"ترمب" والمؤامرة يسيطران على تصويت انضمام "أمازون" لاتحاد العمال

صراع بين أمازون والنقابة العمالية تقوده اللافتات
صراع بين أمازون والنقابة العمالية تقوده اللافتات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في يوم الجمعة الماضي، وقف ممثل أمريكي من مدينة يونكرز خارج مستودع لشركة "أمازون" في مدينة بيسيمر بولاية ألاباما، ليوبخ الرئيس التنفيذي جيف بيزوس، بسبب اختبائه داخل المنشأة المترامية الأطراف، بينما كان هو وسياسيون آخرون ينتظرون في الخارج.

وفي تلميح منه إلى أن أغنى رجل في العالم كان يتجنب الحديث عن الأجور وظروف العمل، قال جمال بومان في مقطع فيديو تمت مشاركته على "تويتر" Twitter: "لديه أعضاء في الكونغرس هنا الآن، وفي مصنعه حيث يقيم فعلياً". وبعد يوم واحد من هذا الفيديو، تمت مشاركته أكثر من 400 مرة وحصل على أكثر من 1800 إعجاب.

ورغم ذلك فقد كانت هناك مشكلة واحدة فقط، وهي أن بيزوس لم يكن في المبنى، ولم يكن حتى في ولاية ألاباما، وفقاً لمصادر مطلعة على مكان تواجده. وبدلاً من ذلك، كان بيزوس على بعد 2000 ميل (3200 كم) في جولة بشركة لبناء الصواريخ في جنوب كاليفورنيا. ورفضت متحدثة باسم "بومان" توضيح سبب اعتقاد الممثل بأن بيزوس كان في المبنى.

انتصار يقلب الطاولة

وفي عصر "ما بعد الحقيقة" بمدينة بيسيمير، تعالت أصوات عمال "أمازون" الذين يريدون اتخاذ قرار بشأن تمثيل النقابة لهم، وسط سلسلة من الادعاءات المتضاربة، ونظريات المؤامرة، والأخبار المزيفة. وتعد المبارزة بين أكبر شركة للتجارة الإلكترونية في العالم واتحاد البيع بالتجزئة والمتاجر متعددة الأقسام، واحدة من أكثر المبارزات أهمية منذ جيل سابق، وقد يؤدي انتصار النقابة إلى قلب عمليات "أمازون" في الولايات المتحدة.

وعلى هذا النحو، فإن المبارزة تحتوي على جميع المكونات الانتخابية عالية المخاطر والتي تشمل تسليط الضوء من وسائل الإعلام اللامعة، والوصول الشرفي للعديد من المشاهير من خارج المدينة، وكثرة الإعلانات، وصناديق البريد الإلكتروني المليئة بالنشرات.

ووسط الوهج والضوضاء، يكافح عمال "أمازون" لفرز الحقيقة من الخيال، ما يمثل انعكاساً لجزء من أمة قضت السنوات الأخيرة في دائرة الروايات المختلقة للرئيس السابق دونالد ترمب. وسواء كان العمال مع النقابة أم ضدها، أولم يحسموا أمرهم بعد، فإن العديد من العمال الذين قابلتهم "بلومبرغ" قالوا إنهم مرهقون، ومرتبكون بسبب سيل المعلومات، سواء كان من "أمازون"، أو النقابة، أو الغرباء الحريصين على التأثير على نتيجة الانتخابات.

مزيد من الشكوك

واشتعلت نظرية المؤامرة بعد تركيب صندوق بريد جديد خارج مستودع بيسيمير، إلى جانب لافتات "أمازون" النصية التي تستخدمها لتشجيع العمال على التصويت. ورأى العمال أن الشركة كانت تتطلع إلى انتزاع أوراق الاقتراع قبل الفرز، فيما قال بعض العمال الموالين للنقابات إنهم قاموا بإرسال أوراق الاقتراع عمداً من المنازل أو أخذوها مباشرة إلى مكتب البريد بأنفسهم.

وتقول "أمازون" إنها تحاول ببساطة تسهيل مشاركة الموظفين، لكن الموقع يتيح للشركة أيضاً مراقبة مستخدمي صندوق البريد، وما الذي يضعونه فيه، ما يعود بفائدة على منتقدي الشركة الذين يشيرون إلى التقارير التي تفيد بأن "أمازون" كانت تراقب العمالة المنظمة منذ فترة طويلة.

وتم تفسير طلب "أمازون" بشأن تعديل توقيت إشارة المرور خارج المستودع، على أنه خطوة لمنع ممثلي النقابة المخيّمين بالخارج، من إيجاد فرصة لإشراك العمال. وطلبت "أمازون" التغيير لمنع الاختناقات المرورية في ساحة انتظار السيارات الخاصة بها أثناء تغييرات المناوبة، وفقًا لموقع "إيه إل دوت كوم" AL.com الإخباري في ولاية ألاباما، نقلاً عن مسؤولين في مقاطعة جيفرسون.

وربما لم يكن هناك شيء قد أثار المزيد من الشكوك أكثر من عملية التصويت عبر البريد في الانتخابات، حيث اعتبر بعض العمال إصرار ترمب على أن التزوير الانتخابي سلبه فترة رئاسية ثانية، ادعاء زائفاً تجذّر في أذهان ملايين الأمريكيين.

وكما هو الحال في الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي، اختار المجلس الوطني لعلاقات العمل إجراء اقتراع بالبريد في بيسيمر، من أجل تجنب تنظيم حدث قد يسمح بالانتشار الفائق لوباء كورونا أثناء تفشيه.

عدالة الاقتراع

واستأنفت "أمازون" ضد القرار، مرددة بعض الحجج التي قدمها مسؤولون جمهوريون العام الماضي، حيث قالت إن الاقتراع عبر البريد زاد من مخاطر الاحتيال والإكراه. وقالت الشركة أيضاً إن العملية ستقلل من نسبة المشاركة بحجة أن ما يصل إلى 29% من أكثر من 5800 موظف مؤهل للتصويت، لن يفعلوا ذلك أو سيعيدون بطاقات الاقتراع المكتملة بشكل غير صحيح.

وخسرت "أمازون" استئنافها، إلا أنه من شبه المؤكد أن الإجراء زاد من الشكوك بين العمال المؤيدين والمعارضين للنقابات في عملية الاقتراع.

وتساءلت واحدة من الموظفين، الذين يصوتون ضد الانضمام إلى اتحاد البيع بالتجزئة والمتاجر متعددة الأقسام، عما إذا كانت "أمازون" ستحصل على العدالة في الانتخابات. وشكّت الموظفة في الأمر منذ أن طرق أحد ممثلي النقابة بابها في نفس اليوم الذي تلقت فيه بطاقة اقتراع بالبريد، وسألها عما إذا كانت بحاجة إلى أي مساعدة في تعبئتها، أو ما إذا كانت تريد أن تسلمها له.

وتقول العاملة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها للتحدث بحرية، إنها تعتقد أن الانتخابات الرئاسية كانت مزورة، وتخشى أن يحدث الشيء نفسه في بيسمير، مضيفة: "لا أريد أن أرى النقابة تفعل الشيء نفسه وتفسد (أمازون)".

وانتاب عامل آخر مضاد للنقابة قلق عندما تلقى زميله في السكن ورقة اقتراع بالبريد ولم تصله هو

ورقة اقتراع، مشيراً إلى أنه اتصل بالمجلس الوطني لعلاقات العمل، وتمكّن من تأمين واحدة.

ومع ذلك، يقول إن: "الجميع على أهبة الاستعداد للتأكد من حصول الأشخاص الذين يقفون إلى جانبهم على حق الاقتراع".