محاولة "فيوليا" الجريئة لدمج منافستها "سويز" تصطدم برد فعل سياسي وقضائي في فرنسا

العلامة التجارية لشركة فيوليا على واجهة المقر الرئيس للشركة في العاصمة الفرنسية باريس
العلامة التجارية لشركة فيوليا على واجهة المقر الرئيس للشركة في العاصمة الفرنسية باريس المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

واجهت شركة "فيوليا" (Veolia Environnement SA) رد فعل عنيف بسبب محاولتها الجبرية لشراء منافستها شركة المرافق العامة "سويز إس آيه"(Suez SA)، حيث أمرت محكمة فرنسية بتعليق أي عرض، واتهمت الحكومة الشركة بالتراجع عن وعودها بالسعي إلى صفقة ودية.

وشكل المأزق بين شركتي النفايات والمياه العملاقتين الفرنسيتين اختباراً فعلياً لحدود الثقافة التنظيمية للشركات في البلاد. حيث إن الاستحواذ الجبري هو أمر نادر في فرنسا. من جهتها قارنت النقابات تحرك "فيوليا" بـ"إعلان الحرب". ومن شأن هذا التصعيد أن يؤدي إلى زيادة الضغط على الحكومة الفرنسية للتوسط بهدف الوصول إلى صفقة، وهي الحكومة التي تشتهر بسياسة "التدخل".

وقضت محكمة في مدينة نانتير يوم الاثنين، في قرار مؤقت، بأن "فيوليا" يجب أن تمتنع عن تقديم أي عرض لم تتم الموافقة عليه من قبل مجلس إدارة شركة "سويز" إلى أن يتم النظر في القضية. وتحتج شركة "سويز" على العرض، بحجة أن قرار شركة "فيوليا" بالتوجه مباشرة إلى المساهمين كان "غير قانوني" لأن الشركة التزمت في المحكمة بالحفاظ على إجراء الأمور بالتراضي.

وكرر وزير المالية الفرنسي "برونو لومير" نفس هذا القلق، وقال لإذاعة "يوروب 1" إنه يتعين على الشركتين إيجاد طريق ودي للخروج من هذا الخلاف. وأشار إلى أنه "لا يمكن للرأسمالية الفرنسية أن تكون بمثابة حرب الجميع على الجميع". وأضاف: "على الجميع التحلي بالعقلانية والحكمة، بالإضافة إلى ضرورة وضع المصلحة العامة في الحسبان لأنها مسألة آلاف الوظائف" التي ستؤثر على الحياة اليومية للشعب الفرنسي.

من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة "فيوليا"، "أنطوان فريرو" للصحفيين، إن العرض العدائي هو عرض صالح لأنه مسموح للشركة تغيير نيتها.

معركة طويلة

وهذا هو أحدث تطور في معركة استمرت شهوراً تدور رحاها في قاعات الاجتماعات والمحاكم والساحة السياسية الفرنسية. حيث كانت " فيوليا" قد أذهلت شركة "سويز" وكامل مجتمع صناعة المرافق عندما أعلنت عن خطة للاندماج مع منافستها اللدودة الصيف الماضي، مما أعاد إحياء مشروع قديم لربط أكبر مرافق الصرف الصحي والمياه في العالم.

وعلى الرغم من تأكيدات الرئيس التنفيذي لـ"فيوليا"، الصادرة قبل يوم الأحد، بأنه لن يقوم إلا بمقاربة ودية، إلا أنه لطالما صرخت شركة "سويز" باستمرار محذرةً من أن الدمج، الذي من شأنه أن يخلق عملاقاً في مجال الخدمات البيئية، والذي سيبلغ مقداره أكثر من 40 مليار يورو (48 مليار دولار) من العائدات السنوية، سيضر بالتوظيف ويقلل المنافسة.

وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس مجلس إدارة شركة "سويز"، "فيليب فريرو"، إن المحادثات بين الأطراف المتنازعة ستبدأ "قريباً جداً"، ولكن هناك القليل من المؤشرات التي تدل على أن الجانبين مستعدان للمشاركة في هذه المحادثات بشكل هادف فيه إقرار لموقف الخصم الآخر.

وفي بيان صادر في وقت متأخر من يوم الأحد، أعربت "فيوليا" عن غضبها من مجلس إدارة "سويز" وأعلنت أنها ستقدم عرضاً جريئاً، حيث قدمت 18 يورو للسهم لما يبلغ 70.1% من الشركة التي لا زالت لا تمتلكها.

وفي حين أن "فيوليا" أرادت نقاش خطة الاستحواذ الخاصة بها فقط، قالت "سويز" إن المحادثات يجب أن تركز على صفقة تشمل شركات الأسهم الخاصة مثل "أرديان إس آيه إس" (Ardian SAS) و"غلوبال إنفراستكتشر بارتنرز" (Global Infrastructure Partners)، والتي من شأنها أن تبقي الشركتين منفصلتين.

وقال "فريرو" إن شركة "سويس" "لم تكن صادقة عندما تظاهرت بمناقشة" عرض "فيوليا، وإنها أرادت فقط كسب الوقت لإنهاء عرض مناقصتها العامة بصناديق مالية".

تدخل الحكومة

وتمثل محاولة وزير المالية "لو مير" للعب دور الحكم أحدث إشارة على نزعة الدولة الفرنسية المتزايدة للتدخل في معارك مجالس الإدارة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات بعد أقل من عام بقليل، أثارت عمليات الاندماج مخاوف بشأن الوظائف وما إذا كان بإمكان الحكومة الوفاء بتعهدها تحقيق التحول الصناعي عند تعافي البلاد من الصدمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء.

وفي الشهر الماضي، منع وزير المالية "لو مير" محاولة الاستحواذ على سلسلة متاجر التجزئة "كارفور" من قبل شركة "كوشيه تارد" (Couche-Tard) الكندية من خلال التهديد باستخدام صلاحيات فحص الاستثمارات الأجنبية.

لكن في حالة "سويز" و"فيوليا"، لا يمكن للوزير استخدام نفس الصلاحيات لأن الشركتين فرنسيتان. كما أنه فقد بعضاً من نفوذه العام الماضي عندما باعت شركة "إنجي" (Engie SA)، التي تمتلك الدولة 23.6%من أسهمها، حصتها في "سويز" إلى "فيوليا" على عكس رغبة الحكومة.

وفي يوم الإثنين، قال "لو مير" إنه سيحيل محاولة الاستحواذ التي قدمتها شركة "فيوليا"، إلى "هيئة تنظيم الأسواق المالية" بسبب مخاوف تتعلق بالشفافية وبسبب الطبيعة الفجائية لهذه الخطوة. كما حذر شركة "فيوليا" بشأن الكيفية التي ستنظر بها سلطات المنافسة إلى هذه الصفقة.

ومن جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة "فيوليا" إن عرضها سيكون مفتوحاً بمجرد حصولها على تصريح مكافحة الاحتكار، والذي سيستغرق 8 إلى 14 شهراً.