الجانب الآخر من مجانية "غوغل" و"فيسبوك".. كلنا ندفع الثمن!

غوغل وفيسبوك يفرضان سيطرتهما على سوق الإعلانات عبر الإنترنت
غوغل وفيسبوك يفرضان سيطرتهما على سوق الإعلانات عبر الإنترنت المصدر: Jakub Porzycki/NurPhoto
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تُحدث كلٌّ من "غوغل" و"فيسبوك" الكثير من الضجيج حول مدى حرية استخدام خدماتهما الرئيسة. هذا صحيح، هم كذلك. ولكن ما لا تركِّز عليه الشركتان، هو دورهما في ارتفاع تكلفة كل شيء آخر نستهلكه عبر الإنترنت تقريباً.

عليك أن تتأمَّل جميع نماذج الاشتراك، أو الخدمات المدفوعة التي يتمُّ طرحها عبر الإنترنت، إذ تتوفَّر الآن الأخبار، والأفلام، والموسيقى، حتى البث المسرحي مقابل رسوم اشتراك.

ويعدُّ أحدث مثال على ذلك شركة "تويتر" التي أعلنت الأسبوع الماضي عن خطتها للمنتج المدفوع "سوبرفولوز""Super Follows"، الذي سيُمكِّن المستخدمين من فرض رسوم على المتابعين مقابل التغريدات "المتميزة" والمحتويات الأخرى.

وتعدُّ هذه الخطوة وسيلة الشركة لكي تقلل اعتمادها على عائدات الإعلانات التي تبتلعها بشكل متزايد كل من "غوغل"، و"فيسبوك" فقط.

وإذا استمرت قوة الإنترنت، وعائدات الإعلانات المصاحبة لها في التركيز على تلك المنصتين الأساسيتين (جوجل وفيسبوك)، فتوقَّع أنَّ ما ستشاهده، أو ستقرأه، أو ستستمع إليه في مكان آخر على الإنترنت سيكلِّفك مالاً.

غوغل وفيسبوك يسيطرون على إعلانات الإنترنت

وقبل الإنترنت، كانت الإعلانات تدعم جميع وسائل الإعلام التي نستهلكها بدءاً من التلفزيون، والراديو إلى المجلات والصحف.

وقد شقَّ هذا النموذج المدعوم بالإعلانات طريقه إلى الإنترنت، وجعلنا نتوقَّع أن يكون المحتوى عبره مجانياً.

فعلى سبيل المثال، لم تفرض المؤسسات الإخبارية رسوماً على القراء، بناءً على أمل خاطئ يعتمد على أنَّ متابعة المزيد من القراء لقصصهم ستجلب لهم المزيد أيضاً من العائدات عبر الإعلانات البارزة المعروضة.

ومع ذلك، ذهبت أموال الإعلانات هذه بشكل كبير في العقد الماضي إلى عمالقة البحث، ووسائل التواصل الاجتماعي.

ففي العام الماضي، استحوذت "غوغل"، و"فيسبوك" على 74% من مبلغ قدره 300 مليار دولار، تمَّ إنفاقه عالمياً على إعلانات الإنترنت، وفقاً لمجلس أبحاث الإعلان العالمي.

ودفع ذلك الأشخاص الآخرين المعتمدين على الإعلانات للتسابق من أجل تغطية نفقاتهم.

وكان الإعلان دائماً أكثر ربحاً من مجرد كونه وسيلة لبيع شيء إلى المستهلكين، ففي عام 2006، فرضت صحيفة "نيويورك تايمز" على القراء متوسط اشتراك، قدره 534 دولاراً، في حين جلبت 1064 دولاراً إضافياً لكل مشترك من الإعلانات.

ونادراً ما يتعيَّن على الصحف زيادة أسعارها في أكشاك بيع الصحف، لأنَّها كانت قادرة على كسب المزيد من الأموال من المعلنين بدلاً من ذلك، وغالباً ما حدث ذلك قبل تسارع وتيرة التضخم.

أما الآن، فقد أصبح هذا الامتياز محجوزاً لعمالقة التكنولوجيا، فمنذ عام 2017، ضاعف "فيسبوك" متوسط ​​إيراداته لكلِّ مستخدم في الولايات المتحدة وكندا إلى 159 دولاراً سنوياً، من خلال عرض المزيد من الإعلانات، وزيادة الأسعار عند حاجته إلى ذلك. ويتوقَّع المحللون أن يتضاعف إجمالي إيرادات "فيسبوك" مرة أخرى إلى 176 مليار دولار مع حلول عام 2024.

الدفع مقابل الخدمات المتخصصة

ومن منظور المستهلك، يمكنك أن تجادل بأنَّه لابدَّ أن يكون البحث والشبكات الاجتماعية مجانية، لأنَّها أدوات يستخدمها الجميع عملياً، في حين يجب أن يكون هناك ثمن للخدمات المتخصصة.

تتيح لك خدمة "سوبر فولوز" من "تويتر"، و"سابستاك إنك" (Substack Inc) التي تقدِّم اشتراكات في الرسائل الإخبارية للكتاب الفرديين، الدفع مقابل ما تريد.

فمثلاً قد يرغب شخص في الإنفاق على تغريدات شخص ما حول تداول العملات، وقد يختار شخص آخر الدفع مقابل رسالة إخبارية مخصصة للطهي الخالي من الغلوتين.

قد يكون هذا النظام أكثر كفاءة، نظراً لأنَّك تدفع نظرياً مقابل الوسائط التي تريدها فقط، ولكن هذا لا يعني أنَّها ستكون أرخص للمستهلكين، وقد أظهر صعود خدمات الفيديو عند الطلب مثل"نتفلكس"، و"ديزني +" الكثير.

وكما أوضحت زميلتي تارا لاشابيل، فإنَّ الأشخاص الذين تخلوا عن حِزم الكابلات التفلزيونية التقليدية تعلَّموا أنَّ الوضع الطبيعي الجديد للاشتراكات المتعددة لن يكون أرخص بالضرورة عن العالم القديم.

نعم، ستحصل على عرض أفضل، وأكثر ملاءمة، وخالٍ من الإعلانات إلى حدٍّ كبير، ولكنَّك ستدفع أكثر مقابل ذلك.

وينطبق الأمر نفسه على "تويتر"، و"سابستاك"، إذ يكلِّف الاشتراك لوصولك إلى أربعة مؤلفين فقط مبلغاً قدره 5 دولارات شهرياً لكلٍّ منهم بالفعل، مما يعدُّ أكثر من تكلفة اشتراك "نيو يورك تايمز" بقيمة 17 دولاراً، الذي سيمنحك نطاق تغطية أكبر.

ومن المرجَّح أن يكون المتابعون المتميزون جزءاً صغيراً من أعمال "تويتر" في البداية على الأقل، ولكن بالتزامن مع ظهور أنظمة الدفع مقابل الدخول، والبث المدفوع، والفيديو عند الطلب، فإنَّ مسألة أن تحتاج شركة وسائط جديدة مثل "تويتر" إلى إضافة رسوم مدفوعة، تشير إلى عالم سيكون الدخول إلى أيِّ شيء فيه مكلفاً بخلاف "غوغل"، و"فيسبوك".

ربما هذا ليس أمراً سيئاً، ولكن يجب أن ندرك ماهية التجارة التي ابتدعناها من وسائل الإعلام المدعومة بالإعلانات إلى شبكة البحث، والشبكات الاجتماعية المدعومة بالإعلانات.

وربما يمكننا الآن فهم قيمة المحتوى بشكل أفضل، فما يتمُّ إنتاجه يكلِّف مالاً، ولذلك يجب أن يكلِّف ما يتمُّ استهلاكه بالمال أيضاً.