تعليمات "بلاك روك" لمدراء الشركات حول خفض الانبعاثات، تحمل لهجة تهديد في حال عدم الانصياع

المقر الرئيسي لشركة "بلاك روك" في نيويورك. الولايات المتحدة
المقر الرئيسي لشركة "بلاك روك" في نيويورك. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعطت شركة "بلاك روك" تفاصيل أكثر لمدراء الشركات حول ما تنتظره من خططهم لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، محذرة من أنها قد تصوت ضد أولئك الذين لا يستوفون معاييرها.

ونشرت الشركة التي تعتبر أكبر مساهم في العالم وثيقة من خمس صفحات توضح فيها توقعاتها حول كيفية تعامل الشركات مع مخاطر المناخ. وتعد هذه الوثيقة النظرة الأولى على التفاصيل منذ رسالة الرئيس التنفيذي "لاري فينك" في شهر يناير، الذي دعا الشركات إلى التوافق مع الجهود العالمية للوصول إلى صافي الصفر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.

وجاء في الوثيقة: "نتوقع أن يكون لدى المدراء فصاحة كافية فيما يتعلق بمخاطر المناخ وتحول الطاقة، لتمكين مجلس الإدارة بأكمله -بدلاً من مدير واحد الذي هو" خبير المناخ"- لتوفير الإشراف المناسب على خطة الشركة وأهدافها".

ويمكن لمدير الأصول (بلاك روك) التصويت ضد المدراء إذا لم تقدم شركة "خطة موثوقة لتحويل نموذج أعمالها إلى اقتصاد منخفض الكربون". وفي حالات أخرى، تكون شركة "بلاك روك" منفتحة لدعم مقترحات المساهمين التي ستجبر الشركة المعنية على إجراء تغييرات، إذا شعرت بأن "الاهتمام بهذه المشكلة قابل للتسريع".

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، زادت "بلاك روك" من الضغط على الشركات لاتخاذ خطوات أكثر صرامة لتقليل تأثيرها على البيئة. وفي العام الماضي، انضمت إلى منظمة "كلايميت آكشن 100+" (Climate Action 100+)، وهي مجموعة مستثمرين تمتلك أصولاً تبلغ 52 تريليون دولار، وتعمل على تنسيق محاولات المستثمرين لمواجهة تحديات المناخ.

ويتزامن نشاط "بلاك روك" مع نشاط ثمانية من أكبر الاقتصادات في العالم التي وضعت أهدافاً للوصول إلى صافي الصفر من الانبعاثات. وسيرتفع عدد الدول إلى تسعة إذا أوفى الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بالوعد الذي قطعه خلال حملته.

وفي العام الماضي، صوتت "بلاك روك" ضد إدارة 69 شركة من بين 440 شركة تصنفها على أنها كثيفة الكربون. وفي هذا العام، وسعت هذا العدد ليشمل 1000 شركة، وهو ما يمثل 90% من الانبعاثات المباشرة من جميع الشركات التي تستثمر فيها. ورفضت "بلاك روك" الإفصاح عن أسماء الشركات المدرجة في القائمة الأطول.

وأظهرت الدراسات أن المستثمرين يفتقرون إلى بيانات مناخية متناسقة لاتخاذ قرارات بشأن محافظهم الاستثمارية. وتشدد وثيقة "بلاك روك" على أن الشركات بحاجة إلى تحسين عمليات الكشف عن الانبعاثات ووضع أهداف صارمة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لتقليلها، ما هو ضروري للمستثمرين لتتبع التقدم وتحديد الشركات الرائدة في تحول الطاقة.

يذكر أن "بلاك روك" سبق أن أيدت الشركات التي تبلغ عن مخاطر المناخ بناءً على الأطر التي طورتها فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ ومعايير المحاسبة الخاصة بالإستدامة. وفي هذا العام، ذهبت إلى أبعد من ذلك من خلال الدعوة إلى أن تتخذ الشركات هذه الخطوات. (مايكل روبنز بلومبرغ، مؤسس شركة "بلومبرغ"، وهو رئيس "فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ".

وفي هذا السياق قالت "ساندي بوس"، وهي الرئيسة العالمية للإشراف على الاستثمار في شركة "بلاك روك"، خلال مقابلة: "إدراكاً للزخم نحو أهداف اتفاقية باريس للمناخ، تحتاج الشركات إلى إدارة مخاطر الانتقال للوصول إلى صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية الصافية الصفرية بحلول عام 2050، وبالطبع، قد تحتاج الشركات إلى التفكير في المخاطر المحسوسة عند درجتين مئويتين أو سيناريوهات الاحتباس الحراري الأخرى".

البحث عن الكفاءات التشغيلية

كلما ازدادت حرارة العالم، كان من الصعب على الشركات التكيف مع مخاطر الطقس القاسي الذي لا يمكن التنبؤ به. ولهذا السبب حددت اتفاقية باريس هدفين: الحفاظ على الاحتباس الحراري العالمي "أقل بكثير من درجتين مئويتين" مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي، بينما تهدف إلى حده عند 1.5 درجة مئوية. ويتماشى الوصول إلى صافي الصفر عالمياً بحلول عام 2050، مع تحقيق هدف درجة الحرارة ذي الطموح الأكبر، لكن "بلاك روك" تريد أيضاً من الشركات أن تظهر استعدادها للتعامل مع المخاطر إذا كان ليس بالإمكان الحد من الاحترار عند 2 درجة مئوية.

وخلال عملية خفض انبعاثاتها، تقول "بلاك روك" إنها تتوقع أن تجد الشركات على الأرجح "كفاءات تشغيلية" من شأنها خفض التكاليف عن طريق تقليل استخدام الطاقة، ونشر تقنيات جديدة وتقليل النفايات؛ والتي تقول إنها ستخلق المزيد من القيمة للمساهمين.

وتقول أيضاً إنه يجب على الشركات استخدام تعويضات الكربون فقط، والتي تتضمن الدفع لشخص آخر لخفض الانبعاثات، "كمكمل، وإن لم يكن بديلاً، لخفض الانبعاثات بشكل أساسي ومستدام على المدى الطويل".

وبينما تقدم تعليمات الشركة مزيداً من التفاصيل حول نظرتها تجاه المناخ أكثر من ذي قبل، إلا أنها لا تزال أقل دقة مما دعا إليه العديد من دعاة خفض الانبعاثات.

وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن "بلاك روك" تستثمر في الشركات في جميع أنحاء العالم، وعليها أن تحسب البلدان التي هي في مراحل مختلفة من تبني الجهود المناخية.

فكما ورد في حاشية من وثيقتها: "الشركات في الأسواق المتقدمة والناشئة ليست مجهزة بشكل متساو لتحويل أعمالها وتقليل الانبعاثات بنفس المعدل".

وتقول الوثيقة إن العديد من البلدان في آسيا متأخرة حالياً عن الاقتصادات المتقدمة في تحديد أهداف مناخية وطنية طموحة، وتتوقع "بلاك روك" أن تضع الشركات في تلك المناطق خططاً "تحسباً" للقوانين التي ستأتي بأهداف مستقبلية صافية صفرية من الانبعاثات.