"كلوب هاوس" المفضل لعمالقة التكنولوجيا يتحول إلى ملاذ للمستثمرين الجدد

تطبيق كلوب هاوس يسحب الأضواء من "ريديت"
تطبيق كلوب هاوس يسحب الأضواء من "ريديت" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هل ما زلت تبحث عن النصائح والإرشادات الاستثمارية في منتدى "وول ستريت بيتس" على منصة "ريديت"؟ إذا كان جوابك هو نعم، فنحب أن نخبرك بأن هذا المنتدى بات قديم جداً، وعفا عليه الزمن بالفعل. حيث أصبحت هناك اليوم وجهة جديدة تُلهم المستثمرين، وهي تطبيق قد لا تكون تمت دعوتك إليه حتى الآن.

نحن نتحدث عن التطبيق الجديد "كلوب هاوس" Club House". وإذا لم تكن قد سمعت عنه بعد، فهو عبارة عن شبكة اجتماعية، مبنية على أسس التفاعل الصوتي بين الأعضاء في غرف دردشة حيّة، تتنوع مواضيعها ولغاتها بحسب منشئيها.

في الأشهر القليلة الماضية، أصبح التطبيق وجهة مفضلة لعمالقة التكنولوجيا والمشاهير بما في ذلك إيلون ماسك، ومارك زكربيرغ، والمطرب دريك، وغيرهم الكثيرين. ويمكن من خلال التطبيق للمستمعين أن يحضروا المحادثات المباشرة، ويشاركوا بطرح الأسئلة والتعليق، وذلك خلال جلسات تغطي كل شيء حول فنون إدارة الأموال.

شعبية متزايدة

وبعيداً عن الضجة التي تحدثها الأسماء الكبيرة من خلال عناوين الأخبار، جمع "كلوب هاوس" بهدوء مجموعة متزايدة من هواة استثمار الأموال الذين يجتمعون يومياً في أندية داخله تحت عناوين "Stock 2 Freedom" و "Options Bae" و "Stock Market Academy". ويبدو أن هذه المجموعات التي ظهرت وشهدت زخماً خلال بضعة أسابيع، باتت تحتوي على مئات الآلاف من الأعضاء والمتابعين بشكل جماعي. (يمكن لأعضاء هذه الأندية الوصول لعدد من المميزات تفوق تلك المتاحة للمتابعين لها).

ومنذ انطلاقه في مارس من العام الماضي، سجل "كلوب هاوس" 5 ملايين عملية تنزيل، وفقاً لشركة البيانات "أب توبيا". وفي شهر يناير الماضي، قيّم المستثمرون بما في ذلك أندريسين هورويتز، الشركة بمبلغ مليار دولار. وفي إشارة إلى تزايد شعبية "كلوب هاوس"، تتحدث بعض المصادر عن مساعي تطبيق "فيسبوك" لتطوير قدرات التسجيلات الصوتية المتاحة عبر رسائل الدردشة فيه، وذلك في مساعٍ ليصبح منافسا لهذه المنصة الجديدة نسبيا في نهاية المطاف.

ومن بين الأعضاء الفاعلين على "كلوب هاوس"، آدم تيريل، 37 عاماً من أوينجز ميلز، بولاية ماريلاند في الولايات المتحدة. وهو واحد من بين أربعة مضيفين أساسيين لمنتدى "Stock Markets Moves" الذي يضم أكثر من 85 ألف عضو ومتابع. وهو يقول إن تطبيق "انستغرام" يقوم على الصورة بشكل كبير، بينما "ريديت" لا يتعدى التواصل فيه عن الرسائل النصية. ويعتبر تيريل أن العنصر الذي يميز كل التجربة على "كلوب هاوس" هو المشاركة الصوتية.

نصائح مالية ومتابعون بمئات الآلاف

ومن المؤكد أن المشاركات الصوتية في آخر غرف المحادثة التابعة لمنتدى "Stock Market Moves" على التطبيق، والتي استمرت لمدة ساعتين، كانت مختلفة عن أي تجربة أخرى في مجال التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت. حيث يجتمع تيريل ومضيفوه بما في ذلك تهريم كاليس، وديون فوكسورس، وجوستين رولاند، يوميا من الساعة 9 صباحاً بتوقيت نيويورك. ويتحدثون خلال الجلسات العامة عن الصفقات المحتملة قبل فتح الأسواق بنصف ساعة. فيما يعد تجمعا غير رسمي، يعطي انطباع يتراوح ما بين عرض أخبار الأعمال التجارية على التليفزيون، وحلقة عبقرية للنقاش مع مجتمع الاستثمار الأكاديمي.

وفي اجتماعهم الأخير تحت اسم "Women Wednesday"، تم عقد لجنة من المتداولات النساء كمتحدثين، وذلك للدردشة مع حضور يقرب عدده من نحو 1500 مستمع. وكان الموضوع الرئيسي لذلك اليوم هو "القنّب".

وقبل 24 ساعة فقط من هذا الاجتماع، كانت أسهم شركة "Canopy Growth Corp" الكندية قد قفزت بنسبة %16. وذلك بعد أن أعلنت الشركة المختصة بالقنّب (الحشيش) أنها تتوقع أن تحقق مكاسب واسعة، وانتشاراً واسع النطاق في السوق الأمريكية في عام 2021، بالتزامن مع توجه ولاية نيويورك الأمريكية لتقنين نبات الـ"ماريجوانا"، بالإضافة إلى التكهنات التي تتوقع أن الأغلبية الديموقراطية في الكونغرس يمكن أن تقود إلى التقنين على مستوى فيدرالي في الولايات المتحدة. وهو الأمر الذي من المتوقع أن يقود لطفرة اقتصادية في القطاع. ومع ذلك حثّت إحدى المتحدثات في هذا الاجتماع على توخي الحذر وعدم التسرع بالاستثمار.

منصة أفضل

وقالت تيفاني جيمس، 26 عاماً من بروكلين، قبل دقائق من بدء الجلسة: "كن حذراً للغاية في التعامل مع أسهم شركات الحشيش والماريجوانا حالياً. وأضافت: " إذا لم تكن تعرف كيفية ممارسة التداولات اليومية، وإذا لم تكن تعرف كيفية الخروج من إحدى الصفقات بالوقت المناسب، عليك أن تكون حذراً للغاية هنا. وذلك لأن هذا الأمر قد يصبح خطيراً، وقد يزيد حجم التداول في مثل هذه المواقف ويقود لفقاعات مضاربة.

وتستضيف جيمس مجموعة محادثة خاصة بها، تُسمى "Modern Blk Girl"، وهي أحد أكبر النوادي المالية الموجودة في "كلوب هاوس"، وتضم حوالي 98 ألف عضو ومتابع. وتقول تيفاني أنها بدأت في التعرف على الأسواق المالية لأول مرة من خلال مشاهدة الفيديوهات على موقع "يوتيوب".

وتماما كجميس، لا يعتبر أحد من مضيفي منتدى "Stock Market Moves" مستشارا ماليا رسمياً، بينما ترتفع شعبيتهم بشكل كبير نتيجة لصعود نسبة متابعي نقاشات الأسهم على منصات التواصل الاجتماعي، والمنتديات الأخرى على الانترنت. بما في ذلك النوادي الموجودة على "تيك توك" و "تويتر" و "ريديت"، وحيث يكسب بعضا من متابعيهم ملايين الدولارات من خلال التداول من منازلهم.

ويقول دان هيرون، المستشار المالي في شركة "إليمينتال ويلث أدفيسور" لويس ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة إن: "عدم وجود قواعد منظمة للاستشارات المالية الموجودة على منصات التواصل الاجتماعي يقلقني بعض الشيء". ومع أن دان هيرون يرحب بمساحة حرية التعبير التي يقدمها "كلوب هاوس"، لكنه يخشى أن يخلط المستثمرون بين التداول اليومي وبين خطط الاستثمار من أجل التقاعد. كما أضاف دان هيرون أن "هذان أمران مختلفان تماماً".

نصائح مالية مجانية.. حتى الآن

ويقول فوكسورث، المقيم في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، أنه يشعر بثقل وأهمية الشعبية المفاجئة لمجموعته التي يُعتبر أحد مؤسسيها على التطبيق. ويقول: "نقول ونذكر بعضنا خلال كل حديث، بأن أحد منا لا يعد مستشاراً مالياً، نحن فقط نريد أن يفهم الناس السوق، ولا نحاول إخبارهم بما يجب عليهم فعله بأموالهم".

كما يقول إنهم لا يحاولون كسب المال من مجرد تواجدهم على "كلوب هاوس"، أو على الأقل فهم لا يقومون بذلك بشكل مباشر". حيث إن الانضمام إلى التطبيق وغرف المحادثة مثل "Stock Market Moves" تعتبر مجانية. وعلى الرغم من أن "كلوب هاوس" أعلنت مؤخراً أنها تخطط لاختبار بعض المميزات التي من شأنها أن تسمح للمضيفين بتوفير مزايا لتلقي المدفوعات بشكل مباشر، بما في ذلك إتاحة إمكانية دفع البقشيش، أو التذاكر، أو الاشتراكات من قبل متابعيهم.

إلا أنه وفي الوقت الحالي، يقول المضيفون أنهم يرون أن التطبيق فرصة لبناء جمهور وربما جذب الانتباه للأنشطة التجارية التي يديرونها خارج المنصة. وفي المجال المالي، هذا يعني عادةً توفير دورات تدريبية موجهة عبر الفيديو حول التداول في الأسواق المالية، وذلك من خلال محاضرات يتم تدريسها عبر تطبيق "زووم".

آثار جانبية

وليس غريباً أن يعد "كلوب هاوس" مثل "ريديت" ومنصات تواصل اجتماعي أخرى، أمرا يفتح النقاش ويثير الجدل حول تأثيره بشكل خاص على الأسواق المالية. حيث تعرض التطبيق لانتقادات شديدة في الخريف الماضي عندما قام متحدث في غرفة بالتحدث عن أفكار معادية للساميّة أمام مئات من المستمعين، و قام مستمعون آخرون بالرد عليه.

وقد كتبا مؤسسا التطبيق، بول دافيسون، وروهان سيث، أنهما قاما بإنشاء "كلوب هاوس" لبناء تجربة اجتماعية تبدو أكثر إنسانية، حيث من خلاله يمكنك بدلاً من الكتابة والنشر، الاجتماع مع الأشخاص الآخرين والتحدث معهم وكأنك في جلسة افتراضية. ولم ترد الشركة على طلب التعليق.

ويقول المضيفون والمستمعون المشاركون في التطبيق، أن طبيعة "كلوب هاوس" تسهّل تصحيح المعلومات الخاطئة بشكل مباشر. وتتيح مساحة حقيقية للتجمع أكثر من منصات الانترنت الأخرى. وهذا لأنه من السهل أن تكون ساخراً ومُسيئاً وأنت تظهر فقط من خلال الكتابة، لكن الأمر يكون أكثر صعوبة عندما تضطر إلى استخدام صوتك أمام الحضور.

ومع ذلك، حتى في غرفة النقاش الأخيرة من "Stock Market Moves"، أثر بعض المستخدمون على بعض الأسهم غير المعروفة بشكل جيد، دون التخلي عن مصالحهم الكاملة في تلك الأصول.

ويقول تيريل " لأنها مساحة مفتوحة، سيأتي الناس ويقولون أحياناً ما يخدم مصالحهم الشخصية.". وتابع: "نحن نحاول موازنة ذلك كمتحدثين".

تجارب واقعية

ومن جهته قال فوكسورث إن الأسبوع الذي شهد زيادة نشاط "غيم ستوب" كان أول مرة يتلقى فيها رسائل كراهية من أحد المتابعين. حيث بدأ أحد المتحدثين بسرد تجربته عن جني أرباح تخطت المليون دولار من خلال أسهم "غيم ستوب". وشعر المضيفون بالقلق من تشجيع المتداولين لأول مرة على شراء الأسهم في الشركة، خاصة أن هؤلاء غالباً ما يكون لديهم بضع مئات من الدولارات فقط للاستثمار. لذلك قاموا بكتم صوته. ومع الوقت، بات المستمعون أكثر قدرة على تمييز المسار التي تتخذه المحادثات.

وتقول ألينا برادلي، وهي إحدى المشاركات في غرف محادثات الأسواق المالية، ومضيفة مشاركة في منتدى "Options Bae" الذي يتناول سوق الأسهم ويناقش خيارات الاستثمار المتاحة: "في أي وقت أدخل لأحد غرف المحادثة، وأجد أن هناك شخص واحد فقط يستأثر بالحديث، أعتبر ذلك بمثابة إشارة تحذيرية من أمر يشبه الديكتاتورية وفرض الرأي". وتبحث برادلي عن غرف المحادثة التي تضم مضيفين متعددين، يمكنهم تصحيح أو على الأقل التشكيك في المعلومات الخاطئة عند طرحا.

وفي منتدى "Stock Markets Moves"، وبعد ساعة تقريباً من بدء النقاش في الغرفة، التي تبدأ عادة في الساعة 9:30 صباحاً، سألت إحدى المتداولات الجدد عن كيفية الاستثمار في الاكتتابات العامة. وكانت نادية أندروز، وهي مصممة تبلغ من العمر 40 عاماً من إدمونتون ألبرتا، هي من طرح السؤال، وقالت إنها كانت تستمع منذ أسابيع قليلة، لكنها كانت تطرح سؤالاً لأول مرة على "كلوب هاوس".

وكان تيريل هو من قدم الإجابة لها، من منزله الذي يبعد عنها حوالي الـ 3 آلاف كيلومتراً، وقال لها عبر ميكرفون هاتفه: "إذا كان هذا استثماراً حقيقياً، سأنصح بالانتظار حتى تصدر الشركة تقرير الأرباح الأول".

وتقول أندروز أنها من محبي الحديث المباشر في البرنامج. كما أنها تحب "كلوب هاوس" أكثر من المنصات الرقمية الأخرى مثل "يوتيوب". ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المضيفين يمكنهم الاستجابة مباشرة للمستمعين في الوقت الفعلي والحالي. ومنذ أن بدأت المشاركة في "Stock Markets Moves" في يناير الماضي، قالت إنها فتحت حساب في منصة وساطة، وبدأت في التداول بصناديق الاستثمار والأسهم.

كما قالت إن "كلوب هاوس" ظهر في الوقت المناسب. وأضافت: "لقد كنت أبحث عن شيء ما مثل "كلوب هاوس" ليعلمني عن الأسهم، ولقد قضيت الكثير من الوقت على "يوتيوب" لكن ظهور "كلوب هاوس" كان بالتوقيت المثالي".