"أوميكرون" يضع عملات الأسواق الناشئة أمام اختبار صعب

تكافح البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لدعم عملاتها أمام الدولار القوي، وسط ضغوط إضافية مع ظهور فيروس "أوميكرون" المتحوِّر الجديد من سلالة كورونا
تكافح البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لدعم عملاتها أمام الدولار القوي، وسط ضغوط إضافية مع ظهور فيروس "أوميكرون" المتحوِّر الجديد من سلالة كورونا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كانت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تواجه صعوبة في دعم عملاتها مع تقليص الاحتياطي الفيدرالي للحوافز النقدية؛ فإنَّ مهمتها حالياً أصبحت أكثر صعوبة.

أدت المخاوف بشأن ظهور متحور "أوميكرون"، وهو من سلالة كوفيد 19 إلى تدهور الأصول الخطرة يوم الجمعة الماضي، مما قلب مؤشر "إم إس سي أي" لعملات الأسواق الناشئة إلى عجز العام الجاري، وربما يسير على مسار أول انخفاض سنوي له منذ ثلاث سنوات.

وأضعف الدولار القوي البنوك المركزية في العالم النامي قبل وقت طويل من اكتشاف "أوميكرون"، ويفعل تشديد السياسة بدءاً من كوريا الجنوبية إلى روسيا والبرازيل القليل لمنع خسائر العملات التي تعزز بدورها التضخم.

وكان أكبر الخاسرين الشهر الجاري البيزو المكسيكي، والراند الجنوب أفريقي، والفورنت المجري، وكلها عملات من دول رفعت أسعار الفائدة في نوفمبر، وهذا كله يدعم حجة المراهنين على الهبوط في السوق.

"غولدمان ساكس" ترسم 4 سيناريوهات لتأثير "أوميكرون" على الاقتصاد العالمي

تهديدات "أوميكرون"

قال فيكتور زابو، مدير الاستثمار الأول في "أبردين" في لندن: "أي عامل يحد من الرؤية يجعل الحياة أكثر صعوبة بكثير على البنوك المركزية.. لكنَّ عدداً متزايداً من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة بدأ يدرك أنَّه إن كان التضخم مؤقتاً أم لا؛ فهي ليست مسألة ذات صلة حقاً في هذه المرحلة، فالتضخم مرتفع ومستمر حتى إن كان ناتجاً بشكل أساسي عن صدمات في جانب العرض، وبإمكانه زعزعة توقُّعات التضخم، ووضع ضغوط على العملات".

محمد العريان: "أوميكرون" يعيد إحياء مخاوف الركود التضخمي في الولايات المتحدة

وقالت أولغا يانغول، رئيسة استراتيجية الأسواق الناشئة في "كريدي أغريكول" في نيويورك، إنَّ تهديد وجود متحوِّر أكثر خطورة قد يدفع صانعي السياسات في الأسواق الناضجة الرئيسية، مثل الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، إلى اتخاذ موقف أكثر أماناً، مما قد يوازن الحاجة إلى تشديد أكثر قوة في الدول النامية.

وقالت: "متحور "أوميكرون" قد يضغط بقوة بالتأكيد على الأسواق الناشئة أكثر من أي فئة أصول أخرى خاصة في العملات الأكثر تقلباً في أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا، والتي تكون أكثر حساسية لمعنويات المخاطرة، وأكثر عرضة للطاقة والسياحة، وهي القطاعات الأكثر تأثراً بالوباء".

"عقاب من الأسواق"

لم يساعد التدخل السياسي في الأمر؛ فقد أدت حملة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لتخفيض أسعار الفائدة إلى تراجع الليرة الأسبوع الماضي.

كما تراجع البيزو المكسيكي بعد أن أدى تعيين الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور لمسؤول غير معروف في وزارة المالية لقيادة البنك المركزي إلى إثارة القلق بشأن تدخل الحكومة المحتمل في استقلالية البنك المركزي.

مدققو أردوغان سيحققون بمشتريات العملات بعدما هوت الليرة

قال ويتولد باهريك، كبير محللي الاقتصاد الكلي في شركة "نورديا إنفستمنت"، ومقره كوبنهاغن: "ستعاقب الأسواق على الفور بسبب أي إشارة تدل على تدخل الحكومة في السياسة النقدية، طالما أنَّ الرياح المعاكسة للسياسة النقدية العالمية تتصاعد".

وأضاف: "برغم أنَّ السبب الرئيسي لخفض وزن عملات الأسواق الناشئة، هو تشديد السياسة النقدية العالمية؛ فإنَّ هذا يعزز الحجة الهبوطية للسوق".

مخاطر رفع الفائدة الأمريكية

اقترب ارتباط عملات الأسواق الناشئة بسندات الخزانة قصيرة الأجل من أقوى مستوى منذ عام 2014، مما يؤكد على التداعيات المحتملة من ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

ويتحوط المستثمرون ضد مخاطر تقلبات الأسعار على نطاق أوسع مع ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى منذ يوليو 2020، وصعد مقياس "جيه بي مورغان تشيس" للتقلبات الضمنية في العملات النامية الأسبوع الماضي فوق 10% للمرة الأولى منذ أبريل.

وتظل أسعار الفائدة الحقيقية - التي تحتسب التضخم - في معظم الاقتصادات النامية دون الصفر، حتى بعد تشديد السياسة النقدية، وهو ما يُقلِّص جاذبية أصول الأسواق الناشئة في الوقت الذي ترتفع فيه عائدات الولايات المتحدة، ويتعمق فيه القلق بشأن استمرارية التعافي في الاقتصادات النامية.

وسيحصل المستثمرون على مزيد من الدلائل حول صحة الأسواق الناشئة في الأيام المقبلة، إذ من المقرر إصدار مؤشرات مديري المشتريات الرسمية الصينية، وأرقام الناتج المحلي الإجمالي من تركيا إلى الهند والبرازيل.

معضلة سياسية

رفعت المجر، التي تأخرت عن نظيراتها في أوروبا الوسطى، مثل جمهورية التشيك وبولندا على مسار تشديد السياسة، أسعار الفائدة للمرة الثالثة في أسبوعين يوم الخميس الماضي، لكنَّها فشلت في منع "الفورنت" من الهبوط إلى مستوى قياسي منخفض.

وفي الوقت نفسه، حذر رئيس البنك المركزي البرازيلي، روبرتو كامبوس نيتو، الذي أشرف على دورة التشديد الأكثر حدة في العالم العام الجاري، يوم الأربعاء الماضي، من رفع أسعار الفائدة بسرعة كبيرة برغم قلقه من تجاوز التضخم المستوى المستهدف.

وانخفض الريال البرازيلي لأكثر من 7% العام الجاري، برغم رفع الفائدة بمقدار 575 نقطة أساس من قبل البنك المركزي، الذي أشار أيضاً إلى زيادة أخرى بمقدار 150 نقطة أساس متوقَّعة الشهر المقبل.

وأدت المخاطر السياسية والمالية إلى تجاهل المتداولين للزيادات في أسعار الفائدة البرازيلية.

قال بول جرير، مدير الأموال في "فيديليتي إنترناشونال"، الذي تفوَّق صندوقه لديون الدول النامية في الأداء على 94% من نظرائه العام الجاري: "نتوقَّع أن تظل العملات تحت الضغط حتى نهاية العام، وربما حتى أوائل عام 2022.. ومن الصعب على عملات الأسواق الناشئة منافسة الدولار الأمريكي في الوقت الحاضر".

وفيما يلي استعراض للأحداث والبيانات المرتقبة الأسبوع الجاري:

- من المرجح أن يُظهر مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصيني المقرر صدوره اليوم الثلاثاء أنَّ الاقتصاد مستقر في نوفمبر، مع تراجع الضغوط من تفشي فيروس كوفيد ونقص الطاقة، ومع ذلك؛ ستشير المقاييس إلى وتيرة ضعيفة للنمو، مما يؤكد حاجة صانعي السياسات إلى دعم الاقتصاد من التباطؤ، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".

- من المتوقَّع أن ينخفض ​​معدل التضخم في كوريا الجنوبية في نوفمبر عن الشهر السابق.

- قد تُظهر أرقام الناتج المحلي الإجمالي في تركيا للربع الثالث اليوم الثلاثاء أنَّ الاقتصاد قد تجاوز ذروته قبل الوباء.

- من المتوقَّع أن تبقي كينيا سعر فائدتها الرئيسي عند 7% يوم الإثنين بعد أن تباطأ التضخم بشكل غير متوقَّع لأول مرة في ستة أشهر في أكتوبر.

- سيراقب المتداولون تقرير التضخم الفصلي من البنك المركزي المكسيكي غداً الأربعاء بحثاً عن أدلة على مسار السياسة النقدية.

- ستقدِّم البرازيل كذلك عدداً كبيراً من البيانات الاقتصادية، ومن المقرر أن تصدر أرقام البطالة لشهر سبتمبر اليوم الثلاثاء، والناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث يوم الخميس، والإنتاج الصناعي في أكتوبر يوم الجمعة.