اقتصاد منطقة اليورو
هل ينجح التقشف بقيادة ألمانيا في إنقاذ أوروبا؟
إن لروح "ربة المنزل الشوابية*" طبيعة تحفيزية ومثيرة أشادت بها المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، معتبرة إياها نموذجاً للاقتصاد والتدبير ينبغي على الحكومات أن تقتدي به.تستهدف فرنسا توفيراً في الإنفاق العام بقيمة تتجاوز 20 مليار يورو (21 مليار دولار) في العام القادم، وسط تفاقم عجز الموازنة وضغوط السياسيين المعارضين الذين يستدعون ذكريات أزمة الديون اليونانية.أما إيطاليا فتستعد لمحاولة إصلاح المالية العامة، فقد أصاب انفلات الدعم منذ حقبة جائحة كورونا الميزانية العامة بعسر الهضم.ويشعر صندوق النقد الدولي بالقلق من ارتفاع مديونية الدولتين، وقال رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو مونتي هذا الأسبوع: "إن الوعي بمشكلة الديون ليس كافياً، وكذلك إرادة المواجهة والحل".ربما كان مونتي محقاً فيما يقول، ولكن عليك أن تنتبه إلى ما تسعى إليه وتتمناه؛ فصحيح أن تلك الصرامة الشوابية قد تساعد الدولتين حتى تقتربان من تحقيق هدفي نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي التي تبلغ 3%، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغة 60%، وهما هدفان يعرفهما الجميع ويميل إلى تجاهلهما (بما في ذلك الولايات المتحدة)، غير أن لها أيضاً تكلفة. ذلك أن زيادة الضرائب أو تخفيض الإنفاق العام قد يؤدي كل منهما أيضاً إلى تقليص الاستثمار والخدمات العامة ونمو الاقتصاد.إيطاليا تتوقع بقاء الديون دون 140% من الناتج الإجماليوفي فترة رئاسة مونتي نفسه للحكومة، شهدت إيطاليا تحسن مركزها في الأسواق المالية، إلا أن الإيطاليين كانوا يعانون من ارتفاع الضرائب وزيادة معدلات البطالة وانكماش الاقتصاد. تخيل ذلك الآن في زمن الحرب.بقلم: Lionel Laurent![لافتة رفعت في مسيرة في فرنسا في 2023 - المصدر: غيتي إيمجز](https://assets.asharqbusiness.com/images/articles/280x212/4-3/87be8a52-a66b-4087-9f63-37ff9bab44fc.jpg)
ماركوس أشورث: على المركزي الأوروبي وضع خفض الفائدة على طاولته هذا الشهر
ربما لا يتباطأ التضخم في منطقة اليورو بوتيرة سريعة تعادل سرعة العام الماضي، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يردع البنك المركزي الأوروبي عن السير على خطى البنك الوطني السويسري بخفض أسعار الفائدة.مع صدور الأرقام الأخيرة في ألمانيا ومنطقة اليورو، ظهرت أدلة دامغة على تراجع التضخم، وكذلك الاقتصاد للأسف. فقد كشفت أرقام يوم الثلاثاء عن ارتفاع أسعار المستهلكين في ألمانيا بنسبة 2.3% فقط خلال الشهر الماضي، وأظهرت أرقام يوم الأربعاء لمنطقة اليورو تباطؤ التضخم إلى 2.4%، متراجعاً بوتيرة أسرع من المتوقعة مقارنة بمستوى شهر فبراير الذي بلغ 2.6%.لذلك ينبغي على صناع السياسة النقدية، الذين أفصحوا بوضوح عن تفكيرهم في خفض تكاليف الاقتراض في يونيو القادم، أن يتحلوا بالشجاعة وأن يعجلوا بضربتهم عبر تطبيق أول خفض لأسعار الفائدة الرسمية بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعهم يوم الخميس المقبل.هناك فجوة زمنية طويلة جداً بين الحادي عشر من أبريل واجتماع السادس من يونيو تصل إلى 39 يوماً من أيام العمل، وأي قرار بإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في الأسبوع المقبل ربما يعني انتظاراً مؤلماً بلا حراك وسط تدفق الأرقام الاقتصادية الماضية في تدهورها.انخفض مؤشر التضخم الأساسي عن شهر مارس إلى 2.9% من 3.1% في شهر فبراير. وكما هو الحال في أماكن أخرى، تبين أن معدل التضخم في قطاع الخدمات بمنطقة اليورو شديد التماسك، وقد كان بطيئاً عند صعوده، فلا غرابة أيضاً في أن يكون آخر ما يتراجع من مؤشرات، حيث سجل 4% خلال الشهر الماضي.تراجع التضخم في منطقة اليورو يعزز آمال خفض الفائدة في يونيوبقلم: Marcus Ashworth![لماذا الانتظار لشهر يونيو - المصدر: غيتي إيمجز](https://assets.asharqbusiness.com/images/articles/280x212/4-3/4dad22e2-f880-43aa-9686-32c3c46912a6.jpg)
ألمانيا هي رجل أوروبا المريض ولكن الآخرين أيضاً يعانون
تقترب ألمانيا، رجل أوروبا المريض، من نهاية فصل تفضل أن تنساه. فربما تمثل الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 الربع الثاني على التوالي الذي تشهد فيه البلاد انكماشاً اقتصادياً، كما ينتظر ألا تحقق نمواً يذكر، أو لا تحقق نمواً على الإطلاق، على مستوى العام كاملاً.وقد أصبح قلبها الصناعي القوي عبئاً عليها مع استمرار ضعف الطلب، وما يتسبب فيه العالم، الذي يتراجع عن العولمة، من حرمانها من بعض الروافع مثل الصادرات الصينية، والغاز الروسي الرخيص، والضمانة الأمنية الأميركية التي يُعتمد عليها.أما مصدر القلق الجديد فهو صوت السعال والمعاناة الذي يصدر من دول أخرى في منطقة اليورو. فقد كانت اقتصادات دول مثل هولندا وأيرلندا، اللتان تعتمدان على التجارة، هي المحركات الكبيرة التي تقود نمو الاقتصاد الأوروبي في الأعوام الأخيرة (وربما بصورة خادعة في حالة أيرلندا)، غير أن تلك الاقتصادات تتعثر في الوقت الحالي.أما فرنسا، التي يتحرك اقتصادها، الذي يقوده الطلب، عادة في عكس اتجاه ألمانيا، فهي تحقق نمواً ضئيلاً على الرغم من تضخم عجز الميزانية مع ارتفاع أسعار الفائدة. ويقل التفاؤل بإمكانية تجنب الركود بسبب ضعف نمو الاستثمار والإنتاجية.وبذلك لم يبق أمامنا سوى إيطاليا، آخر دولة كبيرة قائدة، حيث يتحدى المسؤولون في حكومة جيورجيا ميلوني الأوضاع القاتمة بتوقعهم نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1% هذا العام. وهو معدل أفضل من ألمانيا وفرنسا وهولندا ومتوسط منطقة اليورو، كما يتماشى مع أداء إيطاليا الفائق منذ عام 2019، على الرغم من تاريخها الحافل بانخفاض معدلات النمو وارتفاع الديون والتقلبات السياسية. وإلى جانب دول مثل إسبانيا والبرتغال، اللتان تتمتعان بعد سنوات من الأزمات بقدرة تنافسية أعلى ونمو في الصادرات، وفق مركز "آي إن جي ريسيرش"، كان انتعاش إيطاليا بمثابة دفعة لأوروبا.اقرأ أيضاً: وزير المالية يتوقع نمو اقتصاد إيطاليا 1% في العام الجاريبقلم: Lionel Laurent![لافتة صيدلية تشير إلى أن درجة الحرارة بالخارج حالياً هي 40 درجة مئوية، في روما وسط موجة الحر في إيطاليا في 19 يوليو 2023 - المصدر: أ.ف.ب](https://assets.asharqbusiness.com/images/articles/280x212/4-3/82d52d7d-3a90-4847-ad0b-a814a4d5a4b4.jpg)
اليورو يتجه إلى التراجع لمستوى التعادل مع الدولار
صمدت العملة الأوروبية الموحدة صموداً ملحوظاً أمام الدولار الأميركي على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة الرسمية في منطقة اليورو وضعف اقتصادها ضعفاً واضحاً مقارنة مع الولايات المتحدة.فأكثر زوج من العملات انتشاراً في أسواق النقد الأجنبي لا يشهد تداول اليورو فحسب عند مستوى متوسط العام الماضي الذي يبلغ 1.085 دولار، وإنما كذلك بالقرب من متوسطه في خمسة أعوام البالغ 1.11 دولار.غير أن العملة الأوروبية المشتركة لا تستطيع تحدي قوى الجاذبية إلى الأبد – لذلك فإن احتمال عودتها للحركة باتجاه التعادل مع العملة الخضراء يبدو أقوى من غيره على مدى العام الجاري.سجل معدل تقلب سعر الصرف أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2021 عند حوالي 6.6%، بعد هبوطه من نحو 11% قبل عام، كاشفاً بذلك عن المدى الذي وصلت إليه السوق من الهدوء والاستقرار. بيد أن هذه الحالة من الهدوء والسلام قد يتكشف أنها عابرة وانتقالية، إذ يبدو اليورو في خطر متزايد في ضوء حقيقة أن دورات الركود وخفض أسعار الفائدة تميل إلى توجيه الضربة الأعنف إلى الجانب الأضعف.اقرأ أيضاً: اليورو يصعد أمام الدولار لأعلى مستوى في 6 أشهرتُحرّك قيم العملات قوتان رئيسيتان، هما أسعار الفائدة النسبية عند البنوك المركزية، وآفاق النمو الاقتصادي ذات الصلة. هاتان القوتان تضعفان في أوروبا بوتيرة أسرع مقارنة مع الولايات المتحدة. ولا يقتصر الأمر هنا على المقاييس المطلقة، بل يمتد إلى الكيفية التي تضيق أو تتسع بها هذه الفوارق التي تؤثر عادة على أسواق النقد الأجنبي. فعلى كل مقياس منهما، يبدو موقف الولايات المتحدة متفوقاً، بالإضافة أيضاً إلى الدعم الذي يستمده الدولار من مكانته كعملة الاحتياطي الدولية.بقلم: Marcus Ashworth![أوراق نقدية من عملة اليورو - المصدر: غيتي إيمجز](https://assets.asharqbusiness.com/images/articles/280x212/4-3/e88edec2-6734-461a-9e11-0c91a55e655a.jpg)
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان