خلاصات من تحقيق "بيزنس ويك" حول ابتزاز المراهقين عبر الإنترنت

عصابات على الإنترنت تخدع المراهقين ليرسلوا صوراً فاضحة وغالباً ما تكون العواقب مأساوية

كايلا بالوماكي تنظر إلى صورة صديقها الراحل جوردان دي ماي على إنستغرام
كايلا بالوماكي تنظر إلى صورة صديقها الراحل جوردان دي ماي على إنستغرام المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

استهدفت موجة من الجرائم الرقمية المراهقين، متسببة بعواقب قاتلة. فبحسب مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي، الابتزاز الجنسي هو حين يتعرض شخص للاحتيال كي يرسل صورة فاضحة إلى شخص آخر، فيبتزه المتلقي عبر التهديد بإرسال الصورة إلى أصدقاء المرسل وأسرته.

كشف تحقيق من "بلومبرغ بيزنس ويك" عن الطرق الاحتيالية التي يستخدمها أشخاص ضليعون بالمجال الرقمي في نيجيريا، من أجل استهداف آلاف الضحايا في الولايات المتحدة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي وكسب ملايين الدولارات.

وقد تسببت هذه الجرائم الاحتيالية بـ20 حالة انتحار على الأقل خلال 18 شهراً خلت. كان أولئك المحتالون نشروا مقاطع فيديو توضيحية على منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" تناولوا فيها طرق ابتزاز المراهقين، وتحدثوا عن اعتمادهم على "إنستغرام" و"سناب تشات" من أجل التواصل مع الضحايا والعثور على أصدقائهم وأقاربهم.

أدناه خمس خلاصات من التقرير تركز على عدد من تلك الحالات، بينها قضية جوردان دي ماي، نجم كرة القدم وكرة السلة في ثانوية "ماركيت" في ميشيغان الذي انتحر في مارس 2022 عن 17 عاماً بعد وقوعه ضحيةً للابتزاز الجنسي.

اقرأ أيضاً: فتاة ترد الصاع صاعين لرجل اخترق حسابها بغرض الابتزاز الجنسي

صورة لجوردان التقطتها صديقته كايلا بالموماكي
صورة لجوردان التقطتها صديقته كايلا بالموماكي المصدر: بلومبرغ

سريعون ولا يرحمون

يمكن أن يحصل الابتزاز الجنسي في غضون ساعات أو حتى دقائق. فمن أجل إقناع الضحية بإرسال صورة عارية، طوّر المحتالون استراتيجية خداعية معقدة. فهم يقرصنون حسابات إنستغرام خاصة بفتيات مراهقات، ويستخدمونها لمصادقة أكبر عدد ممكن من الفتيان من المنطقة نفسها.

بهذه الطريقة يبدو الحساب حقيقياً لأن الضحايا سيرون أن لديهم أصدقاء مشتركين مع صاحبة الحساب. سرعان ما يبدأ المحتالون بالغزل ويبادرون لإرسال صورة عارية أولاً غالباً ما يحصلون عليها بطريقة غير شرعية من الإنترنت المظلم، أو يركّبونها باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، ثم يطلبون صورة عارية للضحية، وعندها يبدأ الابتزاز.

استفحال الابتزاز الجنسي

لفتت قضية الاحتيال هذه نظر المركز الوطني للأطفال المفقودين والمعرضين للاستغلال في يناير 2022. فقد تلقى المركز 100 شكوى من مواطنين في ذلك الشهر، ثمّ تضاعف العدد واستمرّ في الازدياد.

كان هذه الارتفاع سريعاً جداً لدرجة أن المركز عقد اجتماعاً مع شركات التواصل الاجتماعي في يونيو وطلب منها البدء في تتبع هذه الجريمة. بحلول نهاية 2022، كان المركز قد تلقى أكثر من 10 آلاف شكوى من هذا النوع. وهو حالياً يتلقى شهرياً بمعدل 2500 شكوى تتعلق بابتزاز جنسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

حدد مكتب التحقيقات الفيدرالية هوية أكثر من 12600 ضحية، ولكنه يقول إن الحالات غير المبلّغ عنها أعلى بكثير بسبب شعور الضحية بالعار والإحراج.

ويُقدّر أن إحدى شبكات الابتزاز الجنسي حصلت على دفعات بواسطة عملة "بتكوين" تتجاوز 2.5 مليون دولار من ضحايا أميركيين. وفي قضية أخرى، دفع أحد الضحايا شهرياً مبلغ 10 آلاف دولار ليمنع إرسال صورته العارية إلى أصدقائه.

اقرأ أيضاً: القانون يخذل ضحايا المحتوى الإباحي المزيف

"صبية ياهو" النيجيريين

ظهر أول رابط مع نيجيريا في قضية دي ماي. فقد حصل المحققون في ميشيغان الذين يعملون مع مكتب التحقيقات الفيدرالية على نسخة عن محادثات الشاب عبر إنستغرام مع محتال يدعي أنه فتاة مراهقة تدعى داني روبرتس. وقادهم عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بالحساب إلى لاغوس. ألقت السلطات النيجيرية القبض على شقيقين ورحلتهما إلى الولايات المتحدة العام الماضي لمحاكمتهما بتهم ابتزاز على صلة بوفاة دي ماي. وقد أقرّ الأخوان بالذنب في 10 أبريل بتهمة التآمر لاستغلال قاصرين ويواجهان حكماً قد يصل إلى السجن 30 عاماً.

وكان بول رافيل، المحلل لدى معهد "نيتورك كونيجن ريسرتش" (Network Contagion Research Institute) الذي أعد تقريراً عن الابتزاز الجنسي في يناير، وجد دليلاً على أن "صبية ياهو" وهو الاسم الذي يشير إلى مجموعة غير مترابطة من مرتكبي عمليات الاحتلال، كانوا يتشاركون نصوصاً وصوراً ليعلموا بعضهم كيفية ابتزاز المراهقين، بالأخص في أميركا الشمالية.

تحتوي النصوص كلمات وعبارات تساعد الشخص على أن يتكلم بطريقة تجعله يبدو وكأنما هو فتاة أميركية، وتعلمه كيفية الغزل وطلب الصور العارية. تتضمن هذه النصوص أيضاً نصائح حول طريقة الضغط على المراهقين لإرسال الأموال، مثل القول: "لديّ كلّ ما احتاجه لأدمر حياتك".

دور السلطات

من أجل كشف هذا النوع من الجرائم، لا بدّ أن تتحقق عدّة أمور. فيجب أن تكون عناصر الشرطة مدربة على التعامل مع بوابات إنفاذ القانون على منصات وسائل التواصل، ومدركة لطريقة تسريع طلب المحافظة على بعض الحسابات المشبوهة قبل حذف الأدلة. ففي كثير من الأحيان، يحذف الضحايا أنفسهم سجل المحادثات والرسائل بسبب شعورهم بالخزي. كما يتعين على المحققين الذين ينظرون في قضايا انتحار الشباب أن يكونوا يقظين لطبيعة الجريمة، فحتى لو لم يبد الأمر مريباً، إلا أنه قد يكون كذلك.

اقرأ أيضاً: تطبيقات تستغل الذكاء الاصطناعي لتزييف صور نساء عاريات

تقول شركات وسائل التواصل الاجتماعي إنها تعمل مع أجهزة إنفاذ القانون لحلّ قضايا فريدة وحذف مقاطع الفيديو التي تعلم الابتزاز. إلا أن "بيزنس ويك" وجدت بعض مقاطع الفيديو ما تزال منشورة على الإنترنت، حتى بعد مرور عدة أشهر على نشر تقرير رافيل.

وسائل مساعدة

أطلق المركز الوطني للأطفال المفقودين والمعرضين للاستغلال برنامج "أزل الصورة" (Take It Down) بالتعاون مع منصات وسائل التواصل الاجتماعي في العام الماضي، لمساعدة المراهقين على التحكم بصورهم الحميمة.

هذه الخدمة التي يمكن استخدامها من دون الكشف عن الهوية، تمكّن القاصرين الذي أرسلوا صوراً عارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من وضع بصمة رقمية فردية لهذه الصور على شكل رمز رقمي لمنع مشاركتها عبر المنصات المتنوعة. في حين لا يمنع ذلك من الابتزاز الجنسي إلا أنه قد يمنح المراهقين الأمل بألا تنتشر صورهم أكثر.

أعدّ ناشطون في مجال حماية الأطفال استراتيجيات لمساعدة المراهقين ضحايا الابتزاز الجنسي. يمكن الاطلاع على أحد هذه الكتيبات الإرشادية على موقع المركز الوطني للأطفال المفقودين والمعرضين للاستغلال وكتيب آخر على موقع مكتب التحقيقات الفيدرالية.