ماذا تعني الهجمات الأوكرانية على المصافي الروسية بالنسبة لصادرات النفط الخام؟

أوستن: أوكرانيا يجب أن تركز على أهداف عسكرية كون الهجمات تهدد بالتأثير على أسواق الطاقة

عامل يمر بجوار منصة مضيئة للتنقيب عن النفط وأنابيب الحفر
عامل يمر بجوار منصة مضيئة للتنقيب عن النفط وأنابيب الحفر المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أثارت موجة الهجمات التي نفذتها طائرات مسيرة أوكرانية في الآونة الأخيرة على مصافي النفط في روسيا، سؤالاً بين المحللين والتجار: هل سيؤدي ما حدث إلى تحويل موسكو كميات كبيرة من النفط الخام التي لا تستطيع المصانع معالجتها، إلى السوق العالمية؟

الجواب: هناك قيود عملية واعتبارات سياسية، تجعل من الخطأ افتراض أن كل برميل نفط خام من طاقة التكرير التي تعرضت للتدمير، يصبح قابلاً للتصدير.

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأسبوع الماضي إن أوكرانيا يجب أن تركز على أهداف عسكرية، كون الهجمات تهدد بالتأثير على أسواق الطاقة العالمية.

قدرت وكالة الطاقة الدولية يوم الجمعة أن صادرات الخام الروسية ارتفعت بنحو 400 ألف برميل يومياً على أساس شهري في مارس. انخفضت شحنات الوقود ( البنزين والديزل) نحو 200 ألف برميل يومياً. أوضحت الوكالة أن "هذا ينبع من الهجمات الأوكرانية المتكررة على المصافي الروسية بالإضافة إلى أعمال الصيانة"، مضيفةً أن إمدادات روسيا من البنزين إلى الخارج انخفضت بأكبر وتيرة بسبب حظر البلاد تصدير الوقود.

اقرأ أيضاً: وكالة الطاقة: استهداف أوكرانيا لقطاع النفط الروسي يهدد السوق

العائق الأكثر عملية أمام تحويل التدفقات الإضافية يتمثل في قدرة الموانئ الاستيعابية. تشير أعلى معدلات الصادرات المستدامة من موانئ النفط الروسية إلى أنها قادرة، على الأقل من الناحية النظرية، على التعامل مع نحو 930 ألف برميل يومياً من النفط الخام الذي تم تحويله. لكن هذا الرقم ينخفض بشكل حاد عندما نأخذ الواقع اللوجستي في الاعتبار. وقع أحدث هجوم بطائرة مسيرة على مصفاة نفط روسية في الثاني من أبريل.

للتعرف على الطاقة الإنتاجية الفائضة، فحصت "بلومبرغ" التدفقات المستدامة إبان الذروة خلال السنوات القليلة الماضية، ثم قارنتها بالشحنات حتى الآن منذ مطلع 2024. فيما يلي تفاصيل كل ميناء على حدة لمعرفة الكمية التي يمكن للبلاد شحنها، بما في ذلك تقديرات السعة الاحتياطية الفعالة، وفق تقديرات "بلومبرغ".

موانئ الأورال الرئيسية

يتمتع ميناء نوفوروسيسك الروسي الواقع على البحر الأسود بسعة احتياطية تبلغ 240 ألف برميل يومياً، وحدث ذلك عندما كانت عمليات إعادة شحن البراميل الكازاخستانية، التي تمر أيضاً عبر الميناء، منخفضة للغاية.

اقرأ أيضاً: واشنطن تنتقد الضربات الأوكرانية على مصافي النفط الروسية

ربما منح الوضع الحالي الميناء مجالاً أكبر للتعامل مع البراميل الروسية، الأمر الذي يثير الشكوك إزاء الكمية التي يمكن شحنها في الوقت الراهن.

من الناحية النظرية، قد تعطي موسكو الأولوية للبراميل الروسية، ولكن من المحتمل أن تكون هناك مسائل تعاقدية يجب مراعاتها في ما يتعلق بالتزاماتها تجاه كازاخستان. كما أن الميناء هو الأقرب إلى أوكرانيا، وبالتالي يواجه خطر التعرض لهجوم بطائرات مسيرة، كما أنه عرضة لسوء الأحوال الجوية.

قدرة الموانئ الروسية على تصدير النفط (وفق بيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ، جميع الأرقام بآلاف البراميل يومياً)

اسم الميناء المنطقة أقصى قدر ة على التصديرالتصدير منذ بداية 2024القدرة الفائضة الاسمية على التصديرالقدرة الفائضة الفعلية
بريمورسك بحر البلطيق1120870250200
أوست لوغا بحر البلطيق70559011580
نوفوروسيسكالبحر الأسود 645405240150
مورمانسكالقطب الشمالي 4152901250
كوزمينوالمحيط الهادئ995870125100
دي كاستريالمحيط الهادئ250200500
بريغورودنوي المحيط الهادئ10075250
الإجمالي 42303300930530

بريمورسك وأوست لوغا

ميناءا بريمورسك وأوست لوغا الواقعان على بحر البلطيق يتمتعان معاً بالقدرة على تصدير 365 ألف برميل إضافية يومياً. يتصل الميناءان عن طريق خطوط الأنابيب بحقول النفط في غرب سيبيريا وحوض نهر الفولغا-الأورال، ويتمتعان بأكبر قدرة مجمعة يمكن استخدامها في حالة تحويل النفط الخام بعيداً عن المصافي المتضررة.

من الناحية العملية، فإن نوبات الطقس السيئ وصيانة الموانئ وغيرها من الحقائق اللوجستية المتنوعة تعني أن الموانئ قد تكافح من أجل الحفاظ على الصادرات عند أعلى مستوياتها النظرية لفترات طويلة.

كوزمينو

توجد طاقة فائضة قليلة لدى كوزمينو، وهو أكبر ميناء في روسيا على المحيط الهادئ. يبلغ الحد الأقصى لمتوسط قدرة الميناء خلال أربعة أسابيع منذ بداية عام 2022، 995 ألف برميل يومياً. سجل متوسط التدفق عبر رصيفي التحميل منذ مطلع عام 2024، نحو 870 ألف برميل يومياً.

تتوقع شركة تشغيل خطوط أنابيب النفط الروسية "ترانسنفت" أن تبلغ تحميلات النفط الخام في ميناء كوزمينو، نحو 920 ألف برميل يومياً هذا العام، بزيادة قدرها 50 ألف برميل يومياً فقط عن المستويات المسجلة حتى الآن في عام 2024.

لكن تحقيق معدلات شحن أقرب إلى مستوى السعة الافتراضية سيتطلب تشغيل الميناء من دون أي عوائق، إذ تم إغلاقه بالفعل لعدة أيام هذا العام بسبب الرياح العاتية التي منعت السفن من الرسو على الأرصفة.

اقرأ أيضاً: نشاط مصافي النفط الروسية يتعافى من تأثير هجمات أوكرانيا

لقد تم بالفعل تعزيز قدرة روسيا على إيصال النفط الخام إلى الميناء من خلال إدخال عوامل إضافية تساعد على تدفق النفط بسهولة أكبر عبر خطوط الأنابيب وعمليات تسليم النفط عبر السكك الحديدية. هذا الوضع يوضح الجهد الذي تم بذله بالفعل لاستمرار ارتفاع التدفقات من الميناء.

موانئ مرتبطة بالإنتاج

على الرغم من أن روسيا لديها موانئ نفطية رئيسية أخرى، إلا أنها لن تكون مفيدة للغاية في زيادة صادرات الخام. في المحيط الهادئ، ترتبط التدفقات من ميناءي دي كاستري وبريغورودنوي، بمدى توافر النفط الخام من المشاريع القائمة قبالة جزيرة سخالين. ولا يمكنها أن تزيد إلا بمقدار 75 ألف برميل يومياً نظرياً على أي حال.

تتجاوز المسافة بين الحقول التي توجد في معقل النفط بغرب سيبيريا في روسيا والموانئ، أكثر من 2500 ميل، والأخيرة غير مجهزة لاستلام النفط المنقول عبر القطارات ولا ترتبط عبر خطوط الأنابيب بأي مصادر إمداد أخرى غير الحقول التي صممت لخدمتها.

اقرأ أيضاً: أوكرانيا تدافع عن استهدافها المصافي الروسية بعد تقرير يفيد بتحذير أميركي

الوضع مماثل في القطب الشمالي، إذ تعتمد الصادرات عبر ميناء مورمانسك على توافر النفط الخام من المشاريع على طول ساحل القطب الشمالي.

وحدتا التخزين العائمتان اللتان تشكلان محطة التصدير في مورمانسك غير متصلتين بنظام خطوط أنابيب التي تديرها "ترانسنفت". بعبارة أخرى، من المرجح مرة أخرى أن تصبح طاقة الميناء الافتراضية، لتصدير 125 ألف برميل يومياً، موضع نقاش، حتى لو كان من الممكن استغلالها.

المحصلة النهائية

خلاصة القول هي أن القدرة الاحتياطية الحقيقية للموانئ الروسية التي تقترب من 500 ألف برميل يومياً، هي بالتأكيد أقل بكثير من المستوى النظري.

لكن القيود التي تواجه الموانئ ليست سوى جزء من الصورة. إذ تتمتع روسيا أيضاً بقدرة تكريرية غير مستغلة، ويمكنها معالجة البراميل على الفور قبل أن تحتاج إلى الذهاب إلى السوق العالمية في صورة النفط الخام.

كما أنها ملتزمة بقيود أعمق على إنتاجها من النفط الخام بموجب اتفاق مع تحالف "أوبك+". وهذا الأمر يجعل الوضع أكثر إرباكاً.

حتى الآن، كانت شركات التكرير الروسية سريعة نسبياً في استعادة معدلات معالجة الخام في المنشآت التي تضررت بسبب هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية.

قالت وكالة الطاقة الدولية نقلاً عن تقارير إن مصفاة توابسي التابعة لشركة "روسنفت" والقريبة من البحر الأسود هي الوحيدة التي ما زالت متوقفة عن العمل، ومن المرجح أن تستأنف عملياتها في منتصف مايو.

اقرأ أيضاً: حرب أوكرانيا تدخل مرحلة جديدة بعد ضرب مصافي النفط الروسية

السوق المحلية

سعت روسيا أيضاً إلى ضمان استقرار إمدادات الوقود للسوق المحلية، وهي أولوية من الناحية السياسية. حتى لو كانت البراميل مناسبة للتحويل إلى سوق التصدير، فليس هناك ما يضمن أنها ستكون كذلك. كما لا يوجد ما يضمن أنه إذا تم استهداف مصافيها، فإن روسيا لن توقف الإنتاج فحسب، بل ستبيع نفطها الخام بأسعار مخفضة.

بالإضافة إلى الضرورات المحلية، فإن شبكة خطوط الأنابيب الواسعة في روسيا تواجه قيود البنية التحتية الخاصة بها.

ختاماً، فإن صناعة النفط في روسيا ليست فريدة ومتجانسة. يوجد العديد من الجهات الفاعلة، سواء الحكومية وغير الحكومية، كل منها يتخذ قراراته الخاصة بشأن ما يجب فعله بشأن الصادرات، لكل منها خدماتها اللوجستية الخاصة.