قبل أن تفعلها "أبل" و"غوغل".. أوروبا تسارع لإصدار جوازات سفر للحاصلين على اللقاح

قادة الاتحاد الأوروبي يبحثون تسريع إصدار جوازات سفر للملقَّحين من أجل استعادة السفر
قادة الاتحاد الأوروبي يبحثون تسريع إصدار جوازات سفر للملقَّحين من أجل استعادة السفر المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تحرك قادة الاتحاد الأوروبي صوب إنشاء شهادات لقاح على مستوى الكتلة الأوروبية لتمكين البلدان من إعادة فتح السفر، فقد حذَّرت رئيسة المفوضية الأوربية "أورسولا فون دير لاين" من أنَّه في حال عدم الإسراع باتخاذ هذه الخطوة، فإنَّ "غوغل"، و"أبل" ستقومان بملء هذا الفراغ.

وخلال اجتماع أجري عبر الهاتف، واستمر لمدة خمس ساعات، ركَّز زعماء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 27 على كيفية إعادة دولهم إلى شكل من أشكال الحياة الطبيعية بعد جائحة أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص، وأدَّت لإغلاق أجزاء كبيرة من اقتصاداتهم.

وكان هناك دعمٌ واسع من قبل القادة لإصدار هذه الشهادات نوعاً ما، لكنَّهم لم يتفقوا على نوع الامتيازات التي ستمنحها هذه الشهادات.

من جانبها، قالت المستشارة الألمانية "أنغيلا ميركل" للصحفيين بعد المحادثات يوم الخميس: "اتفقنا جميعاً على أنَّنا بحاجة إلى شهادات لقاح، وفي المستقبل، سيكون الحصول على مثل هذه الشهادة هو أمر جيد، لكن هذا لن يعني أنَّه سيتمكَّن فقط الناس الذين لديهم جواز السفر هذا (شهادة اللقاح) من السفر؛ وحول هذا الأمر، لم يتم اتخاذ أي قرارات سياسية حتى الآن".

انتقادات لبطء توزيع اللقاح في أوروبا

وكان قادة أوروبا متلهفين للعثور على استجابة في هذا الخصوص، بعد أن واجهوا انتقادات بسبب بطء برنامج التطعيم الذي تخلف عما حقَّقته دول كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة. في حين تلوح في الأفق أيضاً احتمالية حصول موجة ثالثة من الإصابات قد تؤدي مرة أخرى إلى عمليات إغلاق أكثر صرامة.

ويعدُّ هذا أول اجتماع من نوعه منذ تولي رئيس وزراء إيطاليا الجديد "ماريو دراغي" لمنصبه، بعد أن شغل سابقاً منصب رئيس البنك المركزي الأوروبي، فقد طالب القادة بتبني نهجٍ أكثر حزماً وواقعية لتسريع عمليات التلقيح، وقال لهم، إنَّ برنامج التلقيح يجب أن يتحرك بشكل أسرع، ذلك وفقاً لمسؤول مطَّلع على فحوى المكالمة.

كما دعا "دراغي" إلى اتباع نهجٍ أكثر صرامة ضد الشركات التي لا تحترم التزاماتها بخصوص تسليم اللقاحات، مشيراً إلى أنَّ صادرات هذه الشركات من الاتحاد الأوروبي يمكن حظرها ليس فقط خلال الفترة التي لا تحترم فيها الاتفاقيات، ولكن أيضاً لفترة معينة بعد ذلك.

ويُذكر أنَّ الدعم المتزايد لإصدار شهادة رقمية تتمتَّع بمعايير مشتركة، كأن يكون المرء قد تلقى تطعيماً أو حصل على نتيجة اختبار سلبية أو لديه مناعة، حصل على دَفعة بعد أن خفَّفت "ميركل" موقفها بشأن هذه المسألة، ودعمت العمل على مثل هذه الوثيقة، وفقاً لما ذكره شخصان مطَّلعان على نقاط خطابها.

"غوغل" و"أبل" قد يسبقان الاتحاد الأوروبي

من جهته حثَّت "فون دير لاين" الكتلة الأوروبية على التحرك بشكل أسرع قبل أن تملأ شركات التكنولوجيا الأمريكية هذا الفراغ.

وفي هذا السياق قالت "فون دير لاين" في مؤتمر صحفي: "من المهم أن يكون هناك حل أوروبي؛ لأنَّه في حال عدم وجود ذلك سيملأ الآخرون هذا الفراغ، لأنَّ كلَّاً من "غوغل" و "أبل" قد قدَّمواً مؤخراً حلولاً لمنظمة الصحة العالمية، وهذه معلومات بالغة الحساسية، لذا نريد أن نكون واضحين جداً في هذا الأمر بأننا سنقدِّم حلاً أوروبياً".

من جهة أخرى، قال متحدِّث باسم منظمة الصحة العالمية، إنَّ المنظمة اتبعت نهجاً محايداً بخصوص برنامج تطوير شهادة التطعيم، وإنَّ المنظمة "لا تعمل مع "غوغل" ولا "أبل" في هذه العملية".

لكنَّ شخصاً مطلعاً على موقف شركة "آبل" أشار إلى أنَّ "فون دير لاين" أساءت فهم الموقف، إذ قال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إنَّ شركة "آبل" لم تناقش مطلقاً إقامة تطبيق محتمل للقاح مع منظمة الصحة العالمية، أو الاتحاد الأوروبي.

من جانبه، قال "أليكس باتيليس"، وهو كبير المستشارين الاقتصاديين لرئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس": "إذا لم نوفِّر نحن كاتحاد أوروبي حلاً، فسيقوم طرف آخر بذلك، سواء كان ذلك شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبيرة أو أي كيان آخر، لكنَّ الحل سيتمُّ توفيره في نهاية المطاف"، وأضاف مصرحاً لبلومبرغ: "دعونا نجهز البنية التحتية."

يُذكر أنَّ دولاً بينها ألمانيا وبلجيكا قد تعرَّضت لانتقادات من مفوضية الاتحاد الأوروبي لإغلاق الحدود مع الدول الأوروبية الأخرى لإبقاء الفيروس تحت السيطرة.

وفي حين قال زعماء الدول الأوروبية، إنَّه يجب تقييد السفر غير الضروري، لم يتضمَّن بيان القمة الخاص بهم أي التزامات جديدة، لكن أكَّدوا أنَّ إغلاق الحدود يجب أن يكون متناسباً مع الوضع، ولا يتسم بالتمييز.

يأتي هذا التقارب بشأن جوازات السفر هذه بدفعة من دول الكتلة التي تعتمد على السياحة، التي عانت من أشد الانكماشات خلال العام الماضي، وهي الآن مصمَّمة على فتح أبوابها لأولئك الذين تمَّ تلقيحهم.

ومع ذلك، فقد قاومت دول أخرى مثل هذه التحركات، مشيرة إلى عدم وجود دليل مقنع على أنَّ التطعيم يوقف انتقال العدوى، وكذلك إلى مخاوف بشأن منح بعض المواطنين (الملقَّحين) امتيازات خاصة، واعتبارات قانونية.

مخاوف ماكرون

كان الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" أكثر تشككاً خلال هذه المناقشة، فقد أعرب عن مخاوفه بشأن أمور مجهولة مثل مدة المناعة، وخطر إصابة من تمَّ تطعيمهم، وكذلك بشأن القضايا القانونية والأخلاقية المتعلقة بحماية البيانات الشخصية، وذلك بحسب مصدران مطَّلعان على نقاط خطابه.

وقال "ماكرون" للصحفيين: "سيكون لدينا في النهاية نهجٌ متناغم مع الاتحاد الأوروبي، إنَّ هذا واضح، لأنَّه لا يوجد خيار آخر".

وجاءت هذه القمة بعد أن تحدَّث "باسكال سوريوت"، وهو الرئيس التنفيذي لشركة "آسترازينيكا"، إلى البرلمان الأوروبي في مسعى منه إلى تبديد اللوم الذي تتعرَّض له شركته جراء النقص في تسليم لقاحات كوفيد-19 إلى أوروبا.

وقال "سوريوت"، إنَّ شركته ستسلِّم 40 مليون جرعة إلى الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من العام، مع زيادة الكمية في الأشهر المقبلة، وأضاف أنَّ الموظفين يعملون على مدار الساعة لزيادة الإنتاج، لكنَّ إتقان هذه العملية يستغرق وقتاً، ولا يخلو من الانتكاسات.

وأوضح بقوله: "عادة في صناعتنا تكون لدينا سنوات لتحسين العملية، لكن في هذه الحالة لم يكن لدينا ذلك الوقت، ولم تكن لدينا رفاهية أن يكون بيدنا هذا الكم من الوقت، لقد كان لدينا ستة أشهر".

ارتفاع معدلات العدوى

وخلال المناقشات التي أجراها قادة الاتحاد، سعت "فون دير لاين" إلى طمأنة الكتلة بأنَّ أيَّ نقص في إمدادات اللقاح سينتهي قريباً.

ووفقاً لمعلومات عُرضت على قادة الاتحاد الأوروبي، ستكون الجرعات المتاحة في الأرباع التالية كافية لتطعيم الجزء الأكبر من سكان الكتلة مع حلول نهاية سبتمبر.

لكنَّ رئيس الوزراء الإيطالي "دراجي" لم يكن مقتنعاً، وذلك بحسب مصدر مسؤول آخر، أشار إلى أنَّ "دراغي" قال، إنَّ عمليات التسليم في الربعين الثاني والثالث لا يمكن توقعها.

وتأتي المخاوف بشأن إطلاق اللقاح في الوقت الذي تكافح فيه الحكومات مرة أخرى بسبب تزايد أعداد الإصابات؛ إذ قال رئيس الوزراء "جان كاستكس" الفرنسي، إنَّ باريس ستكون من بين 20 منطقة فرنسية يحتمل أن تواجه قيوداً أكثر صرامة بشأن فيروس كوفيد-19 اعتباراً من الأسبوع المقبل بسبب ارتفاع حالات الإصابة.

وأشار "كاستيكس" يوم الخميس إلى أنَّ الحكومة طلبت من السلطات الصحية مراقبة الوضع عن كثب في العاصمة وغيرها من المناطق في الوقت الذي تسعى فيه لتجنُّب إغلاق ثالث على مستوى البلاد.

وعلى الرغم من أنَّ فرنسا شهدت في المتوسط حوالي 20 ألف حالة جديدة يومياً منذ ديسمبر، وشهدت مراكز العناية المُركَّزة (المشغولة) زيادة طفيفة إلى أن وصلت مؤخراً لـِ67%، ويظهر للعيان وجود تباين واضح متزايد على الصعيد الإقليمي.

وقال "كاستيكس" في مؤتمر صحفي أسبوعي في باريس: "الإغلاق أداة يتعيَّن علينا اللجوء إليها عندما لا نستطيع فعل أي شيء آخر، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لتأجيل اللجوء إلى الإغلاق، ويجب أن نعطي اللقاح وقتاً كي يحدث تأثيراً".