلات التي شهدتها خلال فترة "كوفيد" . كتب المحلل جون مورفي: "سيؤثر ارتفاع أسعار الوقود، والأيام الإضافية من المساحات المستأجرة، وارتفاع أسعار الشحن، سلباً على الأرباح والخسائر للشركات، ولكن بوضع هذا في المنظور الصحيح، فإن تكاليف النقل أقل بحوالي 57% من المستويات التي بلغتها خلال الجائحة".

بعد "تسلا".. "فولفو" تعلق الإنتاج بمصنعها في بلجيكا بسبب أزمة البحر الأحمر

وقد تسمح الأزمة لشركات صناعة السيارات بالمحافظة على أسعار أعلى للسيارات، حسبما ذكرت "بلومبرغ إنتليجنس".

الطاقة

كان تأثير الأزمة ضعيفاً نسبياً على أسعار النفط الخام هذا العام، لكن قد يتغير ذلك إذا تسبب صراع طويل الأمد في نقص الإمدادات.

أسعار النفط ترتفع مع تصاعد توترات البحر الأحمر

ومع ذلك، تستعد أسواق النفط لاضطرابات استمرت لأسابيع، حيث يعبر عدد أقل من الناقلات مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي من البحر الأحمر، وفقاً لبيانات "فورتيكسا" (Vortexa) التي جمعتها بلومبرغ. كما أظهرت الأرقام تراجع عدد السفن التي تحمل على متنها الخام أو المنتجات النفطية الأخرى كالمكثفات وزيت الوقود وغيرها، بنسبة 25% هذا العام حتى 19 يناير قبل عام.