إنفاق "أمازون" على الذكاء الاصطناعي في كل مستوياته يؤتي ثماره

عوامل عديدة وضعت "أمازون" في وضع ممتاز بين الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي

الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" أندي جاسي خلال مؤتمر
الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" أندي جاسي خلال مؤتمر المصدر: بلومبرغ
Dave Lee
Dave Lee

Dave Lee is Bloomberg Opinion's US technology columnist. Previously, he was a San Francisco-based correspondent at the Financial Times and BBC News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأت الأمور في التحسن بالنسبة للرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" أندي جاسي. فبعد توليه مهامه خلفاً لجيف بيزوس، واجه جاسي في الغالب تحديات. مارست الجهات التنظيمية ضغوطاً ضده.

احتاجت شركة التجارة الإلكترونية إلى كبح جماح نشاطها بعد التوسع المفرط إبان فترة وباء كورونا. أصبح أداء متاجر البقالة لدى "أمازون" مخيباً للآمال. قام جاسي بتسريح آلاف الموظفين وأغلق بعض المشاريع.

تعرضت "أمازون ويب سيرفيسز"، وحدة الأعمال السحابية التي اعتادت أن تحقق الكثير من الإيرادات، وعززت هوامش أرباح الشركة لفترة طويلة، لضغوط، إذ واجهت شركات أوضاعاً مالية صعبة لاستخدام خدمات الحوسبة السحابية إبان تفشي الوباء، ونتيجة لذلك تباطأ نمو الإيرادات.

وعندما أبرمت "مايكروسوفت" شراكة مع "أوبن إيه آي"، ساد قلق بأن حصة "أمازون ويب سيرفيسز" في السوق قد تتأثر، مع توجه شركات للاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي الذي تقدمه أكبر شركة منافسة لـ"أمازون" في قطاع الحوسبة السحابية.

حافظ جاسي، الذي كان مسؤولاً عن صعود "أمازون ويب سيرفيسز" إذ تولى إدارة الوحدة قبل توليه المنصب الأعلى، على تحقيق مستوى عالٍ. أكد جاسي للمستثمرين أن "أمازون" كانت تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي على مدى سنوات، قبل وقت طويل من الإثارة التي أحدثها تطبيق "تشات جي بي تي" في عالم التكنولوجيا وقدرته على تغيير أمور في الحياة.

اقرأ أيضاً: "أمازون" تسجل أقوى نمو بمبيعاتها من الخدمات السحابية منذ عام

أرسلت أمازون رسالة مفادها أنه على رغم أن "أوبن إيه آي" قد تثير الاهتمام وتتصدر عناوين الأخبار، ينبغي على المستثمرين إدراك أن "أمازون ويب سيرفيسز" كونها وحدة شاملة، تقدم خدمات الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن للشركات تشغيل أي عدد من نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة عبرها، من دون القلق بشأن نقل بياناتها المهمة من مزود سحابي واحد إلى آخر.

"الاستثمارات بدأت تؤتي ثمارها"

لمواجهة المخاوف بشأن توافر القدرة الحاسوبية، والتي أدت إلى ارتفاع تكلفة شراء أجهزة شركة "إنفيديا كورب" (Nvidia Corp) للقيام بالتدريب على الذكاء الاصطناعي والتوصل إلى نتائج، كانت أمازون تصنع بالفعل أجهزتها الخاصة لهذه الأغراض باستخدام شرائح تسمى "ترينيوم" (Trainium) و"إنفيرينشيا" (Inferentia)، وتحاول "مايكروسوفت" وشركات أخرى تطوير حلول أجهزة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بهدف اللحاق بالركب.

تأكيداً على جديتها في مجال الذكاء الاصطناعي، اشترت "أمازون" حصة بقيمة 4 مليارات دولار في شركة "أنثروبيك" (Anthropic)، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي قالت إنها تستخدم خدمة "أمازون ويب سيرفيسز" لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

أظهرت أرباح الشركة في الربع الأول التي أعلنتها يوم الثلاثاء، أن هذه الاستثمارات بدأت تؤتي ثمارها، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم بعد إقفال التداولات بنسبة 6.5%. لقد أثبتت تطمينات جاسي دقتها، وأن أفاق الشركة جيدة في المستقبل.

قال جاسي إن "أمازون ويب سيرفيسز" سجلت تسارعاً في نمو المبيعات خلال الربع الثاني على التوالي، بفضل اهتمام الشركات باستخدام خدماتها في مشروعات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير. تحقق "أمازون ويب سيرفسيز" الآن إيرادات سنوية بقيمة 100 مليار دولار، ويمثل إنفاق المستهلكين على الذكاء الاصطناعي حصة كبيرة من تلك العوائد.

اقرأ أيضاً: "أمازون" تستثمر نحو 4 مليارات دولار بشركة ذكاء اصطناعي ناشئة

كما توقع جاسي، بدأت الشركات التي قلصت استثماراتها في خدمات التخزين السحابي إبان فترة تفشي وباء كورونا، في تسريع وتيرة إنفاقها في هذا القطاع. قال جاسي في مؤتمر عبر الهاتف لمناقشة نتائج الأعمال: "أعتقد أن الشركات اتجهت إلى مبادرات أحدث يمكن أن أصفها على المستوى الكلي بأنها تحديث لبنيتها التحتية، ومن ثم محاولة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي".

"الاستثمار في مستويات متعددة"

سجلت "أمازون ويب سيرفسيز" مستوى قياسياً من هامش أرباح التشغيل عند 37.6% خلال الربع الأحدث، بفضل خفض التكاليف وزيادة الطلب.

قال برنت ثيل، المحلل لدى شركة "جيفريز"، لـ"تلفزيون "بلومبرغ"، إن الخدمات السحابية لدى "أمازون" بدأت "بالتعافي من عام صعب للغاية". أضاف أن المستثمرين لا يدفعون أموالاً مقابل استلام توينكيز وورق التواليت. إنهم يدفعون للاستثمار في هذه الشركات التي لديها هوامش أرباح مرتفعة مثل أمازون ويب سيرفسيز".

الأداء الفصلي القوي يعني أن "أمازون" أصبح بمقدورها الإدلاء بتصريحات عامة مثل القول إنها ستزيد "بشكل ملموس" مصروفاتها الرأسمالية هذا العام لدفع تكاليف البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بالكامل، من دون تحديد قيمتها.

بخلاف شركة "ميتا بلاتفورمز"، التي واجهت انتقادات لإعلانها أن إنفاقها قد يرتفع، يمكن لـ"أمازون" أن تنفذ استثمارات كبيرة بفضل تواجدها القوي في مستويات متعددة تخص الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك طبقة البنية التحتية لمنشئي نماذج الذكاء الاصطناعي، والطبقة الوسطى للمطورين الذين يعملون مع الذكاء الاصطناعي، والطبقة العليا من التطبيقات التي يستخدمها المستهلك مثل الدردشة الآلية.

اقرأ أيضاً: هل تزدهر شركات الروبوتات الناشئة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

تضع كل هذه العوامل "أمازون" في وضع ممتاز، بين الشركات العاملة في مجال الذكاء الذكاء الاصطناعي الذي يتميز بالتنافسية الشديدة. ويمكن للشركة كسب الأموال من عملها في مجالي البنية التحتية والأدوات اللازمة لبناء نماذج الذكاء الاصطناعي، ولكن لا يوجد ما يمنع "أمازون" من تواجدها بقوة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها المستهلك، فقد طرحت هذا الأسبوع، مساعدها للذكاء الاصطناعي الذي ينافس "كوبايلوت" الذي أطلقته "مايكروسوفت". بمعنى آخر، وضع جاسي "أمازون" في وضع يؤهلها لتكون رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقدمت الأدوات الضرورية للشركات الأخرى، وتتأهب لجني الأرباح.