لا تعولوا على بنوك "بايدن" الخاصة بالمزارعين لعزل الكربون

حقل مزروع بفول الصويا
حقل مزروع بفول الصويا المصدر: بلومبرغ
Adam Minter
Adam Minter

Adam Minter is a Bloomberg Opinion columnist. He is the author of “Junkyard Planet: Travels in the Billion-Dollar Trash Trade” and "Secondhand: Travels in the New Global Garage Sale."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتجه معركة الرئيس "جو بايدن" ضد تغير المناخ إلى الزراعة، ويعود ذلك لسبب وجيه. في عام 2018، شكلت الزراعة 10% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة. وكان أحد الاقتراحات لخفض هذا الرقم قد أثار اهتمام فريق "بايدن" والديمقراطيين المؤثرين في الكونغرس وهو : لماذا لا يتم الدفع للمزارعين مقابل عزلهم للكربون في حقولهم؟

تتمثل الفكرة في إنشاء "بنك كربون" فيدرالي يلتزم بشراء ائتمانات من المزارعين الذين يستخدمون أساليب زراعية مستدامة، مثل زراعة تغطية المحاصيل في غير موسمها أو التحول إلى الزراعة بدون حرث لمنع تآكل التربة.

كلما زاد الكربون الذي يعزله المزارع تحت الأرض، زادت الائتمانات التي يمكنه بيعها. وفي الأسبوع الماضي، أصدر "توم فيلساك"، الذي سيصبح وزيراً الزراعة قريباً إشارات تدل على دعمه لهذا المفهوم.

لكن، بقدر ما قد تبدو هذه الفكرة جذابة، من شبه المؤكد أنها تمثل خطأً.

فعلى مدار الـ12000 سنة الماضية، كانت الزراعة مسؤولة عن إطلاق حوالي 8% من الكربون المخزن في تربة العالم. وتقليدياً، لعب كل من تمهيد الأرض وحراثة التربة الدور الأكبر في هذه الانبعاثات.

ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح إنتاج اللحوم، بالإضافة إلى تقنيات تعزيز الغلة يشكلان تهديدات أكبر. في الولايات المتحدة، المصدران الرئيسيان للكربون الزراعي هما أول أوكسيد الكربون الناتج عن استخدام الأسمدة وانبعاثات الميثان من الماشية. بالإضافة إلى ما ساهمت به إدارة (وسوء إدارة) السماد.

دور إيجابي للمزارع

من الناحية النظرية، يمكن أن تكون المزارع إيجابية للمناخ. حيث أن النباتات تمتص الكربون من الهواء أثناء عملية التمثيل الضوئي وتستخدمه لإنتاج العناصر الغذائية. وفي النهاية يتم إرجاع هذا الكربون إلى التربة، ومن المحتمل أن تكون الأحجام التي يتم عزلها في هذه العملية ضخمة.

واعتباراً من عام 2019، جمعت غابات الولايات المتحدة ما مجموعه 58.7 مليار طن من الكربون، أي ما يقرب من 10 أضعاف الحجم المنبعث من قبل الأمريكيين في عام معين. ويجب أن تكون المزارع قادرة على فعل الشيء نفسه. ويجادل تقرير حديث بأن تقنيات عزل التربة المستخدمة حالياً يمكن أن تزيل الكربون بما يعادل حوالي 5% من انبعاثات غازات الدفيئة في الولايات المتحدة لعام 2018.

ولقد جذبت مثل هذه التقديرات انتباه الشركات الحريصة على تعويض انبعاثاتها من خلال شراء أرصدة الكربون من المزارعين. وعلى مدى العام الماضي، انتشرت الأسواق الخاصة لتسهيل مثل هذه التبادلات. حيث أعلنت شركة "باير" (Bayer AG) مؤخراً أنها كانت تساعد 1200 مزارع في البرازيل والولايات المتحدة على تبني أساليب الزراعة المتجددة وخططت لشراء ائتمانات منهم للوفاء بتعهداتها كشركة بشأن مناخ.

وعلى الرغم من أن هذه المبادرات جديرة بالثناء، إلا أنها تستند إلى أرضية مهزوزة. أولاً، قد ينظر إلى الشركات الهادفة للربح، التي تحدد شروط هذه الأسواق على أنها تخدم مصالحها الذاتية، وائتماناتها، بشكل جيد، وعلى أنها شركات قليلة المصداقية. ثانياً، إن علم العزل بالكاد يكون علماً راسخاً.

وإن التربة المختلفة في أماكن مختلفة تمتص الكربون وتحتفظ به وينبعث منها الكربون بمعدلات مختلفة جداً. حتى في الحقول التي تبدو موحدة، يمكن أن يختلف محتوى الكربون خمسة أضعاف.

ومما زاد الطين بلة، أن العلماء يعرفون الآن أن بعض الممارسات المستدامة -مثل زراعة محاصيل الغطاء- لا تعمل جيداً في بعض المناطق كما تعمل في مناطق أخرى. وحتى التقنيات المستخدمة لقياس كربون التربة تثبت أنها مثيرة للجدل إلى حد كبير.

إن حالات عدم اليقين هذه تقوض قيمة سوق الائتمان القابل للتداول، وتزيد من مخاطر أن ينتهي الأمر ببنوك الكربون، الحكومية أو الخاصة، في نهاية المطاف بالفائدة على المزارعين والمصالح الخاصة الأخرى أكثر بكثير من المناخ.

لكن هذا لا يعني أن الحكومة يجب ألّا تلعب دوراً في التخفيف من الانبعاثات الناتجة عن الزراعة. لسبب واحد، فإن وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للطاقة التابعة لوزارة الطاقة (أو ARPA-E) تمول حالياً أبحاثاً حول قياس الكربون في التربة. ويجب أن تجعل إدارة "بايدن" من توسيع مثل هذه المشاريع أولوية.

كما ينبغي عليها أن تصلح البرامج الزراعية الحالية مع مراعاة قضايا المناخ. ويجب أن تكون الخطوة الأولى هي إصلاح البرنامج الفيدرالي الضخم للتأمين على المحاصيل لمكافأة المزارعين الذين يتبنون ممارسات مستدامة.

ولا يمكن أن يقلل ذلك من الانبعاثات فقط (حيث يؤمن البرنامج أكثر من 300 مليون فدان)، ولكنه يساعد أيضاً في التخفيف من تآكل التربة والآثار السلبية الأخرى للزراعة غير المسؤولة وتغير المناخ.

وبالمثل، فإن توسيع برنامج "للاحتفاظ المساحة بالفدادين"، ذاك البرنامج ذو الشعبية، الذي يدفع للمزارعين مقابل الأراضي الخاملة ويحولها إلى غطاء يقلل من التآكل (وعزل الكربون)، يمكن أن يضمن تخصيص ملايين الأفدنة الإضافية لأغراض مستدامة.

في النهاية، قد تكون هناك بيانات كافية لجعل أرصدة كربون التربة حقيقة واقعة. وحتى ذلك الحين، يحتاج المزارعون والشركات ذات التفكير المستدام إلى حلول مناخية يمكنهم الاعتماد عليها فعلياً.