هل تسبب السمنة انتشار سرطان القولون بين جيلي الألفية و"زد"؟

معدل تشخيص الأورام بين الأشخاص دون الخمسين من العمر في ازدياد لكن الباحثين لم يتوصلوا للسبب بعد

زيادة الوعي قد تنقذ مزيداً من المرضى
زيادة الوعي قد تنقذ مزيداً من المرضى المصدر: غيتي إيمجز
Lisa Jarvis
Lisa Jarvis

Lisa Jarvis, the former executive editor of Chemical & Engineering News, writes about biotech, drug discovery and the pharmaceutical industry for Bloomberg Opinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أظهرت بيانات حديثة من جمعية السرطان الأميركية، أن سرطان القولون هو السبب الأعظم لوفيات الرجال ممن لم يبلغوا 50 عاماً الناجمة عن السرطان، ويحتل المرتبة الثانية بعد سرطان الثدي بين النساء دون الخمسين، بعدما كان يحتل المرتبة الرابعة في تلك الفئة العمرية حتى عهد قريب.

ما تزال أعداد الإصابات قليلة نسبياً، لكن السؤال الذي يبرز من تلك الإحصائيات هو: ما الذي يحدث؟ ما من إجابة واضحة حتى الآن، لكن ثمة نظريات منطقية كثيرة ينبغي التعمق في دراستها. في غضون ذلك، ينبغي لنا التركيز على ما يمكن فعله لعكس هذا الاتجاه المقلق.

يبرز سرطان القولون بين معدلات السرطان المبكر المرتفعة، إلا أن الأطباء سجلوا أيضاً زيادات طفيفة في أورام الزائدة الدودية والقناة الصفراوية والبنكرياس. تشير هذه الأعضاء إلى قائمة أسباب محتملة، بدءاً من الارتفاع المفاجئ في معدلات السمنة، إلى نمط حياتنا الذي يغلب عليه الخمول، وكذلك ظهور الأطعمة المصنعة، لكن الباحثين لا يعرفون السبب تحديداً.

مهمة شاقة

يتلخص معظم ما نعرفه حتى الآن بما لا يحدث. على سبيل المثال، لا يبدو أن هناك ارتفاعاً في معدلات الإصابة بأمراض السرطان المرتبطة بالوراثة. في حين لدى مرضى سرطان القولون الأصغر سناً أعراض سمات مميزة بعينها، إذ يرتاد ما يزيد قليلاً عن نصفهم عيادات الأطباء بسبب نزيف في المستقيم، وتنشأ أورامهم على الجانب الأيسر من القولون في غالبية الأحيان، إلا أن معدل طفراتهم السرطانية يبدو مساوياً لطفرات سرطانات المسنين.

اقرأ أيضاً: فقر وانشغال جيل الألفية يغير مقاربته لأزمة منتصف العمر

يعد الكشف عن أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون بين الشباب مهمة شاقة، إذ يتطلب دراسة التغيرات السلوكية ونمط الحياة والتغيرات البيئية الرئيسية التي تزامنت مع ارتفاع معدلات السرطان بدايةً من مواليد أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات.

سيدقق الباحثون في كل ما يمكن أن يؤثر على صحة الإنسان، بما في ذلك عاداته الغذائية، وما إذا كان قد حصل على رضاعة طبيعية، وعدد المرات التي تناول فيها مضادات حيوية في طفولته، وماهية الأدوية الأخرى التي تناولها، والقائمة تطول.

قال كريستوفر ليو، المدير المشارك في المركز الطبي لأورام الجهاز الهضمي بجامعة كولورادو: "لا أستطيع تذكر ما تناولت على العشاء الليلة الماضية، ونحن نطلب من الناس أن يتذكروا ما تناولوه عندما كانوا في الخامسة من العمر". يمكن للباحثين أن يحاولوا استقاء البيانات من الدراسات السابقة طويلة الأمد، مثل ما يسمى دراسة الممرضات الصحية، لكن ثمة حدود لذلك. سيستغرق الأمر سنوات للكشف عن عوامل الخطر المختلفة.

عوامل الخطر

بدأ الارتفاع الحاد في معدلات السمنة بالولايات المتحدة خلال منتصف السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وهذا يجعلها أحد أوضح الأسباب المحتملة. تشير الدراسات إلى أن السمنة تشكل عامل خطر للإصابة بسرطان القولون بوجه عام، وللإصابة المبكرة بسرطان القولون بين النساء.

كما عزا باحثون هذا الأسبوع توقعات بزيادة وفيات سرطان القولون والمستقيم بين النساء دون الخمسين في بريطانيا بنسبة 39% مقارنة بالمعدلات المسجلة في 2019، إلى ارتفاع معدلات السمنة.

مع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كان الوزن الزائد هو سبب هذه الأورام المبكرة أم أنهما متلازمان فحسب. في الواقع، يقول المتخصصون الذين يعالجون هؤلاء المرضى في المراحل الأولية إنهم غالباً ما يستقبلون أشخاصاً لا يعانون من زيادة الوزن؛ بل أن بعضهم يتدربون فعلياً لسباقات ماراثون أو يتبعون حمية غذائية نباتية لدى ظهور الأعراض.

يتميز ميكروبيوم الأمعاء، أو الشبكة المعقدة من البكتيريا والفطريات والفيروسات التي تساعدنا على هضم الطعام، بأهمية خاصة. وتشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أن المصابين بسرطان القولون المبكر لديهم اختلافات في تكوين البكتيريا الموجودة في أمعائهم، بالإضافة إلى اختلافات في كيفية تفاعل تلك البكتيريا مع مضيفها.

حتى لو لم نتمكن قط من العثور على دليل دامغ واحد لتفسير ارتفاع معدلات الإصابة المبكرة بالسرطان، فيتعين علينا أن نكون قادرين على وضع قائمة مدعومة بالأدلة لعوامل الخطر. حبذا لو شملت تلك القائمة خيارات نمط الحياة التي يمكن للأفراد تغييرها، إذ ستسمح قائمة كهذه أيضاً للأطباء بتحديد المرضى المعرضين لمخاطر عالية وإخضاعهم لفحص دوري في سن أصغر.

سبل الوقاية

لكن حتى من دون قائمة عوامل الخطر تلك، هناك بعض ما يمكن للبالغين الأصغر سناً أن يفعلوه ليشعروا بمزيد من السيطرة على صحتهم. على سبيل المثال، ثمة تغييرات بديهية في نمط الحياة من شأنها تقليل خطر الإصابة بجميع الأمراض، بما فيها السرطان، مثل تناول مزيد من الفاكهة والخضروات والألياف وممارسة الرياضة بانتظام والحفاظ على وزن أقل للجسم واتباع نهج معتدل في شرب الكحول وتجنب التبغ تماماً.

اقرأ أيضاً: الجيل زد يدفع ازدهار صناعة مشروبات بلا كحول

مهم أيضاً استباق الرعاية الصحية الروتينية، إذ يكون سرطان القولون قابلاً للعلاج بشكل كبير إنْ اُكتشِف في وقت مبكر، غير أن المرضى الأصغر سناً يشخصون في مرحلة متأخرة. يرجع ذلك جزئياً إلى أنهم غالباً ما يتجاهلون الأعراض، حيث عادةً ما يعاني المرضى الأصغر سناً من آلام في البطن أو نزيف مستقيمي أو فقر دم أو إسهال، وعندما يسعون للرعاية الصحية، لا تؤخذ هذه الأعراض على محمل الجد.

كما قد يحسن وجود طبيب رعاية أولية هذه الإحصائيات. وجد استطلاع من مؤسسة "كيه إف إف" (KFF) في 2018 أن 45% من البالغين دون 30 عاماً وما يقرب من ثلث المشاركين الثلاثينيين والأربعينيين لا يراجعون طبيباً عاماً بانتظام لأنهم شباب ويتمتعون بصحة جيدة. قال ليو إن العلاقة الثابتة مع الطبيب تجعل المرضى أقدر على اكتشاف التغير في الأعراض وتحديد المشكلة مبكراً.

برغم أن العمر الموصى به لفحص سرطان القولون خُفض حديثاً من 50 إلى 45 عاماً، إلا أن الأطباء لا يؤيدون خفضه أكثر. لكنهم يؤكدون، بدلاً من ذلك، على أن أي شخص يعاني من الأعراض يجب أن يطلع طبيبه، ويتابع إجراء الفحوصات المقترحة، حتى لو بدا ذلك شاقاً.

قالت نانسي يو، مديرة برنامج القولون والمستقيم لدى الشباب بمركز "إم دي أندرسون للسرطان" التابع لجامعة تكساس: "افعل أي شيء. إن كنت تخشى حجز موعد لتنظير القولون بشدة، ما عليك إلا إجراء تحليل للبراز. شيء خير من لا شيء".

يجب أن يدفع الوعي بالمشكلة المتزايدة من لم يبلغوا 50 عاماً لإيلاء اهتمام أكبر للإشارات التي تعطيها أجسادهم، وطلب المساعدة مبكراً حين يكون سرطان القولون قابلاً للعلاج.