القيود العمرية على منصات التواصل الاجتماعي لن تحمي أطفالك

المشكلة الحقيقية أن هذه المواقع تعيش على افتراس عقول في طور النمو

مارك زوكربيرغ
مارك زوكربيرغ المصدر: بلومبرغ
Lisa Jarvis
Lisa Jarvis

Lisa Jarvis, the former executive editor of Chemical & Engineering News, writes about biotech, drug discovery and the pharmaceutical industry for Bloomberg Opinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تزداد حالة الزخم التي تهدف إلى إجبار مواقع التواصل الاجتماعي على توفير درجة أعلى من الأمان للأطفال عند استخدامهم لمنصاتها.

لكن بعض الحلول التي تحظى بأعلى قدر من الاهتمام لا تعالج المشكلة الأساسية، وإن توفر لها حسن النية، وهي أن هذه التطبيقات تعيش على افتراس العقول في طور النمو.

يسلط تقرير جديد صدر عن جمعية علم النفس الأميركية الضوء على الحلول التي تعتمد على العلم، وتلك رسالة مهمة لصانعي السياسات والأهل والشركات نفسها. لأننا نحتاج إلى التركيز على ما يحدث الأضرار فعلاً إذا أردنا أن نحقق تحسناً ملموساً. وليس ذلك بالضرورة هو عمر الأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي -محور العديد من جهود السياسة الحالية- وإنما خصائص تلك التطبيقات، وكيف تؤثر على عقول الشباب.

اقرأ أيضاً: دعاوى قضائية تسعى لحماية الأطفال على منصات التواصل

يُشير تقرير جمعية علم النفس الأميركية إلى أن دماغ المراهق لا يزال في مرحلة تعلم واكتساب مهارات مثل التحكم في الاندفاع والتخطيط وتحديد الأولويات، مما يجعله عرضة بشكل خاص لمخاطر تقليب الصفحات إلى ما لا نهاية أو جذب المتابعين ونقرات "الإعجاب" و"المشاركات". وبعض هؤلاء الشباب عرضة بشكل خاص لمخاطر المحتوى الضار أو المؤثرات السيئة.

مشكلة معقدة

القائمة المختصرة من التوصيات الصادرة عن جمعية علم النفس الأميركية اتبعت تحذيرها بشأن وسائل التواصل الاجتماعي من العام الماضي، والذي طالب بدراسة علمية أفضل حول كيفية تأثير منصات مثل "تيك توك" و"انستغرام" على أدمغة الأطفال. لكن بعض ردود فعل صناع السياسة وقادة الفكر لم تكن دائماً متوافقة مع العلم، كما يقول ميتش برينشتاين، رئيس جمعية علم النفس الأميركية للشؤون العلمية. وتقلصت نسبة كبيرة للغاية من التركيز السياسي على فكرة بسيطة: هي الحدود العمرية.

بيد أن التركيز على العمر ليس حلاً شاملاً. فإن بلوغ سن 13 عاماً (أو 16 عاماً) لا يجعل الشخص قادراً بطريقة سحرية على التعامل مع مسؤوليات التواصل الاجتماعي. على نقيض ذلك، قد يكون لدى بعض الأطفال النضج الضروري لتصفح تلك المنصات قبل بلوغ سن 13 عاماً.

علاوة على ذلك، فإن قيود العمر التي وضعتها وسائل التواصل سابقاً لا تجدي نفعاً، إذ من المعروف أن المراهقين أكثر دراية بالتكنولوجيا من أهاليهم، ويتقنون الالتفاف على القيود العمرية على التطبيقات والحدود الزمنية لاستخدام الأجهزة.

اقرأ أيضاً: إعطاء الهواتف الذكية للأطفال يشبه مقايضة فاوستية

قال ديف أندرسون، عالم النفس العلاجي في معهد "تشايلد مايند" (Child Mind Institute): "لا توجد حلول بسيطة وسهلة لمشكلة معقدة". مُضيفاً أن "مواقع التواصل الاجتماعي لن تختفي، وسوف يستمر المراهقون في استخدامها".

يقول أندرسون: "نحن بحاجة إلى تكييف حلولنا مع المخاطر [التي يحددها] العلم، بدلاً من المخاطر التي تضخمها روح العصر".

حماية الأطفال

كيف يبدو ذلك؟ قدم برينشتاين نموذجاً لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر أماناً والتي بدت جيدة بالنسبة إلى أهل المراهق. حيث يقول: "أود أن أدخل عمر طفلي وأن أضع جميع حواجز وقيود الحماية في مكانها تلقائياً".

سيكون الإعداد الافتراضي حماية بيانات الطفل، وإيقاف التصفح اللانهائي، وتعطيل ميزة إبداء الإعجابات، وحظر أنواع معينة من المحتوى الحساس (مثل الكراهية الإلكترونية أو المحتوى الفاضح أو المنشورات التي تشجع على اضطرابات الأكل). يمكن تعديل هذه الإعدادات للأطفال الأكثر نضجاً. ويضيف: "لا يبدو أننا نطلب الكثير".

اقرأ أيضاً: مواقع التواصل الاجتماعي ملاذ آمن لمرتكبي التنمر الإلكتروني

تعتبر قيود العمر وحدها حلاً بدائياً للغاية. نعم، لطالما لجأ صانعو السياسات إلى اتخاذ خيارات تعسفية إلى حد ما حول متى يكون الأطفال مستعدين لتحمل مسؤوليات معينة، سواء في قيادة سيارة أو استخدام تطبيق الـ"سناب تشات" (Snapchat).

لكن بعض الأطفال يمكن أن يستفيدوا من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، ركزت حلول أخطائها المتأصلة على حظر استخدام الأطفال للوسائل تماماً أو وضع العبء على الآباء للتشويش وتدبر الأمر.

كما كتبت من قبل، يلعب الأهل دوراً أساسياً في انتقال أطفالهم إلى العالم الإلكتروني انتقالاً صحياً. ولكن حتى أكثر الأهل مواظبةً وجدية لا يمكنهم التنقل في هذه البيئة بمفردهم. فنحن بحاجة إلى أن تدخل شركات وسائل التواصل الاجتماعي، ليس على شكل تغييرات رمزية وحسب، بل بإجراء تعديلات جوهرية على منصاتها، تعالج ما يثبت العلم أنه مشكلة.

إجراءات ضرورية

يتعين على شركات التواصل الاجتماعي القيام بإجراء آخر: هو مشاركة بياناتها حول كيفية استخدام الأطفال لمنصاتها. إن التقدم نحو الشفافية الحقيقية يبدو بطيئاً بشكل محبط. في وقت سابق من هذا العام، أعلن مركز العلوم المفتوحة عن شراكة مع "ميتا" لتسهيل وصول بعض الباحثين إلى البيانات التي يمكن أن تساعدهم على فهم أفضل للعلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والحالة الصحية السليمة. هذه بداية، وإن كانت صغيرة.

يمكن للشركات تسريع هذا البحث في طرق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأطفال وتأثيرها عليهم. ويمكنها تقديم بيانات من التجارب التي أجرتها بالفعل حول كيفية مشاركة المراهقين في منتجاتها. فمن المؤكد أنها تعرف الكثير عن أي الخصائص التي تجعل تطبيقاتها أكثر تعقيداً وإشكالية بالنسبة للمراهقين. ويجب عليها الكشف عن تلك الخصائص وإصلاحها.

اقرأ أيضاً: إذا كان "تيك توك" و"سناب" لا يضران الأطفال.. فليثبتا ذلك

إذا ركزنا على أسهل الإصلاحات بدلاً من الحلول الأكثر دقة التي يحددها العلم، فلن يتغير شيء. ويبدو أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي تهتم بفعل ما يكفي فقط لإبقاء رئيسها التنفيذي بعيداً عن المساءلة في الكونغرس. ويبدو أن المشرعين مهتمون فقط بالانتصارات السياسية الرمزية. أما الأهل فينبغي عليهم الاستمرار في الدعوة والمطالبة بإصلاح حقيقي.