الجزائر تطلق منصة رقمية للمستثمرين في إطار سلسلة إصلاحات اقتصادية

رجل يمشي على الرصيف في الجزائر العاصمة
رجل يمشي على الرصيف في الجزائر العاصمة المصدر: رويترز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أطلقت "الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار" المنصة الرقمية للمستثمر المخصصة لتقديم طلبات منح العقار الاقتصادي التابع للأملاك الخاصة للدولة، بغرض إنجاز مشاريع استثمارية وتسييرها عبر الإنترنت، ضمن جملة إصلاحات أطلقتها الحكومة في الجزائر لتحسين مناخ الاسثمار في البلاد.

يقصد بالعقار الاقتصادي الأراضي المهيأة للاستثمار بمناطق التوسع، والمواقع السياحية، والمناطق الصناعية، ومناطق النشاطات، والمناطق التكنولوجية، ومحيطات المدن الجديدة.

يمنح العقار الاقتصادي من "طرف الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار" بتفويض من الدولة لأصحاب المشاريع الاستثمارية من الجزائريين والأجانب، وذلك للاستفادة منه لـ33 سنة قابلة للتجديد.

يستثني تطبيق قانون العقار الاقتصادي الأراضي الزراعية، وتلك المتواجدة داخل المساحات المنجمية، وتلك المتواجدة داخل مساحات البحث عن النفط واستغلالها، ومساحات حماية المنشآت الكهربائية والغازية.

إنهاء الإرث البيروقراطي

بحسب خبراء ومسؤولين تحدثوا لـ"الشرق"، فإن الخطوة تهدف الى إنهاء الإرث البيروقراطي والمحسوبية الذي شهدته الجزائر في مجال تسيير العقار الاقتصادي خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بتوفليقة، والذي حكم البلاد لعشرين سنة، انتهت باستقالته تحت ضغط الحراك الشعبي، ومحاكمة وإدانة مسؤولين كبار ورجال أعمال محسوبين على نظامه بتهم فساد.

وقال سعيد هميسي عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب الجزائري في حديثه لـ"الشرق" إن دفع الاستثمارات قدماً يتم عبر "تحسين مناخ الأعمال، ومن خلال إضفاء أسس الشفافية في تسيير ملف العقار الاقتصادي، وإنهاء البيروقراطية والفساد"، معتبراً أنها "تهدد بتقويض طموحات الجزائر في التنمية الاقتصادية".

إضفاء الشفافية

عمر ركاش، رئيس الوكالة الجزائرية للاستثمار وهي جهة حكومية، أشار في تصريح لـ"الشرق" إلى أن المنصة ستدرس طلبات الاستفادة من العقار الصناعي وفق شبكة تقييم ومعايير معلنة، وأهمها طبيعة النشاط والأولوية للأنشطة الصناعية، إضافة الى عدد فرص العمل التي يخلقها المشروع، وقيمته المالية، ومعيار المساهمة في تنويع الاقتصاد الجزائري. كذلك، أكد ركاش وجود وفرة عقارية هامة من شأنها أن تسمح بإنجاز آلاف المشاريع الاستثمارية.

بدوره، وصف محمد أمين بوطالبي رئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار هذه الخطوة بأنها "مهمة جداً في المرحلة الراهنة"، نظراً لأن العديد من المستثمرين الأجانب سيبحثون عن فرص استثمارية، وهذه المنصة ستتيح لهم معرفة الفرص الاستثمارية الموجودة.

أضاف في حديثه لـ"الشرق": "المنصة تبرز بكل شفافية القدرات الاستثمارية، وتبسط إجراءات الاستفادة من العقار الاقتصادي المهيأ، بما يحرك عجلة التنمية بوتيرة أسرع من السابق تلبي تطلعات المستثمرين".

وفق بيانات رسمية حصلت عليها "الشرق" من "الوكالة الجزائرية للاستثمار"، تعرض المنصة الرقمية والتي ستكون الوسيلة الرسمية الوحيدة والحصرية لعرض العقار ومعالجة الطلبات المرتبطة به، 904 قطع بـ21 محافظة جزائرية، بمساحة أولية تبلغ 563 هكتاراً، كما ستدرج عقارات جديدة مهيئة قابلة للاستغلال بصورة دائمة ومستمرة.

جملة إصلاحات

تأتي هذه الخطوة ضمن مجموعة إصلاحات قانونية أطلقتها الجزائر، وأهمها إقرار قانون جديد للاستثمار، وقانون العقار الاقتصادي، وذلك بهدف تعزيز المنظومة القانونية في مجال الاستثمار، ورفع العراقيل عن المستثمرين بما يسمح باستقطاب استثمارات حقيقية تساهم في تنويع الاقتصاد.

أقرت الجزائر سنة 2022 قانوناً جديداً للاستثمار تضمن إعفاءات جبائية لمدة ثلاث سنوات للمبادرات الاستثمارية في القطاعات ذات الأولوية. تتمثل هذه القطاعات في المناجم والمحاجر والزراعة والصناعة والصناعة الغذائية والصناعة الصيدلانية والصناعات البتروكيميائية، إضافةً إلى الطاقة الجديدة والمتجددة.

اقرأ أيضاً: الجزائر توقع أول صفقة توريد غاز عبر خطوط الأنابيب مع ألمانيا

مزايا القانون الجديد

تتمثل المزايا التي تضمنها قانون الاستثمارات الجديد في إعفاءات ضريبية وشبه ضريبية لمدة 3 سنوات، وذلك للاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية، ولمدة 5 سنوات بالنسبة للاستثمارات لنظام المناطق ونظام الاستثمارت المهيكلة.

يقصد بنظام المناطق تحديد 3 مناطق جغرافية تستفيد فيها الاستثمارات من المزايا، وهي منطقة الهضاب العليا والجنوب والجنوب الكبير، والمناطق التي تتطلب تنميتها مرافقة خاصة من الدولة، والمواقع التي تمتلك إمكانيات من الموارد الطبيعية القابلة للتثمين، في حين يقصد بنظام الاستثمارات المهيكلة، الاستثمارات ذات القدرة العالية لخلق الثروة واستحداث فرص عمل.

اقرأ أيضاً: "سوناطراك" الجزائرية تعاود التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا بعد انتفاء

وفي هذا السياق، قال خالدي صولح، وهو مستثمر في مجال المؤسسات الناشئة لـ"الشرق" إن المتعاملين الاقتصاديين يلمسون تسهيلات ضريبية وجمركية، بالإضافة إلى تسهيلات من البنوك للحصول رؤوس الأموال.

مؤشرات إيجابية

بحسب الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية، بلغ حجم التمويل المقدم للمشاريع من قبل الجهاز البنكي الجزائري خلال الثلاث سنوات الأخيرة، 2300 مليار دينار وهو ما يقدر بنحو 17 مليار دولار.

كما سجلت الوكالة الجزائرية للاستثمار وفق بيانات حصلت عليها "الشرق" نحو 5615 مشروعاً استثمارياً (104 منها استثمارات أجنبية) بقيمة مالية مصرح بها تقدر بـ2670 مليار دينار جزائري (19 مليار دولار)، وذلك خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2022 إلى 31 يناير 2024.