لماذا لم تستشعر "وول ستريت" الظهور الملحمي لجيش "ريديت"؟

"وول ستريت" تستقبل لاعباً جديداً
"وول ستريت" تستقبل لاعباً جديداً المصدر: غيتي إيمدجز
Jim Bianco
Jim Bianco

Jim Bianco is the President and founder of Bianco Research, a provider of data-driven insights into the global economy and financial markets. He may have a stake in the areas he writes about.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان من المفترض أن تستشعر "وول ستريت" قدوم القصة الملحمية لـ"غيم ستوب كورب" (GameStop Corp)، فقد قادتنا عدة أسباب إلى هذه اللحظة، منها سهولة الوصول إلى المعلومات، وانتشار تطبيقات التداول، والتداولات الخالية من الرسوم، والقدرة على شراء الأسهم بخياراتها كافة، وشيكات الحزم التحفيزية من الحكومة الأمريكية إلى الأفراد. ودعونا لا ننسَ أيضاً الإجراءات التي اتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي والحكومة خلال الأيام الأولى لأزمة كورونا، والتي لم تدعم الأسواق المالية فحسب، بل جعلت الجميع ينسى أن الاستثمار ينطوي على مخاطر محتملة.

إحراج وارن بافيت

ولو كان الجميع فتح أعينه لرأى بوضوح صعود مستثمري التجزئة ونفوذهم الذي اكتُشف حديثاً. وفي المقام الأول، أحرجت تلك المجموعة من المستثمرين وارن بافيت بعد أن باع أسهم شركة الطيران الخاصة به في شهر مايو، "متمنياً لهم التوفيق". وبقيادة ديف بورتنوي، مقدم برنامج "ديفي داي تريدر" (Davey Day Trader)، تضاعفت أسهم شركات الطيران تقريباً في الشهر التالي، ولا تزال أعلى بكثير من المستويات التي سجلتها عندما خرج بافيت من مراكزه، فقد ارتدى مستثمر التجزئة معطف "سوبرمان" ثم فاز، لذلك يجب أن يفهم بافيت ما يحدث.

أدرك مستثمرو التجزئة العالقون في المنازل تغيرات الاتجاهات، ووجدوا طريقة لتحقيق الأرباح. فلقد فتحوا ملايين من حسابات الوساطة في العام الماضي، لكي يشتروا الأسهم المحفوفة بالمخاطر، والتي تَجنَّبها مديرو الأموال المحترفون، لاعتقادهم أن تقييمها مبالغ فيه. وليست هذه الأسهم في المؤشرات العريضة للسوق، التي تحاكيها الصناديق المتداولة في البورصة. استمرّ ارتفاع أسعار هذه الأسهم بضعفين أو ثلاثة، ووصل بعضها إلى أكثر من ذلك. على السماسرة ومديري الأموال فهم ذلك.

قوة صغار المتداولين

الآن يبرز دور صغار المتداولين الذين يختلفون قليلاً عن المستثمرين الأفراد المذكورين أعلاه. إنهم يتشابهون مع المتداولين المحترفين في ما يختص بالبحث عن فرص للتلاعب بالنظام، ولكن بشكل قانوني، كما نأمل. نعرف أيضاً أنهم يتوافدون على المنتدى الاستثماري "وول ستريت بيتس" (WallStreetBets) التابع لـ"ريديت" (Reddit)، والذي كان يضمّ في آخر إحصاء أكثر من 7.5 مليون عضو.

ففي هذا المنتدى يُطرح بعض التحليلات الذكية تماماً مثل "وول ستريت"، وفيه عدد كبير من مطاردي الحشود تماماً مثل "وول ستريت"، إلا أن هؤلاء يستخدمون أسماء على الشاشة تختلف عن تلك التي في "وول ستريت" مثل "رورينغ كيتي" (roaringkitty) و"ستونكس فلاينغ أب" (stonksflyingup) و"فيري فوريست غرين" (veryforestgreen).

وفي وقت مبكر من أكتوبر، كان هؤلاء وغيرهم من أعضاء "ريديت" يشرحون بالتفصيل كيف ارتكب "الأساتذة" في لعبة "ماسترز أوف ذا يونيفيرس" (Masters of the Universe) خطأً فادحاً في "غيم ستوب" ، إذ تجاوز عدد أسهمها المكشوفة المبيعة الحد المتاح للتداول أو الفائض، كما كانت أكثر الأسهم المكشوفة مبيعاً في بورصة نيويورك، إلى الدرجة التي اعتُبرت فيها أكبر عملية لبيع الأسهم المكشوفة بصندوق التحوط "ميلفين كابيتال" (Melvin Capital).

فرصة تحقيق الربح

وكان من الممكن أن تحدث فرصة كبيرة للربح، ولكنهم فضّلوا انتظار دافع قوي لذلك مثل أي تاجر تداول جيد. جاء ذلك الدافع في منتصف شهر يناير قُبيل زيادة شراء الصناديق، إذ صدر تقرير عن شركة "سيترون ريسيرتش" Citron Research يوصي ببيع أسهم "غيم ستوب". وعنى محتوى التقرير أن فرصة تحقيق الربح من دفع أسعار الأسهم المكشوفة للانخفاض قد أتت، فضرب أعضاء"ريديت" ضربتهم القاضية ليتفوقوا بذلك على أعظم المتداولين في تاريخ "وول ستريت". وقال عديد من المحامين إن الأمر كله بدا قانونياً، إلا أن "الأساتذة" لم يروا ذلك.

ويُعتبر بيع ما يزيد على 100% من الأسهم العائمة، أو ما يُعرف باسم "البيع المكشوف"، أو بيع الأسهم مع عدم وجود نية لتسليمها، غير قانوني في لوائح هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وكان وقفها سبباً رئيساً في إنشاء الهيئة عام 1933. ومع بدء التحقيق في القصة الملحمية لـ"غيم ستوب"، قد ترغب هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في البدء بمعرفة سبب فشل مهمتها الأساسية. فوظيفة الهيئة تتعلق باستشعار قدوم مثل هذه الأمور، ولكنها فشلت في ذلك.

تغير قواعد اللعبة

الأمر الأكثر إزعاجاً هو "وول ستريت" نفسها، فكان يجب أن يعرف كثير من الأشخاص الأذكياء أن بيعاً مكشوفاً بهذا الحجم الضخم يضع "الأساتذة" في موقف ضعيف، إلا أنهم لم يقدّروا خطورة الوضع، لأنه لم يكُن محتمَلاً أن تستغلّ أي مؤسسة كبيرة ذلك، وأن تحاول خلق فرصة هائلة للربح، من خلال دفع أسعار الأسهم المكشوفة إلى الانخفاض. إن التنظيم الذاتي يحافظ على نزاهة النظام المالي بأكمله، ولكن يبدو أن هذا قد اختفى هنا وفي عديد من أركان "وول ستريت".

وهنا يجب طرح عديد من الأسئلة حول سبب عدم استدعاء "الأساتذة" الآخرين هؤلاء "الأساتذة"، وهل هذه هي "طريقة لعب اللعبة" في "وول ستريت"؟ أو بمعنى آخر هل في الأمر تواطؤ؟ إن التسرع في إنقاذ "ميلفين كابيتال" يتوافق مع هذه الفكرة.

لم يرَ "الأساتذة" أن آلافاً من صغار المتداولين يشكلون معاً قوة كبيرة كافية لوقف أفضل خططهم المرسومة. ونتيجة لذلك دخل إلى اللعبة لاعب جديد متطور يملك مبلغاً ضخماً من المال، وعلى ما يبدو أنه باقٍ ولن يذهب بعيداً. هؤلاء الغرباء يستخدمون ممارسات "الأساتذة" للفوز بعد تغيير القواعد.

ولم يتمكن أو لم يرغب كثيرون، في "وول ستريت" وفي أماكن أخرى، في استشعار ما حدث، فلدى الجميع مصلحة راسخة في بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، مما يؤثر في حكمهم. يقول عديد من هؤلاء الأشخاص الآن، إن في الأسواق مخاطر عالية بسبب المشاركة القوية والقوة المتزايدة للمستثمرين الأفراد، ولكنهم في الحقيقة ينظرون إلى المخاطر الخاطئة واللاعبين الخطأ.