لم يكن هناك وقت أفضل في تاريخ أوروبا من الوقت الحالي، لبيع السندات الخضراء. حيث قاد ازدهار الاستثمارات الأخلاقية الخضراء، نحو تشجيع الـ"غرينيوم" (العلاوة على أسعار السندات الخضراء)، على زيادة دفع المستثمرين مقابل الأصول المتوافقة مع المعايير المستدامة، وفقاً لـ"دويتشه بنك". وتسبب ذلك في انطلاق مجموعة من الصفقات الخضراء لأول مرة من جهات مختلفة ومتنوعة مثل شركة "موندليز إنترناشيونال" (Mondelez) في إسبانيا، الصانعة لبسكويت "أوريو".
يقول هنريك جونسون، الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "دويتشه بنك" في لندن: "نحن قادرون الآن على التوجه لمصدري السندات وأن نقول لهم: قوموا بإصدار السندات الخضراء، وستوفرون الأموال بالفعل. وهذا يعني أن العقبات التي كان علينا تخطيها أمام عملائنا لإصدار السندات الخضراء انتهت الآن". وأضاف: "نحن نعيش في لحظات من التعادل الاقتصادي في المجال".
السندات الخضراء الألمانية تضغط على الديون الأوروبية
إسبانيا تسعى لجمع 5 مليارات يورو من طرح أولي لسندات خضراء
كانت تكاليف اقتراض شركة "موندليز" من خلال سنداتها الخضراء الأولى، أقل مما كانت عليه بالنسبة للسندات التقليدية السابقة، وفقاً للبيانات التي تم تحليلها بواسطة "بلومبرغ"، كما خفضت شركة "إن بي دابليو إنرجي بادن فورتمبيرغ" (EnBW) الألمانية تكاليف الاقتراض عبر بيعها للسندات الخضراء أيضاً.
في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" مؤخراً، قال بابلو دي رامون لاكا، المدير العام لوزارة الخزانة الإسبانية: "السندات الأخرى متعادلة، بينما هناك استعداد لدى المستثمرين لدفع المزيد مقابل السندات الخضراء مقارنة بنظيرتها التقليدية". واستشهدت الحكومة الإسبانية بتقدير صادر عن مدراء رئيسيين مشرفين على صفقة شركة "موندليز"، التي قالوا أنها حققت "غرينيوم" بـ "نحو نقطتي أساس".
يعد كل هذا جزء من طفرة التمويل الأخضر، حيث قام المستثمرين بضخ 310 مليارات يورو (367 مليار دولار) في الاستثمارات الخضراء في أوروبا خلال النصف الأول من هذا العام، وفقاً لـ "مورنينغ ستار دايركت". وهذا يعادل نحو ثلاثة أضعاف ما تم ضخه خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ويساوي تقريباً الـ 343 مليار يورو التي تم جمعها خلال عام 2020 بأكمله.
إنفوغراف.. 244 مليار دولار سندات خضراء ولمواجهة الاستدامة منذ بداية 2021
مع انضمام المزيد من مصدري السندات إلى قافلة السندات الخضراء، ظهرت الفروق في الأسعار بشكل واضح. وهذا صحيح بشكل خاص بالنسبة لمن يدفعون تكاليف اقتراض أعلى بشكل روتيني على السندات التقليدية مقارنة بأقرانهم.
يقول آرثر كريببرز، رئيس التمويل المستدام والشركات في "نات ويست ماركتس": "تميل"غرينيوم" إلى الارتفاع، لأنها تحظى بنقطة بداية مرتفعة"، بينما تميل الفروق السعرية لأن تكون أقل حدة بالنسبة للسندات التي تبقى في السوق لفترة أطول".
وفقاً لأبحاث "دويتشه بنك"، حصل مصدرو السندات الخضراء على سعر مخفض مقابل ديونهم المستحقة في 61% من الصفقات خلال النصف الثاني من عام 2020، وهو ما يشكل زيادة مقارنة بالنصف الأول.
وهم "الغسل الأخضر" كيف يمكن للمستثمرين اكتشافه؟
مع ذلك، هناك عدد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تلاشي الـ"غرينيوم". فعلى سبيل المثال، أصبح المستثمرون أكثر وعياً لمنح مزايا الأسعار هذه إلى "مصدري السندات الأكثر مصداقية"، وفقاً لما قاله كريببرز.
هناك أيضاً الضغوط التي يشكلها حجم العرض، حيث تتجه مبيعات السندات الخضراء عالمياً إلى مستوى قياسي يبلغ تريليون دولار في عام 2021، وتمتلئ الصناديق بمخصصات الاستثمارات المستدامة، ويتم إطلاق صفة الاستثمارات الخضراء بشكل أكثر اتساعاً. وقد ظهرت علاوة "غرينيوم" بداية لأن العديد من المستثمرين كانوا يسارعون لتلبية الالتزامات بالمعايير البيئية، بينما لم يكن تدفق الصفقات على القدر المطلوب.
يقول جونسون من "دويتشه بنك": "في مرحلة ما، سيتوقف هذا لأنه بمرور الوقت إذا تم إصدار 100% من السندات بصيغة خضراء، أو نظريتها من السندات الأخلاقية، فإن الفارق السعري المرتفع للسندات الخضراء سيزول وتصبح هذه هي التكلفة الجديدة للتمويل". وأضاف: "في غضون ذلك، سيكون هذا الوقت استثنائياً".
أضاف اثنان من مصدري الديون ملياريْ يورو إلى الـ 43.28 مليار يورو التي تم بيعها بالفعل منذ 13 سبتمبر الحالي، ما يجعل هذا الأسبوع الأكثر ازدحاماً من حيث مبيعات السندات الخضراء منذ يونيو الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
بلغت مبيعات السندات الدولارية الجديدة في آسيا باستثناء اليابان أعلى مستوياتها في 7 أسابيع، مع زيادة وتيرة الصفقات وسط إشارات مكثفة على أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تتجه نحو تقليص الدعم النقدي.
قالت شركة النقل الجوي التي يقع مقرها في طوكيو إنها حصلت على قروض بنحو 200 مليار ين من 4 بنوك يابانية، فيما تخطط لبيع سندات بقيمة 100 مليار ين. وقال يويشيرو كيتو، المدير العام للشؤون المالية في تصريحات للصحفيين، إن التمويل يأتي جزئياً كـ"إجراء وقائي" لمواجهة تأثيرات "كوفيد-19" طويلة المدى على الشركات.
لم تظهر موجة إصدارات الشركات الأمريكية غير المسبوقة أي علامات على التباطؤ في الفترة الماضية، وذلك خلال ما يصفه المصرفيون والمقترضون بالظروف المثالية للشركات عالية الجودة للاستفادة من سوق السندات لتحصيل التمويل.
رغم أن الأسبوع الذي يلي عيد العمال الأمريكي يكون عادة أحد أكثر أسابيع السنة من حيث الحركة في أسواق السندات، إلا أن الجلسات الثلاث الماضية كانت من بين أكثر الجلسات نشاطاً على الإطلاق. وباعت 14 شركة أخرى من الشركات القيادية الكبرى سندات بواقع 15.65 مليار دولار يوم 9 سبتمبر، بعد أن قامت 38 شركة بوضع أسعار لسندات بأكثر من 60 مليار دولار خلال الجلستين السابقتين.