"علي بابا" تواجه تحديات أكبر من الحملة التنظيمية على قطاع التكنولوجيا

أمام مقر مجموعة "علي بابا" في هانغتشو، الصين
أمام مقر مجموعة "علي بابا" في هانغتشو، الصين المصدر: بلومبرغ
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سجَّلت "مجموعة علي بابا القابضة" تباطؤاً فصلياً هو الأسوأ على الإطلاق، في وقت تشهد الصين حملة إجراءات تنظيمية صارمة طويلة الأمد تستهدف شركات التكنولوجيا الكبرى في البلاد.

من السهل الربط بين تباطؤ أعمال الشركة وهذه الحملة. بيد أن هناك مشكلات أشد وطأة، طغت على العبء المتصاعد الناجم عن الحملة التنظيمية، لعل أهمها: ذروة الزبائن. يعد ذلك تذكيراً بأن الطبقة الوسطى المتنامية في البلاد، لم يعد من السهل انتقاؤها من قبل الشركات التي تحلق على ارتفاع عال، مع منصات واسعة الانتشار.

اقرأ أيضاً: أسهم "علي بابا" الصينية على موعد مع تقلبات حادة ترقباً لهبوط الأرباح وحملة التدقيق

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة "علي بابا"، دانييل زانغ، للمستثمرين في وقت متأخر من يوم الخميس: "نؤمن بأننا استحوذنا بطريقة كبيرة على كافة الزبائن من ذوي القوة الشرائية العالية في الصين". وأضاف: "سنركز على الانتقال من مرحلة اكتساب مستخدمين جدد إلى مرحلة المحافظة على المستخدمين الحاليين، وتحقيق النمو (نمو متوسط ​​الأرباح المتولدة من كل مستخدم)".

اقرأ المزيد: مخاطر الحملة التنظيمية ضد عمالقة التكنولوجيا في الصين تعود من جديد

تأتي المقاربة الحديثة في وقت تداعى نمو الاستهلاك الكلي في الصين، ما يضطر الشركة إلى البحث عن زبائن جدد خارج البلاد.

أرقام مخيبة

من خلال نظرة على الأرقام، يتَّضح مدى المعاناة التي تعيشها "علي بابا". فقد صعدت الإيرادات خلال الأشهر الثلاثة المنتهية بنهاية ديسمبر، بنسبة 10% فقط، بالمقارنة مع تحقيقها نسبة نمو بلغت 29% في الأشهر الثلاثة التي سبقت. وزادت المبيعات في وحدتها التجارية الأساسية -التي تشمل 71% من إجمالي الأنشطة التجارية- بنسبة بلغت 7% فقط. تغطي هذه البيانات فترة من السنة التي سعى خلالها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الحد من نفوذ شركات عمالقة الإنترنت، وقيادة البلاد نحو تحقيق مبادرة "الرخاء المشترك"، والتي تهدف إلى تقاسم الثروة والدخل بطريقة متساوية.

بالنسبة إلى شركات من أمثال مجموعة "علي بابا"، وشركة "تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings) المشغلة لمنصة التواصل الاجتماعي، وشركة "ميتوان" (Meituan) المزودة لخدمات التوصيل، كانت النتيجة عبارة عن دفعة لكسر الاحتكارات الملحوظة والتخفيف من الميزات التنافسية لديها. وضعت الجهات التنظيمية عينها على الإدراجات الحصرية، وتحقيق الاستفادة من بيانات المستخدمين لبيع الخدمات، والدعم المالي المفرط، وهو ما اضطر الشركات إلى التضحية بهوامش الأرباح، وإعادة دراسة نماذج أعمالها.

وعد المسؤولون التنفيذيون في شركة "علي بابا" في شهر أغسطس الماضي برد "الأرباح الزائدة" إلى مناطق في أعمال التجارة الإلكترونية الخاصة بها، في صورة تقديم دعم للتجار، وسوق السلع المستعملة، والتدفقات التجارية. في ذلك الحين، ظهر هذا وكأنه استجابة لحملة الإجراءات التنظيمية، والتي جاءت عقب أشهر فقط من توقيع غرامة قياسية على الشركة وصلت إلى 2.8 مليار دولار من أجل مكافحة الاحتكار، أي ما يوازي 4% من إيراداتها المحلية لسنة 2019. عملياً، كان ذلك يمثل أيضاً، رد فعل ليس فقط على مشهد تنافسي أشد صعوبة، بل وكاعتراف بأن أيام النمو عالي المستوي ذهبت بلا رجعة.

تراجع المبيعات

هبط معدل نمو مبيعات التجزئة الصينية إلى نسبة 1.7% في شهر ديسمبر الماضي، بما يقل عن نصف المعدل المتوقع لهذه الفترة. كان شهر نوفمبر الماضي، وهو الفترة التي سجلت فيها طفرة بفضل مبيعات احتفال يوم العزاب السنوي، أكثر ضعفاً أيضاً. وعلى نفس المنوال، تظهر مجالات الاقتصاد الأخرى في حالة اهتزاز. هبط حجم الاستثمار العقاري في شهر ديسمبر الماضي بنسبة بلغت 14% بالمقارنة بالسنة السابقة (و17% بالمقارنة بالشهر السابق)، بينما انخفض حجم مبيعات المنازل علاوة على التمويل العقاري بنسبة 20% تقريباً.

مع حلول فترة ديسمبر الماضي، كانت حقيقة الصعوبات التي تواجه الاقتصاد الكلي واضحة بطريقة أكبر من خلال بيانات الصين. نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل بلغ 4% خلال هذه الفترة ربع السنوية، وهو أبطأ من الأشهر الثلاثة السابقة. وقد اضطر ذلك بنك الشعب الصيني إلى تقليص سعر الفائدة الأساسي لزيادة النمو، في وقت يتجهز فيه محافظو البنوك المركزية في كافة أنحاء العالم لرفع تكاليف الإقراض.

يعد إصرار بكين على القضاء على سلالات مرض "كوفيد"، سبباً في جعل هذه المهمة أشد صعوبة، في حين أن هزات خارجية، على غرار الغزو الروسي لأوكرانيا، ما زالت تمثل خطراً بطريقة دائمة. يعني هذا أن التعافي المستدام في الإنفاق كان وسيبقي يقف على أرضية غير ثابتة. لا ينجم عن ذلك تأثير على إيرادات الشركات على منصاتها فقط، بل يهدد بإنشاء حلقة مفرغة من ضعف الثقة في صفوف المستهلكين غير الواثقين من مستقبلهم الاقتصادي.

حروب أسعار

يميل الضعف بهذا المستوى إلى أخذ الأمور نحو حروب أسعار، أو زيادة الخصومات المقدمة، حتى دون وجود تعليمات من الحكومة تدفع الشركات إلى خفض الرسوم أو زيادة المنافسة. للتصدي للتحدي الماثل، شرعت شركة "علي بابا" في حملة متجددة لجذب عملاء أكثر من الأسواق الخارجية، بيد أن تحقيق النجاح لا يعد أمراً مؤكداً .

لا تعتبر التفرقة سهلة بين ما إذا كان تحقيق "الرخاء المشترك" أو تباطؤ الاقتصاد على نطاق أوسع، سيحفز الشركة على ترك أموال أكثر في أيدي التجار والمستهلكين، بجانب تحقيق عائد أقل لحاملي الأسهم. لا تقدم الإجراءات التنظيمية الصارمة المتواصلة بحق قطاع التكنولوجيا المساعدة للشركة في مجابهة الرياح غير المواتية للاقتصاد، بيد أن تلك الصعوبات كانت تلوح فعلاً في الأفق قبيل ظهور شعار "الرخاء المشترك".