رحلات سياحية تساعدك في تخطي أزمة منتصف العمر

إن كان هدفك من الإجازة هو الاسترخاء، فعليك إعادة التفكير بالأمر

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حين يكون هدفك من الإجازة هو الاسترخاء، فعليك إعادة التفكير بالأمر. قد لا تقتنع بما سأقوله ولكني على يقين تام بأن وكلاء السفر سيأخذون دور الأطباء، ولا سيما الأطباء النفسيين.

العديد من المتخصصين في مجال السفر يقومون اليوم بكتابة "وصفات" لرحلات مصممة للإجابة عن أسئلتنا ومعالجة الخيبات التي تواجهنا يوميًا، سواء كنت تريد تقوية الروابط الأسرية مع باقي أفراد عائلتك، أو تعزيز قدرتك في الموازنة بين عملك وحياتك الشخصية، أو تريد الحصول على الإلهام، فهذه الرحلات مصممة لحل مشاكل لا يمكن معالجتها طبيًا، وإن كانت منتشرة على نطاق واسع حالها حال الزكام.

يقول "توم مارشانت" (Tom Marchant) الشريك المؤسس في شركة "بلاك توميتو" (Black Tomato): "أنا أسافر بهذه الطريقة منذ عدة سنوات، وعدت من سفري محملاً بالعديد من المقتنيات الثمينة، إلا أن أثمنها بالنسبة لي كان الدروس التي اكتسبتها من الثقافات التي زرتها وتمكنت من تطبيقها في حياتي اليومية".

هذه الفلسفة كانت حافزًا لتأسيس (Bring it Back)، التي تضم مجموعة من برامج الرحلات التي يمكن للمسافر الاختيار منها بناءً على أهدافه الشخصية والتحديات التي يريد خوضها. ومن بين العديد من الأسئلة والاحتياجات التي تساعد الشركة المسافرين على الإجابة عنها: كيف تجعل من شغفك عملًا لك أو تشعل شرارة الإبداع لديك أو تحافظ على أسلوب حياة صحي وأكثر استدامة؟

يكمل "مارشانت"، قائلًا: "لطالما رأيت الناس يصارعون خيبات الأمل سعيًا منهم للتخلص منها، وليس السفر إلى الشاطئ للاستمتاع وشحذ الهمة بالأمر الخاطئ، ولكنه قد يكون أيضًا وسيلة مذهلة للإجابة عن بعض الأسئلة الجوهرية التي تخطر ببالنا جميعًا".

عليك أن تحدد الهدف من الرحلة أولاً

تحتوي (Bring it Back) على 7 أفكار لرحلات مصممة على تجارب ثقافية عميقة بعكس الرحلات التقليدية، التي يقوم الزوّار فيها بالحجز بناء على ما يريدون أن يتعلموه لا على الأماكن التي يريدون زيارتها.

فلو أخذنا فكرة الفصل بين العمل والحياة الشخصية وتحقيق التوازن بينهما، يوصي "مارشانت" بالذهاب إلى كوبنهاجن؛ حيث يمكن للمسافرين لقاء مجموعة من الخبراء الذين بنوا سمعة الدول الإسكندنافية كدول تتمتع بالتوازن بين العمل والحياة الشخصية. وإن كان الهدف تقوية العلاقات الأسرية فالخيار الأمثل هو منغوليا؛ حيث يمكن للمسافرين قضاء الوقت مع البدو الرّحل بأجيالهم المتعددة التي يقتضي أسلوب حياتها التقليدي اعتناء الصغار بأجدادهم والعكس.

ويقول "مارشانت": "لا يتعلق الأمر بالنظر إلى الموضوع من الزاوية الصحيحة، بل بالنظر إليه من زاوية مختلفة، وهذا يأتي عن طريق الإيقان بأنه يمكن حل المشاكل نفسها بطرق مختلفة في الثقافات الأخرى حول العالم، فهدفنا يتجسد بتعريف المسافرين على طريقة تفكير مختلفة يمكنهم تطبيقها في حياتهم اليومية".

تعلم كيف تستعمل مواردك بشكل أفضل

تتألف معظم برامج الرحلات من جداول مفصلة تبين جميع النشاطات اليومية، إذ تشمل رحلة أيسلاندا التي تدوم لـ 6 أيام، وتركز على "تعليم التفكير الريادي" دروسًا يومية تناقش مواضيع، مثل تحضير جسدك وعقلك للتغيير "عبر الغطس في ينابيع المياه الحارة في ذا رتريت (The Retreat) في بلو لاجون ( (BlueLagoon، واستعمال مواردك بشكل أفضل من خلال القيام بنزهة على الأقدام في الكهوف الجليدية مع مؤسس شركة "ذا جلاسير" (The Glacier) الناشئة، بالإضافة إلى "تحويل العقبات إلى فرص" بقضاء يوم كامل مع الأيسلندي الذي خسر كل شيء تقريبًا بانفجار بركان "ايافيالايوكل" ((Eyjafjallajökull، وحوّل مأساته من ثم إلى مشروع ناجح.

تبدأ أسعار هذه الرحلات المترفة من 5,420 دولار للشخص الواحد في غرفة لشخصين وعادة ما تدوم أسبوعيًا وتغطي وجهات متعددة بين كوبا والمغرب وإبيثا، وفي حال لم تجد رحلة تناسب مشكلتك على موقع "بلاك توميتو" (Black Tomato) يمكن للشركة أن تصمم لك رحلة خاصة تضاف إلى قائمة هذه الرحلات.

مجال ينمو

يُعد مشروع "مارشانت" أول مشروع رسمي يروّج للسياحة العلاجية، ولكن هناك من انضم إلى سربه، من أشهرهم "ديفيد برايور" (David Prior) الشريك المؤسس لنادي عضويات سفر يحمل اسمه، ويعمل بنفس مبدأ عمل (Bring it Back).

ويقول "برايو": "في البداية كان يأتي العديد من الأشخاص بحثًا عن رحلات تُعيد النشاط والحيوية لحياتهم، ولطالما أجبناهم أن عليهم تخطي المنتجعات الصحية ورحلات التسلق والخروج عن الأفكار التقليدية كالذهاب إلى مخيمات التدريب والقيام بشيء أكثر إبداعًا وتأملًا". ففكرة تعلم مهارة جديدة في الأرض التي نشأت فيها أمر شيق في حد ذاته، والحل يكمن في أن تخرج نفسك بنفسك من دائرة تفكيرك، بحسب ما يقوله.

يعني الإبداع في أفكار الرحلات بالنسبة لإحدى العملاء السفر من تاسمانيا إلى إشبيلية ومن ثم إلى الريف البريطاني وتعلم طرق مختلفة لقطف الثمار وصنع المربى – من أنواع الفواكه المفضلة – في كل منها، أما بالنسبة لأم هدفها التواصل مع ابنها المراهق فسلسلة من حصص صنع الفخار والدباغة مع محترفين يابانيين هي الرحلة المناسبة.

بحسب "برايور" (Prior) أحيانًا يكون الناس بحاجة إلى رحلة في أعماق روحهم، فقد يحتاج مؤسس إحدى الشركات التقنية مثلًا لإجازة تبعده عن عالم الأعمال وتريه الدنيا بعدسة خالية من المصالح المادية، ولذا أغلقنا "ساغراد فاميليا" (Sagrada Familia) في برشلونة خصيصًا له ليستمتع بلحظات تأملية لا مثيل لها، كما قمنا بتخصيص رحلة رائعة لعميل سئم من وضع عالمنا اليوم بسبب السياسات الحالية فكانت الرحلة إلى فاراناسي في راجستان الهند هي الحل. وبذلك، يمكن لنا وصف الرحلات التي يخطط لها "برايور" (Prior) بـ "وصفات السفر".

"نريد أن نرسل عملائنا إلى أماكن يأخذون فيها راحتهم ويتعرفون على النشاطات التي تحقق لهم الراحة والسكينة"

علاجك الذي تجهله

يتصدر كل من "مارشانت" و"برايور" توجهًا جديدًا لا يزال بكرًا. أما "جيمي كارول" (Jimmy Carroll) المؤسس الشريك في شركة "بيلوروس" (Pelorus) البريطانية للرحلات الاستكشافية، فيقول: "أكثر ما يدفع عملاءنا للسفر هو رؤية الثقافات أو الحياة البرية المهددة بالانقراض، إضافة إلى رغبتهم بالقيام بأعمال خيرية في المناطق التي يزوروها".

يوجد في الشركة مدرب متخصص في مجال تعليم أساليب الحياة يمكنه تصميم البرامج للزوار الذين يرغبون بتنقية روحهم وشحنها بالطاقة لتكون مستعدة لتحديات الحياة القادمة، وإن كان الطلب على هذا النوع من الرحلات ما زال قليلاً جدًا بحسب ما يقوله "كارول".

ويقول "كارول" أيضًا: "إننا نقوم بحوالي 5 رحلات في العام، يغلب عليها المسافرون الصغار، ولا سيما الأشخاص في بداية عقدهم الرابع، فاصطحاب مدرب متخصص بتعليم أساليب الحياة في رحلتك عوضًا عن الذهاب إليه في أيامك العادية يعطيك الوقت الكافي للتفكير والتأمل ويمثل وسيلة فعالة في إحداث التغيير المجدي في حياتك".

الصحة العقلية والنفسية أهم حوافز القيام بالرحلات

بحسب توقعات "مارشانت" التي استقاها من الوعي المتزايد في موضوع الصحة العقلية والجسدية "ستصبح الصحة العقلية والنفسية أهم حافز للقيام بالرحلات خلال الأعوام القليلة القادمة".

وهذا أمر يوافق عليه "برايور"، إذ يعمل على 6 وصفات سفر شهريًا على أقل تقدير، ويقول: "هناك مجال كبير لنمو قطاع كامل حول العمل الذي نقوم به وإن لم يستغل بعد، ولا يمكن غض البصر عن الواقع الذي يجزم بنمو هذا السوق، فهناك توجه عال لدى الناس للاستفادة من وقت متعتهم بطريقة أو بأخرى".

يكمن مفتاح النجاح في هذا القطاع، بحسب "مارشانت" في التفكير كطبيب نفسي، لا كوكيل سفر. وهنا يضيف "برايور": "في معظم الأحيان لا يعرف عملاؤنا ما يحتاجون إليه بالتحديد، وهنا يأتي دورنا لمساعدتهم بمطابقة الوجهات والخبرات مع ما يمرون به في حياتهم اليومية"، فالأمر يحتاج لأكثر من مجرد شاطئ في منتجع فخم لتلبية احتياجاتهم النفسية.