كيف أثّرت الحرب في شعبية "تيك توك"؟

لاجئة أوكرانيا في بولندا تعرض فيديو لبناء تسكنه صديقة لها في مدينتها بأوكرانيا بعد الغزو الروسي
لاجئة أوكرانيا في بولندا تعرض فيديو لبناء تسكنه صديقة لها في مدينتها بأوكرانيا بعد الغزو الروسي المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ربما بات من المعروف اليوم تكرار توصيف الغزو الروسي لأوكرانيا على أنَّه "أول حرب في عصر تيك توك". لكن على الرغم من ذلك؛ فإنَّنا لا نملك ما يكفي من المعلومات لنحدد وقع هذه الحرب على "تيك توك" نفسه، وما إذا كان المحتوى الذي يقدّمه المستخدمون من جبهات القتال قد أسهم في استقطاب مستخدمين ومعلنين جدد إلى التطبيق، أو أدى إلى زيادة إيراداته.

ماذا يقول التاريخ؟

حين قدمّت حرب الخليج قناة "سي إن إن" إلى العالم في عام 1991، سرعان ما ظهر وقع ذلك على الميزانية المالية للشبكة الإخبارية الرائدة. فقد أسهم ارتفاع عدد المشاهدين والمعلنين خلال الحرب في ارتفاع إيرادات القناة بنسبة 21% في ذلك العام، بحسب ما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز" حينها. إلا أنَّ الأرباح التشغيلية للقناة تراجعت بنسبة 11% بسبب التكلفة المرتفعة لتغطية الحروب، إذ اضطرت "سي إن إن" لدفع أجور المراسلين الحربيين، ورسوم البثّ، والحرص على إبقاء موظفيها بأمان من صواريخ كروز والغارات الجوية والمدفعية الثقيلة.

مؤسس "تيك توك" في 8 سنوات.. من شقة متواضعة إلى نادي كبار أثرياء العالم

هذه الأمور كلها لا تمثل مشكلة بالنسبة لتطبيق "تيك توك"؛ فمثل كل منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى؛ فإنَّ منتجي المحتوى على التطبيق ليسوا موظفين لدى الشركة، ولا يدفع "تيك توك" لصانعي المحتوى إلا إذا جلبت مقاطعهم المصوّرة الكثير من المشاهدات. وهذا يعني أنَّ زيادة التكلفة تتماشى مع الإيرادات، بما أنَّ ارتفاع عدد المشاهدات يعني زيادة ظهور الإعلانات التي تشكّل مصدر الإيرادات الرئيسي لتطبيق "تيك توك. من جهة أخرى؛ فإنَّ الشركة الأم للتطبيق، وهي "بايت دانس" الخاصة في بكين، تلتزم الصمت الكامل حيال شؤونه المالية.

مع ذلك، تتوفر لدينا وسيلة تقديرية جيدة. فبحسب تقديرات شركة التحليلات "داتا. أيه إي" (Data.ai)، المعروفة سابقاً باسم "أب أني" (AppAnnie)؛ فإنَّ الإيرادات التي حصدها "تيك توك" خلال الأشهر الثلاثة الماضية حتى مارس، من الدفعات داخل التطبيق، تجاوزت حجم إيرادات التطبيقات الأخرى. إذ بلغ حجم إنفاق مستخدمي "تيك توك" 847 مليون دولار، أي بارتفاع نسبته 184% مقارنة مع العام السابق، وذلك يفوق الإيرادات التي درّتها ألعاب الهاتف النقال الضخمة مثل "وورلد أوف ووركرافت" (World of Warcraft)، و"غينشين" (Genshin) خلال فترة مماثلة بالمقارنة. لكنَّ "تيك توك" لا يحتفظ بأي من هذه الأموال، إذ يقول التطبيق، إنَّه يعتبر كلّ هذه الإيرادات بمثابة "إكراميات" يرسلها المستخدمون لصنّاع المقاطع المصوّرة. وفي حين لا نعرف حجم الأموال التي يجنيها "تيك توك" من الإعلانات؛ إلا أنَّ زيادة هذه المدفوعات التي تمثل مكافآت لصنّاع المحتوى إلى هذه الدرجة، لا بدّ أن تعطينا مؤشراً عن مدى زيادة إيرادات الإعلانات هي الأخرى.

ما مدى صلة ذلك بالحرب؟

كان لدى "تيك توك" حوالي 1.6 مليار مستخدم نشط في نهاية مارس، أي أكثر بـ500 مليون من عدد المستخدمين في العام السابق، بحسب "داتا. أيه إي". ومع أنَّه رقم ضخم، لكنَّه أقل من عدد مستخدمي "فيسبوك" أو "إنستغرام" (وأقل بكثير من عدّة تطبيقات أخرى لم تذكرها "داتا. أيه إي"). ومن اللافت أنَّ القفزة الكبرى في عدد مستخدمي "تيك توك" سُجلت في الربع الأخير من العام الماضي، أي قبل أشهر من الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

لم تستجب "بايت دانس" لطلب التعليق على الأرقام.

"تيك توك" تعلق خدمات البث المباشر في روسيا بسبب قانون "الأخبار الزائفة"

ما الخلاصة إذاً؟

تشير البيانات المتعلّقة بمدفوعات "الإكراميات" إلى ازدياد التفاعل على المنصة بسبب الحرب، إلا أنَّ معظم الأرباح التي تم تحقيقها بالنسبة للتطبيق أتت قبل اندلاع النزاع. وربما يحظى "تيك توك" اليوم بلحظة تاريخية في ثقافة عصرنا، لكنَّها تمثل نتيجة لشعبيته القائمة أصلاً، أكثر من أن تكون سبباً لها.