الولايات المتحدة تعتمد لقاح "جونسون آند جونسون" للوقاية من "كورونا"

شعار جونسون آند جونسون بمقر الشركة في نيو برونزويك نيو جيرسي.
شعار جونسون آند جونسون بمقر الشركة في نيو برونزويك نيو جيرسي. تصوير: مارك كوزلاريش / بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على اعتماد لقاح فيروس كورونا الذي تنتجة شركة جونسون آند جونسون للاستخدام في الولايات المتحدة ، مما أتاح اللقاح الثالث الذي يمكن أن يسد الثغرات في حملة التطعيم في البلاد مع تزايد القلق بشأن تدفق فيروسات متحورة.

وقالت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في بيان يوم السبت إنها منحت تصريح استخدام طارئ للقاح من جرعة واحدة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما أو أكثر.

ويأتي القرار بعد أن تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس 500 ألف في الولايات المتحدة، ومع تحذير مسؤولي الصحة من أن التراجع الأخير في الحالات الجديدة ربما يتوقف.

لا آثار جانبية خطيرة

قال موظفو الهيئة في تقرير يوم الأربعاء إن لقاح "جونسون آند جونسون" فعال للغاية في الوقاية من فيروس كوفيد -19 الشديد، دون أي آثار جانبية خطيرة. وفي يوم الجمعة، صوتت لجنة من المستشارين الخارجيين لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية بالإجماع على أن فوائد اللقاح تفوق أي مخاطر له. ومن المقرر أن تكون شركة "جونسون آند جونسون" مستعدة لشحن من 3 ملايين إلى 4 ملايين جرعة خلال الأسبوع المقبل.

وقال جاي بورتنوي، مدير قسم الحساسية والربو والمناعة في مستشفى ميرسي للأطفال، الذي دعم الاعتماد الطارئ: "نحن في سباق بين تحور الفيروس وإيقافه ويمكن أن يسبب ظهور فيروسات متحورة جديدة المزيد من الوباء. ونحن بحاجة إلى صدور هذا اللقاح".

ويعد قرار التصريح باللقاح علامة بارزة أخرى في سباق علمي عالمي غير مسبوق. ومنذ إعلان منظمة الصحة العالمية اعتبار أن فيروس كورونا حالة وباء قبل ما يقرب من عام، جرى نشر العديد من اللقاحات حول العالم، بما في ذلك اللقاحات التي جرى تطويرها في الصين وروسيا. وفي جميع أنحاء العالم، حصل أكثر من 231 مليون شخص على اللقاحات في 100 دولة، وفقا للبيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرج".

ومن المتوقع أن يكون لقاح شركة "جونسون آند جونسون" أسهل في التوزيع والإدارة من لقاح شركتي "بيوإنتك إس إي" و"فايزر إنك" ولقاح شركة "موديرنا إنك"، اللذان جرى اعتمادهما من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في أواخر العام الماضي. وللوصول إلى الفعالية الكاملة، تتطلب اللقاحات السابقة حصول الشخص على جرعتين تفصل بينهما عدة أسابيع كما يجب حفظها في درجات حرارة شديدة البرودة، بينما يمكن تخزين لقاحات شركة "جونسون آند جونسون" في الثلاجة لفترات طويلة.

أشاد الرئيس جو بايدن باعتماد اللقاح في بيان يوم السبت، واصفا إياه بأنه "خبر مثير".

وقال بايدن: "بفضل تألق علمائنا، وصمود شعبنا، وحرص الأمريكيين في كل مجتمع على حماية أنفسهم وأحبائهم من خلال التطعيم، نحن نسير في الاتجاه الصحيح".

فيروسات كورونا المتحورة الجديدة

وتسارعت حملة التطعيم في الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، حيث جرى إعطاء أكثر من 70.5 مليون جرعة حتى يوم الجمعة، وفقا لمؤشر تتبع اللقاح لـ"بلومبرغ ". ومع ذلك، حذر بايدن من أن ظهور فيروسات كورونا المتحورة الجديدة لا يزال يمثل تهديدا.

ظهرت طفرات سريعة الانتشار جرى الإبلاغ عنها لأول مرة في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا والبرازيل في الولايات المتحدة، في حين أن الفيروسات المتحورة المحلية التي جرى رصدها في كاليفورنيا ونيويورك تثير مخاوف جديدة بين بعض العلماء.

وتسير شركة جونسون آند جونسون في طريقها لتزويد الولايات المتحدة بـ20 مليون جرعة بنهاية شهر مارس، و100 مليون جرعة بنهاية شهر يونيو، حسبما قال مسؤول تنفيذي في جلسة استماع بالكونجرس الأمريكي في 23 فبراير الجاري.

وتتوقع شركة جونسون آند جونسون عالميا إنتاج مليار جرعة هذا العام. يمكن للجهات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي أن تعتمد هذا اللقاح في أوائل شهر مارس المقبل.

ومن غير المحتمل أن يكون لقاح شركة جونسون آند جونسون هو الأخير المتوفر في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تسعى كل من شركة "أسترازينكا بي إل سي" وشركة "نوفافاكس إنك" للحصول على ترخيص للقاحات في الأشهر المقبلة، في انتظار نتائج التجارب الأمريكية الكبيرة التي جرى تسجيلها الآن بالكامل.

آلية مختلفة

وجرى صنع لقاح جونسون آند جونسون من فيروس البرد الشائع الذي لا يتكاثر في الجسم ولكنه يطلق استجابة مناعية لمحاربة العدوى. في الجزء الأمريكي من التجارب التي شملت أكثر من 43 ألف شخص على مستوى العالم، ثبت أن اللقاح فعال بنسبة 72% في منع حالات الإصابة بفيروس كوفيد المتوسطة والشديدة.

ويعتبر هذا معدل فعالية أقل بشكل عام من لقاح "فايزر" و"بيوإنتك" و"موديرنا"، الذين يعتمدون على تقنية تسمى الحمض النووي الريبوزي المرسال التي تهيئ الجسم لمواجهة الفيروس، وقد ثبت أن كلا منها أكثر فعالية بنسبة 90%.

ومع ذلك، فإن جميع اللقاحات الثلاث موثوقة للغاية في منع (تدهور الحالة) دخول المستشفى وحدوث حالات الوفيات. ويعمل لقاح "جونسون آند جونسون" بسرعة على تحقيق ذلك، حيث يبدأ في توفير الحماية من حالات الإصابة الشديدة بالمرض بعد سبعة أيام فقط من التطعيم، وتزداد (قوة الحماية) على مدار شهرين تقريبا.

ويأمل مسؤولو الصحة العامة أنه كلما حصل المزيد من الناس على اللقاحات، سيقلل ذلك بطريقة كبيرة من الضغط الذي فرضه الوباء على نظام الرعاية الصحية. وبالفعل، تلقى عدد أكبر من الناس في الولايات المتحدة جرعة لقاح واحدة على الأقل ممن ثبتت إصابته بالفيروس في السابق.

وأكدت وثيقة وصف الدواء من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية الخاصة بلقاح شركة جونسون آند جونسون على عدم إعطائه للأفراد الذين لديهم تاريخ معروف من ردود الفعل التحسسية الشديدة، بما في ذلك الحساسية المفرطة، وأن المواقع التي تعطي الجرعات يجب أن تحتوي على علاجات للسيطرة على مثل هذه الآثار الناجمة عن اللقاح. وتوجد نفس البروتوكولات في أماكن توزيع لقاحات شركة "فايزر" وشركة "مودرنا".

وكانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعا التي جرى الإبلاغ عنها هي الألم في موضع حقن اللقاح بالجسم، والصداع، والشعور بالتعب، وآلام العضلات والغثيان، وكان معظمها ردجته تتراوح من خفيفة إلى متوسطة الشدة واستمر من يوم إلى يومين.

طفرات الفيروس

يتوق صانعو السياسات إلى تطعيم المزيد من الناس قبل أن تتمكن الطفرات الفيروسية من أن تترسخ في الولايات المتحدة.

وتشير بيانات تجربة لقاح "جونسون آند جونسون" إلى أنه يوفر حماية أقل ضد الفيروسات المتحورة الجديدة. وفي البرازيل، كانت الجرعة فعالة بنسبة 68% ضد حالات الإصابة بالمرض من الدرجة المتوسطة إلى الشديدة بعد 28 يوما من التطعيم، بينما كانت فعالة في جنوب أفريقيا بنسبة 64%. ولكن في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في البلدان ذات الفييروسات المتحورة الناشئة، نجحت الجرعة من اللقاح في منع جميع الحالات من دخول المستشفى وحدوث وفيات.

وقال ماثاي مامين، رئيس البحث والتطوير العالمي لقسم الأدوية في شركة "جونسون آند جونسون"، في مقابلة الشهر الماضي إنه من المستحيل مقارنة مستويات الفعالية الإجمالية بين اللقاحات، بالنظر إلى أن التجارب أجريت في مواقع مختلفة في أوقات مختلفة خلال فترة تفشي الجائحة.

وأضاف: "ما يخشاه الناس هو المرض، حيث يضطر المريض بشدة للذهاب إلى غرفة الطوارئ أو المستشفى، بل يواجه الموت. ويحمي هذا اللقاح، من جرعة واحدة، تماما من هذا النوع من الخوف ".

ولا تزال شركة جونسون آند جونسون تختبر نظام تطعيم من جرعتين في تجربة على مستوى العالم كبيرة، ومن المتوقع أن تسفر عن نتائج قبل نهاية العام الحالي. وعلى غرار شركة "فايزر" وشركة "Moderna"، تعمل الشركة على محفزات (مناعية) مصممة خصيصا للفيروسات المتحورة. وهي تخطط لإجراء دراسات قريبا على الأطفال، والنساء الحوامل ومرضى نقص المناعة.

وقال المسؤولون التنفيذيون في شركة "جونسون آند جونسون" إن الشركة لن تتقاضى أكثر من 10 دولارات للجرعة الواحدة من اللقاح أثناء فترة تفشي الوباء - وهو سعر لن يحقق الربح لها. ويتكلف لقاح شركتي "فايزر" و"بيوإنتك" 39 دولارا أمريكيا للتطيعم الكامل (على جرعتين)، كما تصل تكاليف لقاح شركة "موديرنا" إلى 33 دولارا لكلتا الجرعتين.

التأهب للجائحة

أمضت شركة "جونسون آند جونسون" ومقرها "نيو برونزويك" بولاية نيوجيرسي أكثر من قرن في مكافحة الأمراض المعدية، حيث ابتكرت ما يسمى بالقناع الوبائي لمنع انتشار الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، كما طورت لقاحا لوباء فيروس "إيبولا" تمّت الموافقة عليه في أوروبا في عام 2020.

يستخدم لقاح كوفيد-19 نفس النظام الأساسي للفيروسات الغدية الذي يعد أساس لقاح فيروس ال"إيبولا". وتعاونت الشركة في تطوير اللقاحات مع باحثين من جامعة هارفارد ووكالات الصحة الأمريكية، بما في ذلك هيئة الأبحاث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم والمعاهد الوطنية للصحة.

وعلى نفس منوال لقاحي شركتي "فايزر" و"بيوإنتك" وشركة "موديرنا"، كان لقاح شركة "جونسون آند جونسون" واحدا من بين ستة لقاحات جرى اختيارها بواسطة برنامج "عملية السرعة الفائقة" التابع لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، حيث تلقت حوالي 1.5 مليار دولار من الدعم من الحكومة الأمريكية، والتي لديها خيارات للحصول على دعم إضافي.

قال كبير المسؤولين العلميين في شركة "جونسون آند جونسون"، "بول ستوفلز"، إنه يأمل أن تمر مائة عام أخرى قبل أن تجتاح جائحة أخرى العالم، ولكن من الناحية الواقعية، يجب أن تكون الولايات المتحدة متنبهة بشدة لأن ذلك قد يحدث في أي وقت.

تابع ستوفيلز: "هناك حاجة إلى مجال جديد كامل من العلم والتأهب للأوبئة".