الإقلاع عن عقاقير مكافحة السمنة يخلق أسواقاً قيمتها مليارات

تتجه بعض الشركات لتقديم خدمات رعاية صحية بتكلفة أقل بكثير من أسعار عقاقير مكافحة السمنة

حقنة "أوزمبك" من شركة "نوفو نورديسك"
حقنة "أوزمبك" من شركة "نوفو نورديسك" المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتهافت الأميركيون على استخدام عقاقير مثل "أوزمبك" (Ozempic) و"ويغوفي" (Wegovy) و"زيباوند" (Zepbound)، إذ تجذبهم فكرة خفض الوزن سريعاً. لكن التكلفة الشهرية التي قد تتخطى ألف دولار، والتغطية التأمينية المحدودة، تؤشران إلى أن مستخدميها يتخلون عنها بنفس سرعة الإقبال عليها.

ترى مجموعة من الشركات ذلك كفرصة، لذا تستهدف المستخدمين السابقين والحاليين لهذه العقاقير، لتقدم لهم خدمات الفحوص الصحية عن بُعد، ونصائح تتناول أسلوب الحياة، وإمكانية الانضمام إلى مجموعات الدعم المجتمعية، ونصائح عن التمارين الرياضية وغيرها من الخدمات، وكلها تهدف لعدم معاودة اكتساب الكيلوغرامات التي تخلصوا منها بمجرد انتهاء العلاج. وقد تبلغ الرسوم الشهرية لهذه الخدمات 300 دولار.

تُعد الخدمات جزءاً من نظام عمل أوسع بدأ يتكون في فلك الأدوية الرائجة تجارياً المعروفة باسم عقاقير بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون (GLP-1s) من شركات "إيلي ليلي" و"نوفو نورديسك"، التي تعيد تعريف علاجات خسارة الوزن.

تهدف شركات عاملة في مجال تقديم الخدمات الصحية عبر الإنترنت، مثل شركتي "كاليبريت هيلث" (Calibrate Health) و"أومادا هيلث" (Omada Health)، على نحو خاص، إلى تولي مسؤولية تقديم الدعم الذي قد لا يقدمه مزودو خدمات الرعاية الأولية أو المتخصصون.

وصف راين دانييلز، محلل أبحاث الأسهم في "ويليام بلير آندكو" (William Blair & Co)، السوق بأنها "سوق ممكنة ضخمة يسهل الوصول إليها". كما أن برامج الدعم قد تصل قيمتها إلى 2.5 مليار دولار سنوياً، وفقاً لأبحاث شركته. حصرت "ويليام بلير" أكثر من 20 شركة لتقديم خدمات الرعاية الصحية الرقمية تدعم من يتناولون أحد العلاجات.

الحد من إشارات الجوع

تمكنت السمنة من 42% من الأميركيين، وتكلف الولايات المتحدة نحو 173 مليار دولار سنوياً، وفقاً لتقديرات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. تحاكي عقاقير مثل "ويغوفي" هرمون في المعدة هو بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون الذي ينتجه الجسم بعد تناول الطعام، ويؤدي إلى إبطاء حركة الطعام، كما يتدخل أيضاً في نظام المكافأة في الدماغ الذي يجعل تناول الطعام ممتعاً.

لكن حين يتوقف الناس عن تناول العقاقير، تعود شهية الأكل. بينت دراسة أجريت في 2022 أن المرضى اكتسبوا ثلثي ما خسروا من أوزانهم خلال عام من التوقف عن تناول العقاقير، حتى بعد أن تبنّوا أساليب حياة صحية أكثر من فترة تناولهم للعقاقير.

اقرأ أيضاً: "إيلي ليلي" تدخل إمبراطورية عقاقير السمنة من باب الحظ

كما يترك هذه الأدوية كثير ممن استخدموها، إذ وجدت دراسة أجرتها شركة "برايم ثيرابيوتيكس" (Prime Therapeutics) لإدارة المنافع الصيدلانية نُشرت في 2023 أن 68% من المرضى الذين بدأوا بالاعتماد على عقاقير بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون لخسارة الوزن لم يعودوا يتناولونها بعد عام.

وتقول الشركات التي تصنع هذه العقاقير إن مستخدميها سيحتاجون على الأرجح لتناولها مدى الحياة. لدى شركة "كاليبريت"، التي تعمل في مجال تقديم الخدمات الصحية عبر الإنترنت، منصة لإدارة الوزن مسؤولة عن توزيع العقاقير، بالإضافة إلى برنامج يساعد من يرغبون في التوقف عن تناول العقاقير.

قالت كريستين باير، نائبة الرئيس للتطوير السريري في "كاليبريت": "يرغب الناس بأن يتمكنوا من الحفاظ على أوزانهم كما أصبحت بعدما تمكنوا من خفضها، ولا يرغبون في تناول العقاقير مدى الحياة".

تبلغ تكلفة برنامج "كاليبريت" المسمى "ميتابوليك ريسيت" (Metabolic Reset)، 1749 دولار سنوياً، ويشمل تقديم إرشادات خاصة لكل مستخدم على حدة عبر الفيديو مرة كل أسبوعين، ومنهجاً يساعد المستخدمين على تحسين عاداتهم الغذائية والرياضية وتلك الخاصة بالنوم والصحة النفسية.

قالت باير إن بعض العملاء يستطيعون تقليص فترة تناول العقار المحتوي على بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون إلى سبعة أو ثمانية أشهر فحسب.

خيارات أكثر صحية

بدأت إميلي إيبرسون، المحامية في دالاس وتبلغ من العمر 48 عاماً، تتناول عقاراً يحتوي على بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون في يوليو 2023 بعدما شعرت أنها غير قادرة على مقاومة الرغبة بالأكل.

بحلول منتصف يناير، شعرت إيبرسون بما يكفي من الثقة للتوقف عن تناول العقار جزئياً بفضل الإرشاد الذي كانت تتلقاه من شركة "ميديفاست" (Medifast)، وهي شركة للخدمات الصحية تتعاون مع مزودة الخدمات الصحية عن بُعد "لايف إم دي" (LifeMD) لتقديم برامج ومنتجات الدعم. تقدم "ميديفاست" برامج تحت علامتها التجارية "أوبتافيا" (Optavia).

إميلي إيبرسون
إميلي إيبرسون المصدر: بلومبرغ

قالت إيبرسون، التي تواصلت معها "بلومبرغ بزنس ويك" بترشيح من "ميديفاست"، إن تكلفة العقار كانت عاملاً في قرار توقفها عن تناوله لكن السبب الرئيسي كان أنها لم تكن ترغب أن يصبح الدواء "عكازاً أتكئ عليه... لا أحتاج أن أتناول شطيرة برغر في وجبة الغداء. أستطيع اختيار أصناف صحية أكثر تدعم أهدافي".

لدى شركة "أومادا"، التي تقدم خدمات الرعاية الصحية عبر الإنترنت، برنامجاً يُسمى "جي إل بي-1 كير تراك" (GLP-1 Care Track). استعانت شركة "سيغنا غروب" (Cigna Group) للتأمين الصحي حديثاً بـ"أومادا" بصفتها "دليلاً مرافقاً لتغيير السلوكيات" لمن يحصلون على العقاقير من خلال خطط التأمين الصحي التي تدعمها.

اقرأ أيضاً: أدوية إنقاص الوزن فعّالة.. لكن الحصول عليها صعب

تعتزم الشركة التوسع خلال العام المقبل وطرح مستهدفات للتوقف عن تناول العقاقير التي تحتوي على بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون، بالإضافة إلى برامج التمارين الرياضية في برامج الدعم لديها. قال واي-لي شاو، رئيس "أومادا"، إنه رأى مدى فاعلية علاجات بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون خلال التجارب أثناء عمله في "إيلي ليلي".

أهمية البرامج

في شركة "فيرتا هيلث" (Verta Health)، يركز برنامج الدعم لعقاقير بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون على دفع العملاء لاتباع حمية غذائية منخفضة الكربوهيدرات، وفقاً لكبير المسؤولين الطبيين آدم وولفبرغ.

قال وولفبرغ إن الشركة شهدت نمواً كبيراً جداً على مدى السنوات القليلة الماضية، كما أنها تتعاون مع أصحاب الأعمال وشركات التأمين، ومنها "بلو شيلد أوف كاليفورنيا" (Blue Shield of California) و"بلو شيلد أوف كنساس" (Blue Shield of Kansas) و"بروفيدنس هيلث بلان" (Providence Health Plan)، لتوفير التغطية.

قال وولفبرغ: "إن المرضى الذين يتناولون هذه العقاقير ويأتون إلى (فيرتا) يتجهون إليها عادةً لأنهم يرغبون بالتوقف عن تناول هذا العقار بشكل أو بآخر".

قالت كارولين برامانت، طبيبة علاج السمنة في كلية الطب بجامعة مينيسوتا، إن الرعاية الصحية المتخصصة مهمة جداً بعد تناول عقاقير بيبتيد-1 شبيه غلوكاغون، وإن البرامج المخصصة لاتباع أساليب حياة معينة من شأنها أن تساعد، لكن الأهم هو أن الناس بحاجة لأن يغيروا نظرتهم لعملية خفض الوزن. أضافت: "السمنة مرض مزمن، والتفكير بها في ذلك الإطار مهم. إن لم تُعالج ستعود مجدداً".