آفاق معاكسة لعقارات دبي والدوحة والرياض بين الفائض والندرة

الرياض تعاني من محدودية المساكن المتاحة في السوق فيما تشهد دبي والدوحة فائضاً في المعروض

سوق العقارات في دبي تفوقت على معظم نظيراتها في أنحاء العالم في 2023
سوق العقارات في دبي تفوقت على معظم نظيراتها في أنحاء العالم في 2023 المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتباين ديناميكيات أسواق العقار في المدن الخليجية الثلاث، دبي والرياض والدوحة، ومعها تختلف آفاق نموها خلال الفترة المقبلة، ولكنها تتشارك بعض التحديات.

وبينما تشهد سوق دبي زيادة في المعروض نتيجة نشاط حركة البناء خلال الفترة الماضية، تعاني سوق الرياض من انخفاض المعروض، ما يمثل تحدياً أمام تلبية الطلب المتزايد من السكان والوافدين. أما في الدوحة، فتشهد سوق العقار هناك فائضاً في المعروض مع هدوء الطلب بعد الارتفاع المرتبط باستضافة كأس العالم أواخر 2022، بحسب تقرير صادر عن "إس آند بي غلوبال".

سوق دبي

التقرير أشار إلى أن فائض المعروض من الوحدات السكنية في دبي جاء نتيجة لنشاط الإنشاءات الذي شهدته المدينة خلال السنوات الثلاث الماضية، والذي هدف إلى الاستفادة من ارتفاع الطلب الخارجي، ما قاد إلى زيادة سريعة في الأسعار من المرجح أن تهدأ خلال الـ12 إلى 18 شهراً المقبلة كنتيجة لزيادة المعروض وتراجع الطلب بسبب الضغوط الاقتصادية العالمية.

شهدت دبي طفرة في الطلب على العقارات خلال العامين الماضيين، مدعومة بتدفق الأجانب من جميع أنحاء العالم عليها. وساعد ذلك المدينة على تعويض الركود الذي دام سنوات طويلة في القطاع، إذ تقترب الأسعار الآن من مستويات قياسية، رغم أن الفوائد على الرهون العقارية تحوم عند أعلى مستوياتها خلال عقدين.

وبالمثل استبعدت شركة الاستشارات العقارية "كوشمان آند ويكفيلد كور" (Cushman & Wakefield Core) أن تستمر الارتفاعات الحادة لأسعار المنازل في العام الحالي والتي شوهدت في 2023، إذ توقعت الشركة أن تشهد سوق دبي ارتفاعات بمستويات مستدامة، تحوم حول 8% إلى 12% هذا العام، بعد ارتفاعها بـ20% في المتوسط في 2023، على الرغم من اكتمال بناء 39400 منزل، وهو أعلى رقم منذ عام 2020.

اقرأ أيضاً: توقعات بارتفاع أسعار عقارات دبي 12% العام الجاري

كما توقعت الشركة أن تقفز إيجارات المساكن بين 10% و12% هذا العام، مقارنة بـ19% في 2023، و27% في 2022.

أما في أبوظبي المجاورة، فلم تشهد السوق هناك ارتفاعاً بنفس وتيرة دبي، وبالتالي لم تصل إلى ذروتها السابقة، ما يعني أن انعكاس مسارها لن يكون بنفس الحدة التي ستشهدها السوق العقارية في دبي خلال الفترة المقبلة، وقفاً لـ"إس آند بي غلوبال".

سوق الرياض

وضع السوق العقارية في العاصمة السعودية يختلف عن دبي، إذ تعاني المدينة من محدودية المعروض من الوحدات السكنية، وهو ما سيكون عاملاً في ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة، بحسب تقرير "إس آند بي غلوبال".

شركة التصنيفات الائتمانية الأميركية قالت إنه رغم انخفاض المعاملات العقارية خلال 2023، إلا أن المتوقع أن يشهد العام الجاري قوة في الطلب مدعوماً بتوافد الشركات والعاملين الأجانب إلى الرياض، كما أن فتح الطريق أمام ملكية الأجانب للعقارات من شأنه أن يحفز المزيد من الطلب.

وأضافت أن خفض أسعار الفائدة المتوقع له في النصف الثاني هذا العام، قد ينعش الرهن العقاري بعد انخفاضه بنسبة 35% في العام الماضي، مرجحةً نمو البيع على الخارطة خلال الفترة المقبلة.

اقرأ أيضاً: العقارات السكنية في الرياض مرشحة لزيادة جديدة بالأسعار

تعاني السعودية من فجوة إسكان تبلغ مليوني وحدة سكنية، وتحاول الحكومة سد هذه الفجوة بالتزامن مع توفير الدعم المادي للراغبين في تملك المساكن من السعوديين، تحقيقاً لأحد أهداف "رؤية 2030" المتمثل في رفع نسبة تملك الأسر للمنازل إلى 70% بنهاية العقد الجاري.

صرح ماجد الحقيل، وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي، في حديث لـ"الشرق" أن المملكة ستطرح خلال السنوات المقبلة حتى 2030 أكثر من مليون وحدة سكنية، بالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، وتوقع أن تشهد أسعار العقارات السكنية في العاصمة السعودية ارتفاعاً جديداً في ظل زيادة طلب متزامن مع نقص في المعروض خصوصاً في فئات معينة.

سوق الدوحة

توقعت "إس آند بي غلوبال" هدوءاً في السوق العقارية في العاصمة القطرية على مدار الثلاثة أعوام القادمة، مرجعةً ذلك إلى دورة تصحيحية بعد الارتفاع في الأسعار المرتبط بكأس العالم التي أُقيمت في الدولة الخليجية أواخر 2022.

وبحسب التقرير فإن فائض المعروض من الوحدات السكنية في الدوحة سيؤدي إلى إبطاء عمليات البناء الجديدة، وسيضغط على الأسعار.

اقرأ أيضاً: قطر تجني ثماراً اقتصادية من استضافة كأس العالم

عوامل داعمة

تتشارك المدن الثلاث في فرص من شأنها أن تكون كفيلة بدعم السوق العقارية في كل منها، تتمثل في نمو متوقع لدول الخليج يتراوح بين 2 و3% هذا العام، ونمو قوي في النشاط غير النفطي، يبلغ 4% في السعودية و5% في الإمارات، بدعم من المشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية المباشرة. إضافة إلى نمو سكاني، بين 2% و3%، مع تدفق الأجانب في ضوء إصلاحات قوانين الأعمال والإقامات، وانتعاشة حركة السياحة، بحسب تقرير "إس آند بي غلوبال".

وأضاف التقرير أن من الفرص الداعمة أيضاً تراجع معدلات التضخم والتي من شأنها أن تحافظ على القوة الشرائية وعلى هوامش أرباح شركات التطوير، كما أن خفض الفائدة، المتوقع له في النصف الثاني من العام، سيزيد من القدرة على تحمل التكاليف ما يرفع الطلب على العقار.

تحديات متشابهة

على الجانب الآخر ترى شركة التصنيفات الأميركية أن أسواق العقار في المدن الثلاث تواجه تحديات متشابهة، فالتوترات السياسية في المنطقة وتداعياتها على الاقتصادات وسلاسل الإمداد الإقليمية والعالمية تمثل تحدياً أمام نمو القطاع، كما أن تباطؤ الاقتصاد العالمي قد يضعف الطلب على السوق العقارية في المنطقة من المشترين الأجانب، فيما تقلل أسعار النفط المنخفضة القدرة الشرائية للمستثمرين الخليجيين.

اقرأ أيضاً: شراء الروس للعقارات باهظة الثمن في دبي يتباطأ

تحدٍ آخر يتمثل في المتطلبات البيئية الأكثر صرامة، والتي قد تمثل تكاليف إضافية وعقبات إدارية وتحديات فنية لشركات التطوير العقاري في منطقة الخليج، وفقاً لـ"إس آند بي غلوبال".