عملاء "رينيسانس" يهجرونها بعد نتائجها السيئة للغاية

شهد عصر النهضة لجيم سيمونز عمليات استرداد ضخمة من قبل عملاء الشركة
شهد عصر النهضة لجيم سيمونز عمليات استرداد ضخمة من قبل عملاء الشركة بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت شركة "رينيسانس تكنولوجيز" Renaissance Technologies لسنوات عديدة من بين الأسماء الأكثر لمعاناً في أوساط التمويل الرفيعة المستوى إلى حدِّ حصولها على مكانة تقترب من "وول ستريت"، ولكنَّها أضرَّت بسمعتها في الشهور الأخيرة، مما دفع بالمستثمرين للخروج منها حالياً.

وشهدت "رينيسانس" عمليات استرداد لمبالغ لا تقل عن 5 مليارات دولار منذ الأول من ديسمبر، في صفعة لم يكن من الممكن أن يتخيلها العملاء، منذ الخسائر غير المسبوقة لشركة "إيست سيتوكيت" East Setauket، التي تتخذ من نيويورك مقرَّاً لها.

ويأتي الانسحاب بعد تراجع ثلاثة صناديق مفتوحة للجمهور منذ العام الماضي بأرقام مزدوجة، فقد أصيب العملاء بالذهول بعد رؤية الانهيار السريع لسوق الأسهم، والانتعاش الأسرع على شاشات أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.

وتجد شركة "رينيسانس" نفسها الآن في وضع لا مثيل له في تاريخها الذي يقارب الأربعين عاماً، فهي تحاول إقناع مستثمريها، الذين أثاروا ضجيجاً في السابق لإدخال أموالهم إلى الشركة التي تستحق الاستثمار فيها، بأنَّه يمكن الوثوق بها لتحقيق عوائد تفوق السوق، وامتنع متحدِّث باسم الشركة عن التعليق.

صانع المال

وتأسست "رينيسانس" في عام 1982 على يد جيم سيمونز، المتخصص في فكِّ الشفرات بوكالة الأمن القومي سابقاً، وهي تعدُّ أكبر شركة لصناديق التحوُّط الكمّيَّة في العالم. كما بنت الشركة سمعتها إلى حد كبير على نجاح صندوق "ميداليون" Medallion، الذي بلغ متوسط عوائده حوالي 40% سنوياً منذ إنشائه في عام1988 .

وفي بداياته، انطلق"ميداليون" كصندوق منظِّم يتَّبع اتجاهات التداول في أسواق السلع، ثم خسر المال بعد الشهور الستة الأولى، قبل خضوعه لتجديد أدى إلى أداء مذهل.

وقال سيمونز في مقابلة بأوائل عام 2019، إنَّ الشركة أدركت بعد حوالي 15 عاماً أنَّ هناك حدوداً للمبلغ الذي يمكن للصندوق إدارته دون الضغط على الأسواق كثيراً، ولذلك أخرجت شركة "رينيسانس" ما تبقى من المستثمرين بالخارج في عام 2005، ومنذ ذلك الحين سعت للحدِّ من حجم صندوق "ميداليون"، الذي حسبته بلومبرغ بنحو 10 مليار دولار سابقاً.

وجعل نجاح "رينيسانس" سيمونز واحداً من أغنى أثرياء العالم، فقد بلغت ثروته حوالي 23 مليار دولار، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات Bloomberg Billionaires، في حين أعلن الشهر الماضي عن تنحِّيه من منصب رئيس مجلس إدارة الشركة التي كانت تدير نحو 60 مليار دولار في ذلك الوقت، ولكنَّه سيبقى عضواً في مجلس إدارتها.

وبعد إغلاق "ميداليون"، تمتلك "رينيسانس" ثلاثة صناديق للمستثمرين بالخارج، علماً أنَّ أكبر صناديقها المخصصة للأسهم المؤسسية "رينيسانس إنستيتيوشينال إكويتي فاند" (آر آي إي إف) Renaissance Institutional Equities Fund RIEF، وصلت أصوله إلى أكثر من 30 مليار دولار العام الماضي.

وسحب العملاء مبلغاً صافياً، قدره 1.85 مليار دولار من الصناديق العامة الثلاثة في ديسمبر، وطالبوا بمبلع صافٍ قدره 1.9 مليار دولار في يناير، وفقاً لخطابات المستثمرين التي اطَّلعت عليها بلومبرغ، التي أشارت أيضاً إلى استعداد المستثمرين لجني 1.65 مليار دولار أخرى هذا الشهر.

ضعف الأداء

وتظهر الرسائل أنَّ صندوق (آر آي إي إف) خسر 19% في عام 2020، وحصل هذا الصندوق على الجزء الأكبر من عمليات الاسترداد، في حين انخفض صندوق "ذي إنستيتيوشينال دايفيرسيفايد ألفا" The Institutional Diversified Alpha بنسبة 32%، وهبط صندوق "ذي إنستيتيوشينال دايفيرسيفايد غلوبال إكويتيسز" Institutional Diversified Global Equities بنسبة 31%، كما اكتسب صندوق "ميداليون" نسبة قدرها 76%، وفقاً لمجلة "إنستيتيوشينال إنفستور" Institutional Investor.

وبدأت مشكلة الصناديق المفتوحة في أوائل العام الماضي؛ عندما هزَّت جائحة كورونا الأسهم الأمريكية، وفي خطاب بشهر أبريل، أخبرت "رينيسانس" مستثمريها أنَّ أنظمة تداولها أضافت تعرُّضاً أعلى للسوق في أوائل يناير، قبل انعكاس مسارها في وقت لاحق من الربع الأول، بناءً على تقديرات نموذجها التجريبي. وأنهى صندوق (آر آي إي إف) فترة الشهور الثلاثة بانخفاض قدره 14% مقارنة بخسارة قاربت 20 % شاملة توزيعات الأرباح، لمؤشر "إس بي آند بي 500" S&P 500" .

وقالت الشركة في خطاب أبريل أيضاً، إنَّها "تستكشف عدداً من الأفكار حول كيفية تحسين كل نماذجها التجريبية، وأنظمة التحكُّم التي تستخدمها هذه النماذج."

وانتعشت الأسهم بعد هبوط الربع الأول مع اكتساب "إس آند بي" S&P نسبة قدرها 47% شاملة الأرباح، وذلك عن الفترة الممتدة من أبريل حتى ديسمبر.

وأوضحت"رينيسانس" في خطاب للعملاء في شهر سبتمبر، أنَّ خسائرها حتى تلك النقطة كانت بسبب عدم التحوُّط الكافي أثناء انهيار شهر مارس، ثم الإفراط في التحوُّط وسط مكاسب الفترة الممتدة من شهر أبريل حتى شهر يونيو، مشيرة إلى أنَّها بالغت في تعويض المشكلة الأصلية من خلال نماذج التداول.

ومرة أخرى، أبلغت "رينيسانس" عملاءها بأرقامها المحبطة في رسالة بشهر ديسمبر.

وقالت الشركة: "إنَّ الأداء الأخير كان سيئاً، بل أسوأ من الأداء السابق الذي تمَّ توقُّعه لعام 2020"، ولكن إذا نظرنا إلى سجلاتنا الطويلة، فسنرى أنَّ بعض عوائد نسب المخاطرة التي نراها الآن ليست صادمة"

وأضافت الشركة: " إنَّ الدرس الأوسع الذي ينبغي للمرء أن يتعلَّمه؛ هو أنَّ الاستثمارات الجيدة قد يكون أداؤها سيئاً من وقت لآخر".

وتراجع مؤشر صندوق (آر آي إي إف) بنسبة 9.5% أخرى في يناير.