شركات الوقود الأحفوري لا تشبه "أسهم الخطيئة".. وهذه هي الأسباب

تضغط صناديق الاستثمار التي تركز على الحوكمة البيئية والاجتماعية لسحب استثماراتها من شركات الوقود الأحفوري، وهو ما يرى البعض أنه قد يحقق فرص ربحية للمستثمرين الأقل حماساً للبيئة
تضغط صناديق الاستثمار التي تركز على الحوكمة البيئية والاجتماعية لسحب استثماراتها من شركات الوقود الأحفوري، وهو ما يرى البعض أنه قد يحقق فرص ربحية للمستثمرين الأقل حماساً للبيئة المصدر: غيتي إيمجز
David Fickling
David Fickling

David Fickling is a Bloomberg Opinion columnist covering commodities, as well as industrial and consumer companies. He has been a reporter for Bloomberg News, Dow Jones, the Wall Street Journal, the Financial Times and the Guardian.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هل أدى الضغط على الصناديق التي تركز على الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، من أجل سحب استثماراتها من شركات الوقود الأحفوري، إلى خلق فرصة للمستثمرين الأقل حماساً للبيئة لكسب المال؟

يبدو أن البعض يعتقد ذلك؛ حيث كتبت صحيفة "فاينانشيال تايمز" الشهر الماضي، مشيرة إلى الفجوة الهائلة في التقييم بين شركة "تسلا" و"إكسون موبيل"؛ فبالنسبة لهذه الأخيرة، التي تراجعت قيمتها السوقية لفترة وجيزة خلف شركة الطاقة المتجددة "نيكست إيرا إنرجي" في أكتوبر، فقد ارتفع تقييمها منذ ذلك الحين مع سعر النفط الخام، وأصبحت الآن تساوي 80٪ أكثر.

كما انخفض صندوق "غلوبل إكس لمنتجي الطاقة المتجددة"، بعد أن تفوق بشكل مريح على صندوق "إس بي دي آر لإنتاج واستكشاف النفط والغاز" في كل من السنوات الأربع الماضية، بنسبة 15٪ منذ بداية هذا العام؛ في حين ارتفع صندوق النفط بنسبة 48٪.

فرصة للشراء

إذا كانت النظرية التقليدية لأسهم الخطيئة صحيحة، فإن نفور المستثمرين المتزايد من الوقود الأحفوري، يمثل بالفعل فرصة ذهبية للشراء في نفس الشركات؛ حيث تمثل القطاعات التقليدية للكحول والدفاع والمقامرة والتبغ 3.15 تريليون دولار من رأس المال السوقي على مستوى العالم. في حين تبلغ قيمة شركات الوقود الأحفوري مجتمعة ضعف هذا المبلغ، مما يوفر مجالاً واسعاً للمستثمرين في "قطاعات الخطيئة" لتنويع محافظهم الاستثمارية والاستفادة من محاولات الآخرين لإزالة الكربون من مدخراتهم.

وهنا تبرز نقطة مهمة للغاية؛ ففي الواقع، تشير نظرة فاحصة على "أسهم الخطيئة" إلى أن أداءها المتفوق قد لا يكون أكثر من تأثير تجميع عشوائي - وقد يكون سر نجاحها عاملاً سلبياً مهماً ضد الشركات المشاركة في الأعمال المختلفة للغاية في مجال استخراج المعادن.

في الحقيقة، يقوم النموذج التقليدي لأداء "أسهم الخطيئة" على أنها تتسم بنوع من تلاعب القيمة الدائم؛ حيث أن إحجام صناديق المعاشات التقاعدية للكنيسة وما شابه ذلك، عن الاحتفاظ بمثل هذه الاستثمارات يؤدي إلى انخفاض سعر السوق بالنسبة للعائدات المتوقعة، مما يسمح للمستثمرين الأقل انتقائية بشراء تدفق نقدي جيد بثمنٍ بخس.

وإحدى مشكلات هذه النظرية هي أن "أسهم الخطيئة" ليست في الواقع مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية؛ حيث يتم تداول جميع "قطاعات الخطيئة" التقليدية الأربعة بمتوسط علاوة خمس سنوات للقيمة الدفترية أعلى من السوق الأوسع، وفقاً لتحليل أكثر من 33 ألف سهم تملك "بلومبرغ" بيانات عنها. وتتراوح هذه المتوسطات من مضاعفات 1.75 للكازينوهات إلى 4.4 لشركات التبغ.

ازدهار أرباح "قطاعات الخطيئة"

ولعل "أسهم الخطيئة" هي غير عادية بطريقة أخرى. فهي تتألف في نهاية المطاف من أربعة قطاعات من أصل 212 قطاعاً فرعياً على مستواها في معيار "بلومبرغ" لتصنيف الصناعة؛ وقد تكون الصفات الأخرى التي تتشاركها أكثر أهمية في أدائها المتفوق من كونها تعمل في مجال "الخطيئة".

في هذا الصدد، قال "يوجين فاما"، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، والذي ابتكر النموذج الأكثر انتشاراً لتسعير الأسهم بالتعاون مع "كينيث فرينش"، عبر البريد الإلكتروني: "الفرصة هي تفسير آخر". فقد يأتي إطار عمل أفضل للأداء المتفوق لـ "أسهم الخطيئة" من إلقاء نظرة فاحصة على نموذج "فاما-فرينش".

وبموجب التكرار الأخير لهذا النموذج، تميل الأسهم ذات الأداء المتفوق إلى أن تكون إما مقومة بأقل من قيمتها مقارنة بصافي أصولها، وهو احتمال استبعدناه بالفعل؛ أو صغيرة بشكل غير عادي، أو ذات هامش مرتفع بشكل خاص، أو أكثر تحفظاً في إنفاقها الاستثماري.

ويشرح النموذج ما بين 71%و94% من تباين الأداء بين محافظ الأوراق المالية، وذلك بحسب ما كتبه "فاما" و"فرينش" في تحديث عام 2015 للدراسات الأصلية.

في الحقيقة، فإن العاملين الأخيرين مهمان بشكل خاص. فمن بين 62 قطاعاً، قمنا بتجميع بيانات عنها تغطي السنوات العشر الماضية، جاء التبغ، والتقطير، والتخمير، والقمار، جميعها في الربع الأعلى من خلال هامش الربح التشغيلي. وجاءت شركات الدفاع في المرتبة 21 على القائمة. وهذا يتفق مع نظرية أخرى حول "أسهم الخطيئة"، وهي أنها تزدهر بسبب نقص المنافسين المستعدين لدخول قطاعات يُنظر إليها على أنها غير أخلاقية.

كثافة رأس المال

كما تميل "أسهم الخطيئة" أيضاً إلى الأداء الجيد من حيث كثافة رأس المال؛ حيث جاء الدفاع والتبغ في مرتبة أعلى بكثير من المتوسط ​​في ترتيب المبيعات كمضاعف لصافي الأصول الثابتة، وكانت شركات القمار أقل بقليل من المتوسط​، في حين جاءت شركات المشروبات الكحولية في مرتبة أقل، في منتصف الربع الثاني.

وتختلف شركات طاقة الوقود الأحفوري اختلافاً كبيراً، حيث تمتلك أعمال التنقيب والإنتاج النفطية بعضاً من أدنى هوامش الربح بين جميع القطاعات البالغ عددها 62.

وتعتبر خدمات الفحم والنفط في مستويات مماثلة للدفاع ولكن مع كثافة رأس مال أعلى بكثير، في حين أن شركات النفط المتكامل و"منتصف المجرى" ​​تسجل نتائج جيدة نسبياً من حيث الربحية.

ومع ذلك، فإن النقطة التي تقدم فيها أداء سيئاً بشكلٍ خاص هي كثافة رأس المال. وهذا أمر طبيعي فقط للشركات التي تتمثل أصولها الرئيسية في الاحتياطيات المعدنية التي تنضب باستمرار؛ كما أن خمسة من أسوأ القطاعات أداءً من حيث استخدام رأس المال هي نفط المنبع، ونفط "منتصف المجرى"، والنفط المتكامل، بالإضافة إلى خدمات الفحم والنفط. أما تكرير نفط المصب، والذي يستخدم نفس المصنع لتكرير النفط الخام لعقود في المرة الواحدة، فهو الوحيد الذي يعمل بشكل جيد على هذا المقياس.

"ليس كل ما يلمع ذهباً"

يشير ذلك إلى أن المقارنة مع أسهم الخطيئة التقليدية لن تساعد قطاع الوقود الأحفوري؛ حيث أن نفس السمات التي تؤدي إلى تفوق الكحول والدفاع والمقامرة والتبغ في السوق، هي في الغالب ضد الشركات المشاركة في استخراج الموارد. كما أن افتراض أن الازدراء يمكن أن يولد أداءً متفوقاً بطريقة سحرية هو استراتيجية مقدر لها أن تنتهي بالفشل.

ومن الأهمية بمكان أيضاً الإشارة إلى أن سوق الكحول والتبغ والمقامرة والدفاع لن يختفي. حيث تتضمن القطاعات الثلاثة الأولى استثمارات رأسمالية خفيفة نسبياً لتزويد المستهلكين الذين غالباً ما يكونون مدمنين حرفياً على المنتج (وقد تجادلون أيضاً أن هذا ينطبق على الدفاع).

على النقيض من ذلك، ينطوي الوقود الأحفوري على التزامات رأسمالية كبيرة في الأصول طويلة الأجل لإنتاج منتج، قالت وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضي، إنه سينخفض ​​بنسبة 90٪ (للفحم) أو 75٪ (للنفط) أو55٪ (للغاز) على مدى العقود الثلاثة القادمة، إذا كان للعالم أن يحقق صافي انبعاثات كربونية صفرية.

وهذا هو تعريف العمل المحفوف بالمخاطر؛ فإذا كنتم تأملون في تحقيق عوائد على غرار "أسهم الخطيئة" بالاستناد إلى هذا التنوع المتناقض، فمن الأفضل أن يكون لديكم تبرير مدروس أكثر من مجرد "ليس كل ما يلمع ذهباً".