2021 عام المعارك لـ"فيسبوك" مع الجهات التنظيمية

مارك زوكربيرغ - فيسبوك
مارك زوكربيرغ - فيسبوك المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعدُّ المواجهة القصيرة والعاصفة التي أجرتها شركة " فيسبوك إنك " مع الحكومة الأسترالية بشأن قانون الدفع مقابل الأخبار، وهو الأول من نوعه في العالم، مجرد بداية لسلسلة من المعارك مع الجهات التنظيمية التي تواجهها أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم خلال عام 2021.

بدأ " مارك زوكربيرغ " العام بطريقة هجومية، فقد حظر الأخبار عبر في أستراليا موطن " روبرت مردوخ " (أمبراطور الإعلام) لرفض مطالبة " فيسبوك" بالدفع للشركات الإعلامية مقابل المحتوى الذي تنشره على منصتها الإلكترونية.

يوم الثلاثاء ، توصَّل " زوكربيرغ " إلى حل وسط بعد محادثات استمرت 11 ساعة مع الحكومة بشأن التشريع الذي يستهدف أيضاً شركة " غوغل"، ومن المتوقَّع تمريره في البرلمان الأسترالي هذا الأسبوع. لكنَّ تأثير الدومينو (تكرار متسلسل للحدث نفسه) على الجهات التنظيمية بدأ حدوثه بالفعل، إذ يضغط الناشرون على الاتحاد الأوروبي لمحاكاة نهج أستراليا.

تشديد القواعد التنظيمية

مع احتمال وجود قواعد تنظيمية أكثر حزماً، حتى بالنسبة إلى شركة " أبل إنك " التي تشكِّك في نموذج " فيسبوك " طويل الأمد لاستخدام البيانات لاستهداف الإعلانات بشكل أفضل، فإنَّ طريقة ممارسة الأعمال التجارية لمنصة التواصل الاجتماعي بدأت تتأثَّر بشدة.

يعبِّر المشرِّعون الأمريكيون عن مخاوفهم الصاخبة بشأن " فيسبوك "، فقد كتب عضو الكونجرس من " رود آيلاند"، ورئيس اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار " ديفيد سيسيلين " تغريدة قائلاً، إنَّ الشركة "غير متوافقة مع الديمقراطية". ويعقد الكونجرس جلسات استماع هذا الأسبوع للنظر في إجراءات أكثر صرامة لمكافحة الاحتكار لكبح جماح سلطات الشركة وغيرها من عمالقة التكنولوجيا.

وجا في نص التغريدة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر " قوله : " إذا لم يكن الأمر واضحاً بالفعل، فإنَّ فيسبوك لا يتوافق مع الديمقراطية".

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الأسترالي "سكوت موريسون"، إنَّه ناقش قضية شركة " فيسبوك " مع رئيس الوزراء الهندي " ناريندرا مودي"، ونظيره الكندي

"جاستن ترودو"، والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، ورئيس وزراء بريطانيا "بوريس جونسون"، الذي تخطط حكومته لإجراء تحقيقات لمكافحة الاحتكار في عملياتها.

كافحت شركة " فيسبوك " للتخلُّص من حالة انعدام الثقة المتجذِّرة بشدة منذ فضيحة شركة " كامبريديج أناليتيكا " التي كشفت عن إخفاقات في حماية البيانات الشخصية للمستخدمين.

وأثارت الشركة جدلاً جديداً في شهر يناير المنصرم، عندما جرى تحديث سياسة خصوصية تطبيق "واتساب " لمساعدته على مشاركة المزيد من المعلومات مع الشركة الأم (فيسبوك) ، مما أدَّى إلى العديد من رفع الدعاوى القضائية ضدها، وتحول المستخدمين للخارج، إذ ينضمّون إلى خدمات مواقع المراسلة المنافسة الأخرى بما في ذلك تطبيق " تيلجرام "، و تطبيق "سيجنال ".

مناورة عالية المخاطر

وجرى انتقاد تحرُّك شركة "فيسبوك" المفاجئ لقطع نشر الأخبار في أستراليا ، مما يهدد أحد المصادر الموثوقة للمعلومات حول فيروس كورونا خلال فترة حيوية من طرح اللقاح، على نطاق واسع. لكنَّ المناورة عالية المخاطر ساعدت في انتزاع بعض التنازلات من الحكومة، التي أعلنت عن تعديلات رئيسية في القانون المقترح أمس (الثلاثاء). وبطريقة حاسمة ، يمكن لـ" فيسبوك "، و "غوغل " تحديد الصفقات التجارية التي يجب إبرامها مع شركات نشر الأخبار ، ولن يواجهوا سوى هيئة تحكيم قسرية كملاذ أخير.

قال ستيفن شيلر، الرئيس التنفيذي السابق لـ"فيسبوك" في أستراليا ونيوزيلندا ، في مقابلة هاتفية يوم الأربعاء: " إنَّ الدرس الذي يجب أن تتعلَّمه الجهات التنظيمية والحكومات في جميع أنحاء العالم، هو أنَّ " فيسبوك " عدو هائل مستعد لاستخدام الأسلحة الكبيرة للحصول على ما يريد". وتمتلك شركة وادي السيليكون (فيسبوك) القدرة على تقويض موقف الحكومة بشكل أساسي بشأن أي موضوع ".

ومن بين معاركها الأخرى؛ تعرَّضت الشركة لدعوى قضائية من قبل لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية تزعم وجود مسار من السلوك غير القانوني لسنوات عديدة " بجانب وجود سلوك مناهض للمنافسة. قد يؤدي الحكم غير المناسب لها في هذه الحالة إلى إجبار " فيسبوك " في النهاية على بيع شركة " إنستجرام ".

وسيجيب زوكربيرغ، جنباً إلى جنب مع قادة " تويتر إنك "، و " ألفابت إنك " (الشركة الأم لـِ " غوغل " )، على أسئلة المشرِّعين الأمريكيين في شهر مارس المقبل حول انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت، ومسؤولية المنصات للحدِّ منها.

وردَّاً على الانتقادات المتزايدة، أنشأت شركة " فيسبوك " في العام الماضي مجلس إشراف من الأكاديميين، والمحامين، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان لمراجعة القرارات الخاصة بملاءمة المحتوى، ومحاولة تهدئة المخاوف بشأن تأثيرها.

وتعدُّ أحكام المجلس ملزمة، فقد ألغى عدداً من قرارات الشركة، وبعد ذلك يوجد على جدول أعماله الحكم على صلاحية قرار تعليق حسابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب إلى أجل غير مسمى على موقع " فيسبوك "، و" انستجرام ".

وبعيداً عن المسؤولين المنتخبين (بالكونجرس)، تدخل الشبكة الاجتماعية في نزاع شائك آخر مع هيئة من نوع ما، لوضع القواعد وهي شركة " أبل ". ويخطط صانع جهاز " أي فون " لتغيير قواعد الخصوصية على أجهزته المحمولة التي ستتطلَّب إذناً صريحاً قبل أن يتمكَّن صانعو البرامج من جمع بيانات معينة، و تتبُّع نشاط المستخدم عبر التطبيقات، والمواقع الإلكترونية.

يحارب موقع " فيسبوك "، الذي يعتمد على مثل هذه المعلومات لضبط إعلاناته ، هذه الخطوة من خلال المجال العام، إذ يحجز إعلانات على صفحة كاملة في الصحف الأمريكية، وتقديم نفسه كمدافع عن الشركات الصغيرة.

وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون التشريع الأسترالي بمثابة معيار عالمي لكيفية إجبار عمالقة التكنولوجيا للجلوس على طاولة المفاوضات، ودفع المال لوسائل الإعلام التقليدية مقابل محتواها الإخباري.

قال يوهان ليدبيرغ، الأستاذ المشارك في جامعة "موناش" في ملبورن، والمتخصص في الإعلام والصحافة ، إنَّ مكالمات قد غمرته من ناشرين في الخارج يريدون التحدُّث عما حدث بالفعل في أستراليا، وكيف حدث ذلك.

وأضاف: "سيكون العامان المقبلان رائعَين لمشاهدة ما سيحدث، وسيتعيَّن على شركة " فيسبوك " اتخاذ بعض الخيارات الأساسية ، لأنَّه لا يمكن تحمُّل أن يكون لديك مثل هذه الهيمنة على المدى الطويل من قبل عدد قليل من اللاعبين في السوق".