الديون السيادية الروسية تواجه عقوبات أمريكية-بريطانية محتملة

كاتدرائية القديس باسيل بالقرب من الميدان الأحمر في موسكو، روسيا
كاتدرائية القديس باسيل بالقرب من الميدان الأحمر في موسكو، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تدرس الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فرض عقوبات إضافية على روسيا بسبب استخدام أسلحة كيميائية، مع خيارات تتراوح من العقوبات ضد أفراد روس إلى خطوة صارمة تصل إلى حدِّ استهداف الديون السيادية الروسية، وفقاً لمصدر مطَّلع على الأمر.

ويخطط المسؤولون البريطانيون للضغط على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتواصل بدورها الضغط على روسيا لتقديم إجابات بشأن استخدامها للمواد المحظورة. وستتمُّ مناقشة الإجراءات المحتملة في الأسابيع المقبلة مع الحلفاء الأوروبيين الرئيسيين، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، بحسب ما ذكر المصدر.

وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أولى عقوباتها ضد روسيا يوم الثلاثاء، الهادفة لمعاقبة الكرملين على تسميم وسجن زعيم المعارضة "أليكسي نافالني". وتتماشى هذه العقوبات مع تلك التي فرضها كلٌّ من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وهي تستهدف بشكل أساسي كبار مسؤولي تطبيق القانون الروسي وغيرهم من المتحالفين مع الرئيس "فلاديمير بوتين".

وشهدت السندات الروسية ارتفاعاً دام أربعة أيام، مما رفع العائد 11 نقطة أساس إلى 6.68% اعتباراً من الساعة 12:21 مساءً في موسكو. وبدعم من ارتفاع أسعار النفط، ارتفع سعر صرف الروبل الروسي بـ0.3% ليبلغ 74.46 للدولار بعد انخفاضه 1% يوم الخميس.

ومن المتوقَّع أن تتمسَّك الولايات المتحدة بشدَّة بقانون الأسلحة الكيميائية لعام 1991، وأن تقوم بجولة ثانية أوسع من العقوبات ما لم تستوفِ روسيا شروطاً معينة، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على الأمر. وتشمل هذه الشروط تأكيدات أنَّ روسيا ستمتنع عن استخدام مثل هذه الأسلحة، وستسمح بتفتيش مواقع الأسلحة الكيماوية المشتبه بها.

وتشكِّل هذه العقوبات أحدث إشارة على عمق التوتر بين واشنطن وموسكو، وستتدهور العلاقات بين البلدين بشكل أكبر في حال ردَّت روسيا أو صعَّدت الولايات المتحدة من عقوباتها.

وتحدَّثت جميع المصادر بشرط عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الموضوع. وفي يوم الخميس لم يكن لدى موظفي الاتصالات في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، ووزارة الخارجية البريطانية أي تعليق فوري.

ويجري المسؤولون البريطانيون مناقشات مع نظرائهم الأمريكيين حول هذه الإجراءات الجديدة. إذ ذكرت إحدى المصادر، أنَّ إحدى الدوافع لاتخاذ خطوات إضافية ستكون في حال استمرار روسيا في منع التحقيق في حادثة تسمم "نافالني".

من جهته، حثَّ وزير خارجية المملكة المتحدة "دومينيك راب" يوم الخميس روسيا على التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

وفي هذا الصدد غرَّد "راب" على موقع "تويتر": "هذه الهجمات غير مقبولة، نحثُّ روسيا على التحقيق، والتقيد بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية".

وبعث وزير الخارجية الأمريكية "أنتوني بلينكين" برسالة مماثلة في يوم الخميس:

قبل ثلاث سنوات من اليوم، قامت روسيا بتسميم "سيرغي سكريبال" وابنته بسلاح كيميائي على الأراضي البريطانية. نعيد تأكيد التزامنا بتحقيق العدالة لجميع ضحايا الاستخدام الروسي المتكرر للأسلحة الكيميائية، بما في ذلك "أليكسي نافالني". سيكون لأفعال روسيا عواقب

ما هو رد فعل السوق؟

تقول المصادر ، إنَّ الولايات المتحدة يمكن أن تزيد الضغط على روسيا بفرض عقوبات على أفراد عبر سلطات ممنوحة بموجب قانون "ماغنيتسكي"، الذي يخوِّل الرئيس الأمريكي معاقبة الأفراد على انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد.

لكن إذا ثبت أنَّ روسيا ترتكب مرة أخرى انتهاكاً كبيراً للحظر الدولي على الأسلحة الكيماوية، فإنَّ الرئيس "جو بايدن" سيفكِّر في فرض عقوبات على الديون السيادية للدولة الروسية، وسيفكِّر أيضاً في إمكانية القيام بذلك بالتعاون مع أوروبا، ذلك بحسب ما ذكره مصدران مطَّلعان.

وحذَّرت وزارة الخزانة في عهد الوزير السابق "ستيفن منوشين" في عام 2018 من اضطراب الأسواق المالية العالمية، إذا تمَّ فرض عقوبات على سوق الديون السيادية في روسيا، قائلة إنَّها قد تزعزع استقرار الأسواق بسبب مدى عمق ارتباط السوق الروسية بالمؤشرات العالمية.

لكنَّ آخرين يقولون، إنَّ روسيا ابتعدت عن شراء الديون المقوَّمة بالدولار الأمريكي واتجهت نحو اليورو، مما يعني أنَّ التداعيات السلبية قد تكون أقل مما كان متوقَّعاً في السابق. ويشارك في هذا الرأي "داليب سينغ"، مسؤول الخزانة السابق في عهد أوباما، الذي يشغل الآن منصب نائب في مجلس الأمن القومي التابع لـ"بايدن".

وفي عام 2019، وبصفته شاهداً خلال جلسة استماع في الكونغرس حول روسيا، أيَّد "سينغ" تقييد مشتريات الديون السيادية الروسية بهدف حماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.

في ذلك الوقت، كان قد قال، إنَّ الضرر الذي يلحق بالأسواق العالمية نتيجة حظر شراء الديون الروسية لن يكون بالأهمية نفسها؛ لأنَّ المستثمرين العالميين قلَّلوا من تعرُّض العالم لروسيا منذ أن بدأت إدارة "أوباما" بمعاقبة روسيا في عام 2014.