السيارات الهجينة تلقى رواجاً في أكبر سوق للمركبات الكهربائية

السيارات الهجينة القابلة للشحن تحل معضلة القلق بشأن المسافة التي يمكن قطعها قبل نفاد الشحن

سيارة سيدان هجينة قابلة للشحن من طراز "بي واي دي سيل دي إم-آي" في معرض كونمينغ الدولي للسيارات لعام 2023
سيارة سيدان هجينة قابلة للشحن من طراز "بي واي دي سيل دي إم-آي" في معرض كونمينغ الدولي للسيارات لعام 2023 المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

جرب سام جونغ سيارات وقودها البنزين وأخرى كهربائية بالكامل، فيما كان ينتقي لنفسه أول سيارة. لكنه اختار مركبة "تشين بلس" (Qin Plus) الهجينة التي يمكن شحنها عبر توصيلها بقابس كهرباء وهي من إنتاج شركة "بي واي دي".

كانت السيارة تلائم ميزانيته من ناحية ثمنها الذي يقل قليلاً عن 100 ألف يوان صيني (13900 دولار)، كما أن إمكانية التحويل بين المحرك الذي يعمل بالبطارية وبين محرك الاحتراق الداخلي التقليدي كانت تعني أن بإمكانه توفير المال في تنقلاته اليومية، وفي الوقت نفسه السفر لمسافات طويلة دون القلق بشأن الحاجة لإعادة شحن البطارية.

قال جونغ الذي بلغ 29 عاماً من عمره وهو من سكان غواندونغ: "أحب القوة الشديدة في السيارات التي تعمل بالبنزين، وهذه السيارة تمنحني تجربة قيادة رائعة حتى حين اختيار التشغيل الكهربائي البحت. أنا راضٍ جداً عن هذا القرار".

ساهم تنامي الميل للسيارات الهجينة القابلة للشحن في أن تصبح هذه الفئة محركاً لنمو سوق السيارات الكهربائية في الصين، خصوصاً بعد إلغاء الإعانات الحكومية للسيارات الكهربائية تدريجياً في نهاية 2022، وهي تحل معضلة القلق بشأن المسافة التي يمكن قطعها قبل نفاد الشحن، وتأتي بسعر ألطف على المستهلك من المركبات الكهربائية بالكامل.

ارتفاع المبيعات

ارتفعت مبيعات السيارات الهجينة القابلة للشحن العام الماضي 83% مقارنة بنمو بلغ 21% فقط للسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، وقد استمر ذلك الاتجاه هذا العام.

في يناير، الذي يتسم عادة ببطء في مبيعات السيارات، انخفضت تسليمات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات فقط 39% عن مستواها في ديسمبر، فيما تراجعت شحنات السيارات الهجينة القابلة للشحن 16% فحسب. تراجع إجمالي مبيعات المركبات 14%، وفقاً لبيانات من جمعية سيارات الركاب الصينية.

اقرأ أيضاً: حب الصينيين للمركبات الكهربائية المحلية يهدد المنتجين الأجانب

لا تزال السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات فقط أكثر مبيعاً من السيارات الهجينة القابلة للشحن بأكثر من اثنتين إلى واحدة، وفقاً لمركز الصين لتقنية وأبحاث السيارات. لكن نمو المبيعات السريع للسيارات الهجينة يثير تساؤلات بشأن هدف البلاد الأكبر في التحول إلى وسائل نقل صديقة للبيئة بالكامل.

الشعبية المتزايدة للسيارات الهجينة القابلة للشحن لا تسر الشركات التي يقتصر إنتاجها على المركبات الكهربائية بالكامل مثل "تسلا" و"شاوبنغ" (Xpeng) و"نيو" (Nio). يتركز عملاء تلك الشركات بشكل رئيسي في المدن الكبرى الغنية، مثل بكين وشنغهاي وشنجن، حيث يقبل السائقون على المركبات الكهربائية.

وفيما يبدو، يفضّل سكان المدن الأصغر والمناطق الريفية، حيث تود شركات تصنيع السيارات الكهربائية أن تتغلغل، الخيارات المعقولة من حيث التكلفة والمدى التقديري الأطول للقيادة.

تفوّق "بي واي دي"

باعت "بي واي دي" ثلاثة ملايين مركبة في 2023، وكانت حصة السيارات الهجينة القابلة للشحن أقل قليلاً من نصف العدد الإجمالي. تعكف الشركة على تطوير منصتها الهجينة القابلة للشحن "دي إم-آي" (DM-i) منذ قرابة 20 عاماً. وقد حقق الجيل الرابع من التقنية، الذي طُرح في 2021، نجاحاً هائلاً وساعد "بي واي دي" على أن تصبح أكبر علامة تجارية للسيارات في الصين من حيث المبيعات العام الماضي.

تفوقت الشركة أيضاً على "تسلا"، فأضحت أكبر صانعة مركبات كهربائية في العالم خلال الربع الأخير. قال بيل روسو، المسؤول التنفيذي السابق في "كرايسلر" الذي يرأس حالياً "أوتوموبيليتي" (Automobility)، وهي شركة استشارية مقرها في شنغهاي: "(بي واي دي) هي اللاعب المهيمن. لديها سلاح لا تملكه (تسلا) وهو السيارة الهجينة القابلة للشحن".

اقرأ أيضاً: "بي واي دي" تخطط لإعادة شراء أسهم وزيادة إنتاج السيارات الفاخرة

كذلك تخسر الشركات اليابانية هذا السباق. فرغم أنها صاحبة الريادة في التقنية الهجينة، لم تركز شركات مثل "تويوتا موتور" و"نيسان موتور" كثيراً على المركبات الهجينة القابلة للشحن. إذ تعمل طرازات المركبات الهجينة التي تتمتع بشعبية في اليابان بمحرك احتراق داخلي، إلى جانب محرك كهربائي يساعد على تحسين كفاءة الوقود.

ولا يمكن إعادة شحن هذه السيارات باستخدام شبكة الكهرباء، كما أنها غير مؤهلة للإعانات المحلية أو الإعفاءات الضريبية في الصين. تقدم "تويوتا" أكثر من 20 طرازاً هجيناً وسيارتين هجينتين قابلتين للشحن فقط في الصين، وفقاً لموقعها الإلكتروني.

تقنيات جديدة

استفادت صانعة السيارات "لي أوتو" أيضاً من استخدام تقنيات جديدة للتعامل مع مخاوف الزبائن بشأن المدى التقديري للسيارات، فأغلب طرازات الشركة هي من المركبات الكهربائية طويلة المدى، وهي سيارات تعمل بالبطاريات، وبها محرك اختراق داخلي يعمل على إعادة شحن البطارية حين تنفد طاقتها.

تشير التوقعات إلى أن صانعة السيارات، التي تتخذ في بكين مقراً، ستكون الأولى بين الشركات الناشئة الصينية الرئيسية الثلاث في 26 فبراير في تسجيل أرباح سنوية لعام 2023، حين ارتفعت المبيعات 182% إلى 376 ألف مركبة، متقدمة بذلك على "شاوبنغ" و"نيو".

رغم أن السيارات الهجينة القابلة للشحن صديقة للبيئة أكثر من السيارات التي تعتمد على استهلاك البنزين، فإن شعبيتها المتزايدة قد تؤخر التحوّل الذي تخطط له الصين إلى وسائل النقل عديمة الانبعاثات. تطلق السيارة الهجينة القابلة للشحن نحو 2177 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون في المتوسط سنوياً، مقارنة بنحو 3130 كيلوغراماً بالنسبة لسيارة هجينة، و5670 كيلوغراماً لسيارة وقودها البنزين.

اقرأ أيضاً: الصين تتعهد بتعزيز دعم المركبات الكهربائية وسط صعوبات تجارية

ورغم أن المركبات الكهربائية التي تعتمد على البطاريات ليس لها انبعاثات مباشرة، فقد يؤدي استخدامها إلى إطلاق نحو 1225 كيلوغراماً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وذلك يتغير وفقاً لمصدر الكهرباء المستخدم في شحنها، وفقاً لوزارة الطاقة الأميركية.

في الإرشادات التي صدرت لقطاع السيارات الكهربائية في 2021، كان تصوُّر بكين هو أن السيارات الكهربائية، بما فيها الهجينة القابلة للشحن، ستشكل 25% من مبيعات المركبات الجديدة بحلول 2025، وأن 90% منها ستكون للمركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.

تحقق هدف 25% من المبيعات في 2022، لكن المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات تمثل اليوم 66% من مبيعات السيارات الكهربائية، والبقية هي من المركبات الهجينة القابلة للشحن، حسب جمعية سيارات الركاب الصينية.

شد وجذب

بيّنت إيلاريا ماتزوكو، الزميلة الأولى في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الإقبال على المركبات الكهربائية هو حالة شد ودفع بين الزبائن والمصنّعين والحكومة، وقالت: "أعتقد أن هنالك نوعاً من الألعاب تمكن بعض المدن من أن تواصل تعديل السياسات، فتعطي الأولوية للمركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات وليس للسيارات الهجينة القابلة للشحن. لكن فيما تقدم الشركات خيارات موثوقة وفي متناول اليد، يميل الزبائن للتفاعل معها. هناك طلب على السيارات الهجينة القابلة للشحن".

اقرأ أيضاً: السيارات الكهربائية فائقة الفخامة تحظى بإقبال رغم أزمة القطاع

قال وانغ شين، وهو تاجر سيارات في جيانغسو، إنه لاحظ اهتماماً متزايداً بالسيارات الهجينة القابلة للشحن. وعلى رغم أن عدد الاستفسارات عن السيارات الهجينة القابلة للشحن والمركبات الكهربائية متشابه، لكن الاهتمام بالسيارات الهجينة القابلة للشحن يتركز على بعض الطرازات الرائجة، فيما يعاين الناس مجموعة أكثر تنوعاً من السيارات الكهربائية بالكامل.

قال: "حين سألوا عن السيارات الهجينة، كانوا أكثر اهتماماً بالسعر واستهلاك الوقود للطرازات الفردية، لكن الزبائن كانوا عادة يبدأون بسؤال عام عن السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، مثل الأمان والمدى التقديري للقيادة، حين ينظرون في فئة السيارة".

شعبية السيارات الهجينة القابلة للشحن ليست أمراً سيئاً، وذلك لأنها خطوة في طريق تبنّي المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، وفقاً لروسو من "أوتوموبيليتي".

قال روسو إن "التحول الكامل إلى الجانب الآخر قد لا يكون ممكناً في خطوة واحدة. تمثل السيارات الهجينة القابلة للشحن تحولاً إلى السيارات الكهربائية. أما السيارات الهجينة التقليدية فهي لا تزال ضرباً من السيارات التي تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي. كانت السيارات الهجينة القابلة للشحن مصممة لتمنح صناعة السيارات التقليدية، التي تتعلق بها استثمارات ووظائف كثيرة، وسيلة لتتحرى طريقها لبلوغ الضفة الأخرى".