لقاح "كورونا" بيد النساء

عالمة في أحد المختبرات
عالمة في أحد المختبرات المصدر: بلومبرغ
Tyler Cowen
Tyler Cowen

Tyler Cowen is a Bloomberg Opinion columnist. He is a professor of economics at George Mason University and writes for the blog Marginal Revolution. His books include “The Complacent Class: The Self-Defeating Quest for the American Dream.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان التاريخ القديم للقاحات خاضعاً لسيطرة الرجال. لكن هذا العلم الذي يحقق الآن نتائج مذهلة أصبح تحت قيادة النساء، ليضرب بذلك مثلاً على تمركز المواهب.

لنلقِ نظرة على تاريخ لقاح الحمض النووي الريبي الرسول، والذي يعد الأساس التكنولوجي لكل من لقاحيّ "موديرنا" و"فايزر-بيونتك"، المتنافسين الرئيسيين في الولايات المتحدة. ولنبسط الأمر أكثر، تُعلِّم لقاحات الحمض النووي الريبي الرسول الخلايا كيف تصنع بروتيناً يحفز استجابة النظام المناعي، بدلاً من حقن مواد فيروسية حية أو ميتة.

إن تم الأمر بالشكل الصحيح، فإنه سيجعل تطوير اللقاح أسرع، واستخدامه أكثر اماناً، وتصنيعه على نطاق واسع أكثر سهولة. وإضافة إلى دوره المستقبلي في مكافحة فيروس كورونا، يمكن تعديل منصة لقاح الحمض النووي الريبي الرسول لمكافحة فيروسات أخرى، ويمكن إيجاد استخدامات إضافية للمنتجات الأخرى من الحمض النووي الريبي الرسول، مثل المساعدة في معالجة الاضطرابات الجلدية.

مجريون ولبنانيون وهنود وأتراك

يكمن الجهد الرئيسي وراء الحمض النووي الريبي الرسول في نشاط كاتالين كاريكو، مهاجرة مجرية المولد أتت إلى الولايات المتحدة لتعمل على القضايا المتعلقة بالحمض الريبي النووي. لكنها عاشت المعاناة بمسيرتها المهنية في بداياتها، خاصة فيما يتعلق بمشاكل جمع الأموال اللازمة للأبحاث وإصابتها بالسرطان، لكنها ثابرت مع ذلك.

وانتهى بها المطاف بالعمل مع درو ويسمان، ومعاً توصلا إلى كيفية حقن مادة الحمض النووي الريبي في البشر دون التسبب بالتهاب زائد، وهو ما كان سابقاً العائق الرئيسي في وجه تحقيق تقدم.

عملت كاريكو مع "بيونتك" مؤخراً، وهي شركة ألمانية ناشئة أسسها الزوجان أوغور شاهين وأوزليم توريسي، اللذان ينحدران من عائلات العمال الأتراك المهاجرين في ألمانيا.

ثم هناك اللقاح من "نوفوفاكس"، التي يقع مقرها في جايثرسبيرغ في ماريلاند. لم يتم نشر نتائج نوفوفاكس بعد، لكن المعلومات الأولية تشير إلى أنها واعدة. كما أن هذا اللقاح يستند إلى أفكار جديدة أيضاً باستخدام نظام غير معتاد لإخراج البروتين بطريقة مبتكرة للغاية.

وتقود غيتا باتيل فريق نوفوفاكس، وهي مهاجرة من غوجارات في الهند. ويوصف فريقها العامل على اللقاح على انه نسائي بالكامل. وتنحدر باتيل من عائلة فقيرة للغاية، وكاد والدها أن يموت من السل عندما كانت في الرابعة من عمرها، وكثيراً ما اضطرت للتسول للحصول على أجرة الحافلة.

مهاجرون ونساء

النقطة المشتركة بين العاملين على لقاحات كورونا أنهم مهاجرون، ومعظمهم من النساء. فقد كانت المرحلة الأولى من التجارب السريرية للقاح "موديرنا" مثلاً بقيادة ليزا إيه جاكسون، في جامعة واشنطن. كما أن الشريك المؤسس ورئيس مجلس إدارة "موديرنا" هو نوبار أفيان، وهو مهاجر لمرتين، ولد في لبنان، وهاجر والداه لاحقاً إلى كندا، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة.

قد يتحول التطوير السريع لكل هذه اللقاحات إلى أكبر تقدم علمي منذ عقود. هذا التقدم كان مدفوعاً من أشخاص، لم يكونوا ليحصلوا على أي فرصة، في منطقة أخرى.

إنه تطور إيجابي، حقيقة واقعة وتحذير للمستقبل. في الشركات والمجال الأكاديمي ومجالات الأعمال الأخرى، لا تحظى النساء بأدوار رائدة كما يحظين الآن في تطوير اللقاح. ونظراً لما قدمت النساء من مساهمات في تطوير اللقاحات في هذا العام فحسب، فتخيلوا مدى الأثر الذي يمكن أن يحدثنه في مجالات أخرى.

ليس موضوع النقاش هنا أن النساء والرجال سيحققون النتائج نفسها. قد تكون هناك أسباب وراء انجذاب النساء الموهوبات إلى تطوير اللقاحات أكثر من مجالات أخرى. ومع ذلك، فإن الأثر الأخير وغير المسبوق للنساء في هذا المجال يعني أن هناك مجالات أخرى يهتم المجتمع بها والتي من شأنها أن تستفيد بشكل كبير من مساهمة النساء.

تظهر قصة اللقاحات في القرن الحادي والعشرين أمرين اثنين، الأول هو أن على المجتمع القيام بعمل أفضل بكثير في تخصيص المواهب، وحصد مكاسب مماثلة في مجالات متعددة أوسع. والثاني هو أنه من الممكن إصلاح التوزيع السيئ للمواهب، إن كنا راغبين باتخاذ الخطوات الضرورية لذلك.

إن كنت تبحث عن شيء مفيد وسط ملايين التجارب المأساوية مع كورونا، فهذا ليس بمكان سيئ لتبدأ منه.