مؤشرات على نقص معروض الديزل في أوروبا بضغط التوترات الجيوسياسية

التهديد الأخطر يأتي من زيادة هجوم المسيرات الأوكرانية على مصافي النفط في روسيا

مسدس ضخ وقود الديزل في إحدى محطات الوقود
مسدس ضخ وقود الديزل في إحدى محطات الوقود المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أظهرت سوق زيت الديزل في أوروبا علامات على نقص المعروض، وسط ضغوط توقف عمل المصافي والوضع المضطرب في البحر الأحمر على إمدادات الوقود الذي يساعد في تغذية اقتصاد القارة بالطاقة.

تعاني السوق من نقص في المعروض منذ فترة، بسبب ضغوط العقوبات التي حظرت الواردات المنقولة بحراً من روسيا، وإغلاق منشآت أوروبية والتغير الطفيف الذي يطرأ على إنتاج المصافي –والذي يعود جزئياً إلى تخفيض تحالف "أوبك+" للإمدادات.

حالياً، يواجه المتعاملون أعمال الصيانة الموسمية للمصانع والهجوم على مرافق الطاقة الروسية بالإضافة إلى أزمة البحر الأحمر التي تسببت في الارتفاع الشديد في بعض أسعار النولون البحري.

قفزت الزيادة في سعر الديزل فوق سعر النفط الخام إلى أعلى مستوى لها في هذا الوقت من العام منذ 2012 على الأقل. يؤدي هذا الوضع إلى تزايد الضغوط على قطاعات اقتصادية حيوية مثل النقل البري والزراعة والبناء، علاوة على دوره في رفع معدل التضخم. كذلك أصبح المضاربون أكثر تفاؤلاً وإقداماً على الشراء.

ترتفع أسعار الديزل كثيراً في العقود التي تُسلم خلال الشهر الجاري أيضاً مقارنة مع تلك التي ستُسلم في وقت لاحق من العام، في ظاهرة تعرف باسم الـ"باكوورديشن" (backwardation)، وهي تشير عادة إلى نقص المعروض.

أزمة البحر الأحمر ترفع تكاليف شحن الديزل لأوروبا

انخفاض المخزون وضعف الإمدادات

توقعت إما هوشام، محللة لدى شركة "وود ماكينزي"، أن يشهد مخزون الديزل أو زيت الغاز في شمال غرب أوروبا انخفاضاً في الشهرين المقبلين. وأوردت ضمن أسباب ذلك أعمال صيانة المصافي في فصل الربيع، وكذلك نقص الإمدادات الواردة من موانئ تصدير رئيسية، واضطرابات منطقة البحر الأحمر وقناة السويس التي تؤثر سلباً على تدفق الوقود إلى أوروبا.

الديزل هو أهم أنواع الوقود المستخدمة في مختلف أنحاء القارة. وتجاوز إجمالي الطلب على وقود الديزل في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا مستوى 6 ملايين برميل يومياً في عامي 2021 و2022، متخطياً بكثير منتجات البترول الأخرى مثل البنزين، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

انخفاض الواردات نسبياً يساهم في مشكلة المعروض، فإجمالي الشحنات من الوقود من أنواع زيت الديزل التي دخلت الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في يناير كان أقل من مستوى شهر ديسمبر وكذلك مستوى شهر يناير من العام السابق، بحسب البيانات التي جمعتها "بلومبرغ" من شركة "فورتكسا" (Vortexa) لتحليل البيانات.

مع ذلك، ما تزال شحنات الوقود تأتي من الهند والشرق الأوسط، مع دوران كثير من السفن حول طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا تجنباً لهجوم الحوثيين في البحر الأحمر، مما يؤدي إلى زياة تكاليف الرحلة والوقت الذي تستغرقه. يتواصل استقبال الشحنات الواردة أيضاً من دول أخرى مثل الولايات المتحدة وتركيا.

تأثير أعمال الصيانة

تحد صيانة المصانع كذلك من إمدادات زيت الديزل. قالت هوشام إن العمل على وحدات تقطير الخام في أوروبا، وهي القلب النابض في أي مصفاة للنفط، سيشمل 440 ألف برميل يومياً في الربع الجاري.

ويقل هذا المستوى بمقدار 110 آلاف برميل يومياً عن مستوى العام الماضي، ومع ذلك تظل كمية الإنتاج غير المتحققة أعلى كثيراً من كمية الإنتاج التي يمكن أن تفقدها القارة إذا أغلقت فجأة أكبر مصفاة للنفط فيها.

رغم ذلك، يمكن القول إن أخطر ما يمكن أن يحدث هو زيادة الهجوم بالمسيرات على المنشآت الروسية من جانب أوكرانيا. فما زالت روسيا تصدر ملايين البراميل من أنواع وقود الديزل رغم العقوبات الغربية، وأي اضطراب يحدث في تلك الإمدادات سيمتد تأثيره في مختلف أنحاء السوق العالمية.

انتعاش صادرات وقود روسيا بفضل زيادة شحنات الديزل والبنزين

تتوقع "وود ماكينزي" انخفاض مخزون زيت الغاز والديزل الشهر الجاري والمقبل، وهو ما يتقاطع مع البيانات التاريخية بالنسبة للاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من مبادرة البيانات المشتركة للمنظمات "جودي".

يُرجح أن يحدث هذا الانخفاض، رغم توقع "وود ماكينزي" تراجع الطلب في الربع الجاري بنحو 5% في شمال غرب أوروبا عن مستوى نفس الفترة من العام السابق. وبعدها تتوقع الشركة الاستشارية انتعاشاً في حجم المخزون.