إبحار معتم لناقلات روسية يثير مخاوف حول خرق العقوبات

سفن شحن قرب أحد الموانئ
سفن شحن قرب أحد الموانئ المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تحاول ناقلات النفط الروسية التي تحمل بتروكيماويات ومنتجات نفطية، إخفاء مساراتها بشكل متزايد، وهي خطوة حذّر منها بعض الخبراء البحريين على أنها تدل على تهرب من العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزوها أوكرانيا.

قالت شركة "ويندوارد" (Windward) الاستشارية الإسرائيلية المتخصصة بالمخاطر البحرية، وتستخدم الذكاء الاصطناعي وصور الأقمار الصناعية، إنها رصدت الأسبوع الماضي ما لا يقل عن 33 حالة "نشاط خفي" لناقلات نفط روسية، أي أنها أوقفت أنظمة بث مواقعها خلال عملها. بيّنت الشركة أن هذا يمثل أكثر من ضعف المتوسط الأسبوعي البالغ 14 حالة العام الماضي.

العقوبات ترفع تكاليف الشحن البحري على المسارات الرئيسية

كانت حالات "النشاط الخفي" المنطقة الاقتصادية الخالصة لروسيا، أو حولها بشكل أساسي، حسب ما قالت "ويندوارد"، التي أجرت البحث بناءً على طلب من "بلومبرغ". قالت الشركة إن السفن المشاركة بهذا النشاط تابعة لشركات كبرى وشركات شحن متعددة الجنسيات، فضلاً عن شركات صغيرة.

يشترط القانون البحري الدولي على السفن التجارية أن يكون لديها نظام تعرف آلي، يسمى "إيه أي إس" (AIS)، عامل خلال وجودها في البحر. يُعدّ التعطيل أو التلاعب بنظام تحديد هوية السفينة على رأس ممارسات الشحن الخادعة، التي استشهدت بها وزارة الخزانة الأميركية في مايو، للحدّ من الشحن غير المشروع والتهرب من العقوبات.

ممارسات خادعة

قال غور سيندر، مدير برنامج حالات الامتثال والمخاطر في "ويندوارد": "لا يوجد ما يدعو شركات النفط الروسية لإيقاف تشغيل نظام (إيه أي إس). يُعدّ التحقيق حول ما إذا كانت سفينة ما منخرطة بممارسات شحن خادعة يتعلق بأنظمة محددة أمراً بالغ الأهمية للحماية من التعامل مع الكيانات الخاضعة للعقوبات".

كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاء أخرون قد شددت العقوبات ضد الكرملين في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، حيث أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن أمراً تنفيذياً في 8 مارس يحظر واردات النفط والغاز الروسي، بينما قالت المملكة المتحدة في اليوم نفسه إنها ستوقف واردات النفط تدريجياً بحلول نهاية العام. كما منع البلدان، إلى جانب كندا، السفن الروسية من بلوغ موانئهما.

حرب أوكرانيا تهدّد تعافي قطاع الشحن البحري

قال إيان رالبي، الرئيس التنفيذي لشركة "أي أر كونسيليوم" (I.R. Consilium)، وهي شركة استشارات قانونية وأمنية بحرية تعمل مع الحكومات، إنه نظراً لأن مزيداً من البلدان والشركات تتجنب التجارة مع روسيا، سيتعرض الأسطول الروسي لضغوط لاستخدام "النشاط الخفي" بل والانخراط بالشحن غير المشروع كي يصمد.

أضاف رالبي قائلاً: "سرعان ما أصبحت روسيا دولة منبوذة، لذا تحجب بعض أنشطتها، لأن كثيراً من الدول لا تريد أي ارتباط بها... حيثما ظهرت روسيا، سواء من حيث إدارة أو تشغيل وملكية الناقلات، توجد مخاوف حيال (النشاط الخفي). كما أن أي شيء سيفعلونه تقريباً يكتسب تدقيقاً ومخاوف قانونية بسبب جميع العقوبات".

تلاعب إجرامي

أشار رالبي أنه إذا استمرت عزلة ناقلات النفط الروسية وأطقمها، فلن يكون أمامها خيار سوى تلقي العروض التي تُمنح لهم، ما يجعلها عرضة "لجميع أنواع التلاعب الإجرامي والشائن... قد نشهد ظهور سوق عالمية موازية، حيث توجد تجارة بينية لجميع هذه الدول التي تخضع للعقوبات ومعينيها".

قالت "ويندوارد"، إنه في كثير من حالات "النشاط المظلم"، تكون هناك تعاملات بين ناقلات النفط الروسية التي ترفع علم روسيا، أو أنها تملكها وسفن غير روسية. تعرض السفن التي تجري العمليات جنباً إلى جنب أنماطاً منبهة للحركة والسرعة، حتى لو كانت أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها معطلة، ويمكن لصور الأقمار الصناعية أن تكشف هذه العمليات.

أسعار شحن النفط الروسي الرئيسي تقفز ثلاث مرات بعد غزو أوكرانيا

تظهر بيانات "ويندوارد" أن وقت الاجتماعات بين السفن، الذي يستمر 3 ساعات على الأقلّ بين ناقلات النفط الروسية والسفن غير الروسية، ظل طبيعياً نسبياً. قال سيندر: إن هذا الوقت كافٍ للسماح لناقلات النفط بنقل بضائعها إلى سفينة ثالثة، لا تخضع للعقوبات أو الحظر، مشيراً إلى أن هذه الحالات تحدث أيضاً قرب الموانئ حيث يمكن للسفن تحميل منتجات الوقود النظيف.

غير محظور

رصدت "ويندوارد" بعض السفن التي تدخل المياه الإقليمية الروسية، وتزور موانئها للمرة الأولى، حتى مع انخفاض العدد الإجمالي للسفن التي تقوم برحلة أولى إلى روسيا.

دخلت 22 سفينة فريدة، بعضها تملكه أو تديره شركات مسجلة في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا، المياه الإقليمية الروسية لأول مرة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ، حسب بيانات "ويندوارد".

غادرت في إحدى الحالات ناقلة نفط تديرها شركة أميركية من دونغ ينغ في الصين في 25 فبراير ودخلت المياه الروسية في 3 مارس، فكان أول ميناء روسي تزوره على الإطلاق في مدينة ناخودكا، قبل أن تغادر الميناء وتبحر في المياه الروسية، قبل أن تتصل بالميناء في 19 مارس من محطة الناقلات في مدنية فلاديفوستوك الروسية.

روسيا تضع برنامجاً لصادرات إضافية ضخمة من خام الأورال

دخل الحظر الأمريكي على النفط الروسي حيز التنفيذ في 8 مارس فيما يتعلق بعمليات الشراء الجديدة، لكنه يوفر مهلة لمدة 45 يوماً للمشترين الأمريكيين لإنهاء عقودهم الحالية.

قالت "ويندوارد" في تقريرها: "رغم أن هذه الرحلات لا تعتبر غير قانونية أو انتهاكاً للعقوبات، إلا أنها ما تزال تثير تساؤلات" في ضوء السياسات الأمريكية الحالية. أضافت قولها: "سيكون من المثير للاهتمام معرفة مدى استمرارية هذا النشاط وعدد الشركات التي ستنظر إلى هذه اللوائح والقيود الجديدة على أنها مجرد توصيات".