صدمة أسعار النفط تطيح بآمال ربحية شركات الطيران

الحظر الجوي فوق روسيا يكبد شركات الطيران الأوروبية خسائر كبيرة مع ارتفاع تكلفة الوقود
الحظر الجوي فوق روسيا يكبد شركات الطيران الأوروبية خسائر كبيرة مع ارتفاع تكلفة الوقود المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تلاشت سريعاً آمال شركات الطيران بانتعاش قوي في أرباحها، بعد عامين من الاضطرابات نتيجة تفشي فيروس كورونا مع تجاوز أسعار النفط 125 دولاراً للبرميل.

الصدمة النفطية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا تمثل أحدث ضربة لشركات الطيران التي اضطرت إلى إلغاء بعض الرحلات الجوية وإعادة توجيه الرحلات الطويلة لتجنب إغلاق المجال الجوي، في حين ارتفعت أسعار النفط بمجرد إعلان الولايات المتحدة التفكير في مقاطعة الإمدادات الروسية، وهو ما تحقق اليوم فعلياً.

أرباح شركات الطيران الأوروبية الأكثر عرضة للخطر حيث يتزامن ارتفاع تكلفة الوقود مع اضطراب الرحلات الجوية على نطاق واسع، بينما تتعرض أيضاً أرباح شركات الطيران الأمريكية والآسيوية إلى حدٍّ كبير للخطر مع تحملها التأثير الكامل لارتفاع الأسعار.

عكست يوم الإثنين "ويز إير هولدينغز" (Wizz Air Holdings) للطيران منخفض التكاليف في أوروبا الشرقية سياسة عدم التحوط ضد ارتفاع أسعار النفط عقب وقف عملياتها في أوكرانيا أحد أسواقها الأسرع نمواً ومدينة سانت بطرسبرغ ثاني أكبر المدن الروسية، بعدما علقت 4 طائرات للشركة هناك.

انعكست الصدمة على باقي شركات الطيران الأوروبية الأخرى، حيث قامت "ريان إير هولدينغ"Ryanair Holdings Plc الرائدة في مجال الطيران منخفض التكاليف والعملاق الألماني "دويتشه لوفتهانزا" بتعديل جداول المواعيد على أن تقوم الشركات بإعادة توظيف الفائض من الطائرات في أوروبا الغربية، ما يؤدي لاختلال التوازن بين العرض والطلب ويهدد بإلحاق الضرر بأسعار التذاكر في ذروة موسم الصيف الذي تعلق عليه شركات السفر آمال الانتعاش.

تراجعت أسهم شركات الطيران مع اقتراب النفط من مستويات 140 دولاراً للبرميل، بعد إعلان الولايات المتحدة يوم أمس الإثنين التفكير بفرض حظر على واردات الخام الروسية، قبل أن تتراجع إلى قرابة 125 دولاراً للبرميل بعد ذلك.

تأثرت الشركات الآسيوية بقفزة الأسعار، حيث أغلق سهم "تشاينا ساوذر إيرلاينز" أكبر شركة طيران في البلاد على انخفاض بلغت نسبته 8.3%.

لم يتوقف تراجع أسهم الطيران الأوروبية طوال ساعات التداول، حيث تصدرت "ويز إير" التراجعات بانخفاض بلغت نسبته 16%، بينما تراجع سهما شركتا الطيران منخفض التكاليف المنافستان "رايان إير" 11% و "إيزي جيت إير" 12%، كما تراجعت أسهم شركات الطيران العاملة في المنطقة بمستويات مشابهة.

ضغوط الرحلات الطويلة

قال ساش توسا، المحلل في "إيجنسي بارتنرز" (Agency Partners) إن الضغط سيكون أكبر على المجموعة الأخيرة التي تضم "لوفتهانزا" و"آي إيه جي إس إيه" (IAG SA) الشركة المالكة لـ"الخطوط الجوية البريطانية" و"إير فرانس كيه إل إم" و"فينير أويغ" (Finnair Oyj) و"ساس إيه بي" (SAS AB) نظراً لتعرضها لتأثير تغيير مسارات، أو فقد بعض خطوط طيران الرحلات الطويلة إضافة إلى امتلاك شركات الطيران منخفض التكاليف لطائرات أحدث وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود.

وقال توسا: "سوف تلحق الضرر بشركات الرحلات الطويلة أكثر من القصيرة، وهناك نسبة من الرحلات الدولية طويلة المسافات معطلة تماماً نتيجة عدم القدرة على التحليق فوق روسيا".

قد تجد شركات الطيران التي تسير رحلات لمسافات طويلة على وجه الخصوص الآن أنه "من الصعب جداً انتهاء عام 2022" دون العودة إلى زيادة رأس المال عن طريق بيع الأسهم لتمويل عملياتها بينما سيكون الأمر أكثر صعوبة للشركات التي تفتقر إلى مساهمين حكوميين.

ارتفعت أسعار وقود الطائرات منذ بداية العام بنسبة 50%، بينما بلغت نسبة الزيادة 74% عن مستويات العام 2019.

أبدت شركات الطيران حذرها من التأثير المحتمل لارتفاع أسعار النفط، بينما "رايان إير" الشركة الأوروبية الوحيدة التي حددت قيمة التأثير، حيث قال مايكل أوليري، الرئيس التنفيذي للشركة الأسبوع الماضي، إن الشركة لديها تحوط بنسبة 80% عند بلوغ أسعار النفط 63 دولاراً للبرميل حتى مارس المقبل، فيما ستبلغ تكلفة متطلبات الشركة من الوقود التي لا يشملها التحوط 50 مليون يورو (55 مليون دولار).

رؤية ضبابية

لم تتضمن تقديرات المحللين السابقة بتحقيق معظم شركات الطيران الأوروبية أرباحاً في هذا العام، زيادة بأسعار النفط، في الوقت الذي كانت فيه التحوطات أقل قوة بالنصف الثاني، ما يشير لضربة مالية أكبر إذا استمرت الأزمة.

على سبيل المثال، ذكرت "إيرفرانس كيه إل إم" في مؤتمر التعليق على أرباحها الشهر الماضي أنها تتحوط مقابل 72% من استهلاكها بالربع الأول، بينما تتراجع تلك النسبة إلى 63% في الأشهر الثلاثة التالية، وتستمر النسبة في الانخفاض إلى 42% و28% للربعين الثالث والرابع على التوالي.

قالت "لوفتهانزا" يوم الخميس، إن الحرب ألقت بظلالها على آفاق الانتعاش، وجعلت من المستحيل وضع تقديرات للأرباح لعام 2022. وتتحوط شركة الطيران مقابل 63% من احتياجاتها من الوقود للعام 2022 عند 74 دولاراً للبرميل.

بينما أشارت "ويز إير" إلى تأثير "البيئة التشغيلية وسط ارتفاع واضطراب أسعار السلع" على التعرض لوصول تكلفة الوقود للحد الأقصى خلال الأشهر الأربعة المقبلة، حيث تتحوط الشركة مقابل 50% من متطلباتها حتى مارس عند 1172 دولاراً للطن المتري، و40% من الاحتياجات للربع الأول حتى يونيو عند 1142 دولاراً للطن المتري، مقارنة بالسعر الفوري الذي بلغ 1300 دولار في 7 مارس.

قال أليكس إيرفينغ المحلل في "سانفورد سي بيرنشتاين" في مذكرة بحثية، إن الشركة التي تتخذ من بودابست مقراً لها قد قلصت خطط طاقتها التشغيلية للربعين المقبلين إلى 30% و40% زيادة عن مستويات 2019، بعدما كانت تستهدف في وقت سابق نمواً بنسبة 50% بحلول الصيف. وكانت "ويز إير" قد قالت إنها ستواصل تركيز ثلثي المقاعد تقريباً على وسط وشرق أوروبا.

الشركات الأمريكية والآسيوية ليست محصنة

قال جورج فيرغسون، المحلل في "بلومبرغ إنتليجنس" الأسبوع الماضي، إن أرباح النصف الأول قد تخيب آمال المستثمرين مع تراجع أسعار التذاكر وارتفاع الأجور وتكاليف الطاقة التي أثرت بدورها على إنفاق المستهلكين في الإجازات والرحلات الأخرى، وإن شركات الطيران الأمريكية لم تتحوط إلى حدٍّ كبير مقابل ذلك.

بينما قال محللو "سيتي غروب" في مذكرة بحثية بعد اجتماعات في الولايات المتحدة يوم الإثنين: "يعتقد المستثمرون أن شركات الطيران قد تمرر ارتفاع تكلفة النفط إلى المستهلكين في شكل رسوم إضافية، لكنهم قلقون بشأن مرونة الطلب مع ارتفاع الأسعار".

معظم شركات الطيران الآسيوية، بما في ذلك الصينية ليست محصنة هي الأخرى من ارتفاع أسعار النفط، حيث خفضت العديد من شركات الطيران في المنطقة أو تخلت تماماً عن سياسات التحوط، بعد تكبدها خسائر فادحة في عام 2008.

ومن بين الشركات القليلة التي لا تزال تتحوط ضد ارتفاع الأسعار: "كاثي باسيفيك" و"الخطوط الجوية السنغافورية" رغم أنهما خفضا تعرضهما، بعد أن تراجع الطلب على السفر بشدة بسبب الوباء.

رغم صعوبة بيئة التشغيل لشركات الطيران العالمية، تواجه شركة الطيران الروسية "إيروفلوت" مستقبلاً أكثر وضوحاً، عقب توقف العديد من خطوط الطيران الخارجية والعقوبات المفروضة على إمداداتها من الطائرات الجديدة والمستأجرة.