تعديل الإمارات أسبوع العمل.. فرص ومخاطر

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رحب البعض بقرار الإمارات العربية المتحدة بتغيير أسبوع العمل، ليبدأ من الإثنين حتى الجمعة، باعتباره خطوة تعزز تدفق الاستثمار الأجنبي والتجارة في البلد الخليجي.

سيبدأ سريان هذا القرار على الهيئات الحكومية في أول يناير المقبل. ورغم ترك الأمر للقطاع الخاص حتى يقرر لنفسه كيفية التأقلم، من المرجح أن يسير الكثير من العاملين فيه على نفس النهج.

اقرأ المزيد: الجمعة نصف يوم عمل.. الإمارات تعتمد السبت والأحد عطلةً أسبوعية

ما أهمية ذلك؟

بتغيير عطلة نهاية الأسبوع إلى يومي السبت والأحد، تتواءم الإمارات العربية المتحدة مع كثير من دول العالم وتعزز من مكانتها كمركز عالمي للتجارة والأعمال. غير أن ذلك أيضاً يجعلها مختلفة عن جيرانها في الخليج العربي الذين تقتصر عطلتهم الأسبوعية على يومي الجمعة والسبت. ليوم الجمعة قدسية في الإسلام، ويحضر صلاة الجمعة المواطنون والأجانب في المساجد بمختلف أنحاء الإمارات. ولتفادي أي تحفظ محتمل عند البعض من ضم يوم الجمعة إلى أيام العمل، حددت الحكومة موعد خطبة صلاة الجمعة عند الساعة 1:15 ظهراً، وقصر العمل في هذا اليوم على نصف يوم فقط، على الأقل بالنسبة لموظفي القطاع العام، مما يجعل الإمارات البلد الوحيد في العالم الذي يقر أسبوع عمل من أربعة أيام ونصف اليوم، وفق وكالة الأنباء الإماراتية (وام).

كيف كان رد الفعل؟

قوبل القرار بكل ردود الأفعال المختلفة من الحماس إلى الارتباك وحتى الرفض. يرى بعض الاقتصاديين أن ذلك سيجعل الإمارات أكثر قدرة على المنافسة، ويدعم موقفها في التسابق على جذب المشروعات مع منافسيها الإقليميين مثل السعودية.

وزير الموارد البشرية الإماراتي لـ"الشرق": نظام العمل الجديد يصب بمصلحة القطاع الخاص والأسواق المالية

كان الحماس أقل بين بعض شركات القطاع الخاص، التي يعمل لديها غالبية الموظفين المقيمين. وبالنسبة للشركات محلية التوجه، قد يكون تأثير القرار هامشياً. وبالنسبة لشركات أخرى، قد يعني هذا من الناحية الفعلية أن يصبح أسبوع العمل مكوناً من ستة أيام، إذ تحاول الشركات مواءمة عملها مع الأسواق الإقليمية التي تعمل في أيام الأحد ومع أسواق أخرى كثيرة في العالم تعمل في أيام الجمعة. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة التكاليف عبر دفع أجور عن العمل الإضافي، خاصة إذا رغب بعض العمال المسلمين في عدم العمل أيام الجمعة، بحسب آراء مسؤولي الشركات التنفيذيين. فيما أبدى بعض المواطنين عدم تأييد التغيير معتبرين أنه خطوة أخرى قد تبعد البلاد عن هويتها الإسلامية.

ما هي المخاطر؟

في المدى القصير، قد يؤدي تغيير أسبوع العمل إلى تصعيب مهمة العديد من الشركات التي تستخدم دبي وأبوظبي قاعدة لممارسة عملها في منطقة الخليج الغنية بالنفط. وعلى المدى الطويل، قد يدفع ذلك الشركات إلى نقل أنشطة أو على الأقل بعض موظفيها إلى الأسواق التي تخدمها، مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت. وإذا اضطرت الشركات إلى العمل ستة أيام أسبوعياً بسبب هذا التغيير فقد يؤدي ذلك إلى طلب زيادة الأجور أو ترك العاملين وظائفهم مع زيادة تأثير أعباء العمل.

تسمح قوانين الإمارات العربية المتحدة للشركات بأن تمنح موظفيها يوماً واحداً عطلة أسبوعية، وتحدد أسبوع العمل عند 48 ساعة بحد أقصى.

ما هو التأثير الإقليمي؟

في خلفية كل ذلك يكمن التنافس المتنامي بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. فالسعوديون تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منخرطون في اندفاع غير مسبوق نحو تحديث الاقتصاد، وخفض اعتماده على صادرات الطاقة، وترسيخ الاقتصاد السعودي باعتباره مركزاً إقليمياً للأعمال.

600 شركة عالمية جديدة تستأجر مكاتب في الرياض

في شهر فبراير الماضي، قالت المملكة إنها ستتوقف عن توقيع عقود مع الشركات الأجنبية ذات المقرات الرئيسية في الشرق الأوسط خارج السعودية اعتباراً من عام 2024.

تتطلع الإمارات العربية المتحدة إلى ما هو أبعد، وتسعى لإعادة ترسيخ وضعها باعتبارها مركزاً عالمياً للأعمال والتمويل. وقد وضعت نصب عينيها صناعة روابط أعمق مع الاقتصادات سريعة النمو في آسيا وأفريقيا، بهدف جذب 150 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية من شركائها القدامى بالأساس مثل كوريا الجنوبية، وإندونيسيا، وكينيا، وإثيوبيا، وتركيا.

هل ستتبع باقي دول الخليج العربي نفس المسار؟

ربما. ففي عام 2006، اتبعت دول الخليج العربية في النهاية خطى الإمارات في تغيير عطلة نهاية الأسبوع من يومي الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت.

لم تظهر معارضة شعبية لهذه الخطوة، أو ظهرت تحفظات محدودة للغاية، عندما تبعتها في ذلك المملكة العربية السعودية، وهي موطن أهم المقدسات الإسلامية، بعد سبع سنوات.

في هذه المرة، قد يكون الأمر صعباً، لأن تحويل يوم الجمعة إلى يوم عمل في الدولة الإسلامية قد ينطوي على مخاطر سياسية واجتماعية.

حتى في إسرائيل، التي تمتلك صناعة تكنولوجيا قوية، فشلت دعوات تغيير عطلة الأسبوع، لأن السبت اليهودي يلزم اليهود بالراحة من غروب شمس الجمعة إلى غروب شمس السبت.