الحلم الأمريكي للطلاب الأجانب لم ينته بعد

الدبلومات جزء من عمل فني بعنوان "دافنشي للديون" معروض في نيويورك
الدبلومات جزء من عمل فني بعنوان "دافنشي للديون" معروض في نيويورك المصدر: أ ف ب
Therese Raphael
Therese Raphael

Therese Raphael is a columnist for Bloomberg Opinion. She was editorial page editor of the Wall Street Journal Europe.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عندما قرر أبناؤنا الالتحاق بالجامعات في الولايات المتحدة، كان رد فعل الأصدقاء البريطانيين عادة ممزوجاً بالشفقة. ليس الأمر أنهم اعتقدوا أننا سنفتقد الأولاد بل كانوا قلقين من أن نفقد الأموال التي ندخرها لتقاعدنا.

لقد وجدوا صعوبة أيضاً في إدراك وجهة النظر. هناك جامعات ممتازة أكثر قرباً من المنزل بتكلفة بسيطة.

وبريطانيا عملاق في مجال التعليم العالي في حد ذاتها. ويجري تمثيل جامعاتها بوفرة في جداول الدوريات الدولية (ترتيب الجامعات عالميا)، وهي أكبر وجهة للطلاب الأمريكيين الذين يدرسون في الخارج.

كما أن عملية التقديم أسهل أيضاً، والاختيار، حتى في جامعات القمة، غالباً ما يكون أقل تنافسية من كليات النخبة في الولايات المتحدة. فلماذا نجعل الحياة أصعب؟

جاذبية الدراسة في أمريكا لن تختفي

بصفتي شخصاً نشأ في الولايات المتحدة، كان لدي أسباب تجعلني أرغب في أن يعيش أبناؤنا الحياة هناك.

لكن في بعض الأحيان كنت أتساءل عن نفس الشيء، بما في ذلك في الوقت الحالي، عندما تبدو كل من حكومة المملكة المتحدة وإدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن مستعدتين للتعامل بقيود السفر بسبب كوفيد.

لكني أريد أن أوضح أنه على الرغم من أن تفشي وباء كورونا وأربع سنوات من حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب قد عطل التجارة عبر المحيط الأطلسي في مجال التعليم العالي من نواح كثيرة، فإن جاذبية الدراسة في الولايات المتحدة لن تختفي.

هذا ليس واضحاً حتى الآن إذا نظرت إلى الأرقام. انخفض إجمالي عدد الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، والذي لا يزال أكثر من مليون طالب، بنسبة 1.8% في عام 2020، وهو أول انخفاض سنوي منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

يشكل الطلاب البريطانيون جزءاً صغيراً فقط من ذلك، ولكن بعد الارتفاع لمدة عقد من الزمان، انخفضت أعدادهم بنسبة 3.5% في عام 2020.

سواء كان ذلك بسبب عداء ترمب للطلاب الدوليين، فقد انعكس ذلك في قواعد التأشيرات الأكثر صرامة، والتكاليف المتزايدة باستمرار للحصول على شهادة من الولايات المتحدة، (والتي ازدادت سوءاً في المملكة المتحدة بسبب تأثير التصويت بالموافقة على بريكست على الجنيه الإسترليني)، أو البيئة السياسية السامة (المضطربة)، فكان هناك الكثير يمكن إعطاؤه الطلاب من خلال وقفة تأمل حول أمريكا في السنوات الأخيرة.

كورونا يضيف صعوبات أكثر

لقد أضاف الوباء طبقة أخرى من التعقيد. قد تعيد العائلات التفكير فيما إذا كانت تريد أبناءً عالقين بعيداً عن المنزل إذا كانت هناك أزمة، خاصة إذا ظل السفر صعباً.

وفي سوق العمل الأكثر تحدياً، هناك تدقيقٌ إضافي في القيمة المتوقعة لشهادة ما، بما في ذلك المبلغ الذي يرغب الطلاب في دفعه أو مقدار الديون التي يرغبون في تحمل تراكمها.

كما زاد العام الماضي من صعوبة إظهار مزايا تجربة كلية الأمريكية. مع استثناءات قليلة، كان هناك القليل من الفصول الشخصية أو لم يكن هناك أي فصول دراسية داخل ذلك الحرم الجامعي الشهير ولا توجد نوادي أو لقاءات مجتمعية لتناول البيتزا، ولا توجد مجموعات نقاش صغيرة، أو تجهيزات رياضية جامعية أو متحدثين رفيعي المستوى يتصافحون معهم. لا تزال التنشئة الاجتماعية مقيدة. وعليك أن تنسى الاتصال الهادف مع الأساتذة.

قال سكوت جالواي، أستاذ التسويق في كلية "ستيرن" للأعمال بجامعة نيويورك، إن (جامعة) "هارفارد" هي عبارة عن منصة بث فيديو تكلف 58 ألف دولار سنوياً". وهو لم يكن يحسب حتى تكاليف السكن والطعام والسفر والتأمين الصحي والكتب، والتي ترفع الفاتورة بسهولة إلى أكثر من 70 ألف دولار سنويا في مدرسة خاصة للنخبة.

على الرغم من أن بعض الكليات الأمريكية تتقاضى أقل بكثيرٍ من المستوى الأعلى، إلا أنها لا تزال تُكلِفُ أكثر بكثيرٍ من الحد الأقصى البالغ 10,424 دولاراً سنوياً للرسوم الدراسية في المملكة المتحدة، وعلى عكس المقيمين في الولايات المتحدة، يتعين على المتقدمين الدوليين في كثير من الأحيان دفع سعر الرسمي الكامل (دون تسهيلات).

ومن المحتمل ألا تشعر جامعة هارفارد بالقلق بشأن فقدان طلبات التقدم إليها. تشعر الجامعات الانتقائية للغاية بالاطمئنان عند فرض رسوم باهظة بسبب القيمة السوقية التي يوفرها القبول لديها، كما يقر جالواي بذلك.

لكن الجامعات الأمريكية ذات المستوى الأدنى، والتي تستخدم الرسوم الدولية لدعم الطلاب المحليين، قد تجد صعوبة في تبرير بطاقات الأسعار الخاصة بها.

الطلاب الدوليون يحلمون بالحياة الجامعية في أفلام "هوليوود"

ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن ما يجذب الطلاب إلى الولايات المتحدة ليس من المرجح أن يتغير بطريقة جذرية.

وينجذب الكثيرون إلى تصوير الحياة الجامعية الموجود في العديد من أفلام هوليوود ومجموعة واسعة من البيئات المتاحة لعروض الدراسة.

هناك أيضا جاذبية سوق العمل. وتُقدم الجامعات الأمريكية شبكات (عمل) أوسع حيث يَتخرج فيها المزيد من الرؤساء التنفيذيين والمزيد من المليونيرات، ولكن يتخرج أيضا المزيد من المحسنين (محبو العمل الخيري) والزعماء أكثر من أي مكان آخر. وأكبر نقطة جذب هي مرونة تجربة الولايات المتحدة.

لا يختار الطلاب الأمريكيون غالباً التخصص الدراسي حتى عامهم الثاني في الكلية؛ ولديهم الوقت للمحاولة قبل اتخاذ القرار.

حتى بمجرد اتخاذ قرار بشأن التخصص الذي سيركزون عليه، هناك مجال لأخذ فرع آخر، فيمكن للطلاب التخصص في الهندسة ولا يزالون يأخذون دورة في الشعر أو نابوكوف (كاتب روائي روسي أمريكي). هل تريد شهادة مزدوجة في الاقتصاد وعلم النفس؟ ليس هناك أي مشكلة.

عمليات القبول الأمريكية فريدة أيضاً، فهي تفحص المتقدمين بشكل شامل، مع مراعاة درجات المدرسة الثانوية ونتائج الامتحانات ومجموعة من المواد الإضافية خارج المنهج الأساسي. إنهم لا يسعون فقط للاستدلال على المعرفة الغزيرة، ولكنهم يبحثون عن صورة لكيفية استغلال الطالب المتقدم للفرص التي أتيحت له.

يتقدم الطلاب في بريطانيا إلى مقرر دراسي محدد وهذا إلى حدٍ كبير هو كل ما يدرسونه للحصول على شهادة نموذجية مدَّتها ثلاث سنوات.

حتى عملية التقديم تفرض تضييقاً في الخيارات، حيث يمكن التقدم إلى خمس دورات كحد أقصى. حتى خلال العامين الأخيرين من التعليم الثانوي، يأخذ الطلاب ثلاثة أو أربعة مواد فقط لإعدادهم للمجال الذي يختارونه في الجامعة. وتستند قرارات القبول إلى حد كبير على نتائج الامتحان.

الحجة المؤيدة لهذا النهج هي أن الطلاب يكتسبون عمقاً وخبرة أكبر. كما أنها فعالة، ففي غضون أربع سنوات، يمكنك الحصول على درجتي البكالوريوس والماجستير في كثير من الحالات.

ولكن بالنسبة للطلاب الذين يرغبون في مزيد من الوقت لاستكشاف خياراتهم أو حتى بدأوا يشعرون بالشكوك إزاء خياراتهم أثناء الجائحة فإن الولايات المتحدة تقدم طريقا بديلاً.

يقول "آلان جودمان"، رئيس معهد التعليم الدولي الأمريكي، الذي يعمل على تعزيز التبادل الطلابي الدولي على مدى أكثر من قرن: "هذا العام يشعر الجميع بالقلق بشأن كوفيد، لكنني أعلم أنه عندما تنتهي الأوبئة ستستأنف حركة التنقل الدولي نشاطها، وهي تميل إلى الاستئناف بسرعة كبيرة وتنمو دائماً تقريباً".

مستقبل برامج الدراسة للطلاب الدوليين

على المدى الطويل، من المرجح أن تتسبب الطبقة المتوسطة الدولية المتنامية في زيادة الطلب العالمي على التعليم العالي. وقد تستمر الكليات في الولايات المتحدة في جعل اختبار SAT / ACT القياسي (اختبارات أهلية الالتحاق بالكلية) اختيارياً لتشجيع المزيد من الطلبات.

وقد تصبح الدراسة في الولايات المتحدة أكثر جاذبية أيضا إذا حسَّنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن القدرة على الوصول إلى تأشيرات الطلاب وتصاريح العمل.

وقد يُوجِّه الطلاب البريطانيون، الذين لم يعد بإمكانهم الوصول إلى برنامج التبادل الطلابي لدول الاتحاد الأوروبي "إيراسموس" -وهو برنامج للدراسة الأجنبية تابع للاتحاد الأوروبي بسبب "بريسكت"- أنظارهم بطريقة متزايدة إلى الذهاب إلى الولايات المتحدة بدلاً من ذلك، خاصة إذا تلقوا بعض التمويل من برنامج الدراسة بالخارج الجديد في المملكة المتحدة.

على الرغم من استمرار عدم اليقين بشأن ما إذا كانت الحياة في الحرم الجامعي ستُستأنف هذا الخريف، إلا أن غيابها أكد فقط قيمة تجربة الكلية الأمريكية على صعيد التعلم وجهاً لوجه والذهاب للمكتبات والمختبرات الكبيرة والمجتمعات المتنوعة.

وحتى مع وجود فصول الدراسة عن بعد المسببة للاكتئاب وتقييد الحياة الاجتماعية، يصر أبناؤنا على أنهم سعداء باختيارهم للدراسة في الولايات المتحدة. ثم مرة أخرى، هم لا يدفعون الفواتير.