خافير بلاس: هجوم إيران على إسرائيل يعرقل جهود "أوبك+" لإيجاد سعر مثالي للنفط

لا توجد أزمة نفط حتى الآن ولكن راقبوا سوق عقود الخيارات

شاشة تعرض الأسعار في محطة وقود تابعةٍ لـ"شل" في لوس أنجلوس، الولايات المتحدة
شاشة تعرض الأسعار في محطة وقود تابعةٍ لـ"شل" في لوس أنجلوس، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سألت مؤخراً رئيس شركة نفط مملوكة للدولة في الشرق الأوسط عن السعر الذي يهدف إليه "أوبك+". أجاب المسؤول ضاحكاً: "99.99 دولار للبرميل، وليس سنتاً واحداً أعلى". وحتى بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، هناك فرصة جيدة لأن يتمكن التحالف النفطي من إبقاء أسعار الخام أقل من عتبة مئة دولار.

محدّثي كان يتعمد السخرية، ولكن تقييمه يبدو صائباً إلى حد ما في ما يتعلق بالاتجاه العام. ومع ذلك، فإنه من الصعب الوصول لأسعار نفط لا تكون مرتفعة جداً ولا منخفضة جداً؛ فالجغرافيا السياسية للشرق الأوسط لا تضفي إلا مزيداً من التعقيد على الحسابات، وتجعل من الوصول إلى مستوى التوازن المثالي ضرباً من المستحيل.

الأوضاع متقلبة. وبالنسبة لسوق النفط، كل شيء يعتمد الآن على كيفية رد إسرائيل، واحتمال حدوث دورة من التصعيد. ومع ذلك، يمكننا استخلاص بعض الاستنتاجات الأولية:

1- من الناحية المادية البحتة، لم يتغير شيء في عالم النفط. يتدفق الخام من الشرق الأوسط إلى العالم من دون عوائق، ويظل مضيق هرمز، وهو ممر الطاقة الأكثر أهمية في العالم، مفتوحاً أمام الشحن. بكل بساطة: لا يوجد نقص في النفط.

2- تزايد خطر حدوث اضطراب في المستقبل. سيكون من السذاجة القول إن الشرق الأوسط يبدو اليوم تماماً كما كان في الأسبوع الماضي؛ لقد تغير الكثير. لا أعتقد أنه كان هجوماً رمزياً بحتاً. وعلى الرغم من أن إيران أرسلت برقية في وقت مبكر، إلا أنها أطلقت نحو 170 طائرة مسيرة، و30 صاروخ كروز، و120 صاروخاً باليستياً، بهدف واضح هو التغلب على دفاعات إسرائيل. وينبغي أن تعكس سوق عقود الخيارات المخاطر الأعلى من خلال عقود الشراء خارج النطاق السعري الفعلي.

اقرأ أيضاً: التجار يقيمون مخاطر الصراع بين إيران وإسرائيل في سوق النفط الضيقة

3- يبدو أن إيران كانت تهدف إلى تصعيد بهدف التهدئة، بدلاً من فتح الفصل الأول لحرب إقليمية. حتى قبل أن تصل الطائرات المسيرة والصواريخ إلى إسرائيل، أشارت طهران إلى أن الهجوم كان ضربة واحدة "دفاعاً شرعياً" بعد القصف الإسرائيلي لسفارتها في سوريا، وأضافت أنه "يمكن اعتبار الأمر منتهياً".

إذا اعتبرت إسرائيل أن ردها، الذي جلب الولايات المتحدة ودولاً عربية إلى جانبها لتحييد جميع المقذوفات التي تم إطلاقها تقريباً، كان أشبه بانتصار استراتيجي، فعندئذ تعود المنطقة إلى وضعها الراهن الهش. وإذا كان الأمر كذلك، فلا حاجة إلى ارتفاع أسعار النفط. وبدلاً من ذلك، ستنعكس المخاطر بشكل أوضح عبر سوق عقود الخيارات.

4- إذا وضعنا العوامل الجيوسياسية جانباً، فإن أساسيات العرض والطلب على النفط تبدو صحية. وحتى أكثر التوقعات تشاؤماً للطلب على النفط تشير إلى أن نمو الاستهلاك في عام 2024 سيطابق المتوسط السنوي التاريخي البالغ 1.2 مليون برميل يومياً.

تشير التوقعات المتفائلة إلى نمو أعلى بكثير، في نطاق 1.5 إلى 1.9 مليون برميل يومياً. على جانب العرض، أدت سلسلة من الأخطاء إلى خفض الإنتاج هذا العام، خاصة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، ظلت مخزونات النفط العالمية، التي تزيد عادةً في النصف الأول من العام، من دون تغيير. وما لم تقم "أوبك+" بزيادة الإنتاج قريباً، فإن المخزونات ستنخفض في النصف الثاني من العام.

5- يعمل تحالف "أوبك+" على إبقاء السوق متماسكة. وعلى الرغم من أن أسعار النفط أعلى بكثير من 80 دولاراً، قرر التحالف في أواخر مارس تمديد تخفيضات الإنتاج في الربع الأول إلى الربع الثاني. وأتوقع أن يزيد التكتل النفطي الإنتاج في اجتماعه المقبل، المقرر عقده في الأول من يونيو. وفي تقريرها الشهري الأخير عن النفط الصادر في 11 أبريل، أشارت منظمة "أوبك" إلى أن "التوقعات القوية للطلب على النفط في الصيف تستدعي مراقبة السوق بعناية"، وهو ما يشبه مقدمةً تمهيدية قبل الشروع بزيادة الإنتاج.

اقرأ أيضاً: إيران تشن هجوماًَ مباشراً على إسرائيل لأول مرة

6- إن كيفية قيام "أوبك+" بزيادة الإنتاج ستكون بنفس أهمية الزيادة نفسها. أتوقع أن يزيد التحالف إنتاجه ببطء، تاركاً خياراته مفتوحة. وبدلاً من الإعلان المسبق عن سلسلة من زيادات الإنتاج، يمكنه اختيار الدعوة إلى اجتماعات شهرية، مما يجعل السوق في حالة تخمين ما إذا كان سيضخ ما يكفي من النفط الخام.

7- ما لم تنخرط إسرائيل وإيران في هجمات متبادلة تعطل تدفقات النفط، فإن "أوبك +" لديه ما يكفي من القدرة الإنتاجية الفائضة للسيطرة على ارتفاع الأسعار. وتحتفظ المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والعراق، بقدرة إنتاج فائضة بحوالي 5 ملايين برميل يومياً خارج السوق، وهو ما يعادل نحو 5% من الطلب العالمي، وأكثر مما تنتجه إيران نفسها.

8- باستثناء حربٍ إقليمية، فإن أكبر خطر على إمدادات النفط هو الخطر السياسي. وعد الرئيس جو بايدن برد "دبلوماسي" على الهجمات الإيرانية. منذ تنصيبه في عام 2021، سمح بايدن لإيران بزيادة إنتاجها النفطي، ما أدى إلى تخفيف تطبيق العقوبات الأميركية على طهران.

وفي مارس، وصل إنتاج النفط الإيراني إلى أعلى مستوى له منذ خمس سنوات عند 3.25 مليون برميل يومياً، ارتفاعاً من 2.1 مليون في يناير 2021. وإذا استأنف بايدن تطبيق العقوبات، فقد يؤدي إلى تشديد السوق بشكل كبير، ما لم يعوض "أوبك +" التأثير. أنا أشك في أن يتخذ بايدن مسار العمل هذا في عام الانتخابات.

اقرأ أيضاً: الهجوم الإيراني يختبر حدود قدرات الدفاعات الإسرائيلية المدعومة أميركياً

9- روسيا ستفوز بفضل ضيق التدفقات في سوق النفط، حيث تبيع موسكو بالفعل خامها بسعر 75 دولاراً للبرميل، وهو أعلى بكثير من 60 دولاراً وهو السقف الذي فرضته مجموعة السبع (ضمن العقوبات على روسيا).

إذا فرضت واشنطن عقوبات على إيران، فقد تخلق مساحةً للنفط الروسي الخاضع للعقوبات للفوز بحصة في السوق وتحقيق أسعار أعلى. أحد الأسباب التي دفعت البيت الأبيض إلى غض الطرف عن صادرات النفط الإيرانية هو أن أولويته كانت إيذاء روسيا. وكان ارتفاع الإنتاج الإيراني هو التكلفة غير المعلنة -وغير المعترف بها- لتلك السياسة. والآن تحتاج واشنطن إلى إعادة النظر في ما هو مصدر قلقها الأكبر.

10- ازدادت بشكل ملحوظ مخاطر قيام البيت الأبيض باستغلال احتياطي النفط الاستراتيجي للبلاد في وقت لاحق من هذا العام. وحتى لو كان حجم المخزون يصل إلى نصف ما كان عليه قبل عقد من الزمن، فإن المخزون البالغ نحو 365 مليون برميل ما يزال يمثل قوةً هائلة.

يمكن لبايدن استخدام غطاء التوتر المتزايد في الشرق الأوسط لتبرير استخدامه، ومحاولة دفع أسعار النفط إلى الانخفاض نحو 80 دولاراً للبرميل إذا رضي تحالف "أوبك+" بارتفاع الأسعار إلى 99.99 دولار، أو حتى أكثر من ذلك.