لماذا يعتبر "طريق التنمية" أساسياً للعراق وتركيا؟

يتوقع أن تبلغ كلفته 17 مليار دولار ويدر 4 مليارات عائدات سنوياً

أشخاص يسيرون في ساحة التحرير في بغداد، العراق. 14 مايو 2023
أشخاص يسيرون في ساحة التحرير في بغداد، العراق. 14 مايو 2023 المصدر: رويترز
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم توقيع اتفاقية رباعية بين بلاده وتركيا وقطر والإمارات، بشأن مشروع "طريق التنمية الاستراتيجي".

يهدف هذا الطريق إلى "تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز علاقات التعاون الإقليمي والدولي"، إضافة إلى زيادة حجم التجارة الدولية وتسهيل حركتها، وتوفير طريق نقل تنافسي جديد، وتعزيز الرخاء الاقتصادي والإقليمي"، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية.

وأضاف البيان، أن المذكرة وقعها عن الجانب العراقي وزير النقل رزاق محيبس، وعن الجانب التركي وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، فيما وقع عن الجانب القطري وزير المواصلات جاسم بن سيف السليطي، ووقع عن الجانب الإماراتي وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل محمد المزروعي، مبيناً أن "المذكرة تتضمن قيام الدول الموقعة بوضع الأطر اللازمة لتنفيذ المشروع".

يُعتبر هذا المشروع الذي سُمي بداية باسم "القناة الجافة" وتم تغيير اسمه إلى "طريق التنمية" خلال لقاء بين الرئيس العراقي ونظيره التركي في مارس 2023، أساسياً بالنسبة للعراق، إذ يربط جنوبه بالحدود مع تركيا، كما يرتبط بشبكات السكك الحديدة وطرق النقل البرية في أوروبا.

شريان اقتصادي

قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال مؤتمر الإعلان عن الطريق في مايو الماضي، إن المشروع سيوفر "شرياناً اقتصادياً وفرصة واعدة للجمع بين المصالح والتاريخ والثقافات لجعل منطقتنا وجهة لكل من يبحث عن استثمار ناجح"، مضيفاً أن "طريق التنمية خطة طموحة ومدروسة نحو اقتصاد قوي وناجح، ونعتبرها حجر الزاوية لاقتصاد غير نفطي مستدام، يخدم جيران العراق والمنطقة ويساهم في جهود التكامل الاقتصادي".

"طريق التنمية" البري المقترح للربط بين الخليج العربي وأوروبا عبر العراق
"طريق التنمية" البري المقترح للربط بين الخليج العربي وأوروبا عبر العراق المصدر: الشرق

خط سير الطريق

يُفترض أن يبدأ المشروع من ميناء الفاو في مدينة البصرة جنوبي العراق، مروراً بمدن الديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل، ثم يدخل الأراضي التركية من قرية أوواكوي التابعة لولاية شرناق جنوب شرقي تركيا، وصولاً إلى ميناء مرسين على البحر المتوسط، ومنه إلى أوروبا.

ومن المتوقع أن يبلغ طول السكك الحديدية والطرق السريعة التي تربط بين ميناء الفاو والحدود التركية 1200 كيلومتر، وأن تبلغ كلفته 17 مليار دولار ويُتوقع أن يدر نحو 4 مليارات دولار سنوياً.

ومن المرتقب أن يشارك في المشروع بالإضافة إلى تركيا والعراق، عدد من دول المنطقة، وهو ما يفسر توقيع كل من قطر والإمارات على المذكرة، فيما من المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من المشروع عام 2028، والثانية في 2033، والثالثة في 2050.

الدور التركي

روجت تركيا أيضاً لهذا المشروع، فخلال مشاركته في قمة كونكورديا التي عُقدت في مدينة نيويورك الأميركية في سبتمبر الماضي، قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن بلاده لمست "عزماً كبيراً" لدى دول الخليج لتنفيذ مشروع "طريق التنمية"، واعتبر أردوغان أن هذا المشروع "يتيح فرصة بناء عالم جديد".

التوترات مع الأكراد

لكن هذا الطريق الذي يتألف من 1200 كيلومتر عبر 11 محافظة عراقية، يمر بمعبر فيشخابور في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق وفق مدير المكتب الإعلامي لوزارة النقل العراقية ميثم عبد الصافي، خلال حوار مع شبكة "رووداو" الكردية.

زهرة البجاري رئيسة لجنة النقل النيابية، أشارت في تصريحات سابقة إلى وجود مطالبات من إقليم كردستان بأن يمر طريق التنمية في العديد من النقاط في الإقليم، مشيرة إلى أن الأمر قيد المناقشة بين وزير النقل العراقي ونظيره في الإقليم.

تشهد العلاقة بين الإقليم وبغداد أخذاً ورداً، بشأن عائدات النفط ودور الحكومة المركزية في تصدير خام الإقليم. وتريد بغداد أن تلعب "شركة تسويق النفط" الحكومية (سومو) دوراً في الإشراف على المبيعات من إقليم كردستان، في حين تقاوم حكومة الإقليم الضوابط الفيدرالية. وهناك مسألة إدارة الصفقات الموقعة سابقاً بين حكومة كردستان وشركات النفط أيضاً.

اقرأ أيضاً: العراق: استئناف صادرات نفط كردستان إلى تركيا يستغرق بعض الوقت

في الوقت ذاته، فإن العلاقة بين الأكراد وتركيا من جهة، وبين أنقرة وبغداد شائكة أيضاً، إذ تنفذ تركيا حملات عسكرية في الأراضي العراقية ضد "حزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه أنقرة تنظيماً إرهابياً.

سعت تركيا منذ فترة طويلة إلى ردع المسلحين الأكراد عن استخدام شمال العراق كمركز لشن هجمات في حربهم المستمرة منذ عقود من أجل الحصول على الحكم الذاتي في جنوب شرقي تركيا الذي تعيش فيه أغلبية كردية. وتتطلع إلى توسيع عملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في العراق.

وفي مارس الماضي، توصلت تركيا والعراق إلى اتفاق أمني تاريخي بشأن حزب العمال الكردستاني يهدف إلى التصدي للمسلحين الأكراد المتمركزين في جبال شمال العراق. ورحبت أنقرة بقرار العراق تصنيف حزب العمال الكردستاني "منظمة محظورة"، وناقش البلدان الإجراءات المتخذة ضد الحزب، وفقاً لبيان مشترك.

مسار مساعد

من شأن هذا المشروع فور إتمامه أن يعزز التجارة بين العراق وتركيا في مرحلة أولى، والتي ارتفعت إلى 20 مليار دولار، وفق تصريحات الرئيس التركي في مؤتمر صحفي في بغداد اليوم، ارتفاعاً من 15.2 مليار دولار في 2022، وبين البلدين وبقية الدول المشاركة في هذا الخط.

حجم التجارة بين تركيا والعراق في 2022
حجم التجارة بين تركيا والعراق في 2022 المصدر: الشرق

كما يمكن لهذا المشروع أن يخلق مساراً مساعداً لمشروع البنية التحتية العملاق الذي يربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط.

وفي سبتمبر الماضي، شهدت قمة مجموعة العشرين الإعلان عن اتفاق لإنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند بأوروبا، من خلال خط للسكك الحديد والموانئ القائمة عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، وهو ما من شأنه أن يولِّد النمو الاقتصادي، ويحفز الاستثمارات الجديدة، وينشئ فرص عمل نوعية، وفق بيان للبيت الأبيض آنذاك.

الممر المعلن عنه في الهند، يطمح أيضاً إلى ربط القارتين (أوروبا وآسيا) بالمراكز التجارية، وتسهيل تطوير الطاقة النظيفة وتصديرها، إضافة إلى دعم التجارة والصناعة القائمة، وتعزيز الأمن الغذائي وسلاسل التوريد.