قطر تجني ثماراً اقتصادية من استضافة كأس العالم

صندوق النقد: إيرادات الإنفاق السياحي وحقوق البث قاربت 1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022

ملعب أحمد بن علي في العاصمة القطرية الدوحة، والذي استضاف مباريات في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022
ملعب أحمد بن علي في العاصمة القطرية الدوحة، والذي استضاف مباريات في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 المصدر: أ.ف.ب
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

جنت قطر ما يتراوح بين 2.3 مليار و4.1 مليار دولار من إيرادات الإنفاق السياحي وحقوق البث المرتبطة باستضافة كأس العالم. ومن حيث القيمة المضافة الإجمالية، يعادل ذلك ما بين 1.6 مليار و2.4 مليار دولار، أي ما بين 0.7% و1% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة في 2022، وفق تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي يوم الخميس.

استضافت قطر كأس العالم 2022، لتصبح أول دولة عربية تُقام على أراضيها البطولة الأشهر في عالم كرة القدم. ومثلت البطولة أول حدث رياضي عالمي كبير يشهد حضور عدد كبير من المتفرجين منذ تفشي جائحة كورونا.

أنفقت الدولة الخليجية الغنية بالغاز 300 مليار دولار على الاستعدادات لكأس العالم، بما في ذلك البنية التحتية. إذ تعد الرياضة قطاعاً مهماً لتنويع الاقتصاد، وفق استراتيجية التنمية الوطنية (2018-2022).

انتعاش يتجاوز الحدود

تشير التقديرات إلى وصول مليون سائح إلى قطر خلال البطولة، أقام منهم 300 ألف سائح في الدول المجاورة واستخدموا الرحلات المكوكية للذهاب إلى قطر ومشاهدة المباريات.

اقرأ أيضاً: ماذا تفعل قطر بإرث كلفها 300 مليار دولار لتنظيم كأس العالم؟

تجاوز نطاق الإسهام في النمو ما شهده اقتصاد كوريا الجنوبية بالمشاركة مع اليابان، عند استضافة كأس العالم 2002، الذي حقق إيرادات تبلغ 713 مليون دولار، ما يعادل 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي لقطر في 2002.

كانت الآثار الثانوية قصيرة الأجل التي امتدت لدول الخليج الأخرى أقل حجماً، فقُدرت تلك الآثار على الإمارات، التي استضافت نحو 80% من السائحين المقيمين خارج قطر إبان البطولة، بنحو 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر في 2022، وفق تقرير "صندوق النقد الدولي".

نمو الاقتصاد غير النفطي

فضلاً عن الأثر المباشر على النمو، يُرجح أن الإنفاق على البنية التحتية الذي استغرق عقداً قبل إقامة بطولة كأس العالم قد أسهم بشكل كبير في نمو الناتج غير النفطي. فالاستثمار الحكومي يعزز نمو الناتج عبر مجموعة من المسارات، منها توفير البنية التحتية المناسبة لتشجيع الاستثمار الخاص وخلق الوظائف، بشكل مباشر وغير مباشر معاً.

زاد الإنفاق الرأسمالي الحكومي في المتوسط بين 2011 و2022 بنسبة أدنى قليلاً من 6% سنوياً، مع أخذ العوامل الأخرى في الحسبان، ووصل إلى إجمالي 230 مليار دولار (من حيث القيمة الاسمية) خلال تلك الفترة، مقارنة بالنطاق المُقدر لبرنامج البنية التحتية للبلد المقدر بما يتراوح بين 200 مليار و300 مليار دولار.

اقرأ أيضاً: قطر تتطلع لاستضافة بطولات جديدة مستفيدة من إرث مونديال 2022 وكأس آسيا

ارتفع الإنفاق الرأسمالي الحكومي بأكثر من 9% سنوياً- مع أخذ العوامل الأخرى في الحسبان- خلال الفترة ما بين 2011 و2019، مع حذف التباطؤ الذي حدث إبان الجائحة، وبلغ إجماليه 170 مليار دولار (من حيث القيمة الاسمية).

يُقدر "صندوق النقد الدولي" الإسهام طويل الأجل للإنفاق الرأسمالي الحكومي في نمو الناتج غير النفطي ما بين 5 و6 نقاط مئوية للفترة ما بين 2011 و2022، وتتراوح ما بين 7 و9 نقاط مئوية عند استخدام بيانات الفترة ما بين 2011 و2019. وتقارب هذه التقديرات نمو الناتج غير النفطي خلال الفترتين، ما يعني أن برنامج الاستثمار الحكومي الضخم خلال الاستعداد لكأس العالم مثّل قوة دافعة أساسية لنمو الاقتصاد غير النفطي.

إتاحة الفرصة للقطاع الخاص

خلص التقرير إلى أنه يجب الاستفادة من البنية التحتية الممتازة القائمة في دعم تنويع الاقتصاد وتعزيز نموه. فالاهتمام الذي نالته بطولة كأس العالم أدى لزيادة السياحة في 2023، وقد يعززها بشكل أكبر في المدى المتوسط والأجل الطويل، مع تطبيق استراتيجية قطر الوطنية لقطاع السياحة.

دعا التقرير أيضاً إلى إعادة النظر في دور الدولة؛ فمع تراجع الحاجة إلى استثمارات حكومية كبيرة في البنية التحتية، يجب أن يتحول دور الدولة من قوة دافعة للنمو مباشرة إلى تمكين القطاع الخاص من قيادة النمو عبر تسهيل الإصلاحات الهيكلية، والاستثمار في رأس المال البشري واستدامة المناخ.

تسارعت وتيرة هذه الإصلاحات في قطاعات رئيسية خلال الاستعداد لكأس العالم وإلغاء نظام الكفالة لتسهيل حركة العمالة وحماية العمال الوافدين، وزيادة اعتبارات الاستدامة في الاستثمار بالبنية التحتية. ويجب الحفاظ على زخم الإصلاح استكمالاً لنجاح البطولة، بهدف تحقيق أهداف تنويع الاقتصاد التي وضعتها رؤية قطر الوطنية 2030، وفق تقرير "صندوق النقد الدولي".