استجابة الصين للمحادثات التجارية الأمريكية تبرز الفجوة بين الطرفين

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ما تزال الولايات المتحدة والصين متباعدتين للغاية فيما يتعلَّق بالقضايا الاقتصادية والتجارية، وقد أظهرت التصريحات الأحدث من الجانبين، مدى ضخامة هذه الفجوة.

قال سفير الصين في واشنطن خلال نهاية الأسبوع، إنَّ بكين تريد من الولايات المتحدة وقف القيود والعقوبات المفروضة على شركاتها، مشيراً إلى بعض مطالب الدولة الآسيوية لإجراء محادثات مستقبلية. وقد جاء ذلك ردَّاً على تعليقات الممثلة التجارية الأمريكية، كاثرين تاي، قبل مكالمتها مع نائب رئيس الوزراء الصيني، ليو هي، التي أثارت فيها مخاوف الولايات المتحدة حول دعم الحكومة الصينية للشركات.

اقرأ أيضاً: أمريكا تحاصر الصين في المحيط الهادئ بصفقة غواصات نووية مع أستراليا

قال السفير، تشين غانغ، لشبكة التلفزيون الصينية "فينيكس" في مقابلة، وفقاً لملخص على موقع السفارة على الإنترنت، إنَّ بكين تريد من الولايات المتحدة تصحيح المشكلات القائمة، مثل الصعوبة المتزايدة التي تواجهها الشركات الصينية في الاستثمار، أو إدراج أسهمها في الولايات المتحدة، والقيود المفروضة على أكثر من 900 كيان صيني. وأضاف تشين أنَّ القيود المفروضة بسبب "الأمن القومي" على وجه الخصوص، غير عادلة، محذِّراً من عواقب وخيمة في حال استمرارها.

و ماتزال الولايات المتحدة تكثِّف القيود والإنفاذ على الشركات الصينية، وعلَّقت مؤخراً الطروحات العامة الأولية الجديدة للشركات التي تتخذ من الصين مقرَّاً لها، وطالبت الشركات المدرجة بالفعل في الولايات المتحدة بالخضوع لمزيد من التدقيق، أو مواجهة الشطب من البورصة.

اتفاق تجاري

فيما يتعلَّق بالاتفاق التجاري الذي تمَّ توقيعه العام الماضي؛ فإنَّ لدى الجانبين وجهات نظر متعارضة حول ما إذا كانت الصين تفي بالمطلوب منها بموجب الصفقة التي تطالب الصفقة بكين بإجراء تغييرات على اللوائح المتعلِّقة بالملكية الفكرية وغيرها من المجالات. كما حدَّدت الصفقة مستويات مستهدفة لمشتريات الصين من البضائع الأمريكية، فيما تظهر حسابات "بلومبرغ" أنَّ الصين اشترت فقط نصف البضائع التي وعدت بشرائها حتى الآن.

اقرأ المزيد: الصين تحث الولايات المتحدة على إصلاح العلاقات وبايدن يدرس تحقيقاً تجارياً جديداً

رفض تشين الاتهامات بأنَّ الصين فشلت في الالتزام بالاتفاق، مؤكِّداً أنَّ دولته اتخذت خطوات "ملموسة"، ونفَّذت الاتفاق "بإخلاص وثبات".

مع ذلك؛ قالت وزيرة التجارة الأمريكية، جينا رايموندو، الشهر الماضي، إنَّ الصين

لا تلتزم بتعهداتها لشراء البضائع، مشيرةً إلى أنَّ بكين تمنع شركات الطيران الصينية من شراء طائرات بقيمة "عشرات المليارات من الدولارات" من شركة "بوينغ". كذلك؛ قالت الممثِّلة التجارية الأمريكية، كاثرين تاي، الأسبوع الماضي، إنَّ الوزارة ستعمل على إنفاذ التزامات الصين في الاتفاق التجاري.

السياسة الصناعية

لدى الولايات المتحدة مخاوف طويلة الأمد تتعلَّق بهيكل الاقتصاد الصيني الذي تسيطر عليه الدولة، والدعم المالي أيضاً، وقد أُثير الأمر مراراً وتكراراً وفق ما وصفه مسؤول أمريكي كبير الأسبوع الماضي بأنَّها "ممارسات الصين غير العادلة وغير التنافسية"، وكانت تلك القضايا جزءاً من المفاوضات بقيادة حكومة ترامب، برغم عدم اشتمال اتفاقية التجارة الموقَّعة في 2020 عليها.

واصلت الولايات المتحدة محاولتها ومناقشتها مع الصين، وتدرس أيضاً بدء تحقيق جديد في شأن الدعم الصيني كوسيلة للضغط على بكين حول التجارة، بحسب ما قال أشخاص مطَّلعون على الأمر لـ"بلومبرغ" الشهر الماضي.

في مكالمتها مع نائب رئيس الوزراء الصيني الأسبوع الماضي؛ أكَّدت تاي على "مخاوف الولايات المتحدة المتعلِّقة بالسياسات والممارسات غير العادلة التي تقودها الصين، التي تضر بالعمال، والمزارعين، والشركات الأمريكية"، وفقاً لقراءة أمريكية للمحادثة.

مع ذلك؛ ليس هناك ما يشير إلى أنَّ الصين مستعدة لإجراء تغييرات، ولم يُذكر الموضوع في البيان الرسمي للصين بشأن مناقشة تاي وليو، الذي قال بدلاً عن ذلك، إنَّ ليو أوضح موقف بكين "حول قضايا مثل نموذج التنمية الاقتصادية للصين والسياسات الصناعية"، وطلب من الولايات المتحدة إلغاء جميع التعريفات والعقوبات.

الولايات المتحدة، بدورها، لم تذكر مناقشة إلغاء الرسوم الجمركية في بيانها، في حين أعلنت أنَّها ستبدأ عملية جديدة لاستبعاد بعض الواردات من الخضوع للرسوم، ولا يوجد ما يشير إلى أنَّها تخطط لرفع الرسوم الأخرى على السلع الصينية بشكل دائم، كما أنَّ التحقيق المذكور بشأن السياسة الصناعية الصينية، يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الرسوم الجمركية.

تظهر المجالات الأخرى بخلاف الاقتصاد والتجارة أيضاً، المسافة بين الجانبين، إذ وصف السفير تشين قرار وكالة المخابرات المركزية الأخير بإنشاء "مركز المهام المعني بالصين" بأنَّه "سوء التقدير الأكثر خطورة".

قال تشين: "ألا يجب أن يُترَك كتاب اللعب الخاص بالحرب الباردة، المأخوذ من أفلام العميل 007، لأفلام هوليوود الناجحة؟.. بعض الناس في الولايات المتحدة، من المنغمسين في أوهام أنَّهم جيمس بوند في حدِّ ذاته، ببساطة لا يستطيعون مقاومة الرغبة في تمثيل مسرحيتهم الخاصة".

تحدَّث الرئيسان شي جين بينغ، وجو بايدن عبر الهاتف الشهر الماضي، وهناك تقارير عن أنَّهما سيعقدان اجتماعاً افتراضياً في الأشهر المقبلة، لكنَّ الجانبين يواصلان تحميل مسؤولية تحسين العلاقات للجانب الآخر.

من جهتها، ترى الولايات المتحدة أنَّه يجب على الصين تغيير "الممارسات التي تضر بالشركات والعمال الأمريكيين"، وفقاً لمسؤول حكومي كبير، في حين تؤمن الصين بأنَّ الولايات المتحدة يجب أن "تفعل المزيد من الأمور التي تفضي إلى التنمية السليمة والمطَّردة للعلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية الأمريكية"، بحسب ما قال المتحدِّث باسم وزارة الخارجية، تشاو ليجيان، الأسبوع الماضي.

لا توجد علامة عامة على تلاقي هذه المسارات المتوازية في أيِّ وقت قريب.