سوق الأسهم الأمريكية تعاني من تراجعات واسعة.. فما الأسباب؟

الأسهم تراجعت على نطاق واسع بشكل ملحوظ في نهاية نوفمبر
الأسهم تراجعت على نطاق واسع بشكل ملحوظ في نهاية نوفمبر المصدر: بلومبرغ
Jared Dillian
Jared Dillian

Jared Dillian is the editor and publisher of The Daily Dirtnap, investment strategist at Mauldin Economics, and the author of "Street Freak" and "All the Evil of This World." He may have a stake in the areas he writes about.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من أبرز الجوانب المثيرة للاهتمام في عمليات البيع القوية التي شهدتها الأسهم نهاية نوفمبر اتساع نطاق التراجعات بشكل ملحوظ.

ففي الوقت الذي تراجعت فيه المؤشرات الرئيسية بضع نقاط مئوية فقط؛ كان هناك أكثر من ألف سهم قد سجل أدنى مستوياته في 52 أسبوعاً على أساس يومي. في حين احتفظت أسهم مثل: "أبل"، و"مايكروسوفت" و"إنفيديا" كالمعتاد بمسار الارتفاع إلى جانب ارتفاع عدد قليل من الأسهم الأخرى.

يزيد ذلك من التحديات والصعوبات التي يواجهها اللاعبون في "وول ستريت". ففي مجتمع المحللين (الذي أنتمي إليه) كيف يمكن لشخص يتسم بالصدق والموضوعية التوصية بشراء سهم "أبل"؟، ويتوقَّع ارتفاعه 30% للعام الثالث على التوالي بعد أن اقتربت قيمته السوقية من 3 تريليونات دولار.

إذ يسعى المحللون على اختلاف أماكنهم في "وول ستريت" إلى استكشاف فرص نادرة، وأسهم مختلفة يتم تجاهلها عادةً. فإذا كتبت في رسالتي الإخبارية للمشتركين في قناتي أنَّني وبعد ساعات من التفكير والبحث والمداولات أرى أنَّ أفضل فكرة لدي هي شراء "أبل" سوف أصبح مثار سخرية.

فسهم "أبل" في نهاية الأمر يمتلكه الجميع بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال صندوق يتم تداوله في البورصة أو أدوات استثمار مشابهة.

البنوك المركزية الخطر الأكبر على الأسهم في 2022

هناك مشكلة لدى مديري الاستثمار عندما تتركز عائدات السوق في عدد قليل من الأسهم في الوقت الذي يتعين عليهم أن يمتلكوا تلك الأسهم، أو المخاطرة بالتعرض لتراجعات السوق، مما يخلق طلباً مستمراً على تلك الأسهم التي تقود السوق لأعلى، بغضِّ النظر عن أسعارها.

وقد كان واضحاً خلال التصحيح الصغير الذي شهدته السوق أواخر الشهر الماضي استخدام اللاعبين المحايدين أسهم "أبل"، و"مايكروسوفت" و"إنفيديا" للتحوط مقابل انخفاض السوق.

حركة تصحيح

شهدنا في الماضي ذلك النوع من التراجعات الذي يضرب نطاقاً واسعاً من الأسهم، وعادة ما ينذر بتصحيحات كبيرة أو أسواق هابطة.

مثال على ذلك، يتمثل في قائمة الـ 50 سهماً التي كانت تسمى (Nifty 50) في حقبة الستينيات. كذلك شهدنا تراجعات على نطاق واسع في فقاعة "الدوت كوم" امتدت حتى مارس من العام 2000، وشملت جميع الأسهم بسبب الفقاعة باستثناء سهم "سيسكو سيستمز" الذي ارتفع على خلفية إعلان نتائج أعمال الشركة.

تتمتع الأسهم الكبيرة بقدرة على امتصاص تلك الصدمات بسبب التكلفة، إذ يمتلك أغلب المستثمرين تلك الأسهم بأسعار أرخص بكثير من مستوياتها الحالية.

ونفسياً، لا يعاني من يتكبد خسارة مكاسب كبيرة غير محققة بالقدر نفسه ممن يعاني من الخسائر المحققة، إذ يكون لدى المستثمرين قدرة أكبر على تحمل تصحيحات كبيرة. فإذا ارتفع السهم بنسبة 1000%، وخسر المستثمر 500%، ستبقى الأرباح لديه بنسبة 500%.

الفيدرالي الأمريكي‬⁩ يتوقع رفع الفائدة 3 مرات خلال 2022، ومثلها في 2023

يقوم مستثمرو الأسهم أيضاً بتقليد العملات المشفَّرة بشكل جزئي على الأقل، إذ يقومون بـ "الاحتفاظ" باستثماراتهم، ولا يبيعون أبداً. فكما نعلم جميعاً أنَّ الأصول المشفَّرة لديها اتجاه واحد وهو الصعود. قد أسخر من ذلك، لكنَّ الأمر يحمل جزءاً من الحقيقة، فقد سمعت تعليقات من المستثمرين على مدى السنوات القليلة الماضية بأنَّهم لن يبيعوا شيئاً معيناً أبداً، وأنَّهم يخططون للاحتفاظ به إلى الأبد.

وقد كان من اللافت للنظر الشهر الماضي تمسك العديد من المستثمرين بقناعاتهم، وقاموا بالشراء أثناء الانخفاض، لأنَّ تلك الاستراتيجية تنجح في كل مرة في التاريخ الحديث.

استراتيجية التشاؤم

أميل للشك بشكلٍ أكبر عند النظر إلى الأشياء. فهناك وقت للبيع دائماً. وكل شخص يملك حداً أقصى لتحمل الألم، وقد يعتقد أنَّ بإمكانه تحمل تراجعات أكبر حتى يصل إلى ذلك الحد.

وقد أخبرني زميل قديم في "ليمان برازرز" يشبه يوغي بيرا قائلاً: "لا يمكنك الإفلاس وأنت تجني الأرباح". في حين يبدو انتشار الخوف من البيع مبكراً، وترك المال على الطاولة.

لكني في استثماري الشخصي أشعر بالنشوة أثناء جني الأرباح، وإذا استمر السهم في الارتفاع، فلن تكون هناك صفقة مربحة، لأنَّ هناك صفقة أخرى دائماً.

صادفت الكثير من المستثمرين الذين يصفون أنفسهم بالتفاؤل. وبالتأكيد قد ينجح التفاؤل في معظم الأوقات. ولكن هناك فترات طويلة قد لا يعمل فيها. إذ ينسى أغلب الناس مدى الخسائر التي تسبَّبت فيها أزمة انهيار الإنترنت في ذلك الوقت، فقد مرت 3 سنوات كاملة قبل أن تعود الأسهم للارتفاع.

وكذلك الفترة الحزينة 1929-1945 حيث طال وقت انتظار الصعود ليصل إلى سنوات وعقود. فليس من السهل أن تكون متفائلاً. وعليك تذكر أهمية التشاؤم باعتباره استراتيجية، فقد صنعوا فيلم "ذا بيج شورت" عن أهمية التشاؤم قبل 13 عاماً.

انحسر المستثمرون والمحللون آخر 5 سنوات في البحث عن الاستثمار "الذكي"، أو "الرائع"، وقد كانت الإجابة أمامهم طوال الوقت. وبالتأكيد تكون هناك بعض الفرص بعيداً عن الأسهم الكبيرة خاصة في مجال الطاقة.

لكنّي مغرم بالقول، إنَّه من الأفضل أن تكون معارضاً للإجماع من أجل المعارضة فقط دون أن تكون مؤيداً من أجل الإجماع، وإن كان ذلك لا يتناسب مع التجربة الحديثة.