صناديق التحوط تمارس لعبة خطيرة بشأن اليابان والصين

الرهان الخاطئ على أسهم العملاقين الآسيويين قاد إلى إغلاق صندوق تديره شركة "آسيا جينيسيز أسيت"

شاشة إلكترونية على جسر تعرض حركة الأسهم الصينية
شاشة إلكترونية على جسر تعرض حركة الأسهم الصينية المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أثار إغلاق صندوق تحوط يركز على الاقتصاد الكلي حالة من الصدمة عبر عالم إدارة الأصول في آسيا.

فقد قررت شركة "آسيا جينيسيز أسيت مانجمنت" ( Asia Genesis Asset Management) ومقرها سنغافورة إغلاق صندوقها الكلي بعد خسارة 18.8% في الأسابيع الأولى من يناير بسبب رهان خاطئ على اليابان والصين. كان كبير مسؤولي الاستثمار تشوا سون هوك يراهن على هبوط الأسهم اليابانية وصعود الأسهم الصينية، وقد تأثر بعمليات بيع حادة في المؤشر "هانغ سنغ" وارتفاع مثير للإعجاب بالقدر نفسه في المؤشر "نيكاي 225" للأسهم.

مدير استثنائي ولكن!

تشوا ليس مديراً عادياً، إذ يتمتع بسجل طويل وناجح في مجال الاستثمار في شمال آسيا. وحقق صندوقه الكلي في اليابان، الذي استمر بين عامي 2000 و2009، عائداً سنوياً 18.7% وتفوق في الأداء على المؤشر "نيكاي" 388%. منذ إنشائه في مايو 2020 وحتى أكتوبر الماضي، حقق صندوقه الآسيوي الأخير عوائد شهرية إيجابية 64%. وعلى هذا فإن التراجع الحاد في يناير كان قاسياً وغير معتاد.

هل فقد تشوا لمسته؟ لماذا لم يتخذ إجراءً أسرع لوقف نزيف الخسائر في تجارته القائمة على المضاربة والبيع على المكشوف؟ وبغض النظر عن الأسئلة العالقة، فإن "آسيا جينيسيز أسيت مانجمنت" مثال تحذيري لمن يراهنون على الأحداث السياسية والاقتصادية.

بوصلة صناديق الاستثمار تتحول من الصين إلى اليابان

ربما تمر كل من اليابان والصين بفترة استراحة بنيوية أو انكساراً هيكلياً في منحنى النشاط الاقتصادي، حيث إن ما حدث في الماضي لم يعد يُمكِّن من استشراف المستقبل. وفي الوقت الحالي، لا يعمل التداول المتعلق بالاقتصاد الكلي، على الأقل في هذين السوقين المهمين.

لسنوات، كان المستثمرون مهيئين للتخلص من الارتفاع المفاجئ في الأسهم اليابانية باعتباره ارتفاعاً لحظياً، بينما يسيل لعابهم عند سماع أي إشاعة عن إجراءات تحفيز من بكين. في النهاية، كانوا يسترشدون بما مروا به من تجارب وتعرضوا له من محن. في 2013، ضخ الأجانب نحو 155 مليار دولار، مؤيدين بكل إخلاص سياسات رئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي الاقتصادية المعروفة باسم "آبينوميكس".

تبخرت هذه النشوة بعد أن أصيب المستثمرون بخيبة أمل إزاء الانتظار الدائم للإصلاحات البنيوية ووصول بنك اليابان إلى هدف التضخم البالغ 2%.

الصين.. الصدمة والرعب

في الوقت نفسه، تتمتع بكين بتاريخ تحسد عليه من الصدمة والرعب. فإعادة تطوير مدن الصفيح، وهو برنامج لتخفيف حدة الفقر استبدل المساكن القديمة والمتهدمة بأخرى جديدة بأسعار معقولة، أدت إلى انتشال السوق الصينية من الركود الذي شهدته في 2015.

أدت الضوابط الحاسمة والفعالة التي فرضتها الحكومة لمكافحة فيروس كورونا في أيامه الأولى إلى استمرار دوران عجلة الاقتصاد، في حين كان قسم كبير من العالم في حالة من الفوضى.

ربما كانت هذه الدروس التاريخية هي التي قادت تشوا وقناعاته القوية، حتى عندما كان العديد من مديري الأموال يسيرون في الاتجاه المعاكس. وكتب في خطاب الإغلاق، في إشارة إلى الأداء المتفوق نسبياً للأسهم اليابانية: "لقد انتقل فارق نيكاي-هانغ سنغ من -16000 إلى +16000 على مدى العقد الماضي، ليعود إلى مستويات ما قبل انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية"، في إشارة إلى الأداء المتفوق النسبي للأسهم اليابانية.

هل وصلت الأسهم الصينية إلى القاع؟

تأثر تشوا بقوة تدفقات الأموال الساخنة إلى اليابان والثقة المفرطة في صناع القرار السياسي في بكين. وأبدى في رسالته تعجبه من شراء صناديق "نيكاي" المتداولة في البورصة بعلاوة 20% فوق صافي قيمة أصولها في بر الصين الرئيسي، وقال إنه قلل من تقدير "إلى متى سيستمر هذا".

في الوقت نفسه، أدى دعم الصين غير المتسق للسوق إلى الحركة الهبوطية المستمرة والكبيرة في مؤشر هانغ سانغ.

لا شك أن التغيرات البنيوية المحتملة قد تكون مجرد سراب، وسوف تعود اليابان والصين إلى أساليبهما القديمة، فالأموال الساخنة متقلبة، في حين قد يظل اليابانيون بعيدين عن سوقهم المحلية حتى في ظل حسابات الاستثمار المعفاة من الضرائب. في الوقت نفسه، أصبح انهيار سوق الأسهم الصينية مشكلة سياسية قد تجبر بكين في نهاية المطاف على التحرك. وربما تثبت صحة رؤية تشوا في نهاية المطاف.

الجميع يحب اليابان ويكره الصين!

هذا العام، يحب الجميع اليابان ويكره الصين. ولكن ثمة تضارب في كلتا الحالتين. فالصناديق الكلية تعمل بشكل جيد عندما تكون هناك اتجاهات واضحة، مثل ارتفاع الدولار الجامح في 2022.

مع إبقاء بنك اليابان والرئيس شي جين بينغ الأسواق في حالة من عدم اليقين، فقد يأخذ أي من الجانبين المرء على حين غرة ويباغته بما لا يتوقع. واعترف تشوا قائلاً: "لقد فقدت معرفتي وتجارتي وتفوقي النفسي". فلتكن كلمات ذلك المخضرم تحذيراً لمن لا يزالون في اللعبة.